مسيحيون ألقوشيون يردون بطريقتهم على محاولات “طمس” تاريخهم

 

Search Bigger

السومرية نيوز/ دهوك

يحضن محتف مدينة ألقوش ذات الأغلبية المسيحية في سهل نينوى مقتنيات أثرية وتراثية تحكي تأريخ البلدة عبر مئات السنين وجوانب مضيئة في مورث الديانة المسيحية التي تعرضت لمحاولات “طمس” مقصودة، السومرية نيوز حاولت التعرف عن كثب على الظروف التي يعيشها أهالي البلدة رغم خطر “داعش” الداهم القريب منها.

تقف ماري بطرس (62 عاماً)، متباهية بارتداء ملابس تراثية ذات ألوان زاهية ومزركشة بين نسوة بلدتها، وتشير باعتزاز الى متحف تراثي انشأ في بناية قديمة وسط البلدة ليحكي تاريخ المدينة، “هذه الألبسة ورثتها من والدتي، وأنا معجبة جدا بها كونها باتت جزءا من ذكريات أسرتنا”، هكذا قالت بطرس معبرة عن تمسكها بدينها ووطنها.

الكنيسة الكلدانية: داعش يحاول شطب التاريخ من خلال تدمير الآثار


ماري بطرس

وتضيف بطرس لـ السومرية نيوز، أنها “تبرعت بعدد من المقتنيات الأثرية للمتحف، بدافع الحفاظ على تراث البلدة من الاندثار والتلف، فضلا عن رغبتها بعرض أعمال ومورث أجدادها لزوار المتحف”، مشيرة الى أن “الحياة في السابق كانت لها طعم خاص، لذلك حضرت لهذا المتحف لاستذكار الماضي ووفاء لما قدمه لهم الأجداد”.

وتبدي بطرس حزنها لما تعرضت لها بلدات وقرى سهل نينوى من هدم وتدمير على أيدي مسلحي تنظيم “داعش”، لافتة إلى أن “تلك القرى كانت تزخر بالآلاف من القطع والمقتنيات الأثرية والتراثية”.

وتوضح بطرس، أن “أجدادنا ساهموا بشكل كبير في بناء العراق”، مؤكدة “أهمية الحفاظ على حياة وتراث جميع المكونات العراقية باعتبارها جزء مهم من الوجود المتنوع للمكونات العراقية”.

وشهدت مدينة ألقوش، (35 كم شمال الموصل)، افتتاح متحف تراثي في بناية قديمة لا تتجاوز مساحته 300 متر مربع وسط البلدة، وضم أكثر من 1800 قطعة أثرية ومقتنيات تراثية متنوعة تبرع بها أهالي القوش.

امرأتان من ألقوش تعملان على مطحنة حجرية

ويؤكد سكان البلدة أن إنشاء متحف تراثي في مدينهم له أهمية كبيرة، خصوصا وأن إقامة المتحف جاء تزامنا مع قيام مسلحي “داعش” بتدمير المناطق الأثرية في محافظة نينوى.

وحسب مسؤول المتحف جوزيف الياس يلدا، فإن فكرة إنشاء متحف تراثي في ألقوش تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، لكنه تأجل بسبب الحروب، مؤكدا أن إقامة المتحف تمت بتعاون من أهالي ألقوش للحفاظ على تأريخ وتراثهم”.

ويضيف يلدا في حديثه لـ السومرية نيوز، أن “أهالي البلدة تبرعوا بكل ما يملكونه من مقتنيات أثرية وتراثية وأدوات يدوية قديمة، فضلا عن الآلات الزراعية والحرفية التي كانت تستخدم في السابق مبينا أنه تم جمع أكثر من 1800 قطعة متنوعة”.

ويوضح يلدا، أن “المتحف سيكون مفتوحا أمام الزائرين والباحثين للإطلاع على تأريخ وتراث القوش”، لافتا إلى أن “افتتاح المتحف في هذه الظروف له أهمية كبيرة للحفاظ على تأريخنا وتراثنا، خصوصا بعد تعرض الآثار في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش للتدمير والسرقة”.

ويلفت يلدا الى أن “مسلحي داعش يتواجدون على بعد نحو 18 كم من بلدة ألقوش”، مؤكدا أن “التنظيم دمر كل المواقع الدينية والأثرية للمسيحيين والمكونات الأخرى في المناطق الواقعة تحت سيطرته بسهل نينوى”.

ويعتبر يلدا إقامة المتحف في ألقوش بأنه “رد على مايقوم به مسلحي داعش”، موضحا أن “سكان هذه المناطق يصرون على تمسكهم بأرضهم وحضارتهم بأي ثمن كان”.

وتتبع بلدة ألقوش الواقعة مدينة الموصل لقضاء تلكيف ويسكنها نحو 6 آلاف نسمة جميعهم مسيحيون.

يذكر أن تنظيم “داعش” بسط سيطرته على مدينة الموصل بالكامل في (10 حزيران 2014)، وقام إثرها بتفجير وتدمير العديد من المواقع الأثرية والدينية في المحافظة، فضلا عن تهجير جميع أتباع الديانات غير الإسلامية.

وكان المسيحيون يشكلون نسبة 3.1 بالمائة من السكان في العراق وفق إحصاء أجري عام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينيات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد عام 2003.

ويضم العراق أربع طوائف مسيحية رئيسية هي الكلدان أتباع كنيسة المشرق المتحولين إلى الكثلكة، والسريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، وطائفة اللاتين الكاثوليك، والآشوريين أتباع الكنيسة الشرقية، إضافة إلى أعداد قليلة من أتباع كنائس الأرمن والأقباط والبروتستانت.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *