الوزارة العراقية: ترضية أم تنافس؟

    سبق وان تناولنا ذات الموضوع ولكن تحت عنوان آخر موسوم بـ حكومة جبر الخواطر او المراضاة التي انتجتها عشرات الاجتماعات واللقاءات، كللها مؤتمر اربيل الذي دعا اليه رئيس اقليم كردستان العراق ومنه انطلقت مبادرة الرئيس بارزاني وما تلاها من جولات تفاوضية تمخضت اخيرا على تقاسم السلطة باسلوب المشاركة وترضية الجميع، حيث نجح الفرقاء في انجاز التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ومن ثم تشكيل حكومة المراضاة بين جميع الاطراف الا من كان يمتلك مقعد او مقعدين وحرمهما دولة الرئيس من الاستيزار او الترشيح لمجلس الحكومة، وبذلك اغلقت الابواب كافة امام تشكيل كتلة للمعارضة، الا اللهم اذا نجحت مقاعد الشتات التي تتألف عادة من واحد الى ثلاث او اكثر بقليل لتشكل كتلة للمعارضة في البرلمان الذي خلت مقاعده من مشاكسات الرأي الاخر، لتقف بالمرصاد للحيتان الكبيرة او اسماك القرش في محيط مجلس النواب العتيد!.

 

     وليس بخاف على احد ما ينتظره المواطن والاهالي عموما، فهم ليسوا معنيين بالاسماء ولا بالمناصب ولا يطمعون بمنافسة احد منهم على منصبه بما في ذلك مناصب الفخامة والسعادة والمعالي، بقدر تعلق الامر بمصالحهم الاساسية وهي تختزل دائما ومنذ عقود، بعدة مطالبات لا تتجاوز في اكثر الاحيان والامور تفاؤلا عشر مطالب او ربما اقل، وفي مقدمة ذلك الامن والسلم والعدالة الاجتماعية، وموضوعة الكهرباء والبطالة والسكن، ويعقبهم في الاهمية بعد ذلك ما يتعلق بالبنية التحتية للخدمات وفي مقدمتها شبكات الطرق والمجاري والارياف والانتاج والاستيراد، فقد اغرقت الاسواق ببضائع مستوردة كانت تنتج محليا، حتى ترى في اسواقنا التمر المستورد وما ينافس لبن اربيل ومياه دجلة والفرات، حتى كادت عجلة الانتاج الزراعي والحيواني والصناعي ان تتوقف تماما!؟

 

     واذا كانت واحدة من ابشع جرائم النظام السابق تجفيف الاهوار، فان ما يجري الان ومنذ سبع سنوات من اغراق للسوق بكل ما تنتجه ارض البلاد في الجنوب وفي الجبال من الذ واطعم ما خلق رب العباد، تعد اكثر بشاعة من تجفيف تلك الاهوار فهي تجفف الارض والانهار وتقتل بوادر الانتاج والابداع وتحيل الانسان الى كائن مستهلك غير منتج، وهي ايضا تنافس اقذر جرائم النظام في مقابره الجماعية وانفالاته التي نافست كل عارات البشرية عبر التاريخ، ما تفعله اليوم ومنذ سبع سنوات عصابات التهريب لثروات العراق وخيراته بشكل منظم لإفراغه تماما مما يتميز به من كنوز في الزراعة والثروة الحيوانية والبشرية.

 

     واذا كانت هذه الحكومة قد تشكلت على اساس المراضاة فان ما يرتجى منها اليوم وغدا، ان يبدأ اعضاؤها بالتنافس في ما بينهم من أجل خدمة المواطن والاهالي، لكي تثبت كل الكيانات والاحزاب انها وصلت الى دفة الحكم لخدمة البلاد لا الى خدمة الذوات الذين انتشروا منذ عدة ايام في عرض البلاد وطولها، ومنهم من حزم حقائبه ليزور بلاد الجوار وما بعد الجوار، نتمنى جميعا ان تكون تلك الغزوات لله ولعباده لا للتباهي او المزايدة واستعراض العضلات، فالكل هنا يغني لـ ( ليلى ) وليلى تثقلها الجراح ويتعالى انينها حتى لا يستر الليل عورتها ولا البيوت تحجب اعداؤها!؟،   فقد مل الشعب من كثرة الاقاويل والاكاذيب ولم يعد يصدق ( واٌقسِم ) لو قالت له الحكومة وهي تؤشر للشرق انه شرق لما صدق ذلك!؟ 

 

    ان فقدان الثقة بين الاحزاب والمكونات ومن ثم بين الشعب والحكومة وبقية السلطات الاتحادية يحتاج اكثر ما يحتاج اليوم الى تنافس كل هذه القوى من اجل اعادة تلك الثقة المفقودة من خلال التنفيذ الجدي لتلك الوعود التي قطعتها الكتل والاحزاب والمرشحين لمجلس النواب والحكومة ايام كانوا يحتاجون اصوات الناخبين وتأييد الأهالي، وقد وصلوا اليوم الى تلك المراكز التي تؤهلهم لتنفيذ بعضا من تلك الوعود ولا نقول جميعها،  لترضية الاهالي واقناعهم بشرعية وجودهم ولكي يكونوا ثانية بعد سنوات اربع قادمة حاضرين حين الطلب لمنح المجدين والصادقين ثقة بتوليهم مراكز أخرى أكثر تقدما او تأثيرا.

 

     ان حلبة اثبات الشرعية مفتوحة امام الجميع لتأكيدها والعمل بموجبها، والصراع الآن في الساحة هو لإثبات وإعادة الثقة بين الأهالي ومن يدعي تمثيلهم او قيادتهم، فاذا لم ينجحو في تشكيل الحكومة الا بالمراضاة وجبر الخواطر فان التنافس هو الوحيد الذي سيثبت نجاحهم وتقدمهم وشرعيتهم، هو التنافس من اجل الاسراع في حل مشاكل المواطنين وتحقيق مطاليبهم الاساسية في الحياة الحرة والكريمة بعيدا عن المزايدات والشعارات التي تسببت في انهيار الدولة وسقوط النظام بعد حكم ما يقرب من اربعين عاما من اللف والدوران والأكاذيب والوعود الجوفاء التي أدت الى ضياع كل شيئ بما في ذلك المال والجاه والسلطة والحياة!؟

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *