مجرد رأي.. على ضوء (المؤتمر) الذي انعقد مؤخراً في بروكسل عن الجرائم التي ارتكبت ضد الكورد (الفيليية) /محمد مندلاوي

سبق لي كتبت في تواريخ متباينة عدة مقالات عن الشريحة (الفيليية), وناشدتهم فيها, أن لا يديروا ظهورهم لشعبهم الكوردي المناضل و يذهبوا بعيدا نحو الأحزاب الطائفية, حتى لا ينفصلوا عن شعبهم الكوردي الجريح, ألا أنهم لم يصغوا لكلامنا ولا إلى كلام غيرنا من الوطنيين الكورد, الذين مثلنا تحزوا في نفوسهم أن يروا كوردياً يترك بني قومه في مرحلة النضال التحرري ويرتمي بأحضان الغريب, كما هي أبناء هذه الشريحة الكوردية في بغداد والمدن الأخرى, حيث أن غالبيتهم تقبض الراتب التقاعدي أو المساعدة المادية من إقليم كوردستان ألا أنهم في الانتخابات العراقية يمنحوا أصواتهم بالجملة للأحزاب الشيعية, التي تعدهم من أبناء الجن الكفرة كشف عنهم الغطاء؟؟!!. أما بخصوص تسمية الفيليية, التي ألصقت من قبل العرب في العراق بشرائح كوردية كثيرة غير فيليية, تعود إلى أيام حكم أحد الولاة الفيليين الذي نقل مركز الإمارة من مدينة (خُرم آباد) في لورستان في شرقي كوردستان إلى مدينة (ديوالا) التي سميت فيما بعد (حسين آباد) على اسم الوالي المذكور, والآن تسمى (إيلام – عيلام). وكانت لهؤلاء الولاة الفيليين علاقة متينة مع بغداد والمراكز الدينية الشيعية في العراق, لسبب ما لا يعرف مصدره,  أطلق العرب العراقيون خطأً اسم الفيليية على غالبية الكورد الشيعة؟!. وفي دراسة قيمة (حول الكورد وأسلافهم الخالديين الشماليين) للمستشرق الروسي(ب. ليرخ) الذي عاش بين أعوام (1828-1884م) قال في هامش الصفحة (70) عن هؤلاء الفيليية نقلاً عن (راوليسون):” إن أصل – انتشار- تسمية فيلي على النحو الآتي: أزاح الشاه عباس الكبير أتابك اللور الصغير (شاه وردي خان) من الحكم وسلم إلى (حسين خان) من سلالة فيلي مقاليد الحكم في هذا الإقليم مع منحه لقب الوالي, ولهذا فإن معظم عشائر اللور الصغير تحمل اسم فيلي وخاصة تلك التي تعيش في پشتكوه”. پشتكوه, تكتب بالباء الكوردية بثلاث نقاط. باختصار شديد, إلى جانب العرب في العراق, وما قاله المستشرق (ليرخ) في المصدر المشار إليه أعلاه, كانا السبب الرئيسي في انتشار اسم الفيلي,الذي سميت به عشائر كوردية كثيرة ليست من رحم قبيلة الفيلي, بل حتى لم تسمع بها ولا تستطيع تلفظ اسمها تلفظاً صحيحاً. عزيزي القارئ, بما أن التابع يقلد المتبوع, فلذا تطلق الشريحة الكوردية السورانية في جنوب كوردستان وبالأخص قياداتها الغبية, على الطريقة العربية الخاطئة اسم الفيليية على عموم الكورد الشيعة. ألا أن السوران في الجانب الآخر من الحدود المصطنعة, أي في شرقي كوردستان لا يطلقوا هذا الاسم (الفيليية) على الكورد الشيعة, بل يسموا كل عشيرة باسمها القبلي؟. عزيزي المتتبع, بعد تأسيس مملكة العراق على يد بريطانيا في (1920م) وأودعت السلطة فيها بيد ملك مستورد من الجزيرة العربية وحاشيته من العرب السنة، كالعروبي ياسين الهاشمي وغيره، الذين أكدوا على إبقاء تسمية الـ”فيليية” ككنية أطلقوها على شرائح كثيرة من الشعب الكوردي, بينما هي تتعلق بقبيلة كوردية تقيم غالبيتها العظمى في شرقي كوردستان (إيران) وتحديداً في منطقة لورستان، ألا أن هدف العروبيون العنصريون الشيطانية من وراء إصرارهم على استمرار هذه التسمية كان من أجل استخدامها في المستقبل ضد شرائح من الكورد الأصلاء في العراق بحدودها الرسمية التي ليست لها أية صلة قبلية بهذه التسمية “الفيليية” سوى كون الجميع ينتمون للأمة الكوردية؟. كما أسلفنا, نجح هؤلاء العروبيون في مخططهم الشيطاني  بإلصاق تسمية “الفيليية” جزافاً بشرائح كبيرة من الكورد ليست لها علاقة بالكورد الفيليية بل بالكورد دون الفيلية. من هنا أتحدى أن يبرز أحداً وثيقة تاريخية، تقول بأن الكورد في مندلي و بدرة و جصان و خانقين وجلولاء و شهربان وورازرو وكلار و بهرز و شهربان و ثمانون بالمائة من كورد بغداد، وفي شرقي كوردستان في إيلام وإيوان وإسلام آباد وگيلان وقصر شيرين وماهدشت وكرماشان الخ, لهم أي انتماء قبلي بالفيليية؟. نقول للعروبيين و لبعض الكورد الذين يجهلون تاريخ أمتهم الكوردية، أن الكورد في المدن المذكورة ينتمون إلى الأمة الكوردية، وانتماءاتهم العشائرية لهذه الأمة العريقة، كانتماء بقية القبائل الكوردية في عموم كوردستان لها. أنا كواحد من هذه الأمة أتساءل, هل هذه المناطق هي مناطق فيليية حقاً, وهل توجد شريحة أو فئة في التاريخ الكوردي القديم اسمها الفيليية كما هي اليوم؟ حيث يطلق البعض على عشائر عديدة كالكلهر والزنگنة الخ!. عند تصفحنا لكتب التاريخ القديم لم نعثر على اسم لعشيرة كوردية تسمى الفيليية, نعم هناك ذكر للور الكبير و اللور الصغير و منطقتهم معروفة في شرقي كوردستان, حيث تشمل ثلاث محافظات (إيرانية) وهي 1- خورم آباد 2- چوارمحال و بختياري 3- بوير أحمد و كهكيلوي, وهؤلاء اللور هم الذين ذكرهم (شرفخان البدليسي) (1543 – 1603م) في كتابه الشهير (شرفنامه…) الذي أهداه إلى شاه عباس الصفوي, أن المؤلف لم يذكر اسم فيلي أو فيليية, بل ذكر اسم اللور, وقال في كتابه المذكور: “أن الأمة الكوردية تكونت من هذه الأربعة, 1-اللور 2- الكلهور 3- الگوران 4- الكرمانج”. وكذلك الكتاب الآخرون في صدر الإسلام, ذكروا أيضاً الكورد اللور مثل (ياقوت الحموي) في كتابه الشهير (معجم البلدان) و (البلاذري) في كتابه (فتوح البلدان)  و (اليعقوبي) في كتابه (البلدان) و آخرون غير هؤلاء كثيرون, لم يذكر أحدهم اسم الفيليية ألا في القرون الأربعة الأخيرة, وكان بسبب ظهور الإمارة التي ترأسها أولاً (حسين خان) الفيلي ومن ثم عدد من الولاة الفيليين حتى تم احتلالها في النصف الأول من القرن العشرين على يد شاه إيران رضا شاه اللعين, بما أن الشيء بالشيء يذكر, فاللعنة متواصلة إلى ابنه محمد رضا الذي فطس عام (1980) في مصر. في مقال سابق ناشدت هؤلاء الفيليية والكورد الشيعة, وقلت لهم الحقيقة دون مجاملة: يجب عليكم أن تناضلوا بلا هوادة من أجل احتلال موقعكم الطبيعي في إقليم كوردستان, بجانب إخوانكم السوران والبهدينان وتشاركوهم في كل شيء في الإقليم الكوردستاني, في الحكومة, والبرلمان, وفي اتخاذ القرار السياسي الخ. أنا أعرف جيداً, بما أننا شعب شتته الاستعمار البغيض وغير موحد على أرض وطنه المجزأ, فلذا, ليس سهلاً الحصول على هذا الحق السياسي للشريحة الفيليية, لكن ليس مستحيلاً, إذا وجدت الإرادة القوية للحصول عليه. نتساءل من عموم الكورد الفيليية والكورد الشيعة, ألم تروا بأم أعينكم كم مرة تقاتل إخوانكم السوران والبهدينان فيما بينهم حتى قبل في نهاية المطاف أحدهم الآخر, ويشاركوا معاً الآن في إدارة الإقليم الكوردستاني. أنتم أيضاً تستطيعوا تناضلوا وتكافحوا على جميع الاصعدة حتى تحققوا ذاتكم الكوردية والكوردستانية معاً رغماً عن أنف كل من يريد إقصائكم عن وطنكم الأم كوردستان؟. يجب عليكم أن تدركوا جيداً, غير الانتماء الحقيقي إلى وطنكم كوردستان لا يفيدكم أحد في عصر العولمة التي لا ترحم, لا انعقاد مؤتمرات شكلية في بلاد المهجر, ولا إصدار إدانة يتيمة هنا أوهناك ضد من قتل أبنائكم بدم بارد؟. إن مأواكم الأول والأخير هو وطنكم كوردستان, وأي ابتعاد أو انعزال عنه وعن شعبه هو خيانة قومية ووطنية لا يغتفر. عجبي, ألم تروا إقليم كوردستان المعترف به دستورياً, وانتزاعه قرارات من المحاكم العراقية تنصف الشعب الكوردي, ألا أن السياسيين العراقيين لم ينفذوا ولا واحد بالمائة مما جاء في الدستور العراقي أو التي صدرت من المحاكم العراقية إحقاقاً بحقوق الكورد الشرعية؟. عجبي, بعد كل هذه الأعوام التي قضيتموها مع العرب في العراق ألا تعرف أن هذه هي سجية الإنسان العراقي أو بالأحرى العربي الذي يناصر الباطل ويخذل الحق!. لما لا تعوا الدرس جيداً؟, أنظروا إلى الإقليم الكوردستاني الذي يملك أكثر من (200,000) من قوات البيشمه ركة, وله تنظيمات حزبية تقدر أعضائها بمئات الآلاف, ونصف مساحة الإقليم المحررة تعادل أربع مرات مساحة لبنان, ويصدر الإقليم في اليوم الواحد نصف مليون برمي بترول و و و, رغم كل هذه مفردات القوة  لديه لم يحصل من بغداد غير الوعود الكاذبة, السؤال هنا, فما الذي تستطيعوا الحصول عليه أنتم من الساسة العراقيين المراوغين شيعة وسنة, خاصة وأنكم لا تملكون من أدوات الضغط السياسي والعسكري شيئاً يذكر, حتى تجبروهم على الإصغاء إليكم؟؟. فالأجدر بكم أن تبتعدوا عن الولاءات الفرعية بكل تفاصيلها…؟ وتعودوا إلى أحضان الوطن الكوردستاني والهوية الكوردية الأصيلة, عنده فقط تستطيعون تحقيق مطالبكم كجزء من مطالب الشعب الكوردي العادلة. بعد هذه المقدمة الطويلة, دعونا الآن نتناول ما جاء في البيان الختامي الصادر عن (المؤتمر) المشار إليه في عنوان المقال, ولنا بعض الانتقادات والملاحظات على بعض النقاط التي وردت فيه. على سبيل المثال, أشار القائمون على المؤتمر في عنوان البيان الختامي إلى اسم أربيل بجانب اسم بغداد وواشنطن وطهران. بمعنى أن البيان وضع إقليم كوردستان في نفس الخانة التي وضعت فيها دولتين محتلتين لكوردستان!! بالإضافة إلى دولة كبيرة خذلت الشعب الكوردي عام (1975). ظهر في كلامه كأن الإقليم دولة ذات سيادة لم تنصف الفيليية ولم تلتفت إليهم وتأخذ بيدهم. وفي جزئية أخرى,لا يعدون أنفسهم كجزء من عموم الشعب الكوردي, عندما قالوا في إحدى توصيات البيان:” تلزم حكومة إقليم كوردستان في أربيل، والاتحادية في بغداد، والإيرانية في طهران، والأمريكية في واشنطن، بالعمل على المساعدة بإزالة جميع الآثار السيئة التي لحقت بأبناء هذه الشريحة ابان حقبة النظام السابق”. هل يوجد كوردي يطالب حكومته بهذه الطريقة الاستفزازية! وتحشر مجدداً اسمه مع تلك الأسماء التي أشرنا إليها, التي أذاقت الكورد مر العذاب!. وجاء في البيان: “ووجّه البرلمان الأوربي توصيات إلى كل من أربيل وبغداد بإشراك الكورد الفيليين بصناعة القرار، ومعاملتهم كمواطنين درجة أولى، وإنهاء جميع أشكال التهميش التي يتعرضون لها، وإعادة الجنسية لهم، وإعادة أعمار مناطقهم، ومراعاة خصوصيتهم”. إن الإشراك في اتخاذ القرارات السياسية, وحصولهم على حصة من ميزانية الإقليم بما يناسب نفوسهم الخ كنت قد قلته في مقال سابق قبل انعقاد المؤتمر المذكور. عجبي, ألا يعلم هؤلاء المؤتمرون, أن تلك الدول لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن فكيف بالبرلمان الأوروبي؟!. لما لم يشر المؤتمرون إلى الجنسية العراقية التي تعاد إليهم من قبل بغداد بدفع الرشاوي, وتحمل في إحدى صفحاتها مؤشراً أمنياً,أي: يؤشروا فيها بطريقة ما, كاللون الحبر, أو يكتبوا “4 أليف” من المرجح أن هذا النص الأخير يعني أنهم من التبعية الإيرانية, وفي أية لحظة تغضب عليهم السلطة السياسية في بغداد تستطيع إبعادهم مجدداً إلى إيران ومن أجل هذا حشرت نصاً في الدستور تحت رقم (18) يقول:” تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون”. أليس هذه المادة الدستورية وضعتهم تحت رحمة حكام بغداد, لأن القانون في بلاد الشرق كما تعلمون يدون حسب أهواء الحاكم وكيفما يشاء. بمعنى, أن السلطات المختصة, تنفيذاً لرغبات السلطة العليا, تستطيع سحب الجنسية العراقية من أي مواطن كوردي فيلي يُشكك بولائه للجهة الحاكمة؟!. جاء في البيان الختامي للمؤتمر فقرة أخرى تقول:”الكورد الفيلية شريحة كوردية رئيسية ومكون عراقي أصيل وطيف اجتماعي مسالم يعمل بجد وإخلاص وطموح ويتطلع للرقي الاجتماعي والاقتصادي”. جوابي على هذه الفقرة, أن تكن كوردياً رئيسياً كما زعمتم, يجب عليك أن تكن كوردستانياً رئيسياً أيضاً, وليس عراقياً؟ لأن وطن الكورد هو كوردستان, لا يجوز وضع قدم في كوردستان وقدم في العراق!!. في الفقرة الرابعة قالوا كلاماً عجيباً لا يعقل وهو الآتي:” الطلب من سلطات إقليم كوردستان العراق ادراج الكورد الفيلية في دستور الإقليم اسوة بالايزيديين والشبك والكاكائيين وتخصيص مقاعد كوتا لهم في برلمان الإقليم”. لا أعلم من كتب هذا البيان..؟! ألم يعلم أن الإيزدية والشبك والكاكائية أقلية عددية باقية من الأديان الكوردية التوحيدية القديمة وتعيش اليوم بين غالبية مسلمة, فلذا يجب أن يطمئنوا على معتقداتهم الدينية. أما الكوردي الفيلي هو مسلم وهو كوردي, مثل السوراني والبهديناني والهورامي ليس هناك ما يميزه عن غالبية الشعب الكوردي المسلم, وليسوا مهددين بالانقراض حتى يجعلوا لهم كوتا؟. قبل فترة عندما تبوأ شخص كوردي كاكائي قائمقامية حلبجة ارتفع أصوات الإسلاميين: كيف بإنسان غير مسلم يصبح ولياً على المسلمين, أ لهذا يحمونهم دستورياً,لأن هناك من يتربص بهم من الكورد الجنسية؟. أما أنتم الذين تعدون منطقة گرميان وكورد بغداد جميعهم فيليين, فلا يجوز الإشارة إليكم في دستور كوردستان كأقلية عددية مهددة, أليس القيادي ملا بختيار خانقينياً,هل اعترض أحد عليه, أليس شخص جلال الطالباني من عشيرة الزنكنة التي تعدونها عشيرة فيلية وعليه أن جلال الطالباني شخص فيلي متسورن, أن صح التعبير. والقيادية الراحلة صفية بني ويس ألم تكن فيلية. والقيادي جبار فرمان ألم يكن فيلياً الخ الخ الخ. وفق إدعائكم بأن تلك المناطق تسكنها الفيلية فهؤلاء وغيرهم كثر يعتبرون من الشريحة الفيليية. وفي الفقرة الخامسة يقولوا:” الاعتراف بالكورد الفيلية كإحدى مكونات الشعب العراقي التي لها خصوصياتها”. الذي أنا أعرفه أن الشعب الكوردي هو الذي أحد المكونات الشعب العراقي لحين فك الارتباط معه وتأسيس دولة كوردستان المستقلة, أما الفيليية هي شريحة من شرائح الشعب الكوردي وليست مكوناً قائماً بذاتها؟. وفي الفقرة التاسعة قالوا:” تحديد المناطق الكوردية الفيلية في محافظات ديالى وواسط وميسان وتنظيمها في منطقة كوردية فيلية يقوم فيها الكورد الفيلية بتنظيم وتمشية أمور مناطقهم هذه بأنفسهم”. هل هذا كلام مجموعة تحسب نفسها جزءاً من الشعب الكوردي!!. أم كلام مجموعة تعادي الشعب الكوردي وتحاول تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم!!. كأني بكل عشيرة عربية في العراق أو كوردية في كوردستان تريد أن تقيم لنفسها كياناً خاصاً بهاً!, أليست هذه مهزلة!, كيف سمح لنفسه كاتب البيان من تدوين هذا الكلام الماسخ!. إن هذه الأرض هي ملك للأمة الكوردية, ليس لأحد الحق أن يتلاعب أو يتنازل بشبر منها لأحد ولو بإيماءة رأس. أي مكون من مكونات الشعب الكوردي ليس من حقه أن يتحدث بمفرده عن الأرض الكوردية. إن الطرح الذي جاء في الفقرة التي نحن بصدده الآن, كان ممكناً أن يتحقق في القرن السادس عشر الميلادي, عندما كانت لكل عشيرة في كوردستان إمارة خاصة بها حتى فاق عددها الأربعين. إن كلام هؤلاء يذكرني بكلام سمعته في التسعينات القرن الماضي, عندما شاهدت تسجيل فيديو لجلال الطالباني وهو يتحدث عن مفاوضاته مع نظام حزب البعث المجرم في الثمانينات القرن الماضي وتحديداً مع علي حسن المجيد الذي اشتهر فيما بعد بعلي كيماوي عندها استصغر أو بالأحرى استهان الطالباني بمدينة كفري وتوابعها واصفاً تلك المناطق الكوردستانية بمفري!! تماماً كما نقول حسن مسن, خيار ميار, علي ملي, الخ من السائد بين عموم الشعب أن الكلام بهذه الصيغة يقال عن الأشياء أو الأشخاص استصغاراً بها. بعده بفترة كتبت مقالاً عن هذا الاستهزاء والسخرية بمقدسات الشعب الكوردي تحت عنوان “من كفري مفري إلى جصان مصان” وقلت فيه الذي يجب أن يقال لمن لا يحترم مدن كوردستان الأبية, التي روت ترابها بدماء الشعب الكوردي الطاهرة. لنعود إلى موضوع البيان. في الفقرة الحادية عشر قالوا: “حماية ورعاية اللغة والثقافة الكوردية الفيلية والتراث الفيلي وضمان التعليم والدراسة بلغتهم الأم”. لا أدري أن الشعب الواحد على هذا الكوكب كم لغة يملك؟!. أليس للعرب لغة واحدة وهي اللغة الفصحى؟. وكذلك الفرس, وهكذا غيرهم. ثم أين هي اللغة الفيليية, حقيقة هذه مهزلة, أن اللغة كما أسلفنا تبتكر من قبل نخبة من أبناء الشعب. مثال اللغة العربية, ليس هنالك شعب عربي تكلم أو يتكلم بهذه اللغة الفصحى, هناك لهجات عربية دارجة, أنما هذه اللغة  ولدت مع القرآن وهي خاصة للكتابة والتحدث بها في المناسبات الرسمية وأداء الطقوس الدينية. ونحن الكورد ابتكر أجدادنا من رحم (اللهجة) السورانية الدارجة في جنوب وشرق كوردستان لغة سلسة للكتابة راعوا فيها خصوصية جميع أبناء الشعب الكوردي الناطقون باللهجات الكوردية المتباينة. إذا لا تخونني الذاكرة أول من بدأ بالكتابة بها على الورق هو العلامة مولانا (خالد النقشبندي) (1779- 1826م) مجدد الطريقة النقشبندية. في الواقع لا أريد أتكلم الكثير عن الفقرة أعلاه التي جاءت في البيان الختامي, لأنها صيغت بطريقة استفزازية قد يفقدني صوابي ككوردي وكوردستاني وأجرح أحداً بكلام قاسي ألام عليه أو ألوم نفسي فيما بعد. الشيء الوحيد الذي أثلج صدري في هذا البيان, ما جاءت في الفقرة الثانية عشر تدعوا إلى التواصل والتعاون مع المؤتمر الوطني الكوردستاني, قائلاً:” مواصلة العمل والتعاون بشكل أوسع مع المؤتمر الوطني الكوردستاني والتنسيق معه ليكون ضمن جدول أعماله تنظيم ندوات ومؤتمرات في مختلف البلدان الأوروبية للتعريف أكثر بالإبادة الجماعية للكورد الفيلية على المستوى الدولي”. الشخص الذي قال هذه الفقرة السليمة وجب عليه لم يقل كلاما… كما جاء في الفقرات التي أشرنا إليها أعلاه, والتي ساءت إلى الشعب الكوردي الجريح. أخيراً, وجب على المؤتمر الوطني الكوردستاني  (K.N.K) الذي جاء اسمه في سياق البيان المذكور كراعي للمؤتمر, مراجعة البيان كلمة بعد أخرى و فقرة بعد أخرى قبل نشره في وسائل الإعلام, كي لا يظهر بهذا الشكل والمحتوى, الذي يمس سمعته كبرلمان قومي على وشلك أن يصبح رسمياً ممثلاً لخمسين مليون كوردي.

11 05 2016

حكم سيوفك في رقاب العذل … وإذا نزلت بدار ذل فأرحل                                                    وإذا بليت بظالم كن ظالماً … وإذا لقيت ذوي جهالة فاجهل                                                وإذا الجبان نهاك يوم كريهة … خوفاً عليك من ازدحام الجحفل                                      فاعصي مقالته ولا تحفل بها … واقدم إذا كان اللقا في الأول                                               واختر لنفسك منزلاً تعلوا به … أو مت كريماً تحت ظل القسطل                                               فالموت لا ينجيك من آفاته … حصن ولو شيدته بالجندل                                                     لا تسقني كأس الحياة بذلة … بل اسقني بالعز كأس الحنظل                                                ماء         الحياة          بذلة         كجهنم     …    و     جهنم       بالعز         أطيب       منزلي.

(عنتر بن شداد)

محمد مندلاوي

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *