بعد ظهور أدلة جديدة تطرح أسئلة هل تشكك عظام الإبل في الكتاب المقدس؟

 

جمال تسير في صحراء ليوا في غرب أبو ظبي في 22 كانون الأول/ديسمبر العام 2013

(CNN)

اعتبرت الجمال في العهد القديم، أداة نقل مفيدة للغاية. وفي المقام الأول، فإنها كانت تمثل ثروة كبيرة، إذ لدى ذهاب النبي ابراهيم في رحلة إلى مصر، فإن الفرعون قدم إليه مكافأة ضخمة، تتضمن الأغنام والخدم والصفوة من الجمال، في مقابل زوجة إبراهيم، سارة (رغم أنّ الفرعون كان يعتقد أنهما أشقاء).

ورغم أن هذه الحيوانات أدت دوراً محوريا في سفر التكوين، إلا أن هناك أدلة جديدة تطرح أسئلة حول قضية وجودها في إسرائيل خلال حياة النبي إبراهيم وأحفاده (والتي يعتقد أنها بين العامين 1500 و2000 قبل الميلاد)، فضلاً عن كتابة الكتاب المقدس.

أما الأستاذان إيرز بن يوسف ويدار سابير – هن، وهما عالما آثار في جامعة تل أبيب في إسرائيل، فنشرا مؤخرا دراسة بعدما كشف فحص الكربون المشع عن تاريخ عظام الجمال خلال عملية التنقيب في وادي عرفة، أي المنطقة على الحدود بين إسرائيل وشبه الجزيرة العربية. أما عملية التنقيب فكشفت عن عظام الإبل والتي وجدت حتى الآن في إسرائيل، وهذه يعود تاريخها إلى الفترة التي لا تقل عن العام 940 قبل الميلاد أي على الأقل 500 عام بعد الوقت الذي تم ذكرها في الكتاب المقدس.

وقال بن يوسف إن “هذا مثال جيد على أن القصص كانت مكتوبة في مرحلة لاحقة، مقارنة بالوقت التي كان يفترض أنها وقعت فيه. أما كاتب هذه القصص، فكان يعرف أن الجمال كانت أداة تستخدم في ذلك الوقت للسفر عبر الصحراء. لذا، فبالطبع استخدم ابراهيم، ويعقوب وداوود، الإبل. ونحن نسميها مفارقة تاريخية، إذ سلط الكاتب الضوء على الحقيقة التي كان يعرفها في عصره.”

وأشار بن يوسف إلى أنه رغم أن القصص قد تكون كتبت في وقت لاحق، إلا أن استنتاجاته لا تلقي بالضرورة الشك على الحكايات ذاتها.

وأضاف بن يوسف أن “هذا لا يعني بالضرورة أن القصص خيالية أو أنه ليس هناك ذرة من الحقيقة فيها. إنما فقط يعني أن الشخص الذي كتب هذه القصص قد قدم الخلفية وفقا لحقائقه. ولم يكن هناك علماء الآثار في ذلك الوقت حتى يقولوا إن الإبل لم تكن موجودة.”

أما النتائج فليست جديدة تماما إذ تم التشكيك من قبل علماء الآثار في فكرة ركوب إبراهيم للجمل في ذهابه إلى مصر منذ خمسينيات القرن الماضي. ولكن وفقا لبن يوسف، فإن فحص الكربون المشع لمعرفة تاريخ العظام يضيق من هذا الاحتمال.

وبطبيعة الحال، لا يتفق الجميع على استنتاجات الدراسة. وقال أستاذ اللغة العبرية واللغات السامية في جامعة “ليفربول” آلان ميلارد، إنه في حين لا يشكك في نتائج فحص الكربون المشع لعظام الجمال، لكنه لا يعتقد في الوقت ذاته، أن ذلك يدحض أن الإبل كانت موجودة في عهد كتابة الكتاب المقدس.

وأضاف ميلارد أن “علماء الآثار كانوا يعملون في واد جنوب البحر الأحمر، ولكن القصص تصور إبراهيم في جنوب العراق في أور وجنوب تركيا في منطقة حران قبل مجيئه إلى كنعان. أما الحقيقة فهي أنه إذا لم تكن عظام الإبل موجودة قبل ألف عام قبل الميلاد في جنوب البلاد، فلا يعني ذلك عدم وجود الإبل في أي مكان آخر”.

وأشار ميلارد إلى أنه “رغم من ندرة الأدلة، إلا أن هناك أدلة على أن الإبل استخدمت محليا خلال تلك الفترة، بما في ذلك ما يظهره الختم البابلي بين العامين 1700 و1800 قبل الميلاد، والذي يصور اثنين من الآلهة يجلسان على الإبل “.

ورغم الجدل حول الكتاب المقدس الذي فتحته الدراسة، فإن بن يوسف وسابير-هن قالا إن التركيز الأساسي في البحث كان ليس للتشكيك في سفر التكوين، ولكن لإلقاء بعض الضوء على الحركة الاقتصادية في ذلك الوقت .

بدوره، أوضح سابين هن أن “الجمال ساعدت في الرحلات الطويلة في بلاد الشام، وعلى طول الطريق إلى الهند. واعتبرت تمثيلاً للتغير الاجتماعي والاقتصادي العميق.”

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *