مأساة اللاجئين وصمة عار أخرى تضاف على جبين الدول العربية والإسلامية / محمد مندلاوي

 

في شرقنا التعيس, عند كل أزمة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية تعصف بمجموعة الدول التي أشرنا إليها في عنوان المقال معاً أو فراداً, سرعان ما تعريها تلك الأزمة أمام العالم أجمع على حقيقتها وتفضحها, بأن حكامها أقزاماً حقيقية أمام الأحداث, وترمي دائماً بفشلها وأخطائها على كاهل الآخرين, ولا تلتفت إلى الكيانات الهزيلة الخاوية التي تتسلط عليها بالحديد والنار, والتي لا تملك شيئاً من مقومات الدول الحديثة, كالعناصر والعوامل الأساسية والمؤثرة التي تملكها الدول المتحضرة سوى اسمها “الدولة الفلانية” أما في واقعها الحقيقي, فهي أشباه دول, لأن حكامها الأشرار جعلت منها ملكية خاصة, كل منهم صيَّر كيانه كشركة خاصة يملكها هو وعائلته وزبانيته التي تحيط به. ولدينا في هذا المضمار شواهد كثيرة, منهم ذلك الطويل السفيه ذات هيئة اللقلق الذي لا يعلم به الشعب السوري في أي مستنقع مختبئ؟. وعلى شاكلته, كان الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك صاحب خطبة البتاع, الذي كان ألعوبة بأيدي زوجته العجوز الشمطاء ونجليه المراهقان علاء وجمال. وكذلك المقبور صدام حسين, الذي جعل من العراق مزرعة خاصة لولديه الساديان عدي وقصي كانا يسرحان ويمرحان فيها كيفما شاؤوا. لكن الحق يجب أن يقال, أن المتسبلة؟ الذين جاءوا إلى الحكم بعد ابن العوجة باسم الدين, ورافعين شعار “فرهود يا أمة محمد ” قد أفلسوا العراق الغني, عراق المصدر لثلاثة ملايين برميل نفط يومياً, عراق الدجلة والفرات, عراق الأربعون مليون نخلة, وفي المحصلة أقعدوه على بساط الفقر, خربوه وجلسوا على تله. وتطبيقاً لهذا النهج (التشاركي) الذي جاء به الكيشوانية, وبياعي السبح والمحابس, شيلني وأشيلك, أسكت عني وأسكت عنك, حسنوا تلك الصورة القبيحة لبطل الحفرة القومية في الذاكرة العراقية, الذي أراد من خلال تلك الحفرة المُكيفة, أن يحرر فلسطين للعرب من اليهود الصهاينة. لكن في الواقع, أن الشارع العربي والإسلامي يعرف جيداً, أن حكام جميع الدول العربية والإسلامية, بدون استثناء,ليسوا أفضل حالاً ولا كرامة من تلك النماذج المنحطة التي ذكرناها أعلاه, وعلى وجه الخصوص الكيانات الست المصدرة للبترول والغاز المطلة على الخليج… ليس لحكامها وسكانها هَم يُذكر, سوى ملء بطونهم المنتفخة بأكل الجراد, وشرب ألبان و أبوال الجمال, وإشباع شهواتهم الحيوانية. لم يخرج هؤلاء المرفهون بالبترودولار يوماً ما في مظاهرة صاخبة نصرة لفلسطينهم أو استصراخاً لأولى القبلتين وثالث الحرمين؟. أليس لسان حالهم يقول, إن كان الآخرون يقوموا بكل شيء من أجلنا لماذا نتظاهر ونعرض أنفسنا لأشعة الشمس الحارقة, ويقول قائلهم أيضاً, أن هناك مئات الملايين من السذج من المسلمين ومن المستعربين تحرسنا من كل حدب وصوب وتفدينا بأرواحها بالمجان, بدءاً من شعب مصر الكنانة ومروراً بالسودان و بدول شمال إفريقيا وإريتريا واليمن وإيران والعراق والأردن وسوريا وفلسطين وهكذا اكتملت الحلقة التي تحيط بنا وتحمينا من جميع الجهات, وحتى أبعد من هؤلاء, هناك الباكستانيين والأفغان والشيشان وغيرهم يفدونا بحالهم ومالهم دون مقابل. وما علينا نحن في الخليج, إلا أن ننام مطمئنين قريري العين, لأن شعوب (دول الطوق) في ثورة دائمة وعارمة ضد أعدائنا والمتربصين بنا, وهم عبارة عن, الغرب الكافر, والشيطان الأكبر, والصهيونية العالمية, والشيوعية الملحدة, وأهل بدعة الديمقراطية, الخ.

دعونا الآن نتناول ما يتعلق مباشرة بجوهر موضوعنا, وهي تلك القدرات المالية الهائلة التي لم يستحسن استخدامها لهذه الدول والإمارات النفطية من ضمنها إيران والعراق أيضاً. وعلى رأس هؤلاء جميعاً المملكة العربية السعودية, التي مليكها يلقب بخادم الحرمين الشريفين وحامي حمى الإسلام والمسلمين, إن هذا الملك… بهذا اللقب الطويل الذي يزين اسمه, كأن مأساة اللاجئين التي تدمي القلب و يشاهدها العالم بألم وحسرة, والتي لم تحدث مثلها منذ الحرب العالمية الثانية, وغالبيتهم العظمى من العرب و المسلمين (السنة) لم تحرك آلاف الجثث الطافية فوق مياه البحر المتوسط شعرة من رأس خادم الحرمين وأقرانه!. لو كان صحيحاً إنه والحكام الآخرون الذين ذكرنا كياناتهم ينتمون بحق وحقيقة للمنطقة وشعوبها لأمروا بفتح أبواب بلدانهم لهؤلاء المشردون وأنقذوهم من الموت والإذلال على أيدي النصارى (الكفار). أليس القرآن يقول في سورة المائدة آية (51): “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين”. من دفع المسلمين حتى يتخذوا اليهود والنصارى أولياءاً لهم غير حكامهم المسلمون؟. و جاء في الحديث النبوي: ” من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”؟. كما رأى العالم, أن حكام المسلمين لم يهتموا بأمور المسلمين, إذاً هم ليسوا منهم كما يقول الحديث؟. ألم يرى القاصي والداني, إن السعودية وإيران في حرب باردة على زعامة العالم الإسلامي بسنته وشيعته, وحين تحتاج السنة والشيعة إلى مساعدتيهما كأولياء الأمور لهم, يديروا وجهيهما عنهم ويتركوهم عرضة للقدر يلعب بهم كيفما يشاء!. وكذلك فعلت روسيا الاتحادية التي تدعي إنها تتزعم المسيحيين الأرثوذكس في العالم, والمسيحيون اللاجئون إلى غرب أوروبا جميعهم من الطائفة الأرثوذكسية, لماذا لم تفتح لهم روسيا أبوابها وتأخذهم تحت جناحها, إن هي والدتهم الحنونة! ألم تدخل روسيا القيصرية في حرب ضروسة مع الدولة العثمانية حين تعرض المسيحيون الأرثوذكس فيها للاعتداء على أيدي العثمانيون الأتراك؟. إن هذه الأقطاب الثلاثة سعودية إيران وروسيا تخلت عن واجبها الإنساني والديني أو بالأحرى المذهبي تجاه الطوائف التي يزعمون إنهم يتزعمونها؟. إلا أن الغرب المسيحي (الكافر) كالعادة قام بواجبه الإنساني تجاه أخيه الإنسان على أكمل وجه ولم يسألهم عن انتمائهم الديني والمذهبي وبهذا أثبت للعالم أجمع, إنه بآدميته يتزعم الإنسانية جمعاء. وما على المسلمين الذين آوتهم دول الغرب المسيحي, إلا أن يكونوا مواطنين صالحين فيها, لا يدغدغ مشاعرهم أحداً ببعض الكلمات الجوفاء التي لا طائل منها, لقد رأيتم بأم أعينكم أن جنتكم الحقيقية هنا في الغرب المتسامح, وجحيمكم الحقيقي هناك في الشرق الهمجي, نرجو أن لا تنسوا, أجعلوا هذا نصب أعينكم ولا تنسيكم إياها الأيام وزحمة الحياة, لقد رأيتم كيف أن أولئك الذي يدعون أن الدين يحكمهم, تركوكم طعماً للأسماك, وهؤلاء الذين شوهوا بالكذب والتدليس صورتهم الإنسانية الناصعة عندكم, كيف يستقبلونكم و يعاملونكم بروح الإخوة والمحبة؟, وكيف رؤساء دولهم تجتمع عاجلاً لتدرس محنتكم؟, بينما حكام العرب والمسلمون, كأن الذي حدث ليس على هذا الكوكب, بل حدث في المريخ. أكرر, وعلى وجه الخصوص كلامي موجه للعرب القادمون من سوريا والعراق وبعض الدول العربية الأخرى, إنكم حين تدخلون إلى ألمانيا أو السويد أو أي بلد أوروبي آخر تذكروا جيداً, أن هذا البلد هو دار لهذا الشعب, فهؤلاء أدخلوكم في دورهم, في بيوتهم, فلذا يجب عليكم أن تحترموا هذه الدور, هذه الدول, التي ستقيمون فيها بقية حياتكم وحياة أبنائكم وأحفادكم من بعدكم. أنني كمواطن في إحدى هذه الدول التي فتحت لي ولعائلتي ذراعيها أيام المحن الصعبة, التي لم يأوينا أحداً على هذا الكوكب, وكنا نعاني من الويلات على أيدي ديكتاتور مجرم لم يرحم أحداً من أبناء الشعب الكوردي المسالم. أنني كإنسان, أأمل من جميع اللاجئين والمهاجرين, أن تكون عناصر نافعة ومواطنين صالحين في هذه البلاد الكريمة التي آوتهم, ولا تكون عناصر تخريبية وتؤذوها خدمة لمراوغ كذاب يعدكم بأشياء وهمية ليست لها وجود لا هنا ولا هناك وفي مجملها كذب و وهم؟.  

محمد مندلاوي

  

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *