تفجيرات .. أنتهاكات .. تجاوزات أنتقامات .. وكل المحرمات .. عراقي ويا بلاش !!


أقول للذي لا يعرف معنى كلمة ( يا بلاش ) أنها مصطلح بالعامية العراقية يطلق على الشيء الرخيص أو الزهيد الثمن .

وما دفعني بصراحة الى كتابة هذا المقال مع شديد حزني وأسفي هو الحالة التي وصل أليها الفرد العراقي أو التي وصلنا أليها كعراقيين بشكل عام .. من تهميش ( عدم التقييم ) وعذرا ً هنا للكلمة لأن واقع الحال يقول هذا وبأوضح الصور ! تهميش عالمي ودولي .. وتهميش لبعضنا البعض وأقتتال وتناحر وأنتهاك للحقوق والحرمات , وأنتقام ما بعده أنتقام وبالكثير من الأشكال , وتقاعس وأهمال وسكوت وعدم مبالاة ورضوخ ما بعده رضوخ ! وتفاصيل أخرى كثيرة لو سردنا ولو جزءاً صغيراً منها لما كفتنا لذلك عشرات الصفحات ! وحال البلد في كل المجالات لهو أكبر دليل على ذلك .. والعجب كل العجب لما يجري ويحصل .. وكأننا كنا ننتظر هذا .. وكأننا راضون ومقتنعون بالحالة .. أو كأننا أستسلمنا للواقع المرير الذي بات لا يشبه أي واقع آخر في كل دول المعمورة !

فلسان الحال ينطق ويقول وبالعديد من الحقائق .. والممارسات اليومية التي باتت الواقع اليومي للكثير منا لا بل الصورة تنطق والحدث يقول والواقع يتكلم ! لأننا فعلا ً وصلنا الى مرحلة لا أدري كيف أصفها أو أتحدث عنها , أتأمل في واقعنا البائس .. أراقب الأحداث , أتسائل ؟ أتعجب وأندهش .. عسى ولعل من تغيير أو حتى محاولة للتغيير ولكن دون جدوى .. أتحدث الى نفسي وأحيانا ً بصوت مسموع ! هل أنا في حلم مزعج ؟ أم هو كابوس ثقيل ؟ أم أنها فعلا ً الحقيقة المحزنة والمخجلة في نفس الوقت ..

أالى هذه الدرجة أصبحنا رخيصين في نظر العالم ونظر بعضنا البعض ؟ أالى هذه الدرجة فرقتنا المصالح والمكاسب الضيقة ؟ أالى هذه الدرجة فاضت الأحقاد بيننا ؟ أالى هذه الدرجة ؟ وألا كيف نفسر ما يحدث ؟

فعلا ً وصلنا الى مرحلة عراقي ويا بلاش ! مع أسفي وأعتذاري .. أذ أنني لم أجد عبارة أخرى أو جملة تعبر عن حقيقة الحال وما وصلنا أليه .. وبئس ما وصلنا ..

عراقي ويا بلاش .. بالتفجيرات والمفخخات التي باتت تفتك بالمئات .. لا بل وأصبحت لغة للبعض ويا لها من لغة ! لتحصد الأرواح بعشوائية منقطعة النظير وهمجية لا يصدقها عقل كل من يؤمن بالأنسان والأنسانية , تفجير هنا وعبوة ناسفة هناك ومفخخة هنا وحزام ناسف هناك .. وكلها لتقتل وترعب وتدمر والكارثة أنها أصبحت من الأحداث العادية التي لا يعطى لها أي أهمية أو صدى محلي أو عالمي !

عراقي ويا بلاش .. في الأغتيالات والأستهدافات والتصفيات وبكل سهولة ! لكل من لا يعجب فلان أو لا يرضي فلان .. أو يعارض فلان .. تصفيات للخصوم بالكثير من الأشكال .. أستهداف للكثيرين .. أسكات للحق وتزوير للحقائق حسب المصالح والأهواء .. وعلى كل المستويات .. أعدام للضمير وخروج على الشرائع .. علنا ً وعلى مرأى ومسمع الكثيرين !!

عراقي ويا بلاش .. قتل على الهوية , تصفية للمختلف بالملة أو الطائفة أو الدين أو المعتقد وحتى التوجه والفكر .. وبكل جرأة وعراقي لعراقي ! جرائم طائفية وأنتقامات عشائرية وأنقسامات لا حد لها ولا حدود , أغتيالات وخطف وتهجير وتهديد .. مرة بأسم الدين وأخرى بأسم السياسة أو الملة أو أو .. والكثير من المسميات ..

عراقي ويا بلاش .. حيث أن كل من يحكم يطغى , وكل من يقود يستبد , وكل من يستمكن يتجبر ! ليصبح المظلومون ظلّاما ً ومهمشوا الأمس طواغيت اليوم .. ومعارضوا البارحة دكتاتوريو اليوم ! والجهلة فطاحل وعلماء .. والغير مؤهلين في المناصب والكراسي وحدث ولا حرج عن الكثير مما يجري ويحدث .

عراقي ويا بلاش .. حكومة عاجزة .. وأحزاب متناحرة ومتخالفة .. وبرلمان منقسم .. وسياسيون أنتهازيون بكل معنى الكلمة .. ويل ٌ لنا كل الويل .. يحكمنا من لا يهمهم أمرنا و ويتحكم فينا من لا تهمهم مصائرنا ومستقبل أجيالنا .. ويقودنا من ليس أهلا ً للقيادة .. يستهزئون بنا ! ويستخفون بأرواحنا وينهبون أموالنا ويسرقون خيراتنا .. غير آبهين ولا مبالين .. ونحن ساكتون ومتفرجون لا أكثر !

عراقي ويا بلاش .. أعتداء على الحريات والممتلكات .. تصرفات لا مسؤولة وهوجاء .. قوات أمن وحمايات ومليشيات هي المشكلة الأكبر بأساليبها وهمجيتها والمليارات التي تستنزفها .. وبدل أن تحمي , باتت تعتدي .. وبدل أن تدافع باتت تتجاوز .. وبدل أن تكون عون أصبحت فرعون !

عراقي ويا بلاش .. هجرة وضياع في بلدان الله الواسعة ومعاناة أخرى فوق المعاناة للكثيرين من الذين هاجروا وتركوا البلد وللعديد من الأسباب .

عراقي ويا بلاش .. يعصرنا الواقع المزري بكل الأشكال .. وتتقاذفنا أمواج العنف وتهددنا الطائفية ويقض مضاجعنا الخوف من المستقبل المجهول .. لا نتكاتف ولا نتفق .. ولا نرضى أو نتراضى .. لا نغير ولا نقدم الحلول أو حتى نقترحها ..

عراقي ويا بلاش .. أحلام ضائعة .. وآمال معدومة .. ومستقبل غامض .. بلد منكوب وشعب ضائع .. شباب بلا طموح .. ومصير الكل مجهول في ظل ما يجري ويحدث ..

فهل من صحوة ؟ وللعلم فالصحوة لو أردناها .. غير مكلفة أبدا ً أبدا ً .. لأنها منا وألينا وملكنا ولا أبسط منها .. أنها بكل صراحة .. ببلاش .

غسان حبيب الصفار

22 / 8 / 2013 / كندا

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *