سلام الياسري في حوار صريح

حاوره : الكاتب والفنان قاسم ماضي الساعدي

تعج الساحة العراقية في الداخل والخارج بالكثير من الناشطين الذين تتمظهر أنشطتهم في بشكل فاعل عبر كثير من المناسبات ، ومن خلال العديد من الندوات والمؤتمرات محاولين إيصال رؤيتهم لصانعي القرار في العراق الجديد من جهة ، وإيصال رسالتهم التنويرية التثقيفية لأبناء بلدهم العراق في الداخل والخارج لاسيما أن المشهد العراق لايزال يلفه الكثير من الغموض في ضوء الإشكاليات البنيوية التي تمور تحت السطح بيد أنها تطفو عليه بين الفينة والأخرى تبعا ًلطبيعة تطور الأحداث في العراق ، الناشط الإعلامي والقانوني السيد سلام الياسري أحد الوجوه البارزة التي لطالما شوهدت في منابر عدة وهي تحاول المساهمة في عملية بناء العراق من عين المراقب الحريص على مصالح وطنه وشعبه والتواق لرؤيته بأبهى صوره ، والياسري محامي حاصل على ماجستيرفي القانون من الولايات المتحدة ومتخصص في حل النزاعات بالطرق السلمية / هاجر إلى الولايات المتحدة على 1991 بعد إندلاع الانتفاضة الشعبية العراقية ، عارض النظام العراقي الديكتاتوري السابق ، وعمل في إذاعة العراق الحر المعارضة ، وهو ناشط وله الكثير من المقالات المنشورة حول الوضع العراقي وهو غني عن التعريف فهو حفيد السيد نور الياسري أحد قادة ثورة العشرين المجيدة ، وعلى خلفية ما يدور الأن في العراق من أوضاع كان لنا معه هذا الحوار :
– 1- من المعلوم أنكم تتصدون للمشهد العراقي من خلال رصد الظواهر السلبية التي ترافق بناء الدولة ما هي رؤيتكم فيما يتعلق بملف الإصلاح وهل تعتقد أن ثمة خارطة طريق يمكنها حل مشكلات العراق الجوهرية ؟ التغيير الذي حدث في العراق عام 2003 قادته قوة خارجية من خلال حرب مهما تكن أهداف هذه القوة الخارجية ونواياها وشرعيتها وأقصد الولايات المتحدة ، إلا أن ما يهمني كعراقي من أهداف الإدارة الأمريكية السابقة أو الحالية وهو الهدف العلني القائل ( إقامة نظام ديمقراطي في العراق ) وهنا نطرح السؤال هل فعلا ً نحن أمام نظام ديمقراطي في العراق ؟ وهل الانتخابات وحدها كافية للدلالة على وجود هذه الديمقراطية ؟ لدينا أسئلة كثيرة يمكن طرحها في موضوع الديمقراطية لكن الموجود على أرض الواقع يقول أن التأسيس لنظام ديمقراطي جديد قائم على أسس عرجاء بالتالي النتيجة نحن نسير من سيء إلى أسوأ . البعض لحد الآن لا يفرق بين بناء سلطة وبين بناء دولة وعليه فإن خارطة الطريق لحل مشكلات العراق تكمن في بناء دولة حديثة دولة المواطنة وليس دولة الآيديولوجية والحزبية التي من المؤكد ستنتهي إلى ديكتاتورية بغيضة ، وخارطة الطريق تكمن بمراجعة الدستور ورفع الألغام الموجودة فيه ، ودعم القضاء العراقي المستقل ودعم منظومة حقيقية للنزاهة وليس هيئة تعمل وكأنها جريدة للإعلانات عن الفساد .
2- بعد أن خيضت ثلاث عمليات إنتخابات واحدة للفترة الإنتقالية وإثنتان للفترة الدائمة ، كيف ترى واقع العملية السياسية الجارية في العراق اليوم ؟ العملية السياسية الجارية في العراق الآن عرجاء وسلبية لإنها قائمة على توزيع المغانم / إنها عملية الفرهود المشرعن وليس فيها أي مشروع وطني ديمقراطي يمكن أن ينقل العراق إلى مصاف الأنظمة الديمقراطية المعروفة والناجحة ، لا توجد ديمقراطية في العالم بدون معارضة سياسية داخل البرلمان أو خارجه ، ولكن المؤسف سياسيو العراق وأنا أسميهم سياسي الصدفة ، مازالوا مشبعين بتقليد نمط تفكير الجلاد السابق ، ومازالوا بعقلية المعارضة السابقة التي تعتقد أن المعارضة تعني إسقاط النظام فقط والوصول إلى السلطة ، هؤلاء مشبعين بأفكار سلبية بالتالي هم يعتقدون أن السلطة غنيمة وليست خدمة المجتمع كذلك هم شكلوا ما يسمى ( حكومة الشراكة السياسية ) وتعني( شركة بين مجموعة من الأشخاص ) هؤلاء لم يحددوا حتى الآن معنى الشراكة السياسية ولن يحددوا المعنى لأن المهم عندهم السلطة تقاسم الكعكة العراقية ، العملية السياسية الحالية بحاجة إلى مراجعة من قبل الحريصين على مصلحة الشعب العراقي ومستقبل أجياله ، منذ سنة تقريبا ً ولم تنجح العملية السياسية بتشكيل حكومة تملك مشروعا ً وطنيا ً حتى أعضاء البرلمان المنتخبون من قبل الشعب يتصرفون وكأنهم معيّنون من قبل السيد المالكي أو السيد علاوي أو السيد البرزاني وليس بوصفهم نوابا ً إنتخبوا من قبل الشعب وبالتالي هم غير قادرين على بناء بلد مادام هؤلاء يعتنقون فكرة التبعية لأشخاص وليس لمشروع وطني ديمقراطي حقيقي
.3- عن ماذا تمخضت زيارتكم الأخيرة للعراق ؟ لقد أجرينا لقاءات وإتصالات مع النشطاء العراقيين داخل وخارج أمريكا ودعوناهم مخلصين إلى العمل من أجل العراق والخروج من عنق الزجاجة الطائفية المحاصصية الحزبية البغيضة ، ومازال العمل متواصل لخلق تيار داعم للديمقراطية في العراق وتوصلنا إلى أن الإنطلاقة يجب أن تكون من العراق وليس من الخارج على أن يكون الخارج داعما ً للحركة الوطنية داخل العراق ، لقد زرنا العراق وأجرينا ندوات مصغرة ولقاءات في البصرة حتى الموصل مرورا ً بالعاصمة الحبيبة بغداد والكل مُجمع ٌ على العمل من أجل التغيير من خلال مشروع عراقي وطني محض غير تابع إلى أي جهة أجنبية ويرفض التدخل الأجنبي في العراق سواء التدخل الإقليمي أو الدولي وليس هناك أي مانع طبعا ً من إقامة علاقات صداقة تقوم على الإحترام بين العراق ودول العالم على أساس مصالح الشعب العراقي ، وقد شكلت لجان داخل العراق وهناك منسق في كل محافظة تقريبا ً وهناك منسق عام مؤقت يعملون جميعا ً على الإعداد لمؤتمر تأسيسي في العاصمة بغداد وتحضره وفود المحافظات العراقية ونحن هنا لا نريد أن يكون هذا التيار الداعم للديمقراطية حركة شكلية للدعاية والإعلام ولا نريد أن نُزيد َ عدد الأحزاب والحركات السياسية العراقية الشكلية الغير فعالة على نحو إيجابي في العراق والتي تجاوز عددها 400 حركة وتجمع وحزب لكن نحن نريد أن يكون تيارنا هو تيار الناس والجماهير أي القواعد من القرية إلى الناحية ومن ثم إلى القضاء ثم إلى المدن الكبيرة .
4- من المعلوم أنك رجل قانون كيف يمكن برأيك إيجاد نواظم قانونية من شأنها ردع المفسدين وتحول دون ممارسة الفساد الذي لا يقل خطرا ً اليوم عن خطر الإرهاب ؟ يجب دعم القضاء المستقل دعما ً كاملا ً ورفض تدخل السلطات الأخرى في عمل القضاء المستقل ، ولا يمكن محاربة وردع المفسدين بدون وجود قضاء مستقل وقوي ، أيضا ً لا يمكن الحديث عن النزاهة ومحاربة المفسدين ونحن نخضع إلى المحاصصة الطائفية والحزبية وإبعاد الكفاءات والخبرات وتقديم الولاء الحزبي والطائفي / الإدارة الفاسدة أما أن تكون فاسدة بسبب وجود الرجل غير المناسب الذي لا يملك المؤهلات العلمية والخبرة وبالتالي هذا الشخص حتى لو كان مخلصا ً نزيها ً لا يستطيع وقف الفساد في دائرته لأنه لا يعرف أبجدية الإدارة وبالتالي يترك الأمر للفاسدين والإدارة الفاسدة تكون فاسدة لإنعدام الرادع القانوني والعقوبة والمتابعة سواء الرسمية أو الإعلامية بوصف الإعلام ( سلطة رابعة ) بمعنى من أمن العقاب إستمر بالفساد ، ومن أجل ردع الفاسدين يجب تعديل المادة الرابعة من قانون الإرهاب النافذ وإضافة كلمة الفساد بإعتباره عملا ً إرهابيا ً وتطبيق المادة الرابعة على الفاسدين وأنا أدعو البرلمان العراقي إلأى إضافة الفساد إلأى المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب النافذ .
5- كيف ترى شكل الدولة العراقية التي تتبلور اليوم ؟ إنها دولة معوقة مع الأسف والحقيقة نحن في العراق منذ ثمان سنوات نبني سلطة وليس دولة ، وأنا على يقين هناك سياسيون في العراق داخل السلطة لا يعرفون الفرق بين الدولة والسلطة ، الدولة لا تعني شخصا ً واحدا ً أو فكرة ً سياسية حزبية أو طائفية ، بل الدولة تعني الشعب والحكومة والإقليم وهذه المحاصصة الطائفية والحزبية تعني شيئا ً واحدا ً هو تقسيم البلد وتقسيم الشعب الأمر الذي سينهي شكل الدولة وعناصرها الثلاثة ولا يمكن الحديث عن دولة بدون وجود سيادة كاملة والعراق مازال بدون سيادة كاملة / العراق الآن خاضع إلى الإرادة الأمريكية والإيرانية وهذا ليس خافيا ً على أحد خصوصا ً أن تشكيل الحكومة العراقية مؤخرا ً هو نتاج توافق الإرادتين والإيرانية .
6- بوصفك ناشطا ً هل من جهة أو منظمة تنتمون إليها ؟ أنا أنتمي إلى جهة واحدة هي مصلحة العراق وشعبه ، العراق هو قبلتي وهو ديني وهو طائفتي وهو حزبي لكني أدعم الإتجاه الديمقراطي في العراق وأحرّض على إنشاء تيار وطني عراقي يكوّن القوة الثالثة في العراق ويجمع كل الشخصيات الوطنية العراقية الديمقراطية العلمانية والإسلامية ليعيد إلى الهوية الوطنية العراقية بريقها للحقيقة والتاريخ أقول إن الشعب العراقي العظيم سيفاجئ العالم في سرعة نفض الغبار عن هويته الوطنية وأنه سيلحق الهزيمة المُرة بالطائفيين والعنصريين والإرهابيين هذا الشعب مثل الذهب الخالص وهناك غبار عليه لكنه سيزول وسنرى جميعا ً لمعان الذهب قريبا ً ، سيكون هذا ، وأعتقد خلال المظاهرات القادمة التي عزم الشعب العراقي على تنظيمها وقيادتها ضد الفاسدين وإسقاط الشعارات الطائفية والعنصرية البغيضة أنا متفاءل بأن الشعب الشعب العراقي سيُزيل الغبار عن هويته الوطنية في الأيام القادمة . حاوره قاسم ماضي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *