ماذا سيجني الشعب الكوردي في غربي كوردستان من مؤتمر المعارضة السورية الذي انعقد في الرياض برعاية سعودية؟! بقلم محمد مندلاوي

لقد أعلن النظام السوري العنصري, وكذلك المعارضة السورية, بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية, المرتبطة بدول ذات الشأن في المسألة السورية, مراراً كراراً بأنهم لا يعترفوا بالحقوق القومية الكوردية, وذلك من خلال رفضهم للإدارة الذاتية الديمقراطية التي تبنته حزب الاتحاد الديمقراطي, المعروف اختصاراً بـ “ب ي د – P Y D” وكذلك يرفضوا أي شكل آخر من أشكال الحقوق الديمقراطية العادلة التي تناسب خصوصية الشعب الكوردي في غربي كوردستان, الذي يختلف عن المكون العربي في الكيان السوري في كل شيء, بدءاً من اللغة ومروراً بالتاريخ والزي والبشرة والثقافة وانتهاءاً بجغرافية الأرض التي وجد عليها قبل مجيء العرب من شبه الجزيرة العربية واستيطانهم فيها بآلاف السنين. لكن الذي يدفع الإنسان الكوردي للتساءل, بعد كل هذا الذي قاله ويقوله النظام والمعارضة معاً, عن معاداتهم السافرة للشعب الكوردي المسالم وقضيته العادلة. يا ترى على أي أساس شارك بعض الكورد… في هذا المؤتمر المدفوع الأجر بالبترو دولار مسبقاً؟. أليس هؤلاء الكورد الذين هرولوا مع المهرولين إلى الرياض, كأنهم يريدوا أن يسمعوا مجدداً من أفواه المؤتمرين, أنتم الكورد ليس لكم حقوق عندنا؟. ألم يفهم هؤلاء الكورد الخمسة المشاركون في مؤتمر الرياض, وأصح أن يسمى بمؤتمر الرجال, لأن المرأة أبعدت منه تماماً, إنهم اختيروا كديكور آني يزينوا به واجهة المؤتمر. لأن عدم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي يعني صراحة رفض المطالب الكوردية العادلة من قبل المجتمعون في الرياض؟ وكذلك يعني إبعادهم من الاشتراك في صنع القرار السوري رغم أن شعبهم الكوردي في غربي كوردستان يشكل 15% من مجموع سكان سوريا. إن هذه العنصرية المقيتة واضحة أيضاً في البيان الختامي للمؤتمر الذي يخلوا عن أي ذكر لحقوق الشعب الكوردي القومية؟. كل الذي خرج به المؤتمرون, أنهم زعموا, ستكون سوريا المستقبل دولة مدنية, كأنهم يجهلوا أن دولة بشار الأسد أيضاً مدنية المظهر, لكنها تعامل  مع الكورد بالحديد والنار. ألم يعرف المشاركون الكورد, إن من مبادئ الدولة المدنية, المواطنة, التي تعني أن الفرد لا يُعرف بدينه أو ماله أو بإقليمه, وإنما يُعرف تعريفاً قانونياً اجتماعياً بأنه مواطن في هذا البلد. وهذه المدنية لا تناسبنا نحن الكورد, لأننا أصحاب إقليم متميز نريد أن يكون له هويته و طابعه الخاص الذي عرف به منذ قرون طويلة, ألا وهو كوردستان وكذلك شعبه المعروف بالشعب الكوردي. ثم, ألم يعلم هؤلاء الكورد, أن الجمهورية التركية التي لا تعير أية أهمية بحقوق الآخرين وترتكب يومياً أبشع الجرائم ضد الشعب الكوردي في شمالي كوردستان تعرف نفسها كدولة مدنية وديمقراطية أيضاً؟. عزيزي المتتبع, إن المؤتمرين حتى وأن كان فيهم نفر ما شواذ القاعدة ولم يرد معاداة الشعب الكوردي صراحة, ألا أنه لم يستطع الخروج على الثوابت التركية لمعاداة الشعب الكوردي, ويقول غير الذي قالوه سابقاً ضد الكورد في غربي كوردستان؟. دعونا هنا نتساءل, لماذا لم يحاول هؤلاء الكورد الخمسة الذين تقاطروا مع المتقاطرين إلى الرياض, الاستفادة من تجارب أشقائهم في جنوب كوردستان, الذين رغم قلة عددهم في مؤتمر صلاح الدين بالنسبة إلى عدد المشاركين ألا أنهم أرغموا المعارضة العراقية العربية وكذلك الناطقة بالعربية في أوائل التسعينات من القرن الماضي في مؤتمر (صلاح الدين) الاعتراف بالفيدرالية للعراق بعد رحيل الديكتاتور صدام حسين, وتأسيس إقليم كوردستان؟ الذي بات يطلق عليه الآن “دولة إقليم كوردستان” تثميناً وتقديراً واعترافاً له لما يقوم به من دور حيوي ومؤثر على الساحة السياسية وفي المحافل الدولية, ويشاهد العالم كيف أن رئيسه يُفرش له السجاد الأحمر و يُستقبل في دول العالم كرئيس أية دولة كبيرة ذات سيادة. إذاً دعونا نجدد السؤال ثانية, ماذا يتوقع وينتظر ذلك الأكاديمي الكوردي وآخرون الذين ذهبوا معه إلى الرياض من هؤلاء المؤتمرون؟, المصابين بعمى الألوان, الذين لا يستطيعوا أن يميزوا الإسود عن الأبيض, الحق عن الباطل. ألم يسمعا الكورديان سيدا وحكيم, من فم ما يسمى رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خواجة عند وجوده في عاصمة إقليم كوردستان (هولێر) قبل عدة أيام, حين رد على سؤال وجه إليه من صحفي كوردي من قناة “رووداو”, قائلاً: “نحن لا نقبل بالإدارة الذاتية الكوردية في سوريا”. لو كان هذا الخواجة حقاً لا ينفذ أجندات تركية طورانية, حين رفض الإدارة الذاتية, لقال للكورد بصريح العبارة, ماذا في جعبته لهم غير تلك التي رفضها؟. مما لا شك فيه, أنه في عدائه السافر للشعب الكوردي في غربي كوردستان لا يختلف أبداً عن أردوغان و بشار الأسد وميشيل كيلو ورامي دالاتي ومن لف لفهم. وفي تصريح آخر لهذا الخواجة, رحب بكل صلافة بالاحتلال التركي البغيض لسوريا وغربي كوردستان, بينما يصف وجود العسكري الروسي الذي جاء لدك أوكار الإرهاب المرتبط بتركيا بالاحتلال؟ ويناشد دائماً ودون خجل تركيا بضرورة إنشاء المنطقة العازلة على الأرض الكوردية بين غربي وشمالي كوردستان. ماذا نتوقع أكثر من هذا, من شخص خواجة الغريب عن سوريا؟ كرامي دالاتي وآخرون من مخلفات الحكم العثماني من بقايا الأتراك وأشباههم الذين تُركوا في سوريا بعد نهاية الحقبة العثمانية السوداء, واليوم يتجرأ هؤلاء الغرباء ويتكلموا تحت يافطات تركمانية باسم السوريين, مثال خالد خواجة نفسه, الذي هو عضواً في الكتلة التركمانية المنتمية تحت راية ما يسمى بالائتلاف الوطني السوري. عزيزي القارئ, حتى أن لقبه “خواجة” يعني الشخص الأجنبي الذي جاء من خارج البلاد, وتحديداً يعني الشخص المسيحي أو اليهودي القادم من الغرب. لمن لا يعلم, أن غالبية القوى المؤثرة والفاعلة على الأرض السورية والكوردستانية لم تشارك في هذا المؤتمر الهزيل. لقد انسحب من المشاركة في مؤتمر الخانعين, وأعاد تذكرة الطائرة إلى القنصل السعودي في جنيف, الدكتور (هيثم المناع) رئيس تيار القمح. وغاب عن حضور المؤتمر برهان غليون, رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق. وانسحبت من المؤتمر جبهة أحرار الشام. وغاب عن حضور المؤتمر حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يلتف حوله غالبية الشعب الكوردي في غربي كوردستان. وكذلك غابت الإدارة الذاتية الديمقراطية. وقوات حماية الشعب الكوردي. وقوات سوريا الديمقراطية. وغاب أيضاً عن الحضور المجلس العسكري السرياني.وقوات السوتورو. وقوات الصناديد.وكذلك غاب عن الحضور, المنبر الديمقراطي. وجبهة التحرير والتغيير. وهيئة العمل الوطني. بعيداً عن مؤتمر أيتام أردوغان وسلمان, انعقد على الأرض الكوردية الطاهرة في “ديريك” في محافظة الحسكة الأبية, مؤتمراً وطنياً تحت اسم مؤتمر “سوريا الديمقراطية” ضم مجموعة القوى الوطنية السورية, التي لم تبع مبادئها  بالبترودولار. ورفض المؤتمر المذكور مقررات مؤتمر الرياض, التي جعلت من القضية السورية ورقة بيد المملكة العربية السعودية لكي تساوم عليها متى ما شاءت.

أنا كمواطن كوردستاني بسيط, أن رجائي الوحيد من القادة الكورد في عموم كوردستان, هو, أن يتركوا الخلافات جانباً في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة والعالم, ويتكاتفوا كإخوة من أجل خلاص شعبهم المكافح, الذي يرزح منذ زمن طويل تحت وطأة سياط الأعداء الأوباش. إن الفرصة مؤاتية لا تفوتوها على شعبكم بخلافات جانبية. إن كل آمال الشعب الكوردي في كوردستان وبلاد المهجر معلقة بكم اليوم. لا تجعلوا التاريخ يلعنكم, ويقول عنكم في صفحاته, إنكم فوتم الفرصة على الشعب الكوردي وانشغلتم في نزاعات وخصومات عابرة من أجل حفنة من المال أو منصب فاني أو مكسب حزبي ضيق, ولم تغتنموا هذه الفرصة الذهبية الآتية و تحرروا شعبكم الأبي من براثن الاحتلال وتقودوه إلى بر الأمان, وتحققوا له أهدافه النبيلة التي وضعها أمانة بين أيديكم وفي أعناقكم وهي, أن تحققوا له مطالبه العادلة التي ناضل من أجلها تحت راياتكم عقوداً طويلة, لكي يعيش حراً كريماً شامخاً في وطنه العزيز كوردستان.

محمد مندلاوي

11 12 2015

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *