لماذا سان دييكو ؟

جرت ومنذ ثلاثة أشهر نقاشات ومداولات بين أعضاء أتحادنا ( الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان ) حول فكرة عقد مؤتمر كلداني ( رغم أن الفكرة قديمة ) وبالتشاور مع القوى الكلدانية الفاعلة على الساحة العراقية في الداخل والخارج , في المهجر الذي صار مركز الثقل الرئيسي للمسيحيين العراقيين ومنهم الكلدان بعد الهجرة الجماعية القسرية نتيجة الأضطهاد والأرهاب الذي عمّ الوطن ما بعد نيسان 2003, وتسليم مقدّرات البلاد لأيدي الأحزاب الطائفية والدينية الأسلامية. فكانت مأساة المسيحيين العراقيين وخاصة الكلدان الذين كان أنتشارهم الكثيف في مدن الوسط والجنوب يمثل النسبة الكبيرة من عددهم في العراق. مزدوجا لعاملين رئيسيين , أولهما  أن الأحزاب الدينية الأسلامية الطائفية , تؤمن بأسلمة المجتمع ولا تعترف بأية حقوق خارج ما نصّت عليه الشريعة الأسلامية , وثبتت هذا المبدأ في الدستور الذي سنّته على مقاسها بمشورة الصهيوني ( نوح فيلدمان ) تماشيا مع الهدف الأمريكي في تقسيم العراق الى دويلات طائفية وقومية عنصرية . أما العامل الثاني لمأساة المسيحيين في العراق فكان التهميش والغبن الذي لحقهم بمنح أستحقاق الأغلبية للوظائف والمناصب في الدولة العراقية الى الأقليّة من المسيحيين الذين لا يمثلون أكثر من 10% من عددهم لأسباب ظلّت مجهولة رغم ما ترشّح مؤخرا من أسرار بدأت فقاعاتها النتنة تطفو على السطح .

أتفقت معظ الآراء على عقد المؤتمر في سان دييكو – كاليفورنيا لأسباب عديدة لعل أهمها هو :-
1 –  توفر عامل الأمن المفقود في العراق حاليا فضلا عن تلاشي أحتمال أية ضغوطات من أيّة جهة لحرف المؤتمر عن أهدافه أو التأثير على قراراته .
2 –  وجود عدة تنظيمات كلدانية مهمة في مدينة سان دييغو وكاليفورنيا لها وزنها القومي .
3 –  وجود المركز الأعلامي الكلداني في سان دييكو والذي يمثل المركز القومي للفكر الكلداني .
4 –  وجود تلفزيون كلدو الذي بدأ البث مؤخرا رغم محدودية أمكانيته الحالية , ونأمل أن يصبح منبرا مهما من منابر الأعلام الكلداني مستقبلا, ولنا ثقة بأنه سيكون كذلك بأدارته الغيورة والمؤهلة بقيادة الأب الفاضل نوئيل الراهب وبتوجيهات سيادة مار سرهد يوسب جمّو .
5 –  الوحدة الكنسيّة الرائعة والمبهجة بين الكنيستين الكاثوليكيتين الكلدانية والآثورية تحت تسمية موحدة هي ( ابرشية مار بطرس الرسول للكلدان والاثوريين الكاثوليك في غرب الولايات المتحدة الامريكية ) بكنائسها ورعاتها الآباء الكهنة الأجلاء برئاسة الأسقفين الجليلين مار سرهد يوسب جمّو ومار باوي سورو .وهذا ما لاحظته أثناء مشاركتي في ( أحتفالية الذكرى المئوية السادسة عشر لسينودس مار أسحق الجاثاليق الذي أنعقد في أبرشية مار بطرس الكاثوليكية للكلدان والآثوريين للأيام 7 , 8 , 9  من كانون الثاني عام 2010 ) .   أن هذه الأبرشية المباركة تمثل ما نصبو ونطمح أليه لتسير في خطاها أبرشيات وكنائس العراق والعالم الكلدانية والآثورية للأتحاد في كنيسة واحدة كما كانت منذ تأسيسها كنيسة واحدة رسولية جامعة تحت تسمية ( كنيسة المشرق ).
 
أن أنعقاد المؤتمر الكلداني الأول في سان دييكو , الذي نأمل أن يكون أنعقاده الثاني في العراق بعد أن يتعافى من مرض الأرهاب والطائفية المقيتة والقومية الشوفينية , ليكون وطنا لجميع العراقيين , مسلمين ومسيحيين وبقية الديانات الأخرى بالحق والعدالة وسيادة كلمة القانون دون تمييز , وأن تكون الوظائف والمناصب على أسس الكفاءة والعلم بغضّ النظر عن ديانته أو مذهبه أو قوميته .

أن المؤتمر الكلداني العام , ليس تكتّلا ضد أيّة جهة , بل هو حوار ونقاش بين أبناء البيت الكلداني الذين يعتبرون العراق كلّه وطنهم التاريخي والأبدي , وأنهم يحترمون جميع القوميات  المؤلفة للفسيفساء الجميلة للشعب العراقي الواحد بكافة قومياته , كما أنه يأمل أن تحترم خياراته القومية , وأن يكون التعاون والتآزر بين الجميع هدفا مشتركا بعيدا عن تهميش أو ألغاء أو أستغلال ظرف طارىء للأستحواذ على حقوقهم التي يستحقونها بكل مقاييس المنطق والعدل .

كلمة أخيرة للأخوة المغردين خارج سربهم , لا يوجد ما هو أكثر فرحا وبهجة من أن يكون الأبن في عائلته , أن أمتكم الكلدانية التي تفتخر بأنها مصدر الأشعاع العلمي والثقافي الذي عمّ العالم أجمع , فأنها تنتظر عودتكم الى حضنها الدافىء وأن لا تبهركم المغريات المادية أو المناصب الوقتية أو الشعارات التي ترفع لغايات غير التي تعتقدونها أو المشاريع التي ظاهرها الحرص على المسيحية وباطنها مصلحة أنانية .

بوركت جهود القائمين على تنظيم المؤتمر الكلداني العام الأول , وشكر وتقدير لأبرشية مار بطرس للكلدان والآثوريين التي أستضافت هذا المؤتمر الهام .

بطرس آدم
تورنتو – كندا
27\1\2011

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *