كيف نفسر تواجد جمعية الثقافة الكلدانية بين تنظيمات شعبنا السياسية ؟؟

جمعية الثقافة الكلدانية التي اقصدها وأتكلم عنها هي تلك الواقعة في احدى بلداتنا الكلدانية العريقة في عنكاوا ..فهذه الجمعية ومن عنوانها يعطي تصور على أنها تعنى بثقافة الشعب الكلداني ونشر الوعي القومي الكلداني  من خلال النشر او الجرائد الى جانب تبنيها للأنشطة والمهرجانات الأدبية والفنية والتاريخية والمعرفية والعلمية والاجتماعية والإبداعية التي تصب في التعريف بالعمق الثقافي للمكون الكلداني ..وكقراءة أولية يبدو أن تأسيسها جاء نتيجة التقاء نخبة كلدانية مثقفة واعية من أبناء عنكاوا النجباء الذين اتفقوا على تأسيسها كضرورة ملحة لان الرياح في تلك الحقبة كانت تضرب لطمس الملامح القومية للمكون الكلداني ..ولكي نفهم الية عملها لابد من الغوص في نظامها الداخلي  والذي  يتحدث على أنها تأسست في 1/12/1998  وان مقرها العام يقع في اربيل – عنكاوا وتنص مادتها الثانية على الهوية وهو الامر الذي سوف اركز عليها فتنص المادة الثانية ( : الهوية/ جمعية ثقافية لا تحمل أية صفة سياسية أو مذهبية أو طائفية تعنى بالثقافة والفنون والتراث الكلداني وكافة الناطقين بالسريانية. )
ولأنها مؤسسة كلدانية حالها حال طبيعة كل كلداني معروف عنه بالانفتاح والابتعاد عن التعصب فقد فتحت الجمعية أبوابها على مصراعيها لكافة مؤسسات وتيارات شعبنا الأخرى لدرجة ان محبتها وانفتاحها افقدها خصوصيتها والهدف الرئيسي الذي تأسست من اجله ..وهنا ابدي شكوكي أيضا أن كان العلم الكلداني يرفرف فوق بنايتها أو متواجد في مكاتبها وأروقتها وقاعتها وهو من ابرز الدلائل والرموز على انها كلدانية بحق وليست ادعاء !! .. كما أن العلم واحد من ابرز الدلائل والرموز الذي يشير للعمق التاريخي والحضاري والثقافي للكلدان !!
جمعية الثقافة الكلدانية بين تنظيماتنا السياسية
 بعد ان عرفنا وأيقنا أن هذه المؤسسة الكلدانية دورها ثقافي بحت , نجد  عنها من جانب أخر جملة من التخبطات والأمور  الكثيرة التي لا أجد لها تفسير وذلك لأنها أقحمت نفسها بقوة في عالم السياسية كلاعب سياسي تارة بفرض نفسها في صناعة القرار السياسي وكمنافس سياسي تارة أخرى نتيجة اصطفافاتها السياسية المتقبلة بين أحزاب وتنظيمات شعبنا السياسية المختلفة  كما سنجد فيما بعد.. فأنها ( أي الجمعية )  بعد تشكيل ما يعرف بالمجلس الشعبي انضوت تحت خيمته (سابقا )  وعلمه وأيدلوجيته وعملت معه وحسب ما ينقله احد الأخوة في إحدى مقالته أن العراب الرسمي للمجلس الشعبي أغدق على الجمعية ودعمها بقوة الامر الذي قد اجد فيه تفسير ضمني لابتعادها عن الاسباب الموجبة التي قامت عليها وتبنيها لامور التي يفرضها الممول !!  ولكن نجد انه بتاريخ 23- 05- 2009 وبعد اجتماع للهيئة الادارية لجمعية الثقافة الكلدانية في عنكاوا تعلن انسحابها  من المجلس الشعبي  وكل اللجان المنبثقة عنه … وقد بررت اسباب ذلك في متن قرارها المشار أليه أعلاه حيث جاء فيه ( لاسقاط الجمعية من حسابات المجلس الشعبي .. وتجاهلها .. وعدم التنسيق معها بخصوص اسماء المرشحين لانتخابات برلمان اقليم كردستان … )اي ان سبب الانسحاب هو سياسي لانها تم تهميشها من صناعة القرار السياسي الخاص بقائمة المرشحين لإقليم كوردستان … وان عملية الانسحاب جاءت كتحصيل حاصل لأنه (# ) السياسي يسعى لاستمالة المثقف بشتى الوسائل لتجييره لخدمة أهدافه الحزبية، وبمجرد حصوله على السلطة يعمل على تهميش المثقف وإقصاءه عن ساحة العمل السياسي. ولنا في التجربة العراقية خير دليل بعد إزاحة النظام الديكتاتوري، حيث تقاسمت الأحزاب مقاعد السلطة السياسية فيما بينها، وتم تهمش وإقصاء الألوف من الأكاديميين والمثقفين وأصحاب الاختصاص مقابل إعطاء دور أكبر حتى في الشأن العلمي للحزبين غير الأكفاء لقيادة الدولة والمجتمع وما الفوضى والفشل التي منيت بها سياسية تلك على الأحزاب إلا دليل على هذا التوجه الخاطئ!. (# ) وبعد ذلك تخطو الجمعية خطوة جيدة بانضمامها ( نوع من الاصطفاف السياسي ) الى الهيئة العليا للقوى والتنظيمات الكلدانية وهي خطوة لا غبار عليها لان هذه الهيئة ومن اسمها ليس سياسي بحت فهي قوى وتنظيمات كلدانية قد تكون ثقافية أو سياسية أي عندما تعمل جمعية الثقافة الكلدانية في محيطها الكلداني تجد نفسها بوضعية مريحة عند المتلقي .. ولان هذه الهيئة لم تجد الظروف والعوامل المناسبة لديمومة استمرارها تبقى الجمعية في سبات إلى غاية عودتها إلى الحياة السياسية لشعبنا مرة أخرى  بانضمامها مجددا للمجلس الشعبي ولكن هذه المرة ليس تحت خيمته  ومستفيدة من درسها الاول فتدخل كطرف في صناعة القرار السياسي الى جانبه وجانب بعض تنظيمات وأحزاب سياسية اخرى وهو أمر نشاز ظاهر للعيان بسبب عنوانها الثقافي  .. ويزداد الطين بلة بعد تشكيل مرجعية سياسية موحدة لشعبنا بعد حادثة كنيسة سيدة النجاة والتي بات تعرف بتنظيمات شعبنا السياسية الكلدانية – السريانية – الأشورية التي تتكون من 16 تنظيم وحزب وكيان  سياسي وبنظرة سريعة عليهم سيبرز للعيان وبشكل نشاز مرة اخرى  اسم جمعية الثقافة الكلدانية بينها لأنها هي التشكيل الثقافي الوحيد المشارك في صناعة القرار السياسي المتواجد في تشكيلة عنوانها تنظيمات شعبنا السياسية ويمكن مقارنة ذلك مع المادة الثانية لنظامها الدخلي والذي يشير على أنها لا تحمل أية صفة سياسية !! وهنا أتسأل لو تشكل وفد من هذه التنظيمات السياسية لشعبنا  لمخاطبة رئاسة الجمهورية والبرلمان في حكومة المركز أو رئاسة الإقليم وبرلمانه او ان يقوم هذا الوفد بلقاء سياسيين و أحزاب السياسية أخرى ومن ضمن الوفد تواجد رئيس الجمعية او من ينوب عنه وعند وصل الدور له للتعريف بنفسه والجهة التي يمثلها يقول فلان الفلاني  رئيس جمعية الثقافة الكلدانية او يمثل الجمعية ..عندئذ سيتولد المئات من علامات الاستفهام والتعجب عند المسؤول عن سبب تواجده ضمن وفد يعرف نفسه بتنظيمات سياسية لشعبنا الكلداني – السرياني – الأشوري  ؟؟؟ كما لا أفهم ما هو سر القبول بتواجد الجمعية عن غيرها من المؤسسات والجمعيات الثقافية الأخرى في الحياة السياسية لتنظيماتنا ؟؟ ولماذا تصر جمعية الثقافة الكلدانية بحشر نفسها فيه ؟؟  فان تواجدها سيفتح الباب أمام تنظيمات ومؤسسات ثقافية اخرى للولوج في حياة تنظيمات شعبنا السياسية وهنا اذكر على سبيل المثال لا حصر المركز الثقافي الأشوري او جمعية الثقافة الأشورية ..الخ فلماذا يحل لجمعية الثقافة الكلدانية ويحرم على الباقيين ؟؟
لو رجعنا إلى النظام الداخلي لجمعية الثقافة الكلدانية وفي نقطة مهام الرئيس تشير المادة  ( أ و ب )  أن الرئيس يقوم بالإشراف على نشاطات وفعاليات الجمعية.  و يمثل الجمعية أمام القضاء والسلطات الحكومية …. لكن ما نشاهده اليوم  وما يقوم به الرئيس انه يقوم بتمثل الجمعية في اجتماعات سياسية ويشارك في صناعة القرار السياسي الخاص بشعبنا ويقوم بتوقيع اتفاقيات ليست لها علاقة لا من بعيد او قريب بمهامه التي يحددها النظام الداخلي ؟؟؟ ويقوم بتصريحات رسمية البعض منها يأخذ ذو طابع سياسي !!
أما إذا تحدثنا عن فقرة فقدان العضوية بالجمعية فا الفقرة الثالثة منه تقول تفقد العضوية عند الإخلال بالنظام الداخلي للجمعية !! ومن الواضح أن هناك أخلال كبير في النظام الداخلي لأنها لا تحمل صفة سياسية وتم إقحامها في عالم السياسية إلى جانب مهام الرئيس !!
مما تقدم أجد أن على الجمعية الثقافة الكلدانية تعديل نظامها الداخلي مما ينسجم مع الدور السياسي الذي تلعبه أو الاحتكام على نظامها الداخلي والابتعاد عن عالم السياسة الخاص بشعبنا والرجوع إلى الجذور الرئيسية التي تأسست من اجله !! ولغاية ذلك الوقت فأني لم أجد تفسيرا مناسبا لتواجد جمعية الثقافة الكلدانية بين تنظيمات شعبنا السياسية الكلدانية – السريانية – الأشورية التي نعتبرها لغاية اللحظة مرجعية سياسية موحدة عليا لشعبنا ..أو أن تواجد الجمعية بينها لا محل له من الإعراب !!

سيزار ميخا هرمز – ستوكهولم
cesarhermez@yahoo.com

(#) من مقال لصاحب الربيعي تحت عنوان  ( أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة )

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *