داعش.. إلى الوراء در/ بقلم محمد مندلاوي

بعد تلقي داعش الضربات المهلكة على أيدي بيشمَركة كوردستان في القرى والمدن الكوردستانية التي احتلتها في غفلة من أعين ومراقبة قوات حرس الإقليم، عادت مدحوراً إلى حواضنه اليعربية في أزقة مدينة الموصل الكوردستانية السليبة. وإذا لن يتوقف زحف القوات الكوردستانية عليها بقرار سياسي صادر من (صلاح الدين)، لاشك فيه أن قوات البيشمَركة ستلاحقها إلى أوكارها المظلمة، وترغمها على الهروب والعودة إلى مضارب الأعراب المستوطنين التي أتت منها في الجانب (السوري)، ولا ننسى، أن أخواتنا و إخواننا في غربي كوردستان (سوريا)، منذ أشهر عديدة يواجهون آلة داعش العسكرية والمتطورة التي تتوالى عليهم  من بعض دول الإقليم التي استثنتها داعش من تسمية دولتها “الخلافة الإسلامية في العراق والشام”، بقدراتهم الذاتية، ويسطرون الملاحم تلو الأخرى في التصدي لهجمات هؤلاء القادمون من ظلمات التاريخ، قتلة الأطفال والنساء والشيوخ.

رُب ضارة نافعة. الشيء النافع في هذه الضارة السوداء لنا نحن الكورد الذين مزق وطننا إلى أشلاء من قبل دول الغرب الاستعمارية. لقد عودتنا التجارب المريرة، أن كل مصيبة و كارثة تحل بنا على أيدي أعداء البشرية، لا شك إنها تقربنا من بعضنا، وتهدم الحدود المصطنعة اللعينة التي وضعتها الدول الكبرى خدمة لمصالحها النفطية وغيرها. وهذه المرة، خطر داعش قربتنا من الدولة الكوردية المنشودة، وإن لم تتحقق في المدى المنظور، على أقل تقدير، تكون قد كسرت لنا حلقة من حلقات السلسلة التي تكبل إعلان الدولة الكوردية، خاصة وإن رئيس الإقليم (مسعود البارزاني) بعد جملة من المتغيرات التي حدثت في المنطقة والعالم، انتقل بها من مرحلة التلميح إلى مرحلة التصريح. وعلى الساحة الكوردستانية بلا أدنى شك، إن الهجمة الشرسة التي قامت بها داعش ضد إقليم كوردستان الذي هو مركز الديمقراطية والتسامح في المنطقة بصورة عامة والعراق على وجه الخصوص، قد وحدت الأمة الكوردية وقواتها المسلحة في عموم كوردستان الكبرى على أرض مدينة (مخموور)، حيث شوهدت قوات الكريلا التابعة لحزب العمال الكوردستاني وهي تقاتل جنباً إلى جنب مع أشقائه لتحرير الأرض الكوردية المقدسة. وكذلك شوهدت قوات الكريلا التي قدمت من غربي كوردستان لنصرة إخوانه في جنوب كوردستان، دون أن تستأذن أحداً، ولم تعر أي اعتبار، لواضعي الحدود السياسية التي جزئت جسد الشعب الكوردي إلى أشلاء. إن تنفيذ هذه المهام الوطنية، هدمت عملياً ما أقاموا من حدود جائرة بين الشعب الواحد. ولا ننسى هنا الصمود البطولي لأشقائنا من شرقي كوردستان في جبهة (مخموور) وذودهم عن حياض الوطن الواحد الموحد، أرضاً وشعباً وسماءاً. وعلى مستوى الإقليم، رغم أن قوات الاتحاد الوطني الكوردستاني منشغلة في جنوب منطقة كرميان بصد هجمات قوات داعش الإرهابية، إلا أن الحزب لم يستطع أن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى أن أرض كوردستان قد دنست من قبل الأغراب، وهتكت الحرمات، فلذا بعث الحزب ببطل كوردستان (ملا بختيار) مع قوة من البيشمَركة الغيارى للمشاركة جنباً إلى جنب مع أشقائه الكوردستانيين لتحرير مخموور الباسلة، وكانت قواته من الأوائل الذين دخلت (مخموور) محررين، وهم ينشدون النشيد القومي الكوردي (ئه يره قيب): “بأن الشعب الكوردي ما زال حياً … ولن تستطيع مدافع الزمن من تحطيم كيانه … ولن يموت شعبنا الكوردي … إنه حي.. ولن تنتكس راياتنا … نحن أحفاد ميديا وكيخسرو .. وكوردستان ديننا وإيماننا.. نحن أبناء الثورية واللون الأحمر .. انظروا إلى ماضينا الدامي .. وها أن الشعب الكوردي ينهض … ليقف على قدميه شجاعاً .. وشباب شعبنا الكوردي يقض ومستعد … ولن يبخل بالتضحية .. ويضحي دائماً بحياته..”.

يا أحفاد صلاح الدين، وسمكو، وشيخ رضا، وجكرخوين، قلوبنا باتت تهفوا إلى مدينة النور والنار، إلى (شنكال) الواثبة، لا تنتظروا كثيراً، ازحفوا عليها  واجعلوا إرهابيي داعش يطلقوا سيقانهم للريح، كما فعلوا في مخموور، وحرروها وطهروها من براثن احتلالهم البغيض، لتعود كما كانت مدينة العشق الكوردي التي تنثر الكلمات بجلالة اللغة الكوردية في حب الخالق والخلق. أيها الأشاوس، إنها تناشدكم وتناديكم بلغتها الكوردية التي هي سبب استمرارية وجودنا في الحياة كشعب أصيل له هويته القومية المتميزة، أسرعوا لخلاصها من الأسر، كلما تمهلتم عنها تكلفنا دماءاً طاهرة، تهدرها تلك الأيادي الآثمة التي لا تعرف غير القتل والتخريب، ولا تفهم سوى لغة القوة.

نداء إلى قوى الأمن الداخلي في إقليم كوردستان. بعد الهزيمة التي ألحقت بالإرهابيين الدواعش على أيدي بيشمَركة كوردستان، يجب على قوات الأمن في الإقليم، أن تكون يقظة وحذرة جداً، لأن هؤلاء الإرهابيين، كما كان صدام حسين ونظامه العفن، كلما تلقوا ضربات موجعة على أيدي قوى الحق المنتصرة، سوف يتوجهوا إلى أساليب إرهابية دنيئة ترفضها كل القيم الإنسانية، كتفخيخ السيارات وإرسالها إلى المدن الكوردية، لتفجيرها بين الأبرياء في الأسواق والمناطق الشعبية المزدحمة. أو خطف المواطنين الآمنين والتنكيل بهم بطريقة وحشية، ومن ثم تصفيتهم جسدياً كانتقام من هؤلاء العزل، للتغطية على هزيمتها الشنعاء على أيدي أبناء الكورد في ساحات الوغى.

ملكنا فكان العفو منا سجية … فلما ملكتم سال بالدم أبطح … وحللتم قتل الأسارى وطالما … غدونا عن الأسرى نعف ونصفح … فحسبكم هذا التفاوت بيننا … وكل إناء بالذي فيه ينضح.


محمد مندلاوي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *