المفارقة الكبيرة بين أصالة الكورد شعباً و وطناً وانحطات الأتراك (شعباً) وكياناً / محمد مندلاوي

بالأمس نشرت مقالاً بعنوان ” تركيا على وشك أن ترتكب حماقة أخرى” وأرفقت معه خريطتان, واحدة رسمها معاهدة (سيفر) التي عقدت عام (1920) والتي تطرقت في الفقرة الثالثة تحت البند 62 و63 و64 عن كوردستان والشعب الكوردي, وتحديداً عن تأسيس دولة كوردستان المستقلة أسوة بدول العالم, ونص في سياقها قائلة بعد أن يستفتى عليها الشعب الكوردي. ألا أن مصالح الاستعمار وأطماع الطورانيين الأتراك الأوباش التقت على الأرض الكوردية مما حدا بهم أن يضعوا المعاهدة بمجملها على الرف إلى إشعار آخر؟, ثم اجتمعوا في إحدى منتجعات مدينة لوزان في الجزء السويسري الناطق بالفرنسية, واستعاضوا عنها بمعاهدة أخرى ظالمة وجائرة بحق الكورد, وسميت المعاهدة باسم تلك المدينة اللعينة “لوزان”, وتنكرت بنودها للحق الكوردي المشروع في وطنه كوردستان. أما الخارطة الأخرى, فهي قديمة عمرها تلامس الـ(1000) عام, رسمها ذلك التركي “محمود الكاشغري” عام (1072م) و وضعها في كتابه المسمى بـ” ديوان لغات الترك” وقلنا حينها للقارئ الكريم, إذا ينظر في هذه الخارطة بتمعن, لا يجد فيها كيان اسمه تركيا كما هو اليوم, الذي أصبح بعد أفول نجم الإمبراطورية العثمانية الوطن البديل للأتراك الطورانيين, بينما ثبَّت الكاشغري في خارطته اسماً بهذا الرسم “أرض الأكراد” أي كوردستان, على ذات الأرض التي أشير إليها كوطن أصيل للشعب الكوردي العريق منذ أيام سومر وإلى الآن. لكن للأسف الشديد, على مر القرون التي خلت, توالت وتتابعت تسلل الدخلاء إلى وطننا من كل حدب وصوب, ومنهم هذا المخلوق الشرير المسمى أتراك, وتوجد منهم زمرة ضالة زرعها الأتراك إبان حكمهم لكردستان والبلدان المحيطة بها, وعلى مر الأعوام بدلت هذه الزمرة الشريرة جلدها القبيح بأخرى أكثر قبحاً وأشد اشمئزازاً منه,  لكنها لا زالت تحتفظ باسمها الشبيه باسم أحفاد يأجوج ومأجوج؟, والآن تتقوى هذه الزمرة الطفيلية بالكيان التركي اللقيط, الذي كما أسلفت, غرسها كخنجر غدر في خاصرتنا, أبان حكم العثمانيون الأتراك لهذه البلاد الذي دام قروناً عجاف. عزيزي القارئ اللبيب, في هذه الوريقات القليلة سأطرح مفارقة وليس مقارنة, بين وجود الشعب الكوردي في وطنه كوردستان والمخلوقات التركية في الكيان الذي يسمى تركيا, ومجيئهم في غفلة من الزمن من منطقة “طوران” في آسيا الوسطى إلى هنا (تركيا) واتخاذهم له كوطن بديل. لأنه من شروط المقارنة يجب أن تكون بين شيئين متساويين أو متقاربين من كل الوجوه, و الأتراك لا يتمتعون بهذه العناصر التاريخية, لأنهم حديثي العهد في المنطقة. بينما الشعب الكوردي العريق, كل الشواهد الحقيقية المعروفة وصفحات التاريخ المعتمدة تؤكد وجوده المتميز في هذه المنطقة قبل الجميع, حتى قيل عنه, إنه ولد مع صخورها, فلذا ليس له أصدقاء سواها, إذاً كما قلنا إنها مفارقة وليست مقارنة. و ذكر الكاشغري  في خارطته اسم أرض الكورد بجانب أرض الشام وأرض العراقين ومصر والحجاز وأرض اليمن و خراسان الخ. باستثناء اسم أرض الأكراد التي تحمل اسمهم القومي كما في الخريطة, أن الأراضي الأخرى التي جاءت فيها كما أشرنا لأسماء بعضها أعلاه لا تحمل اسم الشعوب التي تقيم عليها؟, أليست هذه الخريطة وثيقة تاريخية و سند تاريخي عمره |(1000) سنة يستند عليه الشعب الكوردي و يؤكد له هذا السند بطريقة لا لبس فيها أن مالك هذه الأرض هو الشعب الكوردي؟ خاصة أن من صدر هذه الوثيقة التاريخية أو السند التاريخي ليس كوردياً؟. اليوم نضع في هذا المقال الذي بدأنا بكتابته, اللقب الكامل للسلطان سليمان الأول (1495 – 1566م) معروف أيضاً بسلطان سليمان القانوني, وأدناه سلسلة ألقابه التي أشير فيها إلى كوردستان كما أشير إلى أي بلد آخر ضمن تلك الألقاب, يقول: “حاكم بيت عثمان, سلطان السلاطين, خان الخانات, أمير المؤمنين, وخليفة رسول الله في الأرض , حامي مدن المقدسة الثلاث مكة ومدينة والقدس, إمبراطور المدن الثلاثة القسطنطينية وأندريبول وبورصة, ودمشق والقاهرة, وأرمينيا كلها, ومغيريس, وبركة والقيروان وحلب وعراق العرب والعجم والبصرة والإحساء وديلان والرقة والموصل زبارثية وقيليقية وأضنة وكارامان وأرض البربر والحبشة وتونس وطرابلس وقبرص ورودوس وبحر مرمرة والبحر الأسود وشواطئه وناطوليا وروميليا وبغداد وكردستان واليونان وتركستان وتاتاريا وجورجيا والبوسنة وصربيا وألبانيا الخ”. هذه هي الدولة العثمانية التي احتلت باسم الإسلام دولاً عديدة في ثلاث قارات من قارات العالم, تذكر اسم كوردستان موطن الكورد, بجانب الدول التي ذكرت في عداد الألقاب التي حملها السلطان سليم الأول قبل خمسة قرون؟ أضف, أن ضمن تلك المناطق التي جاءت في عداد ألقابه فيها مناطق أخرى كوردية سلخت في حينها من كوردستان وأعطيت أسماء أخرى, على سبيل المثال, كتلك المنطقة التي سميت بـ”عراق العجم” وأكبر مدنها, مدينة “كرمانشاه” التي تقع اليوم في شرقي كوردستان وتقطنها قبيلة “الكلهر – Kelhur” الكوردية العريقة. إن الجغرافي  حمد الله المستوفي (1281 – 1349م) يُلاحظ في خارطته التي وضعها قبل أكثر من سبعة قرون كتب فيها بَدل اسم العراق العجمي باسم كردستان؟, بهذا الصدد, يقول الدكتور رشيد الخيون ويراد به إقليم الجبال. و ورد  في هذه الخرائط القديمة أن حدود العراق لا تذهب بعيداً, بل محصورة بين نهري دجلة والفرات في بين النهرين حتى مصبهما في الخليج. من ضمن المدن والمناطق الكوردية التي سلخت من الأمة الكوردية, الموصل و بغداد و كذلك ما أطلق عليه عراق العرب, كل هذه المدن والمناطق كانت كوردية شكلاً ومضموناً, أسماءاً ومحتويات, ولنا في هذا المضمار مقالات عديدة أثبتنا فيها كوردية هذه المناطق وفق المصادر العديدة و غير كوردية؟, حتى قلت حينها, ليس في العراق الحالي اسماً عربياً واحداً لأية قرية أو مدينة أو منطقة قبل مجيء الإسلام إليها, بدءاً من اسم العراق نفسه ومروراً بأسماء المدن الكبيرة, كبغداد والأنبار والبصرة وكربلاء وبدره وجصان وميسان وديالى الخ الخ. بما أن النخبة العربية تعرف هذا جيداً, وتعرف أن أرض “عراق العجم” ذات الطبيعة الجبلية, هي امتداد لأرض كوردستان الجبلية واستقطعت منها إبان حكم الإمبراطوريات الحاكمة في المنطقة. وفي أيامنا هذه, بعد أن تبوأ الدكتور (فؤاد معصوم) منصب رئيس جمهورية العراق الاتحادي, لم يرق ذلك لبعضهم, فكتب أحد هؤلاء العروبيون مقالاً كيدياً, تفوح منه رائحة العنصرية, حين قال في نهاية مقاله:” سيطرة عراق العجم على عراق العرب” كلام واضح لا يحتاج إلى تحليل, بأن فؤاد معصوم القادم من جنوب كوردستان الذي لا يزال يسمى عند هؤلاء بـ”عراق العجم” أي أن عراق الكورد, يحكم عراق العرب. ألم يتصفح هؤلاء كتب التاريخ القديمة, التي تزدحم صفحاتها بذكر اسم كوردستان بصورة مستقلة عن الكيانات العميلة التي تحتلها الآن؟!. بهذا الصدد, يقول المؤرخ ورجل الدولة الإيراني (حسن پیرنیا) الملقب بمشير الدولة, في مقدمة كتابه المعروف (تاريخ إيران من البدء حتى نهاية الحكم القاجاري) الذي ألفه قبل أكثر من قرن من الآن, حين تحدث عن موقع إيران الجغرافي والدول و الممالك التي تحيط بها من الجهات الأربع, يقول بيرنيا:” من الشرق تحدها ثلاث سلاسل جبلية, المعروفة بسلسلة جبال سليمان, ومن الشمال تحيط بها سلسلة جبال البرز, التي تمتد من الشرق إلى الغرب, ومن الغرب تجاورها سهول و وديان جبال كوردستان, ثم تعود إلى الجنوب والشرق إلى أن تصل إلى بحر عمّان أو بحر العرب”. هذا ما قاله أب التاريخ الإيراني (حسن بيرنيا) قبل عشرات السنين في صدر كتابه الشهير المشار إليه, حين ذكر اسم وطن الكورد كوردستان كجغرافية مستقلة, بمعزل عن الدول الحديثة, التي أنشأها الاستعمار الأجنبي(الكافر), الذي قطع فيما بعد أوصال أرض كوردستان قسراً وألحقها رغماً عن إرادة شعبها بتلك الكيانات التي أنشأها خدمة لمصالحه وأهدافه الاستعمارية. قد يسأل القارئ, كيف تقول أن حدود العراق السياسية لا تتاخم حدود إيران وأنت تحدثت عن وجود منطقة باسم “عراق العرب” حتى قبل وجود (حسن بيرنيا) نقول نعم عزيزي, أن  ذلك العراق ليس كما عراق اليوم بحدوده الحالية, لأن عراق العرب كان عبارة عن بصرة والكوفة وهاتين المدينتين ليس لهما حدود أرضية مشتركة إيران, حتى أنهما سميتا في أسفار التاريخ بالعراقين والبصرتين عبارة عن البصرة والكوفة. ملاحظة أخرى تقتضي التنويه, حقيقة يحز في نفسي عندما أشير أو أن الكورد الآخرون يشيرون إلى أي جزء من أجزاء كوردستان المغتصبة نسميه باسم ذلك الكيان المحتل له, على سبيل المثال, عندما نشير إلى مدينة قامشلو نقول إنها تقع في سوريا!, بدل أن نقول في غرب كوردستان وهكذا عندما نشير إلى مدن كرمانشاه أو أورمية أو سنندج في شرقي كوردستان نقول إنها في إيران وكذلك الكورد في سنندج حين يشيروا إلى هولير أو سليمانية بدون تردد وبدون أدنى تفكير يقولوا إنها في العراق! ومثل هذا الكلام حقاً جريمة. أو عندما يتحدثوا عن الكورد في أي جزء من كوردستان ينسبوه إلى ذلك البلد المحتل كقولهم كورد العراق أو كورد تركيا الخ. كم يكون أجوف هذا الكوردي الذي يتحدث بهذه اللغة غير المسئولة! ولا يقول كورد كوردستان, حقيقة هذه جريمة شنعاء ترتكب بحق الشعب والوطن حين تسلب منه هويته القومية بالمجان و تنسب أبناء جلدتك و مدنك إلى جغرافية ورصيد المحتل!. بينما كتب التاريخ لتلك الشعوب التي تحتل كوردستان كانت تشير إلى الكورد وكوردستان كشعب وبلد قائم بذاته, ولم يكن جزءاً مكملاً لأحدى الكيانات الغاصبة له. أعلاه ذكرنا كيف أن إحدى ألقاب سلطان الإمبراطورية العثمانية كانت سلطان كوردستان. أنظر أدناه إلى الدول التي حكمها السلاجقة كما جاءت في المعجم العربي, وهو يتحدث عن سلاجقة الفرس أي الذين حكموا إيران وسلاجقة العراق وسلاجقة الروم وسلاجقة كوردستان وسلاجقة سوريا. أيضاً هنا أشير إلى كوردستان بصورة مستقلة, مثلما أشير إلى سوريا وإيران والعراق. حتى فيما يتعلق باللغات التي تتكلم بها البشرية, لا تفاضل فيما بينها, وكل لغة قائمة بذاتها ولها خصوصيتها اللغوية, كما قال  (ابن كثير) في تفسيره للآية (22) لسورة الروم في القرآن, حين يقول: “ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف  ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”. يقول المفسر (ابن كثير) عن اختلاف الألسن عند الإنسان: “فهؤلاء عرب وهؤلاء تتر وهؤلاء كرج وهؤلاء روم وهؤلاء إفرنج وهؤلاء بربر وهؤلاء حبشة وهؤلاء هنود وهؤلاء أرمن وهؤلاء أكراد, إلى غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى من اختلاف لغات بني آدم واختلاف ألوانهم”. هذه هي اللغة كما للعربي لغة مستقلة عن اللغات الأخرى كذلك للكوردي لغته المستقلة عن اللغات الأخرى.  أما فيما يتعلق بالجغرافياً, ذكر الكاتب البابلي (بيروسوس) الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد, الجبل الذي استقرت عليه سفينة النبي نوح, قال: “أن اسمه جبل الكورديين, أي جبل الكورد”. لم يقل (بيروسوس) جبل بابل أو جبل العراق أو جبل سوريا, بل قال جبل الكورد, الذي يقع في وسط كوردستان, وهذا يؤكد لكل ذي عينين, أن الكورد و وطنهم كوردستان منذ أن وجد لم ولن و ليس جزءاً من شعب آخر أو بلد آخر. ومن يريد يتأكد من الكلام الذي قاله بيروسوس, فليراجع كتاب العلامة (طه باقر) المسمى بـ” ملحمة كلگامش” صفحة (141) طبع وزارة الأعلام العراقية سنة (1975). وفي العصر الحديث حتى أن الاستعماريين محتلي وطن الشعب الكوردي ومجزئيه وملحقيه بكيانات فاشلة وهزيلة استحدثوها في المنطقة, لم يستطيعوا أن ينكروا اسم كوردستان كوطن أصيل للأمة الكوردية المناضلة, حيث توجد في ثنايا الكتب شواهد ومدارك كثيرة تتحدث عن كوردستان قبل تقطيع أوصالها, ومن ثم إلحاقها قسراً ورغماً عن إرادة شعبها الكوردي بالكيانات العميلة للغرب. لكن دعوني هنا أضع بين أيديكم واحدة من هذه الوثائق التي تتحدث عن كوردستان بمعزل عن إحدى الكيانات المحتلة لها وهي برقية مرسلة من وزير الخارجية البريطاني “اللورد كروزون” إلى المندوب السامي البريطاني في بغداد بتاريخ (22) نوفمبر (1919) يتضح من خلال تاريخ السنة أنها قبل تأسيس الكيان العراقي في بلاد بين النهرين, الذي سمي فيما بعد بمملكة العراق ونصبوا عليها فيصل بن الحسين مليكاً عليها, وفيصل هذا خان والده! الشريف حسين بن علي الذي كان شريفاً على مكة ثم ملكاً على الحجاز. وبعد أن طرده الفرنسيون من سوريا شر طردة, أصبح فيصل عميلاً مطيعاً لبريطانيا, نستطيع أن نقول, أن تنصيبه مليكاً على العراق جاء كمكافئة لخدماته الكبيرة التي أسداها للتاج البريطاني. على أية حال, تقول البرقية: “إن قضية سياستنا في كردستان ككل هي قيد الدرس هنا. وفي الفقرة الثالثة يقول الوزير: إن حكومة صاحب الجلالة – البريطانية- سوف لا تقوم تحت أية ظروف بمسئولية الوصاية على كردستان”. وفي الفقرة الخامسة التي هي الفقرة الأخيرة في برقية وزير الخارجية البريطانية تقول: “ولا يسمح بعودة السيادة التركية إلى كردستان”. أعتقد كلام واضح لا يحتاج إلى تفسير وتأويل, بأن الوزير البريطاني يتطرق عن كوردستان كوطن مستقل قائم بذاته, ليس له أية علاقة بكيانات الأطراف المستحدثة و المحيطة به المتمثلة بكيانين عربيين هما سوريا والعراق وبكيان تركي يعرف الجميع كيف جاء هذا الوليد غير الشرعي إلى الوجود, وكذلك ليس لكوردستان أية علاقة بالفرس في إيران, سوى أن الكورد والفرس من الأرومة الآرية. ومن بين البرقيات العديدة أيضاً اخترنا لكم برقية أخرى مرسلة من المندوبية السامية البريطانية في القسطنطينية بتاريخ (29) ديسمبر (1920) تقول: “فخامة اللورد بالإشارة إلى برقية فخامتكم المرقمة 708 والمؤرخة في 31 تموز وإلى المراسلات السابقة حول كردستان, أتشرف بأن أرسل طياً مذكرة حررها الضابط السياسي الثاني في هذه المندوبية السامية بشأن مقترحات تقدم بها بعض الأكراد القسطنطينية لمحاربة الخطر البلشفي” البلشفي يعني الشيوعي. لكي لا أطيل أكتفي بهذا القدر من البرقيات التي تحدثت بوضوح تام عن كوردستان وطن الشعب الكوردي بمعزل عن الدول المعتدية التي احتلته وقطعت أوصاله فيما بعد, ألا أن الشعب الكوردي منذ اليوم الأول رفض هذه التجزئة والاحتلال الأجنبي البغيض الذي دنس أرضه الطاهرة أقدام أولئك المحتلون الأوباش بكل ألوانهم وصنوفهم, بأسمرهم وأبيضهم وأسودهم. عزيزي القارئ النبيل, أعتذر عن الإطالة, لكن اسمح لي أن أقدم لك في نهاية هذه المقالة مجموعة خرائط قديمة وحديثة معتبرة ومعتمدة لدى أصحاب القرار, وفيها وطن الشعب الكوردي كوردستان. لو نستثني السومريون الكورد, إن الشعوب والقبائل السامية التي نزحت من شبه الجزيرة العربية – “أرض غير ذي زرع” كما أشار لها القرآن- و استوطنت الأراضي المنخفضة على كتف الفرات, في بادئ الأمر, وحتى بعد مجيء الإسلام إلى المنطقة, أطلق على موطن الكورد اسم إقليم الجبال, بسبب تغلب طابع الجبال الشاهقة على أرضها التي استقرت على قمة إحدى جبالها سفينة النبي نوح وهو جبل (گوتي) نسبة إلى إحدى قبائل الشعب الكوردي, وبسبب عدم وجود حرف الـ “گ” في اللغة العربية لفظها العرب, جودي. بما أن الاسم ورد في القرآن بهذا الرسم, فلذا هاجر الكورد المسلمون الاسم القديم وقالوا كما يقول العرب المسلمون “جودي”. كذلك الحال لاسم وطن الكورد, كل شعب من جانبه لفظه حسب لغته الدارجة لكن بتسميات مختلفة و تحمل في مضمونها دلالة واحدة لا غير, فالسومريون الكورد بعد أن نزلوا من مرتفعات كوردستان و استقروا في جنوب وادي الرافدين سموها كارا أي أرض الكورد, والآشوريون سموها كورتي, والبابليون سموها قاردوا, والأرمن سموها كوردجيخ, والإغريق قالوا كاردوجي, والرومان قالوا كوردرن, والعرب في صدر الإسلام سموها, إقليم الجبال, الخ. أدناه: خارطة قديمة وضعها البابليون, تاريخها يعود إلى أربعة آلاف عام خلت, ذكر فيها اسم الجبال, كإقليم يقع في شمال بين النهرين.

أدناها: خارطة كوردستان الموحدة التي تبدأ من البحر الأبيض المتوسط إلى بحر الخليج. في الحقيقة أن الأراضي الكوردية أكبر وأوسع من هذا بكثير, لو يلقي الإنسان نظرة على خارطة إيران الشاملة التي تعتمدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجد فيها هناك مناطق كوردية عديدة مطلة على الخليج أو قرب ساحله ولا زالت تحمل أسماءاً كوردية خالصة مثل: ناحية مُكابرة التابعة لمحافظة بوشهر سكنتها من عشيرة “شوانكاره” الكوردية و ناحية كوردستان التابعة لقضاء بهبهان أتلاحظ عزيزي القارئ, إن هذه الناحية المطلة على بحر الخليج تحمل اسم كوردستان الوطن الكبير لعموم الشعب الكوردي, وكذلك مدينة كورد شول و كورد يل وكورد شيخ التابعة لكازرون و ناحية كورديان،الخ. أنا ذكرت هنا فقط أسماء المدن التي تحمل معها اسم الكورد لكي لا يشك أحد بكلامي, ألا أن هناك مدن كوردية أخرى على ساحل الخليج لا تحمل اسم الكورد كالمدن التي ذكرتها أعلاه, فلذا لم أذكرها هنا.

أدناها أيضاً: خريطة أوروبية تاريخها يعود إلى عام (1811) يظهر فيها جزءاً من كردستان باللون الأصفر.

المدرجة أدناها: “الخريطة الأصلية لعام (1920) يظهر فيها مناطق معاهدة سيفر” وفيها جزءاً من شمالي كوردستان على الجانب الأيمن باللون الغامق وبصورة مستطيلة ومكتوب عليها باللغة الإنكلزية كوردستان وهو في حالة عناق جغرافي مع أجزاء كوردستان الأخرى. ملاحظة: أن الكلام المحصور بين علامتا التنصيص وهذا رسمها ” ” يعني أن الكلام الذي في داخلها مقتبس, أي ليس من عندي.

أدناها أيضاً: خارطة عثمانية تركية اعتمدتها الدولة العثمانية سنة (1892) وهي تبين الولايات التي حكمها العثمانيون في قارة آسيا وفي وسط هذه الخريطة تظهر بين الدول والولايات كوردستان بالخط العريض ومن ضمنها مدينتي كركوك والموصل الكورديتين الكوردستانيتين وبقية أراضيها ومدنها وقراها.

عزيزي القارئ, حتى أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لم يستطع أن ينكر حقيقة وجود كوردستان على الأرض,أدناه خارطة دولة الخلافة الإسلامية التي تبناها وتحلم بإقامتها, وفيها بجانب العراق والشام والحجاز كوردستان التي تبدأ من البحر إلى البحر. إن هذه الخريطة نشرتها صحيفة ” ديلي ميل” البريطانية, وقالت أنها تعود لأنصار تنظيم الدولة الإسلامية. الشيء الذي يجذب الانتباه في هذه الخريطة تحديداً, أن جميع الدول المذكورة فيها لا تقترن أسمائها بأسماء الشعوب التي تعيش على أرضها إلا اسم كوردستان الذي يعني وطن الكورد؟. بينما اسم تركيا الذي أطلق على الكيان اللقيط, قد أزيلت في هذه الخريطة, وعادت المنطقة إلى مساحتها الحقيقية واسمها الجغرافي الحقيقي “أناضول – أناتولي” الذي يعني الشرق باللغة اليونانية, لأنها كانت جزءاً من اليونان. أرجو أن لا يُفهم خطئاً, أن إلحاق الخريطة أدناه بالمقال دعاية لأحد, قطعاً ليس كذلك, الهدف الأساسي من نشرها هو أن أبين للقارئ الكريم الاعتراف الصريح بوجود كوردستان مستقلة عن الدول التي تحتلها الآن, من قبل أعداء وأصدقاء الشعب الكوردي.

أدناها نسختها العربية

باستثناء الخرائط الأوروبية, أدناها خريطة أمريكية صادرة عام (1920) ويظهر فيها اسم كوردستان موطن الأمة الكوردية بكل وضوح, وفي أسفله اسم “ميسوبوتاميا” أي بين النهرين, وبجانبه الأيسر اسم سوريا, وفوق منه مركز الخلافة العثمانية المسمى تركيا, وعلى يمينه اسم “بيرسيا” أي إيران, لأن اسم إيران عادت لهذه البلاد مجدداً عام (1925) بعد أن أصبح ذلك الجندي الذي عمل في اصطبل الخيل في الجيش القاجاري, المدعو رضا بهلوي, شاهاً لإيران. وبعيداً عنه, مكتوب اسم الحجاز وليس السعودية, لأن اسم السعودية أطلق عليها بعد تأسيسها عام (1932) من قبل عبد العزيز آل سعود. وكذلك ترى فيها اسم فلسطين. لو نقارن بين الأسماء التي جاءت في الخارطة أو التي استحدثت فيما بعد نرى أن اسم كوردستان إن لم نقل أنه أقدم وأعرق تلك الأسماء مما لا شك فيه أنه أحد تلك الأسماء القديمة جداً والذي يقترن باسم الشعب الكوردي؟.

أضف إلى كل هذه الأصالة والعراقة التاريخية, ذلك العمل العظيم الذي قام به السلطان صلاح الدين الأيوبي وجيش الكوردي, الذي أنقذ الإسلام والعرب من الفناء, لكن للأسف الشديد رد إلينا العرب الزين بالشين, على أية حال هذا ليس موضوعنا الآن. بخلا الأتراك, أن الكورد وقائدهم صلاح الدين قووا بنيان الإسلام وحموا العرب من زوال, إلا أن أحفاد هولاكو “أول ما شطحوا نطحوا” حيث قتلوا الخليفة العباسي وسلبوا الخلافة ونقلوها فيما بعد من بغداد إلى اسطنبول, وأصبح المخلوق التركي خليفة للمسلمين. رحم الله البخاري الذي نقل لنا حديثاً نبوياً تحت رقم (3394) يعرفنا بحقيقة الأتراك, يقول: “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر, وحتى تقاتلوا الترك…”. أعتقد أن الحديث واضح لا يحتاج إلى تفسير, أنه يدعوا المسلمين صراحة لمقاتلة الأتراك. لاحظ المفارقة بين العمل الجبان الذي قام به الأتراك حين قتلوا الخليفة العباسي, وبين العمل البطولي الذي قام به ذلك الكوردي صلاح الدين الأيوبي وجيشه المقدام!. رغم أني ذكرت هذا البيت الشعري عدة مرات في مقالاتي السابقة لكن لا ضير أن أكرره مرة أخرى و قائله هو القاضي (محي الدين ابن الزكي) الذي كان قاضياً لدمشق أيام صلاح الدين ونظم حينها قصيدة قال في مطلعها: “الحمد لله ذلت دولة الصلب … وعز بالكورد دين المصطفى العربي … وفتحكم حلبا بالسيف في صفر … مبشر بفتوح القدس في رجب. ” هؤلاء هم الكورد الغيارى وهذا هو وطنهم كوردستان, أنهم عزوا الدين الإسلامي. وذكر وطنهم كوردستان, النبي نوح, بأنها الأرض المباركة, كما جاء في القرآن في سورة المؤمنون آية (29): “وقل ربي أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين” هذه الأرض التي باركها الله في قرآنه, اليوم يحرقها ويدمرها مع أهلها ذلك الذي يدعي ويزعم كذباً وبهتاناً بأنه مسلم بالطائرات والمدافع, ويدنس ثراها بأقدام جيشه الهمجي, ذلك هو المدعو رجب طيب أردوغان. ليعلم هذا الأفطس الطوراني, هذا هو تاريخنا على امتداد زمني واتساع جغرافي نور على نور, بينما تاريخ هؤلاء الأتراك, عندما كانوا في طوران وانتهاءاً بتركيا التي اتخذوها وطناً بديلاً, مثل وجوههم, سواد في سواد, ليس فيه شيء يشرف. كيف بتاريخ أسود يشرف أهله وصفحاته تزخر بجرائم هؤلاء السفاحون الأشرار, كأتيلا الهوني, وهولاكو, وتيمور لنك, وجنكيزخان, والجُرموق مصطفى كمال, وآخرهم وليس أخيرهم حاضن الإرهاب الكلب العضاض رجب طيب أردوغان الذي دون اسمه في لائحة الإرهاب والإجرام. أضف لكل هذا أنهم موصوفين في الأحاديث الشريفة كأعداء للإسلام والمسلمين ويدعوا الحديث إلى مقاتلتهم. أدناه رسم لضحية من المسلمين دق في أسفله الأتراك الخازوق الذي ابتكروه حتى خرج من فمه, وكان الخازوق من أبشع طرق التعذيب والقتل التي سادت في الدولة العثمانية التركية.

بعد الانتصارات الباهرة التي حققتها و تحققها فتيات وفتيان الحركة التحررية الكوردستانية في كل من غرب وشمال كوردستان وفي جبال قنديل على قوى الإرهاب و الجيش التركي. لم يبقى أمام أردوغان شيء يفعله, ألا أن يضرب بكفه الملطخة بالدماء الأبرياء على رأسه الذي يعاني أصلاً من التخلف والحماقة الشديدة, ولم يعرف هذا الطوراني الأبله, أن من يزرع الشوك يجني الجراح.

خير ما أختم بها هذه المقالة أبيات شعرية من قصيدة عصماء, قالها العلامة (عثمان بن السند الوائلي النجدي) وهو يمجد فيها الوطني الكوردي, كوردستان الذي أنجب قادة عظام غيروا وجه التاريخ, وأعطى للعالم علماء وأدباء وفطاحل أغنوا المكتبة العربية الإسلامية بعلومهم وأدبهم وشعرهم. يقول العلامة في شعره: “أيا منزل الأكراد بوركت منزلاً … لنا فيه أقمار المعارف تشرق … سعدت فما أصبحت إلا حديقة … بها زهر التحقيق مورق … لنا فيك أعلام إذا ما ذكرتهم … فطرفي دفاق وقلبي محرق … مشايخ أضحى للعلوم معادناً … بما حرروا قد زان للدهر مفرق … مدارسهم بالعلم أضحى نواظراً … بطرف إلى أعلى المنازل يرمق”  

محمد مندلاوي

You may also like...

1 Response

  1. jano barwari says:

    الظلم الذي لحق بالكورد لم يلحق بشوعب العالم من الغزوات و القتل و الابادات الجماعية و الترحيل من مناطقهم ..ما يسمى بتركيا لم يكن هناك مخلوق واحد باسم الترك و انما كان لشعوب المنطقة الاصليين و منهم الكورد ..الشعوب الاصلية للمنطقة كلهم من ضحايا الاستعمارات الغربية و همجية الاتراك المغول … كوردستان ستبقى للكورد على الرغم من احتلالها من قبل الانظمة و الدول المجاورة و سيتم تحريرها واحدا تلوة الاخر مع مرور الزمن ..تحية حارة لكاتب المقالة و الصفحة الغالية لكتابة الحقائق ..شكرا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *