هـل الكاهـن المسيحي مدعـوٌ إلى رسالة فـيستجـيب لـلـنـداء ، أم يخـتار له الكهـنـوت وظيفة كأداء ؟ …
في كـلمة لـلحـبر الأعـظم فـرانسيس إلى الأساقـفة ، مُـركــّـزاً عـلى الإنـتباه الرعـوي الواجـب إيلائه للعائلات والإكـليريكـيـين ! قال :
(( تعـبَ العالم من الكـذبة الساحـرين ومن الكهنة والأساقـفة العـصريـين ، بإستطاعة الناس إشتمامهم فلأبناء اللّه أنـْـفُ اللّه . بإستطاعة الناس ــ إشتمامهم ــ فـيـبتعـدون عـنهم عـنـدما يرون فـيهم حباً وتلاعـباً للـذات ، وعـنـدما يرونهم قـطاع طرق مدافعـين عـن قـضاياهم في حـروب صليـبـية عـبثية )) …..
قـدم البابا هـذه التـوصيات للأساقـفة ليضطلعـوا بعمل رعـوي فـيه الكـثير من الرحمة قائلاً :
(( الإهـتمام جـيداً بالإكـليريكـيات . لا تـنغـرّوا بالأرقام وأعـداد الدعـوات بل بنوعـية التلاميذ . لا تهـتموا للأرقام والأعـداد بل فـقـط للنوعـية . ولا تحـرموا الإكـليريكـيين مِن النمو إلى حـين يتمتعـوا بالحـرية التي تسمح لهم بالبقاء أمام اللّه بسلام وسكـينة ، فـلا يكـونوا فـريسة أهـوائهم وعـبـيد ضعـفهم ، بل أحـرار في تـلـقـف كلّ ما يطلبه اللّه منهم )) .
ثم أضاف : (( أطلب منكم أيضاً الحـذر والتصرف بمسؤولية عـند إستـقـبال الطلبة أو الكهنة في كـنائسكم المحـلية . أطلب منكم التحلي بالحـذر والمسؤولية وتـذكــّـروا أنه لطالما كانت هناك علاقة وثيقة بين الكـنيسة المحـلية وكهـنـتها ، ولم يكـن هناك يوما قـبول للكهنة الجـوالين أو المتـنـقـلين من مكان إلى آخر وهـذا هـو مرض عـصرنا )) .
*********************
كان ذلك تـوجـيه من أعـلى سـلـطة في الكـنيسة الكاثـوليكـية ، لـيسمعه كـل قائـد يحـمل الرسالة المسيحـية ، ويعـتـبر نـفـسه مطيعاً مقـتـفـياً آثار المسيح المؤدية إلى الحـياة الأبـدية …
وكأن البابا يقـول لهم : إرسـموا خـطوطكم الـبـيانية بـوجـدان ، لا أنْ تستـقـدموا خلاّن فـتـزيغـون وتـزيحـون علان من أجـل أمر تافه أياً كان !! فـفي المسيح لا فـرق بـين إبن الرافـدين أو السودان !! فـرأس عـرفاء الـوحـدة أدرى بالمعـسكـر والبستان ، وليس جـنـدي آخـر زمان ــ لـْـحـيمي ــ يُطـلـَق له العـنان !!!…. الكلام كـثير ولكـن يـؤجـل الآن .
باكـورة الكهـنة كانـوا تلاميـذ المسيح رجال ( لا نـساء ) ، لم يكـونوا مسبقاً للمسيح أصدقاء ، ولا أولاد أمراء أو أبناء ذوات أثـرياء ، بل إخـتارهم عـن عـمـد ، صيادي سمك غـير مثـقـفـين ضعـفاء ، لـيـبـدأ تـلـمَـذتهم من الصفـر ويـصبحـوا للـبـشر صيادين أكـفاء ، وقـد أكـد ذلك الرسـول ﭘـولس في رسالـته قائلاً : إخـتار الله جُهّال العالم لـيُـخـزي الحـكـماء ، وإخـتار ضعـفاء العالم لـيُـخـزي الأقـوياء .
أرادهم المسيح أن يكـونـوا ملح الأرض ونـورَ العالم … فـيشع نـورهم وتـطيب ذكـراهم عـنـد مَن يأتي بعـدهم ، وعـليه يُـفـتـرض بكـل إكـليريكي مهما كان يحـمل من رتـبة ، التحـلي بصفات أولـئـك التلاميـذ النخـبة تملـؤه المحـبة ، وإلاّ سـيـكـونون إنـتهازيـين مصلحـيـين ينـظر الناس إليهم بـرَيـبة .
إن عـشرات السنين الماضية أنجـبت كهـنة أتـقـياء ( كانـوا منـذ يوم رسامتهم أكـفاء ) عـظاتهم إرتجالية وعـميقة تستحـق الـثـناء ، لا داعي لـذكـر الأسماء فـمنهم مَن رحـل وآخـرين ينـتـظرون نـداء السماء حـين يلاقـون ربهم بفخـر وإباء .
أما الكهـنة الشـباب الـيـوم بحاجة إلى تـنـشـئة وتـوجـيه صارم بإعـتـناء ، العـتـب عـلى مطارنـتـنا الأجلاء في الكـنيسة الكـلدانية الشماء ، وبـطـركـنا منهمك بسفـرات سياحـية أنيقة غـيـداء ، لا يهـمه إنْ كان ملكـوته عـلى الأرض أم في السماء .