بمناسبة الذكرى العاشرة لسقوط نظام البعث في العراق

بمناسبة الذكرى العاشرة لسقوط نظام البعث في العراق

إسقاط حكومة البعث العراقي بين الخطأ والصواب، والأحتلال والتحرير.

في الذكرى الـ10 لأسقاط حكومة البعث في العراق عام 2003 على يد الجيش الأمريكي، تقاطعت الاراء بشده فيه بين ان يكون الاسقاط أحتلالاً أو تحريراً أو خطأ ام صواباً. اذاعة صوت كردستان، الاذاعة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني في جنوب كردستان استطلعت رأي الاعلامي عبدالغني علي يحيى، وكان الآتي:

• صوت كردستان: في الذكرى الـ10 لسقوط النظام العراقي السابق، لماذا يحبذ الكثير من العراقيين، إطلاق تسمية إحتلال العراق بدل تحريره على عملية الإسقاط؟

• عبدالغني علي يحيى: لأن الأمريكان اخطأوا في حينه على أعتبار العملية أحتلالاً وليس تحريراً، وبذلك خيبوا آمال المعارضين العراقيين للنظام السابق الذين تقدموا الصفوف جنباً إلى جنب القوات الامريكية لأسقاط ذلك النظام، ولقد برر الخطأ الامريكي الشنيع ذاك على أضفاء الشرعية على أعمال الأرهابيين المقاومة (للأحتلال) واذكر ان القضاء العراقي في بعض المدن وبالذات مدينة الموصل كانوا يبرئ ساحة عتاة الأرهابيين من ذباحي البشر، بحجة ان المقاومة (للمحتل) مشروعة. وعندي أن ما جرى يوم التاسع من نيسان عام 2003 كان يوماً عظيماً وقف العالم فيه على سقوط ابشع نظام دكتاتوري فاشي الذي فاق ظلمه للعراقيين وغيرهم ظلم جميع الدكتاتوريات في هذا القرن والقرون الماضية أيضاً، ولقد كان توني بلير محقاً عندما قال قبل ايام بان صدام حسين كان اسوأ بعشرين مرة من بشار الأسد. واقول ان ليس الكثير من العراقيين يعدون عملية تحرير العراق احتلالا وبالاخص السنة، لأن العملية اسقطت سلطتهم، ويليهم الشيعة وذلك إرضاءً لأيران ليس إلا، وألا ما الضرر الذي الحقته العملية بالشيعة الذين كانوا يحلمون بالسلطة منذ نحو اكثر من الف عام تجرعوا خلاله اشكالاً من القهر والظلم على يد السنة، واذا بعملية تحرير العراق تحررهم وتقدم لهم السلطة على طبق من ذهب إن جاز القول. ولو كان الامريكان يسلمون السلطة للسنة كما سلمهم المحتلون العثمانيون خلال احتلالهم للعراق لمدة 400 سنة ومن بعدهم سلمهم المحتلون الانكليز لما كانوا يطلقون تسمية الاحتلال على عملية اسقلط نظام البعث

لا ينكر ان الامريكان حول العالم ارتكبوا أخطاءً على صعيد الافعال، عليه لاغرابة اذا وجدناهم يرتكبون اخطاءً على صعيد الاقوال ايضاً، وقولهم باحتلالهم للعراق واحد من تلك الاخطاء.

• صوت كردستان: هل صحيح مايشاع أو يقال بين العراقيين، بأن أمريكا جاءت لنهب ثروات العراق؟

• عبدالغني علي يحيى: قبل أيام نشرت إحصائية قالت ان حربي العراق وافغانستان كلفت واشنطن (6) ترليونات من الدولارات منها (4) ترليونات صرفتها على حرب العراق عدا هذا فان خسائر الامريكان في ارواح جنودهم تجاوزت الأربعة الاف قتيل اضافة الى الاف الجرحة والالاف من المصابين بالامراض النفسية جراء ذلك.. الخ من الاحصائيات المرعبة الدالة على الخسائرالمذهلة التي أحاقت بهم، واذا كان من شيء يطمع فيه الامريكان على حد مزاعم بعضهم من ان أمريكا جاءت لنهب ثروات العراق، فهذا الشيء هو النفط فقط، ولكن بقي ان نعلم ان الصين سوف تستورد 80% من النفط العراقي في المستقبل المنظور، عليه هل حقاً ان الامريكان جاؤوا الى العراق لنهب ثرواته؟ ولنفرض ان النفط كان دافعاً لما يسمى بالاحتلال الأمريكي للعراق، فما هو الدافع من قيام واشنطن بتحرير مسلمي كوسوفو من الصرب في قلب اوروبا المسيحية؟ وما هي الفوائد التي جنوها اويجنونها وراء حربهم في افغانستان الفقيرة التي تفتقر الى الثروات؟.

قبل عملية تحرير العراق ناشد اكثرية العارقيين واشنطن للتدخل في العراق وازاحة كابوس النظام البعثي الفاشي الذي جثم على صدور العراقيين مايقارب الثلاثة عقود و نصف العقد، ومن بعدهم استنجد الليبيون بحلف الاطلسي لأنقاذهم من القذافي، ويتقدم المعارضون السوريون الان ومنذ زمن بطلبات مماثلة الى الامريكان والغرب. ان تحرير العراق لم يشكل سابقة في الحياة الدولية، ففي الحرب العالمية الأولى حرر المستعمرون البريطانيون والفرنسيون معظم الشعوب التي كانت رازحة تحت نير الحكم العثماني، وفي الحرب العالمية الثانية تم تحرير العديد من الشعوب من الاحتلال النازي والفاشي، وفي مطلع السبعينات من العراق الماضي، حررت الهند بنغلاديش من باكستان وفي عام 1991 حرر التحالف الدولي بقيادة واشنطن الكويت من الاحتلال العراقي، وجلب بالحرية للشعب الكردي في خط العرض ال36.. الخ من الامثلة التي لاتحصى على حروب تحرير عادلة ومنها حرب تحرير العراق.

• صوت كردستان: يرد بعضهم التناحر القائم في العراق بين مكوناته الأجتماعية الى مايسمونه بالاحتلال الامريكي للعراق، زاعمين ان تلك المكونات كانت تتعايش في اجواء من السلم والعدالة قبل الاحتلال، ما هو رأيكم؟.

• عبدالغني علي يحيى: منذ تأسيس الدولة العراقية عام1921 على يد الأنكليز، فان الحروب والمظالم احتلت المساحة الاكبر من ودمار ومذابح تجسدت في معاقبة ثورة الشيخ محمود الحفيد في عقد العشرينات ومن بعده قمع ثورة الاشوريين عام1933 والتي سميت بمذبحة سميل التي ازهقت ارواح نحو (4000) اشوري وشردت الوفاً اخرى منهم، وفي العقد نفسه قمعت ثورة بارزان بقيادة الشيخ احمد، وفي نهاية الثلاثينات حصل انقلاب بكر صدقي وفي الاربعينات اشير الى ثورة بارزان، كما شهدت الخمسينات اشكالا من الاضرابات و المظاهرات فانقلاب ال14 من تموز عام1958،وفي عقد الستينات، اندلعت الثورة الكردية كرد فعل على ظلم دكتاتورية قاسم، كما شهد العقد نفسه ثلاثة انقلابات، احدها كان وحشيا فاشيا مثل انقلاب 8 شباط عام1963. وفي السبعينات قضي على الثورة الكردية، وتميزت العقود التي تلتها بتعريب اجزاء واسعة من كردستان وبحرب الانفال ومحو القرى والمذابح الجماعية واستخدام السلاح الكيمياوي وتجفيف الاهوار وتهجير الالاف من الكرد والشيعة، فعن اي تعايش يتحدث أصحاب الذاكرة الضعيفة بين المكونات العراقية، وما حصل من تصدع نوعي اكثر في العلاقات بين هذه المكونات بعد إسقاط النظام العراقي السابق فيعود سببه، اولا: الى عدم إقدام الامريكان على تقسيم العراق ماجعل الباب مفتوحا بشكل اوسع امام الصراعات الاثنية والدينية والطائفية، وعدم رغبة العراقيين انفسهم من سنة وشيعة بالأخص على الاتفاق على نظام فيدرالي أو تقسيم العراق، والسنة بالأخص بدلاً من ان يطالبوا بصيغة حكم تنجيهم من الاضطهاد الطائفي شهروا السلاح بوجه الامريكان والسلطة الشيعية وحتى ضد الكرد وبقية المكونات وحتى ضد الكرد، فكان ماكان.

• صوت كردستان: بتحرير العراق من الدكتاتورية، هل تحسن دخل القرد العراقي وما هو المستوى المعيشي للفرد؟.

• عبدالغني علي يحيى: لقد تحسن وضع الشعب الكردي كثيراً وتقدمت كردستان كثيراً، الى حد وصف بعضهم لها ومنهم الصحفي التركي ايلينور جفيك بانهاستكون سويسرا الشرق، وان اربيل ستصبح مدينة عالمية، كما جاء في مقال كتبته مهندسة عراقية قبل ايام في صحيفة الصباح العراقية هذا على سبيل المثال كل هذا بفضل السياسة الرشيدة لحكومة كردستان رغم ماتخللتها من نواقص واذا كان هناك من تخلف وفقر في الوسط والجنوب من العراق فالسبب، الحكومة الاتحادية، التي اهملت الخدمات وراحت تركض نحو عسكرة المجتمع وتخصيص الجزء الاكبر من الميزانية للتسلح وعسكرة المجتمع، ان (الاحتلال) لايتحمل سمؤولية تراجع الخدمات على اشكالها في البلاد، اذا لماذا تقدمت كردستان وتخلفت الاجزاء الخاضعة من العراق للحكومة المركزية؟.

• صوت كردستان: في الجانب السياسي، هل انتخجت ال 10 سنوات الماضية نخباً سياسية تفكر بمصلحة البلاد ويهمها الحفاظ على الديمقراطية الناشئة في العراق؟.

• عبدالغني عاي يحيى: بدون شك انتخبت السنوات ال10 الماضية تحباً سياسية وضعت نصب اعينها مصلحة الشعب والبلاد ولولا لما كانت امام هذا الحشد من القددية السياسية والحزبية والصحافية وعمليات الانتخابات التشريعية وعلى صعيد المحافظات، نعم هناك قوى نخبوية مخلصة للحرية والديمقراطية بيد انها مع ذلك ضعيفة امام الطائفية.

• صوت كردستان: بعد عقد من الزمن على تحرير العراق، هل حقق الامريكان اماني العراقيين في الحرية و الديمقراطية وحقوق الانسان.

• عبدالغني علي يحيى: نعم حققوا الكثير من اماني العراقيين ورغباتهم في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات وفي ردي على الاسئلة هذه، يقف المرء على حقيقة ناصعة، الا وهي ان الامريكان والغربيين عموما احدثوا انقلابا في العقل الجمعي العراق نحو الافضل، ولولا التدخلات المناهضة للمعاني السامية التي ذكرناها، لكانت الديمقراطية والحريات في شكل افضل واحسن وان الديمقراطية والحريات التي نشهدهما اليوم في العراق رغم مساويء الحكومة الحالية لم يشهد العراق مثيلا لهما طوال العهود السابقة.

 عبد الغني علي يحيى

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *