في بيتنا غرباء ؟!

 

 

احدث الاحصائيات التي قرأتها حول اسعار المنازل في باريس تشير الى ان الغلاء الفاحش بات يقلق الناس كثيرا، والعائلة التي لها دخل محدود ليس بمقدورها ان تشتري منزلا، وتبقى مدى حياتها مستأجرة بمبالغ تؤثر على اوضاعها المعيشية والحياتية، اما العوائل ذات الدخل الجيد فهي الاخرى عندما تزمع شراء منزل عليها ان تهيىء مبلغا كبيرا كمقدم للشراء كي تنال تاليا قرضا من البنك والذي يستمر دفع اقساطه من 20 الى 30 عاما، وفي الوقت نفسه اصبح الحصول على قرض من البنك صعبا جدا هذه الايام بسبب الازمة المالية التي تمر بها الحكومة حيث يتم فيها طرد العاملين من المعامل والشركات وخصوصا في القطاع الخاص.

ولاعطاء فكرة عن اسعار البيوت الباريسية ، يجب علينا ان نعرف أن العاصمة تضم 20 دائرة ادارية، واقتناء منزل فيها يعتمد على الدائرة التي يقع فيها المنزل او الشقة، وأسعارها تترواح ما بين (5307- 12729) يورو للمتر المربع الواحد للشقة، اما بالنسبة لاسعار المنازل فهي تترواح مابين (6245 و 15924) يورو للمتر المربع الواحد، واكثر المنازل غلاء هي في الدوائر الرابعة والخامسة والسادسة، التي تقع في قلب العاصمة الفرنسية حيث تتواجد فيها اغلب المعالم الحضارية والسياحية.

هذه الاسباب كافية للابتعاد عن العاصمة والسكن في ضواحيها البعيدة حيث بدلات الايجار او أسعار الشراء هي اقل بقليل من باريس وبخدمات اقل مقارنة بها، الامر الذي يدعو الاجانب الى العيش فيها مرغمين. وقد حاولت الحكومات المتعاقبة التدخل بهذا الشأن وتخفيض الاسعار واصدار قانون لجعل الايجار مستقرا وعدم السماح لأصحاب المنازل الميسورين بزيادتها كل عام،  ولكن دون جدوى. كما ان هنالك مساكن اجتماعية توزعها الحكومة عند بنائها على اصحاب الدخل المحدود وبسعر زهيد محاولة منها لانقاذ هذه الطبقة من جشع المالكين ومنحها عيشا كريماهذه الشقق يجب التسجيل للحصول عليها لدى عمدة كل بلدية، وهي غالبا ما تكون محدودة العدد ويجب الانتظار طويلا للحصول على احداها قد يدوم لسنوات عديدة….

لذلك قد يلجأ بعض من الشرائح الفقيرة إلى إحتلال منازل الآخرين دون سابق انذار، هؤلاء يسميهم الفرنسيون بالمحتلين، فعلى سبيل المثال هؤلاء يراقبون المنازل التي يسكنها أصحابها في فصل الصيف فقط، فيقومون بكسر الابواب ليعيشوا فيها، أو المنازل الفارغة التي تم عرضها للبيع والتي لاتجد مشتريا لها على المدى القريب، وغيرها من الامثلة..فهنا يبدأ وجع الرأس لمالك المنزل، كونه إن لم يستطع طردهم من داره خلال مدة اقل من 48 ساعة بعد ابلاغ الشرطة، عليه تقديم طلب للقضاء لأن الشرطة لا تستطيع وبموجب القانون التدخل بعد مرور 48 ساعة من احتلالها.

وبما انه غالبا ما يكتشف اصحاب الدور أمر الاحتلال متاخرين، لذا على المالك ان يقوم بتقديم طلب للمحكمة لتعيين حاجب من قبلها، والطريف في هذه القضية ان أي تدخل شخصي من قبل صاحب المنزل يعتبر انتهاكا او اقتحاما للمنزل وخصوصيات المحتل يعاقب عليه القانون. وتأتي مهمة الحاجب، في الذهاب والتحقيق ومعرفة هوية المحتل ومنحه انذارا للمغادرة بعد سلسلة من المفاوضات، وكل ذلك يستغرق شهرين من تاريخ تقديم الطلب للمحكمة، إضافة للمال الذي يدفعه صاحب المنزل للحاجب. فان رفض المحتل الخروج منه، فعلى الحاجب ان يقدم طلبا للقائمقامية لارسال قوة من الشرطة لاخلاء المكان، وان باءت محاولاته بالفشل، يجب عليه ان يطلب من الدولة منح صاحب المنزل مبلغا من المال عن إيجار السكن مدة  الاحتلال.

وغالبا ما تمضي اربعة الى ستة اشهر او اكثر قبل اخلاء المكان، ففي بعض الاحيان ليس لصاحب المنزل الحق ان يطرد المحتل في فصل الشتاء القارس وكذلك هو الحال لدى صاحب المنزل المؤجر الاعتيادي ايضا الذي لا يستطيع طرد مستاجريه في هذا الوقت من السنة، مما يعتبر مجهوده هدرا للوقت والمال.. لذا تنصح الحكومة اصحاب المنازل بعدم تركهم لمنازلهم فارغة لوقت طويل، ووضع اقفال متعددة عليها مع اقامة علاقات ودية ومتواصلة مع الجيران فهم من اوائل الاشخاص الذين يمكن ان يبلغوه باحتلال منزله إذا حدث ذلك

د. تارا إبراهيم – باريس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *