شراكة .. توافق … توازن / بقلم عصمت رجب

منذ 9-4-2003 وانهيار نظام الحكم في العراق بمساعدة القوات الدولية بعد تدمير البنيتين التحتية والفوقية بسبب سنوات من الحصار قبل الضربة العسكرية ، والضربة العسكرية التي لم يشهد مثيلها في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، والتي دمرت فيها الدوائر والمؤسسات والمنشآت والمصانع وانتهت حقبة زمنية كاملة لنظام حكم جمهوري مركزي، لتبدأ بعده الية ونظام حكم جديدة بعملية سياسية وفق منهج جديد لم يعرفه العراقيين سابقا اعتمد على الشراكة والتوافق والتوازن في الحكم باسلوب “الديمقراطية” ، كما جاء في الدستور العراقي الدائم المادة الاولى – اولا “جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ”. وعلى ضوء تحليل هذه المادة من الدستور اعتمدت الشراكة الوطنية في الحكم والتوازن في مؤسسات الدولة من حيث الاشتراك بأدارتها والعمل فيها من جميع المكونات والاطياف العراقية ، اما التوافق الذي يمثل اتخاذ القرارات المصيرية لتسيير الدولة العراقية من خلال التوافق بين هذه المكونات ان كان داخل قبة البرلمان او في المؤسسات التنفيذية، وكون هذه العملية بصورة عامة عملية جديدة على شعب عاش سنوات من الظلم والقهر والحروب حدثت فيها بعض العراقيل والازمات بين المكونات والكتل السياسية بسبب عدم نضوج الفكرة الاساسية للعملية السياسية بصورة واضحة وجلية لدى الكثير مِنْ مَنْ اصبحوا في مركز القرار. لذلك فان حل اشكاليات العراق المصيرية القائمة حاليآ يجب ان تكون بروح ديمقراطية من خلال مبدأ الحوار الاخوي البناء والشفاف والحرص الشديد على حقوق كل مكونات الشعب العراقي والعمل على تعزيز مبدأ المكاشفة والمصارحة من اجل التوصل الى حلول حقيقية وعملية ناجعة ومنصفة تظهر الحق وتعيدهُ الى اصحابه الحقيقين بغض النظر عن انتماءآتهم القومية والدينية والفكرية وحجمهم في محيط العراق الاتحادي ، وعليه جاءت زيارة السيد رئيس وزراء اقليم كوردستان بعد اتفاق القوى الكوردستانية ” الحكومة والمعارضة ” كما الاتفاق مع الكتل السياسية الوطنية العراقية الاخرى ، الى بغداد لوضع حد للازمات ، التي تعترض سير العملية السياسية بتوقيع اتفاقية من سبعة نقاط تضمنت الامور العالقة ، قيد الخلاف بين الكوردستاني والاتحادية ، منذ اتفاقية 2007 ، والتي ربما سوف تجد من خلالها العملية السياسية العراقية بصورة عامة منفذا ومتنفسا نحو بناء عراق ديمقراطي فدرالي يعيش شعبه بامان وسلام ورفاهية .

في الختام الواجب الوطني والضرورة الحضارية تفرض علينا التسلح بالعقلانية التي تقودنا حتما الى انجاح عملية الحوار وتفعيلها على جميع المستويات السياسية والشعبية لبناء الثقة المتبادلة بين جماهير كل المكونات القومية العراقية. وسعيا من الجميع الى تخطي ما يعترض المسيرة الوطنية. في الوقت الذي تجدر الاشارة الى ان الجولات الماضية من الحوار قد حققت الكثير على الصعيد النظري. الا ان الخلل الحقيقي الذي يمكن ان يعترض هذه التجربة الوطنية الفتية، يكمن في غياب البعد التنفيذي والتطبيقي لما يمكن ان تتوصل اليه القوى السياسية العراقية او لما تم الاتفاق عليه سابقا. لان اهمية الحوار تتطلب المباشرة بعملية ترجمة الافكار والتصوارات التي يتمكن المتحاورون من انضاجها وبلورتها والاصرار على تجسيدها على الواقع لتاخذ طريقها الى حيز التنفيذ والممارسة عبر المؤسسات الشرعية ومن خلال المشاريع والبرامج الوطنية التي تسعى الى التطوير الدائم لمسيرة الاصلاح العراقية.

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *