سكان قرية صوريا.. ضحايا إبادة جماعية ينتظرون إنصافهم

 

السومرية نيوز/ دهوك

يجاهد أليكسينا إلييانا بإمكانياته المتواضعة لدى الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية من أجل رفع الغبن عن قريته صوريا (50 كم غرب دهوك) التي تعرض معظم سكانها لإطلاق نار من قبل مجموعة من الجيش العراقي السابق في ستينيات القرن الماضي.

ويقول أليكسينا إلييانا (58 سنة)، وهو عضو في لجنة قرية صوريا، في حديث لـ “السومرية نيوز”إن “الحياة في قريتنا تتراجع يوماً بعد آخر بسبب قلة الخدمات ومستلزمات العيش والأوضاع الإقتصادية”، مشيراً إلى أن “العديد من سكان القرية إضطروا للنزوح إلى أماكن أخرى بحثاً عن حياة أفضل”.

ويضيف إلييانا،”إننا نشعر بأن هناك غبنا كبيرا على قريتنا من قبل الجهات المعنية من ناحية الخدمات وضمان حقوق ذوي الضحايا وإمتيازاتهم” لافتاً إلى أن “قرية صوريا تعتبر أحد معالم الإبادة الجماعية البارزة في محافظة دهوك”.

وتعود قصة قرية صوريا، التي يعيش فيها خليط من السكان المسيحيين والمسلمين، إلى ستينيات القرن الماضي، عندما فوج للجيش العراقي، في 16 أيلول 1969، بجمع سكان القرية في إحدى حضائر المواشي وأطلاق النار عليهم، ما أدى إلى مقتل 39 مدنيا، وإصابة آخرين بجروح. وكان من بين القتلى نساء وأطفال وأحد رجال الدين المسيحي، فضلا عن حرق القرية بالكامل. وتم دفن جميع الضحايا في مقبرة جماعية.

وجاء هجوم الجيش العراقي عقب إنفجار لغم بسيارة عسكرية قرب القرية.

ويقول إلييانا، وهو أحد الناجيين من الهجوم، إن”الضابط المسؤول عن تنفيذ العملية ضد سكان القرية ما زال حياً، لكنه مجهول الأقامة”، داعياً الجهات المعنية إلى “إنصاف قرية صوريا والدفاع عن حقوق سكانها”

ويضيف أن سكان صوريا قدموا دعوى للمحكمة الجنائية العراقية العليا حول قضيتهم، لكنها لم تبت في الدعوى حتى الآن، مناشدا الحكومة العراقية والمنظمات الدولية وحقوق الإنسان مساندة قضيتهم.

وكانت مديرية الشهداء والمؤنفلين في محافظة دهوك فتحت قبل عامين مقبرة قرية صوريا التي ضمت 39 رفاتا لضحايا مسلمين ومسيحين.

وجاءت هذه العملية في إطار تحقيقات المحكمة الجنائية العليا في بغداد للنظر في ملف هذه القضية.

وتعد مقبرة صوريا الجماعية ثاني أكبر مقبرة لضحايا الجيش العراقي في محافظة دهوك بعد مقبرة كهف دكار الجماعية بقضاء الشيخان شرق دهوك، والتي تضم رفات 75 مدنياً قام الجيش العراقي بحرقهم وهم أحياء في كهف كانوا لجأوا إليه هرباً من القصف والهجمات.

وبدأت حكومة إقليم كردستان مؤخرا بتشييد نصب تذكاري قرب قرية صوريا لعملية الإبادة التي نفذت ضد سكانها، وكانت حكومة إقليم كردستان نفذت خلال الأعوام الماضية بعض المشاريع الخدمية في القرية، منها إنشاء نحو 30 منزلاً وإيصال التيار الكهربائي. ويؤكد سكان القرية حاجتهم إلى خدمات أخرى خصوصا في مجال تحسين الطرق.

ويرى المحامي هفال وهاب رشيد الذي يمسك بملف قضية قرية صوريا، في حديث لـ “السومرية نيوز” إن”هناك الآلاف من المشتكين الكرد من ضحايا الأنفال والإبادة الجماعية التي نفذها النظام السابق محرومون من حقوقهم وينتظرون تحقيق العدالة”، موضحاً أن “هؤلاء لديهم جميع الأدلة القانونية والوثائق الرسمية التي تثبت تورط حزب البعث والنظام السابق في تنفيذ عمليات الأنفال والإبادة الجماعية ضدهم”.

وناشد رشيد، الحكومة العراقية وإقليم كردستان “بالعمل على تفعيل محكمة الجنايات العليا”، مطالباً في الوقت نفسه بـ “توعية المتضررين بتسجيل الشكاوى للحصول على حقوقهم ومعاقبة منفذي الجرائم بحقهم”.

من جهته يقول مدير دائرة الشهداء والمؤنفلين في محافظة دهوك نصرت بادي لـ “السومرية نيوز” إن”حكومة إقليم كردستان تبذل جهوداً كبيرة لتعريف العالم بعمليات الإبادة الجماعية التي تعرضت لها خلال حكم النظام السابق”، مبيناً أن “البرلمان العراقي اعترف رسميا بعمليات الإبادة التي تعرضت لها الكرد، كما أن البرلمان السويدي أقر بأن عمليات الأنفال إبادة جماعية، بينما قررت هولندا إقامة نصب تذكاري تخليدا لضحايا حلبجة”.

ويوضح بادي أن”مجموعة من المحامين والقانونيين يعملون من أجل الدفاع عن حقوق ضحايا عمليات الإبادة الجماعية في محكمة الجنايات العراقية”، مشيراً إلى أن “حكومة إقليم كردستان تبذل جهودا متواصلة من أجل توفير حياة أفضل لضحايا النظام السابق”.

يذكر أن عمليات الأنفال التي قامت بها القوات العسكرية العراقية بين عامي 1987 و1988 عبر ثماني مراحل، راح ضحيتها 182ألف قتيل، (بحسب المصادر الكردية)، وتم استخدام الأسلحة الكيماوية في بعض مراحلها، بحسب شهادات ناجين منها، وخبراء فحصوا أجساد بعض الضحايا، كما تسببت تلك العمليات بتهجير الآلاف من سكان القرى الكردية.

وتؤكد مصادر وزارة حقوق الإنسان العراقية وبعض المنظمات الدولية اكتشاف أكثر من 280 مقبرة جماعية في العراق منذ أيار 2003 وحتى بداية عام 2009 بعضها تعود إلى فترة حكم النظام السابق ولم يتم فتحها حتى الآن لأسباب تتعلق بحماية محتوياتها من عمليات العبث العشوائي بها كالتي حصلت في بعض المقابر بعد أشهر من سقوط النظام في نيسان 2003.

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *