تصرفاتكم تذكرنا بالزمن الصعب / بقلم عصمت رجب

عاش الشعب الكوردي مأساة كبيرة طيلة فترة نضاله منذ عشرينيات القرن الماضي ، حيث جاء نضال الكورد ضد السياسات الشوفينية منذ البداية بسبب التمييز والتفرقة التي مورست ضدهم لفترات طويلة من الزمن ، ما ادى الى ظهور رجال امثال القاضي محمد والبارزاني الخالد وادريس الفقيد وغيرهم الكثيرين من الذين رفضوا ان ينصاعوا لتلك السياسات التي كانت تضع الكورد في مرتبات متدنية ضمن سياق المواطنة، كونهم شعب حي له تاريخه ومآثره ودوره الفعال الايجابي في تحديد مسار سياسات المنطقة ، وخاصة بعد اتفاقية سايكس بيكو وتقسيم ارض الكورد الى اربعة اجزاء مقسمة باربعة دول لكل دولة منها نهجها القومي الخاص بها ، ومحاولة صهر الكورد ضمن تلك القوميات ،لأنهاء وجودهم كقومية ربما يصل تعدادها الى 60 مليون نسمة .

لا نريد ان ندخل بتلك التفاصيل المعقدة من تاريخ شعب تكالبت عليه اكبر قوى العالم لأنهاء وجوده ، لكن ما يحصل اليوم يعيد بنا الذاكرة الى قبل 2003 وسياسات النظام في العراق عندما كان يفرض حصارا اقتصاديا جائرا ضد الشعب الكوردستاني ، واليوم تنتهك حكومة بغداد الدستور العراقي الفدرالي وتعيد علينا تلك الممارسات الخاطئة والباطلة بحجب رواتب الموظفين العاملين في أجهزة الدولة والمتقاعدين بإقليم كوردستان العراق ، والمتابع للشان العراقي يجد بان فرض الحصار على اقليم كوردستان بدأ منذ عدة سنين بعد التغيير من طرف رئاسة الحكومة (الاتحادية) واصبحت اسلوبا ينتهجه المتصدرون في بغداد لعرقلة الحوار بين حكومة بغداد واقليم كوردستان ، والانكى من ذلك أسلوب التسويف والمماطلة في الموقف من إجراءات تنفيذ المادة 140 من الدستور و تشريع قانون النفط وكذلك عرقلة أية إمكانية للتوصل إلى حلول موضوعية تخضع للقانون والدستور.

وفي نفس السياق خرج السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بخطابه الاسبوعي يطالب الكتل السياسية في البرلمان العراقي بالتعجيل لأقرار الموازنة العامة للبلد لغرض دفع مستحقات المتقاعدين والموظفين العراقيين وتنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات بخطاب عاطفي مؤثر يدمع العين حين سماعه ، ومن جانب اخر يقطع مستحقات وميزانية ورواتب الموظفين والمتقاعدين في اقليم كوردستان الذي يضم ثلاثة محافظات عراقية ، وكأن موظفي الاقليم ومتقاعديه هم غير عراقيين .

ان قرار حكومة بغداد ضد الاقليم له اثار سلبية كبيرة على المواطن الكوردستاني.. ويخلق مشاكل في حركة السوق وتداول البضائع فضلا عن تأثيراته على توفير لقمة العيش، ولكنه لا يقف عند هذه الحدود بآثاره بل سينتقل بها إلى مجمل الدورة الاقتصادية العراقية المتضخمة أصلا بالمشكلات والتعقيدات التي نجمت عن مجمل إدارة الخطط العامة الخاطئة في بغداد..

في الختام على حكومة بغداد ان تتراجع عن قرارها الغير دستوري وتسلم مستحقات الاقليم وتلجأ الى الحوار لحل نقاط الخلاف . كما نطالب المحكمة الاتحادية باتخاذ الإجراءات الفورية العاجلة لحسم الموقف ومنع هذه المخالفة الدستورية من الاستمرار، كما على البرلمان وفي هذه الدورة ان يسرع بتشريع قانون النفط والغاز لأن من خلاله تحل اكثر المشاكل تعقيدا بين بغداد والاقليم .

بقلم عصمت رجب

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *