عندما تجتمع المحبة والشجاعة يحقّق الرب المعجزة

في ليلة الخميس – الجمعة 20 – 21/ 10/ 2016، هجمت مجموعة كبيرة من الجماعات الإرهابية (داعش) مستهدفة مبنى المحافظة ومقرات الشرطة والمؤسسات الأمنية في كركوك، وقد حاولت التمركز في الابنية والمنازل القريبة من المحافظة، ونظرا للمقاومة الشديدة والكثافة النارية من لدن القوات الأمنية اندفع الارهابيون إلى المنازل المحيطة بمبنى المحافظة ومنها دير الراهبات الدومنيكيات وأربعة منازل للطالبات، تم استئجارها من قبل مطرانية الكلدان لإسكان الطلاب والطالبات المهجرين من أبناء شعبنا العراقي بكافة أطيافه من مسيحيين (معظمهم ليسوا من الكلدان) وايزيدية ومسلمين وصابئة، وقد بلغ عددهم حتى الآن أكثر من 500 طالب وطالبة.

في بيوت الطالبات الأربعة كان يوجد 71 طالبة، يستعدن لبدء الدوام في الجامعة بمختلف الاختصاصات. تحت إشراف السيد عماد متى (ابو دريد) مسؤول متابعة امور المهجرين في الابرشية.

يقول السيد عماد: في الساعة الثالثة فجر الجمعة 21/10 أحسّت الطالبات بوجود اشخاص يتسلقون المنازل ويتحصنون في حدائق البيوت ويكبّرون، وتم تصويرهم من قبل إحداهن وهم مدجّجين بالأسلحة والاحزمة الناسفة، فأعلمتُ الجهات الامنية بخطورة الحالة، وبقوا يوما كاملا في الخوف، داخل المنازل بلا كهرباء حتى المساء، حيث بدأت عمليات الاقتحام بالرغم من كثافة النيران من كل صوب فلم ينجحوا، فوضعتُ خطة لإنقاذ الوجبة الأولى من البنات وعددهن 14، تم ذلك بالرغم من اطلاق النار علينا من قبل قناصين، ثم عدنا في الثانية صباحا إلى الوجبة الثانية وعددهن سبعة بنات. لكن أخطر ما واجهنا هو أن أربعة إرهابيين كانوا في البيت نفسه حيث السبعة وهم في غرفة مجاورة يأكلون ويشربون والبنات مختفيات تحت الأسرّة، وقد أعمى الرب أبصار الإرهابيين. فجازفت وطلبتُ منهن الخروج بصمت إلى الجدار الخلفي خلال دقيقة واحدة، ساعدتني بذلك قوّة متكونة من تسعة أفراد من قوات الطوارئ، أبدوا شجاعة واستعدادا للتضحية منقطعي النظير. وهكذا في عتمة الليل، وبالرغم من كثافة النيران كالمطر، تمكنا من إنقاذهن جميعا. أما الوجبة الثالثة فكان انقاذها في الخامسة فجرا من صباح السبت مع قوّة من قوات “سوات” ومكافحة الإرهاب القادمة من مدينة السليمانية، بلغ عدد الفتيات الثلاثين.

عليّ أن أقول إني تعجبت من شجاعة الفتيات وانضباطهن والانصياع للتعليمات بدقة كبيرة، وقد لعب الهاتف النقال دورا حاسما في التوجيه والانتقال من مكان إلى آخر وعملية الإنقاذ هذه، ويجب ألا ننسى الدور الذي قامت به القوات الأمنية من كفاءة ومهنية في جعل الإرهابيين يحصرون وبالتالي يفجّرون أنفسهم داخل منزل الطالبات في صباح يوم السبت. إن المدهش هو كون سبع طالبات تحت الأسرّة لمدة 18 ساعة من دون أي حركة جعلت أي من الإرهابيين الأربعة لا يشك بوجودهن.

في صباح السبت تم نقل الطلاب والطالبات الى اربيل وهم بأتم الصحة بلا أي إصابة ولكي يرتاحوا بعض الوقت ولطمأنة ذويهم، وأملنا أن هذه الحادثة ستزيدهم كلهم عزما وإصرارا على تكميل مشوار دراستهم التي عاهدت مطرانية الكلدان في كركوك نفسها أن تقوم به بالرغم من كل المصاعب وهي تشكر الرب على نعمه وأنه حقا يصنع المعجزات لأولاده. ونصلي أيضا من أجل الشهداء ونطلب الشفاء للجرحى وكل من تعرض لأي صدمة أو خسارة.

المطران يوسف توما

رئيس أساقفة كركوك والسليمانية للكلدان

كركوك 23 تشرن الأول 2016

Displaying الأسرة التي اخبأت تحتها الطالبات 18 ساعة.JPG

Displaying الدمار الذي أصاب أبنية شارع الطالبات.JPG

Displaying السايرة المفخخة التي فجرت أمام بيت الطالبات.JPG

Displaying الغرفة التي اختبأت الطالبات تحت أسرتها ويلاحظ دم أحد الارهابيين.JPG

Displaying المكان الذي منه تم اخلاء الطالبات المحاصرات.JPG

Displaying آمر القوة التي أنقذت الطالبات.JPG

Displaying جانب من حجم الدمار في دار الطالبات.JPG

Displaying حجم الدمار الذي خلفه الانتحاريون.JPG

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *