تعقيب على ما طُرح حول الشهادت الممنوحة من قبل الجامعات المفتوحة

مقدمة لا بد منها

مبدئياً انا مع منظومة النقد والنقد الذاتي ولا اتحرج من ذلك ، وسوف اقدم شكري لمن يشير الى ما ارتكبه من الخطأ ، حينما يكون الأمر في دائرة النقد الموضوعي البعيد عن الشخصنة او بجهة تسييس المسائل غير السياسية ، وهنالك كثير من الكتابات تتناول اسم حبيب تومي ، وفي الحقيقة إن كنت متفقاً او معارضاً لتك الكتابات لا احبذ الرد عليها ، لأن عملي سيكون مقتصراً على الردود فحسب ، ولذلك اضع المسألة في قالب آخر ، وهو ان المقال الذي اسطره يمثل رأيي ، وما يكتبه الآخرون فإنه يمثل رأيهم إن كان مع اوضد مما اكتبه .

في الحقيقة ثمة بعض المتربصين بكل ما اكتبه ، وحتى كما قلت في مناسبة اخرى حتى لو ادرجت في مقالي صلاة ( بابان ديلي بشميا .. ) فالكتابات لا تتوقف ، لأن الموضوع فيه شخصنة واضحة وبتقديري ثمة دوافع سياسية في المسالة ، وهذا امر محزن ان نقف بهذا الشكل ضد اي مظهر من مظاهر الحرية بما فيها حرية الرأي وحرية المعتقد الديني او السياسي او القومي المكفولة للجميع وذلك بإصدار احكام استباقية بالتخوين والتآمر .. قبل قراءة النص المكتوب .

قابلت في وقتها السيد سركيس آغاجان فكانت التهم جاهزة وحيكت مختلف القصص ، وحينما انتقدت الصيغة التي آل اليها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وتحوله الى حزب سياسي ، واسلوب احتكاره وتفرده بالثروة المخصصة للمكون المسيحي برمته ، وجعله من هذه الثروة ورقة ضغط لتحقيق مآرب سياسية ، ارتفعت التخوينات ضدي ، واتُهمنا بالركض وراء الكعكة ، وبدأنا نسمع تهم انفصاليين وانقساميين , وخونة ومتآمرين ، والأنكى من ذلك ان نسمع قذائف الأتهامات تنهال علينا من زملاء لنا ، بالأمس كانوا اشد المدافعين عن الكلدانية وعن المؤتمر القومي والشعب الكلداني والقومية الكلدانية … وهم اليوم اشد المناوئين لمن ينادي بالفكر القومي الكلداني الأصيل الى درجة التهجم حتى على الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية التي توحد الخطاب السياسي الكلداني ، انا شخصياً لا اؤمن بهذه الطفرات المفاجئة من خندق الى خندق بجاذبية الفائدة ، ولا اريد النعم التي تنهال علي جراء هذه الطفرات .

كتبت عن إشكالات اراضي شعبنا في اقليم كوردستان ، ولم ارد تسجيل اي بطولة في هذا الصدد سوى تقديم ما يمكنني تقديمه لأبناء شعبنا دون تفرقة إن كانوا اثوريين او سريان او كلدان وحسب إمكانياتي المتواضعة انا الأنسان البسيط ، ومع ذلك فسرت الأمور وكأني اريد ان اسرق الأنجازات العظيمة للاحزاب المنضوية في ما يسمى تجمع احزاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري . وهكذا لا يسلم ما اكتبه من النقد والتجريح في حالات كثيرة .

خصوصاً إذا تناولت في نقدي حركة الزوعا ، وكأنني كفرت بالمقدسات ، فهذه الحركة مقدسة لا يجوز الإشارة اليها إلا في حالة التقديس .

بعد المقدمة الطويلة المملة اقول :

لا اريد الشئ الذي لا استحقه ولا اريد امتلاك شئ لا يعود لي هذه هي تربيتي العائلية . في شريط الذكريات يحضرني موقف في عقد الستينات من القرن الماضي ، كنت احمل السلاح في جبال كردستان ، ومررت بالقرب من كرم للعنب ، واردت قطف عنقود متدلي يثير الشهية ، لكن تمالكت نفسي ودخلت الكرم وقصدت الحارس في عرزاله ، بعد السلام قلت له :

هل استطيع ان اقطع شئ من هذا العنب ؟ وقف الرجل مندهشاً ، وقال هل خرجت من الطريق ودخلت هذه المسافة لتقول لي تريد ان تقطع شئ من هذا العنب ؟

قلت له : اجل وإن لم توافق سوف لا امد يدي . وهنا قادني الرجل على دالية ( دليثا ) شجرة العنب . وقطف عنقوداً من اجود ما موجود في كرمه ، وقال انت تستاهل هذا العنقود ، لأنك الوحيد خلال حراستي طول هذا الموسم استأذن بقطع عنقود عنب ، بل إنهم يقطفون ما يشاؤون ويسيرون في طريقهم ، وكأني فزاعة طيور لا حارس الكرم .

اقول لا ادعي اني إنسان مثالي ، ولست معصوماً من الخطأ ، لكن بكل الأحوال لا اريد ان احصل على مكسب دون ثمن ، ولا اريد ان استحوذ على شئ لا يعود لي او لا استحقه ، ولا اريد الحصول عليه بالخداع او بالطرق الملتوية ، هذا هو مبدأي في الحياة ، وفي كل مجالات الحياة إن كانت مالية او علمية او ثقافية او سياسية …. وسوف ابقى على هذا المبدأ طالما بقي قلبي نابضاً .

من خلال متابعتي لردود الأفعال بعد حصولي على شهادة عالية ، استغربت من بعض المصطلحات المستخدمة بيننا ، من قبيل شهادات سوق مريدي ، التزوير .. فهل يقبل اي فرد مثقف من نخبة ابناء شعبنا يحتاج الى مثل الأمور ليتاجر بها او لكي يحصل على مكاسب ؟ حسناً علق الأخ كوركيس اوراها منصور بقوله : ان الأسماء (حبيب تومي، ليون برخو، سيزار ميخا وشمس الدين كوركيس) التي وردت في هذا المقال هي اسماء لكوكبة مثقفة من أبناء أمتنا، علينا العمل معها ودعمها لتكون هذه الكوكبة اداة ايجابية لبناء الوطن والأنسان وان يعمل أعضاؤها ليكونوا فريق عمل واحد متضامن لتحقيق اهداف مشتركة ..

أقول :

في مسألة الدراسة عن بعد لا ادري لماذا اثيرت التساؤلات حول ذلك في هذا الظرف بالذات ؟

في مطاوي الستينات كانت هنالك مدارس بالمراسلة ، وفي الوقت الحاضر مع الثورة التكنولوجية لا سيما في مجال الأتصالات والأنترنيت والفيسبوك .. أصبح العالم قرية صغيرة ، والجامعات المفتوحة والدراسة عن بعد اصبحت من سمة العصر وهي منتشرة في كل قارات الأرض . بما فيها الدول العربية ومن يريد التحقيق لا عليه سوى الرجوع الى الأخ كوكل ليعرف مدى انتشار هذه الجامعات ( انظر الروابط في اسفل المقال كأمثلة غير حصرية ) .

فإن كانت ظروفك لا تسمح لك بالجلوس على مقاعد الدراسة فإن ذلك لا يشكل سبباً في حرمانك من مواصلة الدراسة ، وكمثل على ذلك ارشد القارئ الكريم الى هذا الأعلان الذي يقول :

تحصل على الماجستير والدكتوراه بالتعليم عن بعد

University of Newcastle

West Coast University

Centeral State of New york University

جامعة نيوكاسيل & جامعة ويست كوست وجامعة سنترال ستيت اوف نيويورك

إذا كنت من الناس الطموحين والراغبين في تحسين مستواهم العلمي ولكنك لا تستطيع أن تجد الوقت الكافي للتفرغ بالكامل للدراسة.

نحـــــن لديــــنا الحـــــــــــــــــل

فعن طريق نظام الدراسة عن بعد الذي تعتمده جامعة نيوكاسيل & جامعة ويست كوست يمكنك الدراسة وأنت في منزلك وفي بلد أقامتك دون الحاجة لتكبد عناء السفر والغربة وتحمل نفقات الإقامة والإعاشة العالية في الدول الغربية ..

تبقى مسألة الأعتراف بالشهادة وتعادلها مسألة ثانية ، فإن كانت شهادات الجامعات المفتوحة غير معترف بها في العراق ، او في دول اخرى فإن الشهادات العراقية لا يعترف بها في الغرب وأميركا ايضاً ويحتاج صاحب الشهادة من الجامعات العراقية الى امتحان ودراسة مستفيضة وتصل احياناً الى سنين تقارب الدراسة الأصلية في العراق ، وثمة اطباء عراقيين كان لهم عيادات مجازة رسمياً ويعملون في المستشفيات العراقية ، وحينما جاءوا الى دول الغرب لم يسمح لهم حتى بزرق ابرة ، وبعض اصحاب الشهادات بعد ان عجزوا عن تعديل شهاداتهم فضلوا العمل في صنع وبيع البيتزا ولدينا امثلة كثيرة على هذه الحالة .

إن العالم يتطور وحينما كنا نكتب بالقلم والورق اصبحنا اليوم نكتب على شاشة الكومبيوتر ، فلا قرطاس ولا مداد ، وهنا ليس واجبي الدفاع عن الدراسة المفتوحة في العالم ، لكن هذا واقع يفرض نفسه ، فالبداية لم تكن مع حبيب تومي ، وسوف لن تتوقف عنده ، ولكن شخصت قضية حبيب تومي ، وكأنها الوحيدة في المعمورة ، ولم يكن ثمة اي تطرق لهذه الدراسات قبل ان يحصل حبيب تومي على شهادته .

ثمة ناحية اخرى ينبغي ملاحظتها للاخوة المتابعين للموضوع ، وهي ان نفرق بين الحصول على شهادة في العلوم التطبيقية العلمية كالطب والهندسة والرياضيات والكيمياء والفيزياء .. وبين العلوم الأنسانية ، كالعلوم السياسية والتاريخ والأجتماع والأنثروبولوجيا والجغرافيا .. فالأخيرة لا تحتاج الى مقاعد الدراسة والمختبرات والتجارب العلمية كما هي الحالة في دراسة الطب والهندسة الألكترونية مثلاً .

تصوري ليكون للحياة معنى وأهمية

بتصوري وهذا ما يخصني شخصياً ، بأنني إن فقدت البصر ، او إذا لم يكن في حياتي هدف فأنني سوف احسب ان الحياة منتهية ، فالأولى تحرمني من القراءة وهذا شئ جوهري في حياتي . والشئ الثاني ان اسعى الى هدف باستمرار اي ان اكون في حركة دائمة وأعاني التعب وفي صعود دائم . فأنا شخصياً مستقر حالياً اعيش مع عائلتي وبين اولادي وأحفادي في اوسلو ، ولا ينقصني شئ ، لكن اشعر وكأن الحياة بدون هدف تغدو وكأنها سفينة عديمة البوصلة وتائهة في اعالي البحار دون هدف الوصول الى مرفأ ، فلكي يكون للحياة معنى ، وهذا تصوري كما قلت ، ينبغي ان يكون للحياة هدف لكي لا تصبح منتظرة وجبة الغداء وبعدها نومة القيلولة وبتكرار يومي ممل ورتيب .

حين العودة من الأتحاد السوفياتي بعد انتهاء الدراسة الجامعية ، راجعت جامعة بغداد من اجل إكمال دراسة العلوم السياسية ، وعلمت في وقتها انه يترتب علي ان اجتاز مرحلة دراسية ممهدة لأنني خريج الفرع العلمي ، وإن دراسة العلوم السياسية يتطلب ان يكون الخريج من الفرع الأدبي ، كما ان تعييني بوظيفة في مدينة البصرة ومن ثم عملي في اعالي البحار حال دون تحقيق الهدف .

وبعد تقلب الحياة والركض وراء اسباب المعيشة قد تغلب على الطموحات الأخرى ، الى ان انتقلت للعيش في اوسلو ، وهنا كان لي المزيد من الوقت ، حيث كونت لي مكتبة متواضعة ، وكان لي وقت وفير قياساُ بظروف العراق . وقد خصصت بعض وقتي لكتابة المقالات، واستطعت من تأليف بعض الكتب ، ثلاثة منها مطبوعة ، وبالنسبة للنشاط السياسي ، فإنني ادعم المنظمات والأحزاب الكلدانية ، وبتصوري يترتب على الأنسان ان يقف مع الضعيف دائماً ، والشعب الكلداني هو الوحيد بين المكونات العراقية الذي لم ينال حقوقه لحد اليوم . لقد وقفت مع الشعب الكوردي حينما كان مظلوماً واليوم لنفس السبب اقف مع الشعب الكلداني المظلوم . ومن اليوم الأول الذي بدأت بالكتابة فأنا اسير في نفس الخط ولم تؤثر علي مغريات الجزرة ولم يخوفني قوة وتهديدات العصا .

واعود الى موضوع الشهادة ، بعد ان كانت امامي فرصة للحصول على شهادة أعلى ، وعلمت من زملاء لي يدرسون في الجامعات المفتوحة راسلت ، واحدة وهي الجامعة الحرة في هولندا ، وفعلاً بدأت مشواري معهم ، وأرسلوا لي حقيبة دراسية تتكون من عشرة كتب تتناول مختلف جوانب العلوم السياسية ، ومع الحقيبة هوية الأنتماء الى الجامعة ، وفعلاً بعد حوالي ستة اشهر قطعت شوطاً كبيراً في قراءة الكتب وكتابة المواضيع وإرسالها الى الأستاذ المشرف ، لكن الذي حدث كان تلكؤ المشرف ومحاولاتي الكثيرة للاتصال به ظلت دون جدوى ، وتولد رد فعل بحيث عزفت عن مواصلة المشاور مع الأستاذ المشرف . بل عكفت على الأنقطاع عن الجامعة رغم تفهم الأستاذ رئيس الجامعة الموقر لموقفي ، لكن صممت على الأنقطاع ، وربما شكل ذلك الإصرار خطأ مني . المهم قطعت علاقتي مع الجامعة المذكورة وبعد فترة عرفت بوجود الجامعة العربية المفتوحة لشمال اميركا .

واصلت مع هذه الجامعة مع استاذ مشرف ، وبعد ذلك سافرت الىى اميركا ، ومنها الى كندا ، ودافعت عما كتبته حوالي اربع ساعات امام لجنة من الجامعة بغياب الأستذ المشرف ، وكان للجامعة قرارها ، فما هو وجه الخطأ الذي ارتكبته ؟ هل انا مسؤول عن شرعية الجامعات المفتوحة ؟ وأما عن تعديل الشهادة فكل دولة لها قوانينها ، وما قلته عن الشهادات العراقية في اوروبا وأمريكا لهو دليل على ذلك .

انا لا اطمح الى تعديل شهادتي ، لقد كانت المسالة معنوية ذاتية وتتعلق بحياتي الذاتية في ان يكون لي هدف احققه دائماً ولست مهتماً ان تعترف الحكومة العراقية بتلك الشهادة ام لا ، فانا في سن التقاعد ، وليس لي طموحات مالية او وظيفية لاستلام منصب حكومي ونحوه .

تحياتي لكل من كتب بهذا الصدد ، لكن كان يجب ان لا يكون في الأمر عامل الشخصنة ، وكان يجب ان يبحث هذا الموضوع منذ ان وجدت الجامعات المفتوحة وليس حينما تعامل حبيب تومي معها . وأقول مع ذلك فإن الأختلاف في وجهات النظر لا يفسد في الود قضية ، فانا لا يتسع صدري إلا لمعاني المحبة والأحترم للجميع ، وأبوابه موصدة بوجه الحقد والكراهية .

واعتذر عن القارئ الكريم حيث لم انشر الموضوع في المنبر الحر لكي لا يصار الى التعليقات عليه فقد أُشبع الموضوع نقاشاً . وانا لست في صدد كتابة المزيد عن الموضوع ، لكن هذا المقال كتبته احتراماً للطروحات التي كتبت مؤخراً بهذا الشان وعبرت فيه عن وجهة نظري .

تحياتي للجميع .

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو

روابط بعض الجامعات المفتوحة التي ورد ذكر بعضها في المقال

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A9

http://www.alhuraauniversity.org/

http://www.acocollege.com/aouna/

http://www.et-ar.net/vb/showthread.php?t=7885

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *