مدينة عريقة تحولت الى “غابة” وحكومتها خيبت أمل ناخبيها

الموصل.. المسيحيون هدف الإغتيالات والأحياء الشعبية تعيش خارج التأريخ

 

للموصل أسماء كثيرة. نينوى. الحدباء. ام الربيعين، لكن لم يكن معروفا في يوم من الايام ان

 لها اسم “الغابة” الذي جرى تداوله في السنوات الاخيرة بين فترة واخرى، لكن، مع مجئ

حكومة اثيل النجيفي، المحافظ، اصبح اسم الغابة مطابقا للحال تماما، إذ تعبث بها العصابات

المسلحة في وضح النهار، وصار المواطن لا يأمن على حياته، وتركزت الهجمات الاجرامية

على اشهر سكان الموصل تشبثا بالارض والوطن، واكثرهم مسالمة والتزاما بالسلم الاهلي،

وهم عنوان التنوع السكاني ومصدر قوة له، ونعني بهم المسيحيين الذين يسكنون مدينة

الموصل وبلدات وقرى المحافظة. ومن زاوية معينة يبدو ان تاريخ الموصل يتكون من سلسلة

طويلة من النكبات، قبل وبعد حصار نادر شاه قبل ثلاثمائة عام، لكن بالمقابل يكشف التاريخ

عن اصرار اهل الموصل على اللحاق بالمدنية والتطور ونفض غبار المعارك وبناء مدينتهم.

يقول مدرس جامعي موصلي لـ”طريق الشعب”..”ان محنة الموصل متعددة الاشكال، وكأن

التاريخ يعيد نفسه، حيث تعاني احياء كاملة من العيش خارج التاريخ، من حيث تخلف

الخدمات والاحوال المعيشية، وقدماء الموصليين يتذكرون الان المجاعة التي حلت بالمدينة

في نهاية الحرب العالمية الأولى وقد دعيت سنة 1917 بـ “سنة الغلاء” نتيجة انكسار

العثمانيين في حربهم مع الإنكليز، وتعد سنة 2010 بحق سنة الكوارث بالنسبة للموصل

ارتباطا بنتائج انتخابات مجالس المحافظات حيث سيطر تحالف من نوع واحد على مقادير

المدينة واستفردوا بالسلطة”.  ناشط في مجال حقوق الانسان يقول لنا “ الحكومة المحلية

التي انتخبتها اكثرية سكان الموصل هي الان بعد اكثر من عام في واد والسكان في واد آخر،

فقد عجزت هذه الحكومة المتمثلة بالمحافظة ومجلسها عن تقديم الخدمات التي كان

المواطنون قد وعدوا بها حيث تتسع خيبة الامل بالنسبة لغالبية المواطنين، فيما عبر وجهاء

المدينة في اجتماع لهم عن سخطهم على اداء مجلس المحافظة والمحافظ  وطالبوا باقالة

المحافظ، متهمين اياه بعدم الكفاءة” واضاف “المجلس المتنفذ لم يتمكن من تحسين واقع

المحافظة بل إن الأوضاع في ظل إدارته ازدادت تعقيدا ً وصعوبة، ويتحدث المواطنون عن

علاقات مصلحية وتجارية وطيدة بين بعض مسؤولي المحافظة وجهات في دولة مجاورة،

ويلاحظ كثرة الزيارات الى تلك الدولة وتشير الاصابع الى تنامي ثروة بعض المتنفذين بشكل

لافت”. وعن الوضع الامني يحدثنا احد الموظفين الموصليين قائلا: “لقد تفاقم الوضع الأمني

الى حد كبير منذ نهاية الشهر السابق حيث نفذت المجاميع الإرهابية العديد من العمليات

الاجرامية إضافة الى ما كانت تقوم به وبشكل يومي إذ قامت مجموعة إرهابية بمهاجمة سوق

الصاغة  وقد تم قتل احد أفراد المجموعة من قبل الشرطة وتم اعتقال عدد آخر من أفراد

المجموعة بعد ورود معلومات عنهم وهم ينتمون الى ما يسمى بدولة العراق الإسلامية كذلك

انفجرت سيارة مفخخة في موقف السيارات العائد إلى سجن بادوش وما ان تجمع منتسبو

السجن لإنقاذ المصابين حتى باغتتهم سيارة أخرى يقودها انتحاري لتوقع عدد من الضحايا

بلغ  16 بعضهم من رجال الشرطة والبعض الآخر من عوائل منتسبي السجن الذي يسكنون

في المجمع السكني الملحق ببناية السجن، وكان من بين الشهداء آمر فوج حماية السجن”

واضاف “لقد  ازدادت أعمال الخطف الاجرامية مقابل فدية من المال تقدر بعشرات الآلاف من

الدولارات في حين جرى قتل العديد من المخطوفين  بعد ان تسلم الخاطفون الفدية ورميهم في

مناطق مختلفة من الموصل”. احد الاعلاميين اكد لمراسل طريق الشعب قائلا: ” تفاقم الوضع

مع الاستهداف المنهجي الاجرامي للمسيحيين، فقد لجأت العصابات الارهابية  الى اسلوب

الاغتيالات، حيث اغتيل شقيقان يعملان في صناعة الأبواب والشبابيك في منطقة وادي

عكاب،  كذلك تم خطف شاب مسيحي وقتله ورميه في احد المناطق الشعبية في الجانب الأيمن

من الموصل، وفي غضون ذلك تتواصل التهديدات للعوائل المسيحية في الموصل حتى أن

كثيرا ً منهم رحلوا عن المدينة الى المناطق التي يقطنها المسيحيون خارج الموصل والبعض

الآخر خارج العراق حتى أنه بات من المستحيل مشاهدة مسيحي في شوارع الموصل”

واضاف الاعلامي الموصلي “كذلك يجري وبشكل مستمر استهداف الاعلاميين في المدينة

حيث تم اغتيال احد مذيعي قناة الموصلية امام منزله وهو شاب لايتجاوز العشرين من

عمره”. اما الخدمات، يقول الاعلامي، فقد باتت في حكم الاحلام بالنسبة لسكان الموصل

والدليل مشاهد اكوام النفايات في الشوارع والساحات العامة،  بالاضافة الى ان العديد من

الاحياء تشكو من شحة الماء الصالح للشرب وحتى سيارات الصرف الصحي تجد صعوبة في

الوصول الى الكثير من الاحياء السكنية بسبب الاجراءات الاحترازية التي تفرضها الأجهزة

الأمنية، فيما شوارع المدينة  مليئة بالحفر ولا تصلح لسير السيارات”واضاف “بصراحة،

لاثقة للمواطنين بحكومة الموصل، وهاك دليل واحد، اننا نسمع  دائما ً عن إلقاء القبض على

عدد من المجرمين ويظهرونهم على التلفاز وهم يعترفون بجرائمهم، لكن بعد ايام او اشهر

يطلق سراحهم ويعودون الى اعمالهم الاجرامية”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة “طريق الشعب” ص1

الاحد 19/12/2010

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *