زاد المنتحرون مع غرق اليونان في ديونها

تشللو هاجيماثيو

بي بي سي الخدمة العالمية

احتجاجات اليونان

البطالة والازمة الاقتصادية دفعت بالكثير الى حافة الانتحار

في الصباح الباكر من الاسبوع الماضي جلس جورج باركوريس امام جهاز الكومبيوتر في شقته بأثينا وكتب كلمة “انتحار” في محرك البحث “غوغل”.

جورج في الستين من العمر، وبات واثقا من انه لن يحصل على فرصة عمل في بلده، بعد ان تخطت معدلات البطالة حاجز 17 في المئة من اجمالي القوة العاملة، والنسبة في ارتفاع.

ومع تلاشي المساعدة والمعونة من الاقارب والاصدقاء، لم يعد امام جورج سوى بضعة اسابيع ليصبح عاجزا عن دفع ايجار شقته، وهو يقول ان الليل هو اصعب الفترات في الآونة الاخيرة.

ويضيف: “لقد بدأت في التفكير، واقول لنفسي: ماذا بقي لي في المستقبل.. أليس من الافضل ان اموت في نومي، لكن هذا لن يحدث.. وهكذا بدأت في التفكير في الانتحار”.

في احدى تلك الليالي اليائسة قرر جورج ان يبحث في الانترنت عن اسهل الطرق لانهاء حياته.

لحسن حظ جورج ان اول نتائج البحث عن كلمة انتحار كان مؤسسة خط العون لتجنب الانتحار في اليونان، واسمها كليماكا.

يقول متطوعون من هذه المؤسسة غير الحكومية انهم صاروا يتلقون اربعة اضعاف المكالمات الهاتفية لطلب المساعدة منذ بدأت الازمة المالية الصعبة في اليونان، ومعظم المتصلين يرجعون رغبتهم في الانتحار الى تفاقم الاوضاع المعيشية.

وزير الصحة اليوناني اندرياس لوفردوس قال الشهر الماضي ان حالات الانتحار ارتفعت بنحو 40 في المئة خلال الاشهر الاولى من العام الحالي.

وتقول الدكتورة إيلني بكياري الطبيبة النفسية في كليماكا ان الواقع يشير الى ان الارقام اعلى من هذه النسبة بكثير.

وتشير الى ان الانتحار ظاهرة حولها الكثير من مواقف الالتباس والغموض والسلبية الاجتماعية في اليونان، وما زادها تعقيدا ان الكنيسة الارثوذوكسية اليونانية ترفض قبول دفن المنتحر.

وتقول ان الكثير من الذين يفكرون في الانتحار يقولون لنا انهم سيحاولون الانتحار برمي انفسهم من حافة جبلية مرتفعة بسيارتهم حتى يبدو حادثا مروريا، ولا يظن الاقارب والاصدقاء انه انتحار.

حافة اليأس

بالنسبة لآخرين كان الضغط اكبر من الاحتمال، وهو ما حدث لرجل الاعمال ابوستولوس بوليزونيس الذي انتحر باشعال النار بنفسه امام مقر البنك الذي يتعامل معه.

فقد قرر البنك قبل ذلك استعادة القرض الذي قدمه لهذا الرجل، مما دفع شركته الى الافلاس، وتركه القرار بلا عمل ولا مال.

وجد ابوستولوس نفسه عاجزا عن دفع مصاريف تعليم ابنته، وكان خائفا من خسارته لبيته، فذهب طالبا قرضا مصرفيا، لكن طلبه رفض.

قال ابوستولوس: “عندما رفضوا طلبي وجدت نفسي عند حافة اليأس الاخيرة”، فوقف خارج مقر البنك وسكب على نفسه البنزين واشعل النار.

ونقل ابوستولوس الى المستشفى لعلاجه من الحروق التي اصيب بها، وهو يقول ان الحروق البدنية ليست هي اقوى الحروق، بل الحروق النفسية الداخلية الاكثر ايلاما.

ويضيف: “انهى ابني خدمته العسكرية وهو عاطل عن العمل، وانا وزوجتي لا عمل لدينا، وفي الكثير من الاحيان نضطر الى الاستغناء عن بعض الاساسيات”.

ويقول: “لكنني لست وحيدا، فهناك ملايين اليونانيين يعانون بسبب قلة من اللصوص سلبوا بلدنا ونهبوه وتركوه مفلسا”.

الدكتورة النفسية تقول ان معدلات الانتحار في اليونان كانت الاقل في اوروبا، لكن اعباء الازمة اكبر من ان تحتمل.

وتؤكد ان اليونان تحتاج الى خدمة اكبر من مؤسستنا لتقديم العون لآلاف اليونانيين ممن يفكرون في الانتحار.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *