الله خلق العائلة…


 

إبتدأ الدرس الأول من الإسبوع الثاني من سنة الإيمان في إبريشية مار بطرس الكلدانية بحضور سيادة المطران مار سرهد يوسب جمو الجزيل الإحترام وألأب الفاضل نوئيل كوركيس الراهب وقسم من تلاميذ السيمينير الكلداني في سان دييكو وجمهور كبير من رعية الإبريشية، وكانت المحاضرة للأب الفاضل أندرو يونان مدير دير مار أبا الكبير، مُستَهلاً، بأننا دائماً ننظر الى الكتاب المقدس لتقيَيم سلوكنا وأعمالنا، قائلاً: وجاء الفريسيون الى يسوع يسألوه ويجربوه، ماذا عن الطلاق؟!، ألم يَقُلْ موسى أن إعطوا ورقة للمُطلقة؟!، أجاب المسيح (لقساوة قلوبكم أحل لكم موسى الطلاق ولكن في البدء لم يكن كذلك)، فنحن نعرف أن الله خلق آدم ونفخ فيه من روحه وجعل عليه سُلطان النوم ليأخذ أحد أضلاعه ويكسوه لحماً ولتصبح له إمرأة (حواء)، ولم يأخذ الرب عَظمة من رأس آدم لكي لاتسود عليه حواء ولا من ساقه لكي لا يسود عليها آدم بل من ضلع صدره ليكونا جسداً واحداً متساويين في السراء والضراء الى أن يفرق الموت بينهما.

إذن كيف ينظر المسيح الى الزواج بين الرجل والمرأة؟، فالزواج ليس كقانون وضعي وحسب بل هو في كيان الإنسان منذ الخليقة الأولى لتكوين أُسرة بين إثنين (الرجل والمرأة) وإقامة بيت مثالي، ومن جانب آخر نرى البعض لا يتزوج أي يكون بتولياً وهي (مُحبذة) لمن يستطيعها وهي نعمة من الله كالزواج تماماً، ومار بولس يقول في إحدى رسائله، أتمنى أن يكون الآخرين مثلي بدون زواج!.


والرب منذ البدء أمر العائلة ألأولى أن تملء الأرض وليس أن تملء المسكن فحسب!، بل ان تصنع منها مكاناً جيدا ملائماً للبشر، لذلك نرى أن صورة الله أي حُب الله لصُنعة يديه المقدستين لايضاهيهما شيء مطلقاً، عليه فالتفاعل الإيجابي يجب أن يسود بين أفرد العائلة الواحدة ليعم الى باقي المجتمع.

ونرى في مجتمعنا الحالي أشياءغريبة عجيبة فبدلاً من الزواج بين الرجل والمرأة نلاحظ (الزواج) بين رجل ورجل!!، أو بين إمرأة وإمرأة!!، وهذا مُناقض ليس للدين والأخلاق فحسب بل مُنافياً ومغايراً للطبيعة البشرية السوية!، وهو يُمحي رابط الأسرة من الأساس ويقوض المجتمع، لذا فزواج المثليين ينفي إتحاد الرجل بالمرأة روحياً وجسدياً، وقد يقول قائل، إن هؤلاء الناس (المثليين)إنما يعبرون عن أحاسيسهم وشهواتهم تجاه الآخرين، ألسنا في زمن وبلد الحرية ونعمل مانريد؟، ولكن ليس كل ما يشتهي الإنسان يجب أن يفعله!.

يُقال يجب أن تُطيع المراة زوجها، نقول نعم ولكن هذا ليس كل شيء بل الأهم هو الحب المتبادل والإحترام بينهما، لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتحق بزوجته شريكة حياته، ويقول الكتاب أيضاً إحترم أباك وأمك فتطول حياتك على هذه الأرض!.

وفي العائلة عندما يَسمَعُ الإبن لكلام ونصائح أَباه فهذا معناه أن الأب يُحبه الله وإنه يعمل بموجب وصايا الله، لذا يجب تعليم الأبناء بالروح المسيحية الحَقة ليتمكنوا من النمو بالقامة والمحبة وبنعمة ومشيئة الله، ويعلمنا مار بولس، أن لاتزعجوا أبنائكم بل حاوروهم بالحسنى، وأنتم تَعَقَّلوا وإضبطوا أنفسكم!، فالأولاد هم عَطية الله للأب والأم وعليهما أن يُحسنوا تنشئة وتربية عَطية الله المباركة.

كل أسرار الكنيسة تبدأ من محبة المسيح لنا، وهذه المحبة هي الجسر الموصل بين الله والبشر، إن المحبة بين الآب والإبن هو الروح القدس ذالك الرباط الأزلي السرمدي الذي هو الحب الحقيقي التام والكامل وهو المثال الذي يريده الله أن يكون بين الرجل والمرأة!، أي لاتنفصل عُراه أبدا.

وفي ختام المحاضرة توالت أسئلة وأستفسارات المشاركين، أجاب عنها حضرة الأب أندرو برحابة صدر وإيجابية حريصاً على إيصال كلمة الله إليهم ومن خلالهم الى عوائلهم ومعارفهم.

ثم إبتدأ الدرس التالي وكان المحاضر الشماس ألن كليانا قائلا:


يقول البعض، أن الزواج كان قبل المسيح، فلماذا تنظر الكنيسة وتعطي أهمية قصوى للزواج؟!، ولا يعرف أولائك البعض أن المسيح قد أعطى مثالاً لا يُبارى عندما قَدَمَ نفسه من أجل كنيسته وهي عروسه وحبيبته وهو عنوان في التضحية والإيثار عَلَمَنا بها المسيح كيف يجب أن يُحبْ الرجل إمرأته وبيته حد التضحية بالنفس من أجلهما، وعليه فلا يوجد أي من البشر قد اعطى أهمية للزواج والشراكة الروحية والجسدية بين الرجل والمرأة مثلما فعل المسيح وهو على خشبة الصليب.

لذلك فلا يمكن لحاكم أو قاضي أو رئيس بلدية أو أي تشريع أن يُقدس الآصرة الروحية للزواج بين الرجل والمرأة كما هي الآصرة المقدسة بين المسيح وكنيسته!.

عليه يجب أن نحذو بالحب الإلهي في بيوتنا ومع أولادنا وأن تُربي العائلة اطفالها في حب الله لتنموا الأسرة كلها بالإيمان وأن يُزج بالأطفال الصغار في تعاليم الكنيسة لتترسخ تُلكم القيم السماوية في نفوسهم طوال حياتهم.

وإضافة لواجبنا تجاه عوائلنا يجب أن نُبشر بالمسيح أينما كنا، فعندما نرى أن شعلة الإيمان خافتة أو معدومة أو أن إسم الرب غير موجود أصلاً والأرض قاحلة، علينا عندئذٍ أن نقرع الأبواب من أجل نشر كلمة المسيح.


ويجب في الوقت عينه ان نحافظ على كلمة الكنيسة وتعاليمها المقدسة التي هي كلمة المسيح وان تظل في نفوسنا تنير أمامنا الدرب، لا أن نُرمِها وراء ظهورنا فور مغادرتنا لأبواب الكنيسة.


وقد لاقت كلمة الشماس ألن إستحسان الحاضرين نظراً لصُغر سنه وإجادته التعبير وإيصال افكاره الى الإخوة الحاضرين من مختلف شرائح مجتمعنا الكلداني الأصيل، وفي ختام اللقاء اشاد سيادة المطران مار سرهد يوسب بالشماس الشاب وبإفتخاره به وبعائلته.

وهكذا إنتهى النصف الأول من المحاضرات اللاهوتية ولنا لقاء آخر بمشيئة ألآب والإبن وشركة الروح القدس مع جميعكم.

مؤيد هيلو

سان دييكو


14 / 11 / 2012

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *