ثورة كولان حلقة وصل .. بين الماضي المأساوي والحاضر الجميل

نعيش هذه الايام الذكرى 37 لثورة كولان التقدمية ، والتي جاءت بعد اعلان اتفاقية الجزائر “سيئة الصيت” في 6- اذار 1975 بين نظام الحكم في العراق وشاه ايران، والتي كان عرابها وزير الخارجية الامريكية هنري كيسنجر الذي عمل على انضاج تلك اللعبة السياسية القذرة مع الرئيس الجزائري هواري بومدين وعلى اثرها اشتعلت شرارة ثورة كولان التقدمية في 26-5-1976 والتي كان هدفها الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان وبعد ذلك الفيدرالية لكوردستان في اطار العراق الديمقراطي..

لاشك بأننا لا نستطيع ان نذكر جميع التفاصيل التي رافقت الثورة خلال خمسة عشر عاما من عمرها من 1976 الى 1991 ، في هذا المقال القصير، لكني سوف اوجز بقدر الامكان لأذكر بعض الاحداث المؤثرة والتي اعتبرت نقاط مهمة سوف يذكرها التاريخ الكوردستاني خصوصا والعراقي عموما على مر الزمان. ثورة كولان اشعل شرارتها الحزب الديمقراطي الكوردستاني سنة 1976 بعد الحصار المرير الذي مورس ضد الشعب الكوردستاني بالاتفاق مع ايران حسب ما اوردنا في المقدمة باتفاقية الجزائر والتي جرت فيها مساومة غير عادلة والتي نستطيع ترجمتها اليوم على انها كانت خسارة للعراق “بالمال والبنون” حيث منح النظام العراقي الحاكم انذاك مساحات واسعة من اراضيه ومياهه في الجنوب للجارة ايران مقابل القضاء على الثوار واخماد نار الثورة من خلال الحصار الاقتصادي والعسكري ومجابهة الثورة عسكريا على الحدود بين العراق وايران، بذلك خسر العراق اراضيه وعمد على قتل شعبه الكوردي المناضل.

في حديث مع السيد صديق زاويتي احد المشاركين في ثورة كولان، والذي عايش مفردات الثورة بأغلب مفاصلها الحساسة يقول: بالرغم من ان ثورة كولان كانت امتداد لثورة ايلول لكنها اختلفت اختلافا جذريا باسلوب العمل والتكتيك العسكري والسياسي لكون اولا : النظام العراقي الحاكم من خلال اتفاقية الجزائر المشؤومة استطاع ان يغلق اغلب المنافذ التي كان البيشمركة الابطال يتزودون منها بالسلاح والمال .

ثانيا: القوات العراقية حينها جهزت بأحدث الاسلحة الروسية والتدريب على القتال من خلال خبراء من الاتحاد السوفيتي بأتفاقية صداقة موقعة بين الطرفين.

وبالرغم من هذه الظروف والقوة الكبيرة للنظام ، ضرب ابطال ثورة كولان ضربات قوية وموجعة حققت انتصارات عديدة في عدة مواقع وشلت حركة النظام الحاكم في العراق بالتقدم نحو تحقيق مأربه بتعريب كوردستان ، وكانت جميع التوجيهات التي تصدر عن الخالد ملا مصطفى البارزاني تنفذ بشكل مباشر من لدن السيد مسعود بارزاني الذي كان يشرف على الثورة جنبا الى جنب مع شقيقه الشهيد ادريس بارزاني بأسلوب تواصل ذكي مع القاعدة من خلال الارقام والرموز عبر اذاعة صوت كوردستان ( “ايزكى” دنكي كوردستان) وعبر التواصل الفردي بين اعضاء الحزب والقيادة .

ان رحيل الخالد مصطفى بارزاني عام 1979 ترك فراغا كبيرا للشعب الكوردستاني، الا ان الشهيد ادريس البارزاني والسيد مسعود البارزاني رئيس الحزب قد تمكنا بحكمتهما وجدارتهما وحب الشعب لهما في سد ذلك الفراغ وتوحيد صفوف المقاومة الوطنية بالتضامن مع قوى التحررية الكوردستانية الاخرى، وان نضوج الوعي القومي لدى الشعب الكوردي ، واحساسهم بالظلم الذي كان يمارس ضدهم ، وسعيهم بجدية الى توحيد الصفوف الداخلية ومساندة الثورة بأيمان حقيقي بأنها المنفذ الوحيد لتحقيق الاهداف السامية المنشودة كان احدى النقاط الاساسية للانتصارات التي حققتها الثورة ، تلك الانتصارات التي اوقعت النظام الحاكم حينها “بأخطاء لا تغفر” بأستعمال اسلحة محرمة دوليا ويمارس ابادات جماعية ضد الشعب الكوردستاني .

في الختام ننحني اجلالاُ وإكباراً أمام شجاعة وبسالة شهدائنا الابرار الذين نقتطف ثمرة نضالهم اليوم ، ولتبقى راية كوردستان عالية الى الابد.

واليوم نحن مطالبون اكثر بالاسهام لرفع المستوى العلمي والثقافي والاجتماعي والاهم من ذلك رفع مستوى الوعي والشعور بالمسؤولية تجاه شعبنا وارضنا في كوردستان الحبيبة .

 

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *