المكونات الدينية الصغيرة … الى اين / بقلم عصمت رجب

لا زالت عمليات القتل والاختطاف و التهجير مستمرة بحق الاقليات الدينية والاثنية الصغيرة كالايزدية والمسيحيين والصابئة في مدن عراقية عدة ولا زال ابناء هذه المكونات في العراق يتعرضون الى خطر مزدوج واحد من الارهابين والثاني ربما يكون من حكوماتنا السرية المختبئة داخل الحكومة العلنية كوننا في العراق الاتحادي نمتلك اكثر من حكومة ، فحكومتنا الاتحادية معروفة وهي علنية لكن ربما تتخللها حكومات اخرى سرية تنفذ اجندة خاصة بها او تنفذ تعليمات سرية لأحزاب متنفذة داخل الحكومة الاتحادية تحت غطاء اخر.. والا كيف نفسر سلسلة العنف التي تعصف بالبلد، والتي مست جميع شرائح المجتمع العراقي بدرجات مختلفة ، نالت المكونات الدينية والمذهبية الصغيرة كالمسيحيين والايزدية منها حصة الاسد وما زالوا مستهدفين بخطر القتل على الهوية مما دفع بالالاف منهم الى مغادرة بلدهم الام، وبأعتراف من منظمة (IOM ) الدولية والتي جاء في تقريرها الاخير بأن :

“الغالبية الكبرى من اللاجئين العراقيين هم من المكونات الصغيرة” وقبل ايام عاد مسلسل القتل ليستهدف اكثر من عشرة اشخاص من المذهب الايزيدي علنا وامام انظار الحكومة وبسيارات الدفع الرباعي واسلحة كاتمة الصوت في وسط العاصمة بغداد، والكل يعلم بأن السيطرات في بغداد كثيرة جدا حيث لا يخلوا شارع من ثلاث او اربع سيطرات فكيف تعبر سيارات رباعية وفيها مسلحين “من جميع السيطرات” دون تفتيش اذا لم يكونوا يمتلكوا باجات حكومية تسهل مرورهم لينفذوا مخططهم الاجرامي بقتل الناس او بالاتفاق مع جهات لها نفوذ داخل الحكومة تبعد هؤلاء المجرمين عن المسائلة . ان أخطر أنواع الإرهاب هو الإرهاب الفكري الذي حوّل واقعنا الى سواد ، وبطش بالوعي وبالفكر، وبالذاكرة، وبالحلم، كما أن الإرهاب الدموي الممارس يومياً هو بطش بالجسد وتخريب البيئة وقطع العلاقة مع الأرض والتاريخ والذاكرة. وبالإمكان القول إن هذا النوع من الإرهاب الفكري هو استخفاف بعقولنا. فمشاهد القتل والاغتيال والإبادة والتّفجير والتّخريب والتّدمير والاعتقال والإذلال والظّلم تفضي إلى حالة من الخوف والهلع والشّعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار في النّفس. إن معالجة الإرهاب الفكري والذي يهيئ بدوره البيئة المناسبة للإرهاب الجسدي لا يمكن أن تتم دون إشاعة الديمقراطية الحقيقية وصيانة الحقوق والحريات العامة واحترام الرأي الآخر، والحيلولة دون أي انتهاك لهذه الحريات من قبل الحكام أو التنظيمات المتطرفة ذات النفوذ لدى الحكام.

في الختام علينا أن نعرف أن الإرهاب الجسدي ليس هو المرض الحقيقي او ليس اساس المرض الذي يصيبنا في العراق الاتحادي كونه عرض ناشئ عن الإرهاب الفكري الذي تولدت زعاماته وأتباعه من الحاضن الأساسي، المتمثل بالتشدد والتطرف باتجاه معين ، ذلك المنهج الذي اتخذ الكثير من الوسائل والبرامج ليقوم على تهيئة وتعبئة الكثير من شاببنا بالغلو والتشدد، فتلك البيئة هي التي تتيح له نموا عبر الأنشطة المختلفة التي قد نرى في ظاهرها الخير، وفي باطنها يكمن الخطر الحقيقي، الذي ولد مخزونا عدوانيا كبيرا في العقول الباطنية للفتية والشباب، واذا كانت الحكومة بريئة منه عليها ان تحاربه ليس امنيا فقط بل امنيا وتربويا وتعليميا ، بكل السبل .

 

بقلم عصمت رجب

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *