ما يجري في العراق هل هو اعلان حرب على المكونات ؟ بقلم روئيل داود جميل

يبدوا ان الصيف الحالي ساخن باحداثه المؤلمة تجاه مكونات العراق من الكورد والمسيحيين والايزيدية ، وما يحصل في كركوك واطراف ديالى والمناطق المتنازع عليها في الموصل يوحي للمتابع بان هناك خطة لضرب الواقع الجغرافي والاثني والعرقي والقومي لهذه المناطق، فالمشاكل الكبيرة تاتي من احداث صغيرة هنا او هناك , ان ما يجري من حرق حقول الحنطة والهجوم على القرى الكوردية في كركوك وحرق الحقول في مناطق تواجد المسيحيين في اطراف الموصل اضافة الى عدم تهيئة الظروف المناسبة لعودة ابناء سنجار الى مناطقهم وعدم فسح المجال للبيشمركة العودة الى مناطق ما قبل 2014 ليستتب الامن والسلام فيها وتقاعس الحكومة الاتحادية في تطبيق المادة 140 من الدستور اضافة الى عدم فسح المجال لحل مشكلة كركوك دستوريا من خلال المشاركة الفعلية للمكونات وفي مقدمتهم الاغلبية الكوردية في ادارة هذه المحافظة في خطوة تدل على ابعاد الاغلبية من الساحة السياسية والادارية .

ان ما يجري يولد قلقا كبيرا لدى كل فئات العراق من ان المستقبل غامض وغير واضح ضمن خارطة طريق حقيقية في ادارة الدولة العراقية التي يبدوا انها ستفرغ من المكونات وفي مقدمتهم المسيحيين الذين اصبحوا اليوم اقلية قليلة بسبب الهجرة التي لاتزال سارية بعد ان كان تواجدهم كثيفا في بغداد والبصرة والموصل ولم يبقى منهم الا اعداد قليلة في البصرة في حين فرغت نهائيا كل من العمارة والناصرية وبابل وسامراء والانبار ومركز الموصل كما افرغت هذه المناطق من الصابئة المندائيين ومن الكورد وغيرهم من المكونات الصغيرة.

اما ما حصل في سنة 2014 وسيطرة داعش على مناطق المسيحيين والكورد الايزيدية في الموصل  وسنجار وهجرتهم الى اقليم كوردستان مما سبب في هجرة اعداد كبيرة منهم الى خارج البلد ، وهناك الكثير منهم يهيئون انفسهم  للاستعداد للهجرة خاصة بعد تحرير مناطقهم  حيث الحلم بالعودة اليها تحقق ولكن هذا الحلم اصطدم بثقافة الاقصاء ومحاولات التغير الديموغرافي الحاصل في هذه المناطق .

اننا اليوم نطالب الحكومة الاتحادية ان تاخذ دورها في حماية ابنائها من المكونات الاصيلة في بلاد النهرين التي منها انطلقت اعظم الامبراطوريات التي بنت اعظم الحضارات ، كما ونتمنى تحقيق العدالة وفق مطالب وخيارات ابناء الشعب من هذه المكونات  في اختيار ما يراه مناسبا له وكذلك نطالب بتحقيق العدالة في العيش المشترك وضمان حقوق الجميع على اساس المواطنة وفق الاطر الديمقراطية السائدة في العالم اجمع وازالة الغبن الذي سببته التصرفات الغير مسؤولة في احترام ارادة المكونات والتي اصبحت ضحية التعامل على اساس الهوية القومية والدينية لها

 ونطالب ايضا بازالة معانات اهالي كركوك الاصليين الذين تم ابعادهم من قبل النظام السابق وكذلك الذين هجروا بسبب التغيير الديموغرافي الحاصل كونهم يعانون الامرين في هجرتهم والاستيلاء على ممتلكاتهم ورغم زوال النظام السباق ولكن لايزال الحبل على الجرار ومعاناتهم قائمة ومن غير المعقول اجيالا كاملة تعيش معانات التهجير على اساس الهوية القومية .

 وكذلك التعامل مع المسيحيين والكورد الايزيدية والكورد الفيلية والكاكئية وفقا لمطالبهم وما يضمن حقوقهم من خلال تشريعات وقرارات تضمن سلامة ممتلكاتهم واراضيهم ومناطقهم لحمايتهم من الطامعين والمستعينين ببعض الجهات الغير مسؤولة في تصرفاتها تجاه هذه المكونات وضمان عودتهم الى مناطقهم واعمارها ، و دعم حكومة اقليم كوردستان التي تتحمل العبئ الاكبر في حماية هذه الاقليات وادخال تجربة كوردستان في العيش المشترك والاستعانة بتجارب حكومة كوردستان في تعميم ثقافة السلم والامن في حماية المسيحيين والايزيدية وكل المكونات الاخرى من خلال تشريعات التي اقرتها في ضمان حقهم وحماية خصوصيتهم الدينية والقومية ولذلك نجد اليوم ان كثافة الاقليات في كوردستان هي الاكبر من حيث العدد في كل انحاء العراق وتلك الخطوات العملية التي اتخذتها حكومة كوردستان الانسانية جعلت من الاقليم موضع احترام العالم اجمع ونتمنى اخيرا ان تنتقل هذه التجربة الى كل انحاء العراق .

روئيل داود جميل

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *