المفهومين القومي والاممي أنسانياً

 

 

من المباديء الأساسية في تكوين المجتمع بالتأكيد هو الأعتماد على الأنسان أولاً ، ومن خلاله يتكون القومالواحد أو الأقوام المتعددة من البشر في العيش المشترك على بقعة معينة من الأرض ، أو في الكرة الأرضية عموماً ولربما في كون آخر مستقبلاً وفق معطيات التقنيات العلمية والأبحاث المتواصلة لخلق عالم أنساني آخر ، كل هذا حدث ويحدث ضمن مقومات مترابطة ومشتركة ومتفاعلة بين المفهومين القومي والأممي الأنساني في التعائش السلمي والتفاعل المصيري الواحد الأحد ، لبناء مجتمع تسوده الألفة والمحبة والتعاون وصولاً للعمل المشترك الخلاق ، بغية تحويل نمط الحياة وتطورها الحالي واللاحق أعتماداً على القوى المنتجة آلياً رأسمالياً وقوى العمل الفاعلة للعملية الأنتاجية وتطورها اللاحق نحو الافضل ، مع ضرورة الأهتمام التام بالقوى المنتجة تأميناً لها من حيث السلع والخدمات لذوي الدخل المحدود والمنخفض ، خصوصاً السكن اللائق ضمن مواقع العمل المنتجة الذي يؤمن النقل تلقائياً ، أضافة الى ضمان صحي وتعليمي وأجتماعي للعمالة المنتجة مع ضمان حياتها في حالة الأستغناء عن خدماتها وفق المفهوم الرأسمالي الأنتاجي في أنسيابية السلع الأستهلاكية وتأمينها الدائم بعيدا عن الأستغلال أو التخفيف عنه خصوصاً في مرحلة البناء الوطني الديمقراطي للبلد المعني المتطلع نحو غد أفضل في المرحلة الرأسمالية المتقدمة بموجب المراحل الأقتصادية لتطور المجتمع تحقيقاً للعدالة الأجتماعية ووصولاً الى مجتمع أشتراكي خالي من الأستغلال.
المفهوم القومي:
يعرف بالخصوصية الفكرية واللغوية وعادات وتقاليد وتاريخ مشترك جامع لمجموعة معينة ضمن الموقع الجغرافي الخاص بها . وعليه أولى مقومات القومية هي :

1.اللغة الواحدة للتفاهم العام ضمن المجموعة البشرية المعينة.

2.الموقع الجغرافي المستغل من قبل تلك المجموعة البشرية.

3.التاريخ المشترك الخاص بالمجموعة نفسها .

4.العادات والتقاليد والمشاعر المشتركة في التقارب الواضح بين قسم من البشر.

5.الأقتصاد المشترك والمتنوع لتلك المجموعة البشرية بغض النظر عن عددها.
هذا النوع من البشر المحترم المشاعر والمقومات ، هو وليد التفاعل مع نفسه من جهة أومع المجموعات المتعددة في تكوين وطن متعائش في بقعة جغرافية محددة او واسعة التنوع القومي والأثني في بلد معين العراق مثالاً وليس حصراً ، هم بالتأكيد متفاعلين مع الأقوام الأخرى على قاسم مشترك أصغر يفترض الوطن الواحد ضمن البقعة الجغرافية المحددة دولياً تجمعها المصالح المشتركة في كافة مناحي الحياة.
هذا البناء لا ولم ولن يلغي دور الآخرين في العيش المشترك والمصالح المشتركة أبداً ، بل العكس هو الصحيح ، كما هو ليس نقيض الأممية الأنسانية في مجتمع الكرة الأرضية وحتى خارجه ، كونه أممي أنساني متكامل متفاعل منتج ومقتدر وصولاً لثورة علمية معلوماتية وأقتصادية متطورة تكاملياً نسبياً لخدمة البشرية من خلال مسعاها اللاحق لخلق عالم أفضل متطور وفق المفاهيم الأممية الخلاقة ، لدرأ الخطر الفكري القاتل في حب الذات الأنساني من جهة والتعصب القومي اللعين من جهة ثانية بموجب عاهة المفهومية للقوم الواحد على حساب مصالح الأقوام الأخرى ، أو الوطن الواحد على حسلب الأوطان المتعددة.

وهنا تكمل المحصلة في بناء الذات الأنسانية الخلاقة ضمن القوم الواحد أو الوطن الواحد في حب الأنسانية جمعاء في العالم أجمع ، ضمن المفهوم الأممي الخلاق بتعاون وتآزر جميع القوميات والأوطان بعيداً عن العنف والعنف المضاد ومرض قاتل للتسييس الديني الهدام ، لهدم كل أواصر المحبة والأخلاص بين عموم البشر المتطلع نحوعالم أفضل بعيداً عن الأستغلال والحروب المفتعلة هنا وهناك ، في عالم اليوم العاجف البعيد عن قيم الحضارة والتقدم والتلاحم المصيري الأنساني المشترك ، من أجل تطوره وتقدمه اللاحق في البناء الديمقراطي النظيف ، لبناء مجتمع راقي الخصائص ضمن العموميات مع احترام الخصوصيات وليس على حسابها من أجل عالم أفضل.
المفهوم الأممي :
يعرف بالمفهوم المتعدد للأوطان ضمن تعدد القوميات مع أحترام مشاعرها وخصوصياتها دون الغائها ووجودها على أرض الواقع ، كونها متعددة في وطن أو العديد من الأوطان في العالم .

أنها تلاحم أنساني مشترك من جميع مناحي الحياة المتعددة وخصوصاً في العمل الأقتصادي المنتج والمنصب في خدمة البشرية جمعاء ، كونه يدخل ضمن أممية الأنسان الحضارية في خدمة البشرية تحقيقاً للعدالة الأجتماعية والأقتصادية في العالم وفق المنظور البعيد ، للخلاص من الرأسمالية الجشعة وصولاً لمجتمع أنساني خالي من الأسغلال والحروب للعيش بسلم وسلام.
وعليه كتب لينين عام 1914 (الاعمى وحده هو الذي لا يعير اهتماما للظهور المفاجيء  لسلسلة كاملة  من الحركات القومية.) كما الماركسية هي اولى الفلسفات العلمية الانسانية التي تبنت  وناضلت  من اجل حقوق القوميات  في تقرير المصير .. واعطاء الحقوق لكل القوميات  كاملة غير منقوصة  بما فيها الانفصال  وتكوين دولتها  المستقلة اذا كانت الظروف  مواتية لذلك وفي خدمتها.
كما لم تسلم الماركسية  من تشويهها  فكرا وممارسة ،  وعليه نرى كتاب مختلفي الاتجاهات ينعتونالشيوعيون والماركسيون بدفاعهم عن الخصوصيات القومية , وخاصة المضطهدة منها التي تتطلب الوقوف الى جانبها .. ليس من الشيوعيون فحسب بل ومن التقدميون كذلك.. انصافا للحق والعدالة الاجتماعية والانسانية..
الانتهازيون اليوم يريدون خلط الاوراق ، كما يكيلون بمكاييل عديدة متنوعة ومختلفة الاوزان
،على المفكرين التقدميين كونهم مهتمون  بالفكر القومي  للقوميات الصغيرة العدد حاليا والكبيرة تاريخيا ،الانصاف وبتر هجمات المتعصبين بانعاتهم بالتناقض الفكري بين المفهومين الاممي والقومي ،  تلك هي مفارقة كبيرة في المفاهيم المغلوطة.
الفكر الاممي ليس نقيض الفكر القومي  بل هوة معه والى جانبه , في انتزاع حقوق القوميات  المضطهدة  والمهمشة ..عليه تنميتها نحو الافق اللاحق لبناء تواجدها . وضد تهميشها والانتقاص منها ، استنادا الى المبدا الاساسي في الفكر الاممي الماركسي , الذي هو الى جانب كل القوميات  والشعوب المضطهدة  والمظلومة .
الشيوعيون قدموا  دماء نقية ومعاناة جمة  واضطهاد  لا مثيل له .. من اجل المباديء الانسانية والوطنية والقومية  خدمة للبشرية ، ترى نفر ضال ينعتونهم بشتى الافتراء ظلما , كون الشيوعيون  يناصرون الحق ضد الباطل ، ومع الخير ضد الشر، والى جانب العدالة ضد الاعوجاج ، ومع الحياة الجديدة ضد الموت وكل تلديد بليد .  ومع كل الاسف التاريخ الناصع البياض يراد تشويهه والنيل منه .. من قبل خليط غير متجانس ومبعثر الالوان والاشكال ..
نرى كثيرون من القوميين المتعصبين يتشبثون بالوحدة القومية وهم مفترئون وديماغوجيون , بالاضافة انهم لايعترفون  بالقوم الآخر وحتى بتواجدهم التاريخي .. الذي يعرفه الداني والقاصي محاولين الغاء وجودهم القومي والتاريخي الحضاري عبر آلاف السنين ، وكل دعواتهم افتراء واكاذيب ومخادعة وتعصب اعمى ،لاهداف ونوايا الاقصاء والتغييب والتهميش والغاء الاخر .. متشبثين بالدين ورابطين قوميتهم الشمولية الفاشية بالدين نفسه مستغلين عطف وفتارة الشعب بضعف تفكيره وجهله وأميته . تراهم بين اقصى اليمين المتطرف  كما اليسار العقيم المشوه ، البعيد عن قيم الحياة الانسانية مستغلا الماضي التليد البليد ، التي أبتلت الأمم والقوميات الأخرى بسمومهم القاتلة المدمرة للبلد وللبشر معاً.

حكمتنا:( الأممية الأنسانية نصيرة شعوبها وجودهم من وجودها ، والقومية مكملة لها بمهامها ، ضمن خصوصيتها المحترمة وتسمياتها المشخصة).

 

منصور عجمايا

كانون الأول عام 2016

 

المصدر:1.مقالة الربط الجدلي بين المفهومين القومي والوطني.

2.كتاب لينين تحت عنوان حق الأمم في تقرير مصيرها عام 1914

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *