كان في سميل شهداء وقتلى آشوريين

اعترف ان حالي مع هذا الموضوع اصبح كما يقال باللفظ العراقي الدارج مثل بلاع الموس ، إذ ما بين حقيقة الحدث الذي وقع في سميل  وطريقة سرده او اخراجه من قبل الاشوريين هناك الكثير من التدليس والتزوير والتضليل ، وهنا لا اقصد الجوانب التي لا تعنيني بل تلك التي جعلوا من كل كلداني وسرياني  جزء من تلك الاكذوبة التي اصبحت ظاهرة لا يمكن السكوت عنها بعد الآن ، ولا اتردد للحظة واحدة ان اقول ان تلك الحالة التي ينطبق عليها المثل العراقي ” بلاع الموس ” تنطبق ايضآ على قسم كبير من الاثوريين انفسهم وتحديدآ على العشائر التي تنتمي او تناصر الموقف الذي اتخذه بعض زعماءالاثوريين آنذاك ومنهم الملك خوشابا ( تياري السفلى )  ومار سركيس ( من عشيرة جيلو) وزيا شموئيل والمطران مار يوالاها وملك خيو ، هؤلاء وغيرهم من الذين وافقوا على خطة الانكليز والحكومة العراقية المتضمنة توطين الاثوريين في منطقة دشتازي .
فكما هو معروف ان اليوم السابع من آب الذي تم تحديده واقراره من قبل الاتحاد الاشوري العالمي عام 1970 ليكون يوم الشهيد الاشوري  ، قد جاء هذا التحديد تخليدآ للضحايا الاشوريين الذين سقطوا ابان الحرب التي استمرت للفترة من الرابع حتى الحادي عشر من شهر اب/1933 بين فصيل من القوات الاشورية المرؤوسة من قبل كل من  البطريرك مار ايشاي شمعون وهو الزعيم الديني والقبلي لتلك الطائفة ومالك ياقو اسماعيل ( تياري عليا ) والقوات المسلحة التي كانت تحت امرته من جهة وبين الجيش العراقي ومعه العديد من افراد العشائر الكردية والعربية ويقال ايضآ انضم اليهم بعض افراد من الطائفة الايزيدية  من جهة ثانية ، اما بالنسبة للملوك الاشوريين الخمسة المشار اليهم اعلاه الذين وقفوا موقف الحياد فهناك من الاشوريين من يتهمهم بالخيانة للقضية وباللامبالاة لدماء اخوانهم الاشوريين التي سالت أمام اعينهم وهم صامتون من جهة ثالثة ، بل وكان هناك قسم منهم لا يزال يخدم الانكليز ويحرس مطاراته ومنشآته من جهة رابعة ، وليس مقبولآ القول انهم لم يكونوا يعلمون بما يجري لأن المذبحة لم تجري فجأة او نتيجة قرار مفاجيء بل الصحف العراقية والمناشير التي كانت تلقيها الطائرات بالاضافة الى وضع البطريرك قيد الاقامة الجبرية والاحداث والفتاوي وتسليح العشائر ومحاولات نزع سلاح الاثوريين وغيرها من الامور سبقت المذبحة بأشهر عديدة ،  وبين الكلدانيين والسريان الذين بقوا آمنين في بيوتهم من دون ان يعتدي عليهم احد أو ان يعتدوا على أحد عدا تحملهم المسؤولية الانسانية تجاه ايواء وحماية مَن لجأ اليهم من الاثوريين الهاربين من ظلم وبطش قاتليهم من جهة خامسة ، هذا هو موقف تلك الشعوب من احداث سميل عام 1933 م .
يتضح مما تقدم ان احداث سميل لم تكن مع جميع الاثوريين بل فقط مع الفصيل الذي قادته سورما خانم ( عمة البطريرك )  وقوات مالك ياقو وملوك آخرين، وسبب قولي سورمة خانم بدل ذكر اسم البطريرك الذي كان يمارس دور القائد الديني والقبلي لتلك الطائفة هو لكون الأخير كان قد وضع تحت الاقامة الجبرية ولم يعيش تلك الاحداث الى ان نفي الى خارج العراق ، أما الفصيل الاثوري الآخر الذي قاده مالك خوشابا والملوك الاخرين لم يكونوا طرفآ في ذلك النزاع الدموي الغير المتكافيء ، بل اتسموا بالحكمة وعدم التهور في استخدام السلاح وابدوا موافقتهم على الخطة التي وضعها الانكليز والحكومة العراقية بتوطين الاثوريين في منطقة دشتازي تجنبآ لاراقة دماء شعبهم ، واسوة بفصيل مالك خوشابا الاثوري  كذلك الكلدانيين والسريان لم يكونوا طرفآ في ذلك النزاع المسلح وبالتالي لم يسقط منهم شهيدآ واحدآ بسبب تلك الاحداث ، وكل كلداني او سرياني يدعي خلاف ذلك ، إنما هو منافق ويخدع نفسه ويذلها ويعني ايضآ نكران لدماء الشهداء الكلدان والسريان الذين رووا ارض العراق بدمائهم الطاهرة الزكية قبل احداث 1933 ومستمرة الى يومنا هذا .
ان خطاب بعض الاحزاب والتننظيمات الاشورية حول تنسيب صفة الشهادة لمن سقط مقتولآ من الاثوريين في احداث سميل عام 1933 الى الكلدانيين والسريان ما هو إلا خطاب سياسي مخادع ولا قيمة له إذ هو محاولة لإذلال الكلدانيين والسريان واهانتهم من خلال فرض عليهما مناسبة ليس لهما فيها أي شهيد ولا أية علاقة كل ذلك من اجل  طمس أي ذكرى لشهداءهم الحقيقيين لذلك نقول للقائمين على تلك الاحزاب والتنظيمات:-
لستم صادقين وتخدعون انفسكم قبل غيركم لأنكم تعرفون جيدآ انه لا يوجد كلداني ولا سرياني واحد قد سقط شهيدآ في تلك الاحداث .
لستم صادقين وتخدعون انفسكم قبل غيركم لأنكم عاجزون ان تأتوا باسم قرية واحدة هوجمت من قبل القوات العراقية التي قاتلت فصيل سورما خانم وقوات مالك ياقو خلال تلك الاحداث .
لستم صادقين وتخدعون انفسكم قبل غيركم لأنكم لا تستطيعون اتيان بدليل رسمي واحد بأن الفرمان الصادر بقمع الفصيل الاثوري المحارب يتضمن ايضآ ضرب وقتل الكلدانيين والسريان .
عار على كل كلداني وسرياني يمتلك الحد الادنى من الكرامة والاحترام لشهداءه أن يقبل ان تطمس ذكرى شهداءه  الخالدين او ان يسكت على محاولات جعل ذكراهم في مرتبة اقل او ادنى من شهداء الاخرين .
عار على كل حاقد وعلى كل من يقف معهم في التآمرعلى الثوابت القومية التي للكلدانيين سواء كانت هويتهم القومية او على اي من رموزهم وخصوصياتهم القومية ولا محال ان التاريخ سيلعنهم إن كانوا أفرادآ او احزابآ او مؤسسات .
نعم انهم يحشرون الكلدان والسريان بالذكرى التي اتخذوها كيوم للشهيد الاشوري ليس لغاية حسنة اطلاقآ بل لغاية سيئة وهي لإهانة دماء شهداء الكلدان والسريان وعملهم هذا هو نفاق من النوع المحتقر لعقول الكلدانيين والسريان وكذلك هي محاولة لننسى ذكرى شهداءنا الذين يفوق عددهم عدد شهداء الاثوريين بمئات المرات وهي مؤامرة لطمس ذكرى شهداءنا من خلال اطغاء صفة الشهادة فقط على الذين استشهدوا او قتلوا من ضحايا ومسلحي سورما خانم في سميل عام 1933 م .
انها الحقيقة ، فأنا لم اخطيء مطلقآ عندما اصف الضحايا الذين سقطوا في سميل بأنهم ضحايا فصيل سورما خانم ( عمة البطريرك مار ايشاي شمعون   ) وقائدهم مالك ياقو وغيرهم من الاثوريين ممن وقفوا الى صفهم ، لأن كان هناك فصيل اثوري آخر بقيادة مالك خوشابا والملوك الاخرين الذين كانوا معه لم يكونوا مشمولين بفرمان الابادة لأنهم وافقوا على خطة الدولة الخاصة بطريقة ومكان اسكانهم ، ووافقوا على حصر مسؤوليات البطريرك مار ايشاي شمعون بالأمور الدينية فقط لذلك اتهم مالك خوشابا في وقتها من قبل الفصيل الاشوري الأول بالخيانة العظمى نحو الاشوريين بل وصل الامر عند البعض في زماننا هذا ومنهم السيد عوديشو ملكو اشيثا عندما وصفهم في مقالته (من اشكاليات التاريخ الآشوري المعاصر ,,, “العائلة البطريركية ونكبة سميل “) ، بالفريق الاشوري المعادي ، ويأتي الرد المعاكس والسريع من الطرف الثاني عن طريق السيد ميشيل كيوركيس زكريا الذي كتب في مقالته ” المغردون خارج السرب عوديشو ملكو نموذجآ ….” النص التالي
( 2- اما بالنسة((الفريق الاشوري المعادي )) فان هذا الفريق او الفصيل الاشوري لم يكن ابدا معاديا لطموحات وتطلعات الشعب  الاشوري بل تصرف هذا الفصيل المعارض بكل حكمة ودراية لتجنب الويلات التي ستقع على الاشوريين لاحقا. ان عدم تخلي البطريرك مار شمعون ايشا عن سلطته الدنيوية ورفض فصيله بالقبول لمشروع الاسكان التي طرحته الحكومة العراقية انذاك وتحرك ياقو مالك اسماعيل مع بعض المقاتلين الاشوريين في بعض القرى،هذه العوامل الرئيسية الثلاثة اعطت الذريعة لبكر صدقي واعوانه وبتحريض من الانكليز للانتقام من الاشوريين بحجة فرض سيادة الحكومة العراقية على كافة الاراضي العراقية …). انتهى الاقتباس
 
 ومع ذلك لم يسلم هذا الفريق الاشوري المعادي ( فصيل مالك خوشابا ) من نار تلك الاحداث بل سقط منهم ايضآ ضحايا وشهداء سواء بنيران معادية او بنيران صديقة بحسب ما ورد في احدى القصص المؤثرة ، والسؤال الذي نطرحه على انصار الفصيلين المذكورين هو :-
هل الضحايا الذين سقطوا من الفريق الاشوري المعادي هم ايضآ شهداء بنظر انصار الفريق الاشوري الأول ؟، إذا كان الجواب نعم نقول ، كيف يكون القتيل الخائن والمعادي شهيدآ ؟، وإذا كان الجواب كلا نقول ، كيف يكون يوم 7 آب من كل سنة هو يوم الشهيد الاشوري الخائن والضحية معآ والى درجة ان الفريق الأول يتهم الفريق الثاني بالخيانة ويصفه بالعدو والفريق الثاني يتهم الفريق الأول بالتهور وعدم الحكمة ودفع الشعب الاشوري الى الموت المحقق ؟، أليس في كلا الحالتين يمكن ان تسقط صفة الشهادة من مقاتلي الطرفين عدا الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والبسطاء المخدوعين الذين دفعوا ثمن تهور أو خيانة قادتهم ، ونصيحتي لأنصار الطرفين أن يبحثوا عن حدث آخر أكثر مطابقآ وعن تاريخ آخر اكثر مناسبآ ليكون يوم الشهيد الاشوري ، لأن المشهد الاشوري خلال احداث سميل لا يساعدهم ليجعلوا من تلك المآسي مناسبة قومية او ذكرى لليوم الشهيد الاشوري ، وانا ايضآ اضم صوتي الى صوت السيد تيري بطرس الذي لم يريد ان يتطرق الى ذلك المشهد الاثوري المنقسم على نفسه انذاك بقوله في المقالة التي كتبها تحت عنوان ( لماذا لم افرح بالخبر السار ) قوله ( … ولكن تداخلت أمور أخرى في هذا الانقسام، العشائرية ( التي لم نكن نعيشها، بل نعيش تبعاتها)، وأعيد فتح جرح سميل وما حدث فيها، واستحضر الانقسام الذي حدث بعد مؤتمر ريشا داميديا ( سري اميدي ). لا بل إن أطراف الحكومة العراقية حينها ومن أحزاب سياسية عريقة تدخلت بهذه الطريقة أو تلك للتشجيع على الانقسام وكل كان يريد حصة من ذلك …) انتهى الاقتباس .

نعم ، أنا ايضآ لم أكن ارغب في فتح هذا الجرح الذي نتألم منه ، ولم ارغب في طرح مثل هذه التفاصيل التي نمتلك الكثير منها ولكن لم يعد لنا خيار آخر في تعرية عقلية من استباح كل المرتكزات القومية الكلدانية ورد كل من يحاول الباس الكلدانيين ثياب غير ثيابهم او لصق بهم عناوين مخادعة ومضللة .
  فإذا كان هذا هو المشهد الاشوري المخجل خلال تلك الاحداث ، فكيف يصلح الحال مع مَن يحاول أن يفرض نتائج ذلك المشهد وذلك التهور على الكلدانيين والسريان اللذين ليس لهما فيه أي دور او مصلحة ؟، لذلك نقول لا ليس للكلدانيين والسريان اي شهيد في احداث سميل ، وليس من مصلحة الكلدانيين والسريان معاداة الحكومة العراقية والعشائر العربية والكوردية والايزيديين من خلال اتهامهم زورآ بشأن لا يمت الى الحقيقة بصلة ، فحذاري ثم حذاري من تحميل الكلدان والسريان تبعات سلوكيات طائفة لا تمثل إلا نفسها ، لأن الكلدان والسريان لم يحاربا يومآ أي من المكونات العراقية ، فحذاري من تجار الوحدة المزيفة ومن اصحاب الشعارات الكاذبة الذين يعملون ليل نهار على تحقير واقصاء الثوابت القومية التي للكلدان والسريان ، ثم لنا نحن الكلدان والسريان من المآسي والشهداء في تاريخنا ما لا يعد ولا يحصى وبما يكفي لكي نختار الواقعة التاريخية التي تستدل فعلآ على شهداء نا الأبرار الذين يستحقون منا وقفة وفاء وتعظيم وتبجيل وليس التآمر على ذكراهم او نسيانهم ومحو ذكراهم او تهميشهم الى درجة ادنى كما يحاول المرضى اصحاب نزعة الأنا البغيضة فرضها على الكلدانيين والسريان .
عاشت أمتنا الكلدانية
و
المجد والخلود لشهداء أمتنا الكلدانية

منصور توما ياقو
  8 آب 2010 م   

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *