ثقافة مجتمع أتأسف عليها تعقيب على مقال للزميلة سهى بطرس هرمز


اتابع بإهتمام كبير ما تسطره من أفكار الزميلة الكاتبة سهى بطرس هرمز لما تطرحه من قضايا إنسانية وأجتماعية مهمة، وكان آخرها مقال لها والذي نشر في العدد 278 من جريدة أكد ” وكم من طيبات قبعنْ مثلها!” والتي تطرقت فيها إلى فتاة كل ذنبها طيبتها في مجتمع فيه الذكر مخادعاً في الغالب!.

http://www.ahewar.org/news/s.news.asp?nid=978358

ما أثارني في ما كتبته وحفّزني للتعقيب عليه هو تلك الحالة المرضية التي عانين بسببها الكثير من الفتيات البريئات بسبب ثقافة سلبية سائدة في دولنا، وما أثارني أكثر هو إنتعاش الذاكرة بما تحمله من تاريخ مليء من السلبيات، وأتذكر بأنني واحداً من هؤلاء الشباب في عمر ما وضمن عقلية ما، كنت أقوم بنفس الدور وأمارس نفس اللعبة الوضيعة، وهي الكذب على الفتيات إسوة بشلة الأصدقاء، ونغدقهن بكلمات حب أحياناً ننتقيها من الروايات العاطفية ونقوم بتمثيلها لنجعل الفريسة تصدّق من أنها الحب الأول أو الثاني أو الثالث … لكنه الأخير، ومن ثم نعود أدراجنا وتلتقي الشلّة مع نفسها ونبدأ بالتفاخر بعدد المخدوعات بكلامنا المعسول، وإلى أين تطوّرت العلاقة، والحقيقة بأننا كنا نتغزّل بليلى ونقول لها ما نقوله لسمية (أسماء وهمية) ونأكد حبنا لنسرين وسامية في نفس اليوم.

كنّا نتصور أنفسنا حينها (دونجوانات) وما نكذب به على ضحايانا نعتبره شطارة ومدعاة فخر، لأن مقياس الرجولة هو بعدد صداقاتنا للفتيات!. والأسوأ من هذا وذاك بأننا نشهّر بمن أحبتنا ووثقت بنا أو إستلطفتنا ونفضح أمرها وإن كانت العلاقة لا تتعدى الإتصالات الهاتفية!!.

وياليت الكذب ينحصر بكلمات الحب والغزل للبنات، بل في حديثنا بيننا (أي الشلة) كنّا نتكلّم عن تفاصيل العلاقة بمبالغة تصل أحياناً لتفاصيل الجسد في الوقت الذي لم يلامس به المتحدّث يد رفيقته!.

ومن ثم تصبح المعادلة في الحكم عبارة عن شقيّن، فتاة ساقطة لأنها أحبت شاب لعب فيها وبعواطفها وقد يكون لعب بجسدها أيضاً، وشاب ذكي وبطل ومحترم لأنه على علاقة بكثير من الفتيات!!.

ولا يقتصر ذلك على شلتي من الأصحاب فقد كان لي بدّل الشلة عشرات لا تختلف عن بعضها البعض إلا في ما جمعنا إن كان في المدارس المختلفة أم النوادي الإجتماعية أو المناطق التي نعيش بها.

وجيلي لم يخترع شيئاً بل ما فعلناه هو إمتداد للأجيال السابقة وسلمنا الراية للأجيال اللاحقة وأسوأها لغاية الآن هو الجيل الحالي حسب ما فهمت من الشباب الصاعد لا الواعد وليس الواعي.

مشكلة الفتاة في الشرق وما زالت والمستقبل ينذر بأكثر حسب المعطيات الراهنة، بأنها وكما يقول المثل (غريق ويتعلّق بقشة)، فهي تبحث عن أنوثتها وكيانها، تحتاج لمن يشعرها بأنها جميلة ومرغوبة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي تنتظر فارس الأحلام الذي يعيد لها كيانها المسلوب من عائلتها الذين يعتبرونها عورة وبيدها شرف العائلة وكرامتها! وفي نفس الوقت خادمة عليها أن تؤدي واجبها المنزلي راضخة، وأنكاهم حظاً من لها (جوكة) من الأخوة، فهؤلاء المسكينات ينخدعن بسهولة ليس لأنهن ساذجات، بل ساعيات إلى الهرب من جحيم عوائلهن، ليخرجن من حفرة ويسقطن في بئر، فإن سلّمت أمرها لمن أحبته إحتقرها، وإن إقترنت بعريس الغفلة فستعيد تاريخ والدتها ضمن محيط آخر، وهذا هو واقع الحال مع إستثناءات بسيطة!.

لذا ففي الغالب لا نرى علاقات ناضجة وبريئة بين شابة وشاب أو مراهقة ومراهق، لأن النظرة الضيقة التي تغلّف الجنس اللطيف من قبل المجتمع الذكوري تجعلهن ضحايا، فإذا كان الرجل رجلاً في مجتمعاتنا الذكورية إلا أن النساء جسد لا أكثر وممكن أن يكون أقل، وأقصد بأقل هو جسد وخادمة إن كانت زوجة، إغواء إن كانت غريبة، عورة إن كانت أخت!.

فيا عزيزتي سهى، ما ذكرتيه صحيح وهو الخطأ يعينه، لم يصلحه الماضي ولن يقومه الحاضر ولن يعالجه المستقبل، وكم حاجتي كبيرة إلى الإعتذار لنفسي أولاً كوني سلكت في نفس الدرب.

 

زيد غازي ميشو

zaidmisho@gmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *