رائعة كـرازة أبونا ميخائيل بَـزي الموقـر في سان ديـيـﮔـو/ قـداس الـﭘـنـتيـقـوسـطي

بعـد قـراءته الإنجـيل ، بـدأ الأب ميخائيل كـرازته بلغـته الكـلـدانية المحـكـية بسلاسة فائـقة وواضحة النـطـق قائلاً :

الـيوم هـو عـيـد نـزول الروح الـقـدس ، أحـد الأعـياد الكـبـيرة الثلاثة (1- ألله بعـث إبنه مولوداً في الأول ، (2- ومخـلصاً في قـيامته ثانياً ، (3- المصادف اليوم هـو نزول الروح القـدس في اليوم الخـمسين بعـد القـيامة في عـلية صهـيون / أورشليم ويـبقى معـنا إلى الأبـد . إن عـيـد الـﭘـنـتيـقـوسـطي هـو عـيـد ميلاد الكـنيسة ، بـداية الكـنيسة الـتي كان عـدد أعـضائها 120 شخـصاً حـين أوصاهـم الرب أن يـذهـبوا ليتـلمـذوا العالم أجـمع ، واليوم نحـن الكاثـوليك نمثل 17% من سكان العالم بمعـنى 1.32 بـلـيـون . فالتلاميذ إنـتـشـروا ونحـن أيضاً إنـتـشـرنا ، ومار ﭘـولس يقـول : المسيح هـو الرأس ونحـن جـميعـنا أعـضاء ولكل واحـد منا واجـب عـليه أن يكـمله . أريـد أنْ تعـرفـون الـيوم أنـنا كهـنة كـنيسة مار ﭘـطرس إتـفـقـنا أن تـكـون كـرازتـنا واحـدة ، وعـليه فـما أتـكـلمه الآن لكم فإنه يتـكـلمونه في تـرلوك ، لوس أنجـلوس ، أريزونا ، وأينما توجـد كـنيستـنا الكـلـدانية في أبرشيتـنا .

اليوم إقـرأوا في البـيت القـراءة الثانية / أعـمال الرسل / الفـصل الثاني يـذكـر فـيه كـيف إبتـدأتْ الكـنيسة وكـيف مار ﭘـطرس في مثل هـذا اليوم عـمَّـذ 3000 يهـودي قادمين من بلـدان مخـتلفة وحـتى من بلـدنا بـيث نهـرين وأخـذتْ الكـنيسة بالإنـتـشار منـذ ذلك اليوم . إن الروح القـدس جاء إلى أولـئك الـذين كانـوا أمينين لتعـليم يسوع وثبتـوا في محـبته ، وكان مار ﭘـطرس هـو الرئيس والمسؤول عـن جـميعهم إستـناداً إلى كـونه هـو الصخـرة ، وبعـده جاء آخـر ثم آخـر وهـكـذا اليوم صار عـدد الـﭘاﭘـوات 266 عـملهم هـو تـوحـيـد الكـنيسة المقـدسة الكاثوليكـية .

إنها أفـضل فـرصة اليوم لي ولكم أن نـتعـلم ما هي واجـبات المطران ، الـﭘـطريرك ، الـﭘاﭘا حـسب تعاليم قـوانين الكـنائس الشرقـية المتحـدة مع كـرسي روما…. عـنـدنا الآن  5133 مطراناً يـديرون الكـنيسة … الكـنيسة الكاثوليكـية لها إيمان واحـد أما الطخـسا فإنه نموذجـين : (1- روماني  ……… (2- مشـرقي يتـضمن 23 كـنيسة في شرق البحـر الأبـيض المتـوسط والآن إنـتـشر حـتى في العالم الغـربي ، إيمانها واحـد مع الكـنيسة الرومانية إلاّ أنها تخـتـلف في عاداتها وتـقالـيـدها ونحـن فـرحـين بـذلك .

ما هـو دَور المطران ؟

قانـون 178 :

الأسقـف الإيـبارشي هـو مَن يُـعـهـد إليه برعاية الإيـبارشية بإسمه الشهخـصي يحـكـمها كـنائب المسيح ومنـدوبه ، والسلطان الـذي يقـوم به شخـصياً بإسم المسيح ذاتي ومألوف ومباشـر ، مع أن ممارسة هـذا السلطان تحـكـمها في نهاية الأمر سلطة الكـنيسة العـليا ، ويمكـن أن تـوضع لها بعـض الحـدود في سبـيل منـفعة الكـنيسة أو المؤمنين .

وقـد صاغه الأب الفاضل كما يلي :

المطران مكـلف بأنْ يـديـر الأبرشية بنـفـسه وشخـصياً كـنائب للمسيح فـقـط وليس نائباً للـﭘـطريرك ولا للـﭘاﭘا ولا لغـيره ، وسلـطانه هـو بإسم المسيح . إن الرعـية هي شعـب مخـتار من الله يملكـها المسيح فـقـط أوكـلها عـنـد المطران . إن المطران هـو وكـيل المسيح خاصة في شـؤون الطخـسا الـتي توضحها القـوانين المشار إليها فـتـقـول : إنه المسؤول خاصة عـن الطخـسا وعادات كـنائس المشرق .

ما هـو دَور الـﭘـطريرك ؟

هـناك ثلاثة قـوانين بشأن الـﭘـطريرك :

(1- قانـون 55 :

الـﭘـطريرك ــ الـنـظام الـﭘـطريركي قائم وفـقاً للـتـقـلـيـد الكـنسي العـريق في الـقِـدَم الـذي إعـتـرفـتْ به المجامع المسكـونية الأولى ، ولـذلك يجـب أن يحـظى ﭘـطاركة الكـنائس الشرقـية الـذين يرأس كـل منهم كـنيسته الـﭘـطريركـية كأب ورأس بالإكـرام والتبجـيل .

وقـد صاغه الأب الفاضل بالصورة التالية :

جـرت العادات منـذ القـدم والتي أقـرتها المجامع المسكـونية أنـنا نحـن المشرقـيون يكـون لـنا مسؤول واحـد إسمه ﭘـطريرك ــ كأب ورئيس ــ محـتـرم في كـنيسة المشرق حـيث أن الـﭘـطريركـية كانت موجـودة منـذ الأزمنة الـقـديمة فالـﭘـطريرك كان مطراناً وأصبح الأول بـين المطارنة .

(2- القانـون 28 : البنـد 1 ــ

الطخـس هـو التراث الليتورجي والروحي واللاهـوتي والتـنـظيمي بثـقافة الشعـوب وظروفـها التأريخـية ، ويعـبر عـنه بالطريقة الخاصة التي تعـيش بها الإيمان كل كـنيسة متمتعة بحـكم ذاتي .

وقـد صاغه الأب الفاضل كما يلي :

الـﭘـطريرك يضع المحـبة والـوحـدة بـين المطارنة والإكـليروس والمؤمنين  ، إذن هـو أب ورئيس الكـنيسة الكـلـدانية وكـل ذلك حـسب القانـون الـذي يقـول عـن الطخـسا : هـو تراث الليتـورجـيا واللاهـوت والروحانيات وتأريخ الشعـب ويوضح الطريق الخاصة لكـل كـنيسة …وسـيـدنا الـﭘـطريرك هـو مسؤول عـن دائرته الجـغـرافـية في العـراق وحـوله المناطق القـريـبة منه كـسوريا ، ولكـن في الغـرب فإن المطران المشرقي وكـل مطران في الغـرب ! يتبع ويأخـذ الأوامر من الـﭘاﭘا مباشرة لأنه ليس ضمن الحـدود الجـغـرافـية للـﭘـطريركـية ، إلاّ في إجـتماع السنهادس حـيث يكـون الـﭘـطريرك هـو الأول …. وكـل مطران كـلـداني يشتـرك في الواجـبات مع المطارنة في السنهادس برئاسة الـﭘـطريرك .

(3- قانـون 78 :

بوسع الـﭘـطريرك ممارسة سلطانه عـلى وجه صحـيح ضمن حـدود منـطقة الكـنيسة الـﭘـطريركـية فـقـم ، ما لم يثـبت غـير ذلك ، إما من طبـيعة الأمر أو من الشرع العام أو الخاص المعـتـمـد مِن قِـبَل الحـبر الروماني .

وقـد صاغه الأب الفاضل كما يلي :

يمكـن للـﭘـطريرك أن يستخـدم سـلطاته عـنـد الحاجة ولكـن بحـدود منـطقـته الجـغـرافـية إلاّ عـنـد الضرورة في قـوانين معـروفة وخاصة ومثبتة من سـيـدنا الـﭘاﭘا ، وعـليه إذا شاء الـﭘـطريرك أن يغـيـر شيئاً مع مطارنة الغـرب يجـب أن يكـون عـن طريق قـداسة الـﭘاﭘا ويتأكـد منها .

ما هـو دَور سـيـدنا الـﭘاﭘا ؟

قانـون 43 :

إن أسقـف الكـنيسة الرومانية الـذي تستمر في شخـصه المهمة التي منحها الرب عـلى وجه خاص لــطرس أول الرسل ، لتـنـتـقـل لخـلفائه ، هـو رأس هـيئة الأساقـفة ونائب المسيح وراعي الكـنيسة بأسرها في هـذا العالم ، ومن ثم يتمتع بحـكم منـصبه بالسلطان المألوف الأعـلى المطلق المباشر الشامل في الكـنيسة ، وله عـلى الـدوام الحـرية في ممارسته .

وقـد صاغه الأب الفاضل كما يلي :

الـﭘاﭘا هـو مطران كـنيسة روما ! ولكـن أعـطي له وفي شخـصه أنْ تـدوم المهـنة التي أعـطاها المسيح خـصيصاً لمار ﭘـطرس رئيس الرسل ولـتـنـتـقـل إلى أولـئك الـذين يأتـون بعـده وهـو رئيس جـماعة الأساقـفة ــ والأسقـف هـو نـفـسه المطران ــ وممثـل المسيح وراعي الكـنيسة كـلها في هـذا العالم ولهـذا فإن سـلطته تعـلو كـل الكـنيسة وله حـرية إستخـدام سلطته هـذه .

************************

وبالنسبة إلى كـنيسة الكـلـدان في الغـرب فإن المطران في مكانه يشارك جـميع المطارنة في السنهادس الكـلـداني الـذي يرأسه الـﭘـطريرك وفي الإهـتـمام والمسؤولية المـذكـورة في قانـون 78 ، ولكـن إدارة رعـية مار ﭘـطرس هـذه فإن مطرانها هـو راعـيها فـهـو رئيس تحـت سلطان سـيـدنا الـﭘاﭘا والكـرسي الرسـولي .

اليوم قـرأنا في أعـمال الرسل / الفـصل الثاني أولاً : كـيف إجـتمع جـميع الرسل وهـذا يعـني أن الكـنيسة تجـمَع كـل المؤمنين ، ثانياً يقـول أنه فجأة سُـمع صوت ريح قـوية ملأ كـل البـيت حـيث كانـوا جالسين .

الآن نأتي إلى سلطة المطران القـوية المتمثـلة بهـذه الريح لأن هـناك حاجة إلى قـوة حـقـيـقـية لتـكملة عـمل الـبشارة ، وسلطة المطران تعـني أن يـبـسطها إلى كـل الرعـية مثـل الهـواء دون أن يترك مكاناً لوحـده منـفـرداً ، وللمطران سلطة غـير مرئية ولا مُـدركة لـدى البعـض لعـدم إيمانهم ……. أما ثالثاً : أصبحـت ألسنة مرئية بـصورة نار ونـزلـت عـليهم ــ الرسل ــ  وفـسرناها كما يلي :

عـمل الكـهـنة في الكـنيسة هـو مثل : (1- النار لأنها تأتي بالحـرارة ليسخـن النـفـوس الباردة ، (2- تعـطي الضياء لـينير النـفـوس السالكة في الظلام ، (3- تـصفي عـلى غـرار الـذهـب الـذي يصفى بالنار .

نحـن جـميعـنا في العـماذ أخـذنا الروح الـقـدس وأصبحـنا هـياكلاً له … نـصلي كي نـثـبت إيمانـنا بإتحاد جـميعـنا في الكـنيسة ونـلتـف حـول راعي كـنيستـنا مطرانـنا الكـلي الوقار مار سـرهـد جـمو ــ تـصفـيق ــ وكـهـنـتـنا وكل شعـبنا أعـضاء كـنيستـنا لنـكـون كـنيسة كـلـدانية صافـية ، كـنيسة الروح الـقـدس ونحـن متحـدون كاملاً مع الكـنيسة الكاثـوليكـية .

إن فـخـرنا هـو أنـنا لسنا وحـدنا بل نحـن كاثوليك في هـذه الكـنيسة التي تمثل 17% من سكان العالم …. أحـياناً أقـول لصغار المدرسة أعـزائي إذا سألوكم مَن أنـتـم ؟ قـولـوا : أنا مسيحي ، مسيحي كاثـوليكي ، والأهم كـلـداني كي يعـرفـون …. إن هـذا ليس تعـصباً لأنـنا كـلـدان وكـنيستـنا كـلـدانية وﭘـطريركـنا هـو ﭘـطريرك الكـلـدان ومطرانـنا هـو للأبرشية الكـلـدانية ولسنا خجلانين منها وليس فـيها تعـصب أبـداً … بل أن يسوع يريـدنا جـميعـنا الـ 23 كـنيسة أن نكـون واحـداً ، ولا واحـدة منها تخـجـل حـين نـسميها مارونية أو غـيرها والكـنيسة تـفـتخـر بنا ، خاصة سـيـدنا الـﭘاﭘا حـين عـقـدوا المجامع المسكـونية منـذ مجـمع نيقـية الأول سنة 325 م وإلى ما بعـد سنة 700 م كان يحـضرها أربعة أشخاص فـقـط مُرسَـلين من روما كي يرَون ما الـذي يعـمله آباؤنا المشرقـيّـون .

إنها كانت كـنيستـنا قـبل أن يـدخـل إلينا الـبـدو ، والآن يكـتـشـفـون آلاف الكـنائس والأديرة من جـنوب العـراق وصعـوداً نحـو الشمال في عـراقـنا الحـبيب ، والمسألة ليست خـطأ ولا أريـد أحـداً أن يضعها في قـوالب سياسية ، فإن أبونا إبراهـيم جاء من أور الكـلـدانيّـين فـهـل هـناك من يستـطيع أن ينـكـرها ، وإنَّ آخـر مَن حـكـم العـراق كانـوا أهـل الـبلـد نحـن الكـلـدانيّـين …. ثم جاء الغـرباء الإيرانيون والـبدو والمغـول والإغـريق ……. فـلنا الفـخـر بكـلـدانيتـنا ولا نخـجـل منها .

الكـرازة التأريخـية لأبونا نوئيل ﮔـورﮔـيس الراهـب الموقـر في سان ديـيـﮔـو

الأحـد الأول من سابوع الرسل

تعـريـب : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

بـدأ الأب نوئيل كـرازته في تهـنـئة للآباء بعـيـدهم المبارك قائلاً : نحـن في أميركا يجـب أن نـفـرح مع بقـية الشعـب في أميركا لأنـنا نعـتـبر أنـفـسنا مواطنين أميركـيّـين ولهـذا فـفي كـل عـيـد وطني ومناسبة مدنية نحـتـفـل ونـفـرح بكـل طاقـتـنا خاصة حـين تكـون للأب ، وطبعاً يُحـتـفـل للأمهات بصوت أعـلى ونـقـبلها منهـن أن نسمع تهـنـئـتهـن حـين يقـلـنَّ كلاماً جـميلاً ــ مبارك عـيـد الأب ــ مثـلما يقـولونها للكهـنة ، ولهـذا نهنىء قـبل كـل شيء أبونا الروحي راعي الرعـية مار سـرهـد يوسب جـمّو ، وشكـراً لكم فأنـتم تـقـولون ــ أبونا ــ لـنا الكهـنة نحـسب أنـفـسنا بحـق آباءاً روحـيّـين لكـل واحـد منكم ، فـنحـن جـميعـنا عائلة طيـبة نجـتمع في هـذا المكان الـذي نعـيش فـيه ، ونـصلي أيضاً للآباء المنـتـقـلين إلى الحـياة الأبـدية كي يرثـوا ملكـوت السماوات .

في هـذا الأحـد نحـن نـبـدأ بسابوع جـديـد بموجـب تـقـويم طخـسنا الكـلـداني نسمية ــ سابوع الرسُـل ــ لأنه بعـد أن حـل الروح القـدس عـلى الرسل في عـلية صهيون كما سمعـنا في إنجـيل عـيـد الـﭘـنـتيقـوسطي الفائت ، كان قـد وعـد يسوع تلاميـذه لكي يـبـقـوا في أورشـليم  حـتى يرسل لهم روح الـقـدس  ــ ﭘارقـليطا ــ ليكـون معـهم ويـذكــِّـرهم بكـل ما قاله معـلمهم ولـيـبـشـروا به شعـوب العالم قاطبة وكانت الـبـداية من أورشليم كـنـقـطة إنـطلاق ، ومن هـناك إنـتـشر الرسل إلى الـبلـدان ، وكانت حـصة منـطقـتـنا بـيث نهـرين شرق الفـرات إثـنين من الرسل : مار تـوما الرسول ومار أدّاي ـ تـدّاوس ـ واليوم هـو ذكـراه الـذي أتي وبشـرنا بـيسوع المسيح …. ولا نـنـسى أن الأوائل الـذين جاؤوا وسجـدوا للرب يسوع في مغارة بـيث لحـيم ــ  بـيت لحـم ــ كانـوا مجـوساً أتـوا من مشرق أورشليم الملقـبة بـ ــ بابل المقـدسة ــ  ولكـن كـنيسة المسيح التي يريـد أن يـبنيها وبناها عـلى الأرض تكـون عـن طريق رسله الإثـني عـشر ، أحـدهم قـتل نـفـسه فـعـين آخـراً بـدلاً عـنه وكان لهم سلطان لرعاية المؤمنين ، لأن لهم فـقـط أعـطى سلطان للحل والربط في السماء والأرض، وكل الرسل متحـدين برئاسة (شمعـون كـيـﭘا- الصخرة) وكل أسقـف هـو خليفة لرسول ، كل واحـد في رعـيته التي هي مخـصصة له وبإسمه ، ولا يمكن في الكنيسة الكاثوليكـية أن يكـون الأسقـف بدون رعـية ! ويمكـن أن تـكـون شرفا أبرشية تأريخـية خالية اليوم من المؤمنين فـكـنيستـنا هي رسولية . وهـكـذا فإن كنيسة بابل الكلدانية شفيعها هـو مار توما الرسول الـذي إنـتـقـل من منـطقـتـنا ووصل إلى الهند ، ومار أديّ كان في شمال العراق وكان تـلميذه مار ماري قـد نـزل إلى الجـنوب ووصل الى العاصمة (أرشخيتا) التي كانت في ذلك الزمان ساليق وقـطيسفون ــ المدائن ــ حـول بغـداد الـيوم . وهـذا (القـداس الإلهي) الذي يقام في كل الكـنائس الكلدانية في العالم هـو تحـت إسمَي مار أديّ ومار ماري الطوباويـين مبشري المشرق ، الذي هو أقـدم من القداديس الباقـية المقامة في الكـنائس الحـية الأخرى . لهـذا فإيمانـنا المسيحي هـو منـذ القرن الأول ولكـن زمناً قاسياً مر عـلينا من القـتل والتهجـير والهـروب والظلم والضعـف إلى هـذه اللحـظة في وطنـنا الأصيل (بـيث نهـرين) ، والذي يحـدث اليوم كان مشهوداً منذ أزمنة بعـيدة ، ولـدينا خـبرة به . ونـشـكـر الله نحـن هـنا في هـذا البلد المبارك (أميركا) وفي هـذه المدينة الجميلة (سان ديـيـﮔـو) وهي نعـمة لـنا ، وأنا شخـصياً مسرور في هـذه الحياة التي أعـيشها لأنـني حـر ومحـترم ، لأن هـذا البلد يحمي الحـقـوق لكل المواطنين تحـت القانون وشريعة الوطـن ، ولهـذا نـشكـر الرب لأن المسيح قال لنا (إذا اضطهدوكم في هـذه المدينة إهـربـوا إلى أخـرى) ونحـن مسيحـيون إضطهـدونا في وطنـنا والحـمد لله وجـدنا وطناً آخـر أفـضل ، ولم يقل لنا (إذا تركـتم بلـدكم تكـونون مذنبون) ، وإنَّ تـركَ الـوطـن ليست جـنحة ، وخاصة الوطن الـذي يحـسبنا فـيه أهل الـذمة ومن الـدرجة الثانية ، بل ووصلت الحالة إلى أن نـقـرأ سورة الفاتحة في الكنيسة !. إن أخـونا إبرام (إبراهـيم) ترك أور الكـلدانية ، ويسوع ومريم ومار يوسف هـربوا إلى مصر فالهجـرة موجـودة…. إذن أين الخـيانة في وجـودنا في بلاد المهجـر؟ وأولادكم وأحـفادكم المولودون هـنا في أميركا يَعـتـبرون أنِّ هـذا هـو الوطـن وكـلـنا نعـتـبر هـذا وطـنـنا ونكـون مواطـنين صالحـين فـيه . ولكـن لنستمع إلى ما تـقـوله صلاة الصبح (سهـذيه) للشهداء ليوم الثلاثاء (من بلاد إلى بلاد تحـولتم ، ولكن من إلهكم لا تـتحـولوا، وكل بلد تـدخـلوه ، تحـل فـيه سِـمة الحـياة .

نشكر الرب لوجـودنا هنا ، نحـرس إيمانـنا المسيحي الكاثوليكي متمسكين بكـنيستـنا (كـنيسة بابل الكـلدانية) وهـذا أعـظم فـخـر ، ونطلب لكل الناس المضطهدين فـك أسرهم وتحـريرهم .

أخواني وأخواتي : توجـد كـنيسة لاتينية كاثوليكـية كـبـيرة ، فـماذا كانت حاجـتـنا إلى كـنيسة كـلدانية في أميركا ؟ ولو كانت المسألة تـتعـلق بالإيمان فـقـط كان بإمكانـنا أن نـذهـب إلى الكـنيسة التي نرغـبها والكاهـن الـذي نـريـده ، أليس الكـثيرون منا يقـولـون : ما الفـرق !! كـلنا سورايي بمعـنى مسيحـيون (وليس شيئاً آخـراً) وكـثيرون يذهـبون الكـنائس الأخـرى . ألسنا نـقـول أن الشعـب الأميركي والأورﭘـي كـلهم سـورايي = مسيحـيون ! .

فـلماذا نـريـد كـنيسة كـلـدانية ؟ هـل بسبب اللغة الكـلـدانية ؟ نستطيع أن نـترجم الطخس اللاتيني إلى اللغة الكـلدانية ؟ أليس قسم منا يرغـب اللغات الغـريـبة ؟ وأنـتم الناس الأوائل الذين قـدمتم إلى هـنا ، لماذا أردتم أن تكـون لكم كـنيسة ؟ أكـيد كـنـتم تـذهـبون إلى الكـنائس الأخـرى القريـبة لكم قـبل أن يقـوم القس (ﭘـطرس كـتولا رحـمه الرب) بـبناء هـذه الكـنيسة بإسم مار ﭘـطرس التي هي اليوم كاتـدرائية كـبـيرة .

مرة أخـرى نـسأل لماذا لدينا كـنيسة كـلدانية هـنا في أميركا وخاصةً في سان ديـيـﮔـو؟ .

والجـواب هو في مجموعة القـوانين للكـنائس الشرقـية المتمتعة بحـكم ذاتي في الطـقـوس ــ قانون 28 البنـد 1: الطخـس هـو التراث الليتروجي واللاهـوتي والروحي والتـنظيمي المتسم بثـقافة الشعـوب وظروفها التأريخـية ويعـبر عـنه بالطريقة الخاصة التي تعـيش بها بالإيمان كل كـنيسة متمتـعة بالحكم الـذاتي . البند 2 : الطخـوس في هـذه المجـموعة هي المنحـدرة من التقـليد الأرمني والإسكـندراني والأنطاكي والقسطـنطيني والكـلداني ، ما لم يتـضح غـير ذلك .

فـلو كانت المسألة ــ إيمان ــ فـقـط ونسينا أنـنا شعـب تأريخي ، كـنا الآن قـد إنـصهـرنا في أميركا … وحـين أقـرأ هـذا قانـون كـنائـسـنا الشرقـية ، كم يعـطي لي الفـخـر لأكـون ما أنا عـليه ؟ وكم يعـطي لي القـوة والـزخـم لأكـون كاثـوليكـيا وكـلـدانياً هـنا في أميركا ؟ ويعـطي لي الـقـوة كي أرفـض مقـولة : نحـن كـلـنا واحـد !! ….. وما الـذي يُـخـيفـنا لـنـقـول أنـنا لسنا واحـد ؟ ليس بحـقـد ولا بكـراهـية ولكـن بإحـتـرام كـل إنـسان وإحـتـرام كـل قـومية كـل شعـب كـل ثـقافة … إنّ أخـوَين إثـنين ليسا واحـداً … نحـن نـريـد أن نحافـظ عـلى هـويتـنا ووجـودنا ، وكـنيستي الكـلـدانية قالت لي أن أحـفـظ هـويتي ولا أنـصهـر .

وفي الخـتام ، لنكن نحن أيضاً رسلاً في هـذه البلاد المباركة مثـلما جاء في صلاة الشهداء لتـكـون لنا “سِـمة الحـياة” لبناء مدينـتـنا المقـدسة بابل الروحانية الجـديدة والتي هي كـنيسة بابل الكلدانية الكاثوليكـية وكـل الشعـب الذي بها وكل الميراث الذي فـيها . وهـذا هـو واجـبنا أن نـوصِـل صوتـنا كالرسل الـذين أعـطوا لـنا هـذاالتراث ومثـلما قال الرسول ﭘـولس لتـلمـيـذه طيموثاوس : سـلمـتـك هـذه الوديعة الإيمانية .

تعـريـب : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *