اللغة الكلدانية في كتاب كلدو وآثور (4)

على الكنيسة تصحيح الخطأ الشائع

” خاهه عما كلذايا “

نزار ملاخا

اللغة هي هوية الشعوب، لذا فإن شعبنا الكلداني وإستناداً إلى هذه المقولة لغته هي الكلدانية، وإن هذه اللغة بعد أن أنتشرت في كل بقاع العالم، سادها في يوم ما جو من الهبوط والنزول، وقد افل نجمها خاصة بعد أن أنتشر الإسلام في ربوع العراق موطن الكلدان الأصلي، وأنحسرت اللغة الكلدانية حيث حلت محلها اللغة العربية ، لغة القران الكريم، والسبب في ذلك هو ان هوية الدين الجديد أعتمد أساساً على اللغة العربية، فمن يدخل الإسلام عليه أن يتعلم لغة القرآن، وقد فُرض عليهم تعلم اللغة العربية، لذا فإن اللغة الكلدانية قل إستخدامها في صفوف الكلدان وخاصة الكلدان الذين أعتنقوا الدين الجديد واصبحوا مسلمين، كما أن التسمية القومية ( الكلدانية ) لمعتنقي الدين الجديد أنتهت ايضاً وفد سُمّوا مسلمين تمميزاً لهم عن المسيحيين وإن كانوا كلهم كلداناً، ولكن طغت التسمية الدينية على التسمية القومية لأسباب عديدة وكثيرة منها تخلصاً من الضغوطات والإضطهادات والجزية وغيرها، لذا بقيت اللغة الكلدانية متداولة عند بعض المسيحيين الذين بقوا على دينهم، كما بقيت ولحد اليوم هي لغة الكنيسة والطقوس الدينية والصلوات، وأنحسر تداولها في هذا المجال فقط وفي بعض القرى والمدن في التي هرب إليها المسيحيين في المناطق الشمالية، وشواهد التاريخ على ذلك كثيرة ومتعددة، ومما يؤسف له أن الكنيسة التي حافظت على لغتنا الكلدانية الجميلة من الإندثار نراها اليوم بشخص بعض من كهنتها أصبحوا الأداة الفاعلة في محو أسم لغتنا، حيث ما زال البعض من الكهنة وغيرهم ممن يسمون لغتنا الكلدانية بغير إسمها، أو يسكتون عندما ينعت البعض لغتنا بغير أسمها، مثلاُ لم نر اي إعتراض من قادة الكنيسة على قانون اللغات الرسمية الذي صدر في الثامن من كانون الثاني من هذه السنة والذي تنص مادته التاسعة على ما يلي /

المادة -9- اللغة التركمانية و اللغة السريانية لغتان رسميتان في الوحدات الإدراية التي يشكل التركمان أو السريان فيها كثافة سكانية

يا قادة كنيستنا المحترمين/ يا مسؤولي تنظيمات شعبنا المختلفة / بعد كل هذا الكم الهائل من المصادر التاريخية المختلفة عن لغتنا الكلدانية وعن هويتنا القومية الكلدانية ألا تعترضون على من اصدر هذا القرار بدون وعي وبدون أن يتفهم حقيقة القوميات المسيحية في العراق، ويصدر قراراً إرتجالياً دون العودة إلى التاريخ أو اصحاب الشأن بهذا الخصوص ، لماذا السكوت عن الخطأ ؟ تقولون نحن في عهد ديمقراطي وليس دكتاتوري فاين مفهوم الديمقراطية والدكتاتورية من هذا القرار ؟ وأين يمكننا أن نصنفه ؟ هل هي مسألة فرض أخطاء بالقوة ؟ أم السير على خطى الدكتاتورية ؟ أم نحن نفرض عليكم ما يعجبنا ؟ أم أن سكوتنا هو ضعف ؟ لماذا لا تصدر الإحتجاجات على هذه القرارات الجائرة الظالمة بحق الكلدان الشريحة الكبيرة في المجتمع المسيحي العراقي ؟ هل نفهم من ذلك بأن السكوت علامة الرضا ؟ وهل صدور كتاب سيادة المطران االجديد عن المخطوطات السريانية هو تأييد لهذا القرار ؟ أم أن هذا القرار أستند عليه ؟

المهم في ذلك نقول بأن لغتنا الكلدانية في طريقها إلى الإندثار يسند ذلك بعض رجال الكنيسة ممن ينادون بالسريانية كلغة للكلدان ،

لماذا يحاول بعض الكهنة صم الآذان عن الحقائق التاريخية ؟ لماذا لا نقف بكل قوة بوجه كائن من يكون عندما لا يعترف بأن لغتنا هي الكلدانية؟ لماذا لا نقف بوجه الكهنة والشمامسة الذين يدّعون ذلك، ماذا نقول عن هؤلاء ؟ هل نقول ليسوا متعلمين ( ولا أقول ليسوا مثقفين لأن هناك فرقاً بين المتعلم والمثقف ) ؟ كلا فلديهم من الشهادات الجامعية ما تفي بالغرض، وقد حصلوا على شهادات جامعية عليا، هل نقول أنهم متعمدين في ذلك ؟ أقول كلا، إذن ماذا ؟ ، برأيي الشخصي إنه إهمال وعدم إكتراث / بالإضافة إلى تطبيق مبدأ ” حَشرٌ مَعَ الناسِ عيد ” أم أنهم يعتبرون ذلك ” خطأ شائع ” ومن الصعوبة تعديله ، ولكن نحن نتساءل ونقول : على مَن تقع مسؤولية تصحيح الخطأ الشائع ؟ ألا تقع المسؤولية أولاً على عاتق مَن تَسلَّم هذه الأمانة وعاهد وأقسم على أن يصونها ويحفظها بدمه ويسلّمها إلى ايادي أمينة من بعده كما فعل أجدادنا الأولون ؟ لحد قبل عدة ايام وفي لقاء نُشر على صفحات أحد مواقع شعبنا الألكترونية كان أحد الكهنة يسمي لغتنا بالسريانية ؟ انا أقول لو أجهد هذا الكاهن نفسه قليلاً في تتبع حركة التاريخ لعرف بأن لغته ليست سريانية بل هي كلدانية وله الحق أن يفتخر بها كل الإفتخار، لا أن يضع نفسه في محل لوم ونقد وعدم إدراك أو عدم تتبعه التاريخ، أو جهله باصول لغته وقوميته، ولا اقول رسالته، لأن هناك بوناً شاسعاً وفروقاً كثيرة وكبيرة ما بين رسالة الكاهن وما بين هويته القومية ولغته الأم، فلكل منهما خصوصياته، ولا يمكن التفريط بأحداهما على حساب الأخرى، فيسوع المسيح كان يسمى يسوع الناصري إنتساباً إلى مدينته الناصرة، وأبن النجار إنتساباً للمربي القدير مار يوسف اللبتول ومهنته النجارة، فلم يستنكف من ذلك يسوع ولم يقل لهما أنا رسالتي كذا وكذا، لذا ارفض أن تطلق عليَّ تسميات قروية تعصبية ؟ وما زالت المسيحية كلها ولحد اليوم تسمي يسوع ب ( يسوع الناصري ) أعود لأقول اين أنتم يا كهنتنا الأبطال من تاريخ لغتكم وأمّتكم ؟ هل قرأتم المصادر التاريخية للمستشرقين الأجانب والذين يفخرون كل الفخر بتعلمهم اللغة الكلدانية ؟ في حلقتنا الثالثة عن اللغة الكلدانية في كتاب كلدو وآثور أوردنا خبراً نقلاً عن كتاب ” تاريخ حركة الإستشراق ” للمستشرق الألماني يوهان فوگ يذكر في ص 36 قراراً لمؤتمر فيينا بتنصيب أستاذين في كل جامعة من مجموع خمسة جامعات في دول أوروبية مختلفة لتدريس اللغة الكلدانية، وهذه الجامعات الخمس هي ) باريس – أوكسفورد – بولونيا – سلمنكا – وجامعة الإدارة المركزية البابوية ( فهل توهم هذا العالِم ؟ أم أنه لا يعرف اصول اللغات ؟ أم أن المؤتمر فاته بأن لا وجود للغة أسمها الكلدانية ؟

مبادرات الكنيسة / لماذا لا تبادر الكنيسة وتقود حملة لتصحيح هذا الخطأ الشائع؟

لماذا لا تقوم رئاسة الكنيسة الكلدانية بإصدار تعميم يلزم جميع أعضاء السلك الكهنوتي من الشمامسة فصاعداً بأن لا يجوز لأحد أن يسمي لغتنا الكلدانية بغير إسمها . وعلى الكاهن أن لايخفي هويته القومية متى تطلب منه ذلك، كما أوردنا مثلاً عن يسوع كذلك نحن والكنيسة أن تلتزم بذلك، نحن نعلم أن كنيستنا كلدانية واسم رئيسها بطريرك بابل على الكلدان، فلم يقولوا بطريرك بابل على السريان ولا على الآثوريين ولا على الأرمن، بل أسم المنصب هو بطريرك بابل على الكلدان، وهذه تسمية قومية ليست لا مذهبية كالنسطورية والكاثوليكية وليست مناطقية جغرافية كالآشورية وغيرها بل هي تسمية قومية مائة بالمائة.

هكذا كانت وعلى الكنيسة أن تحافظ عليها الآن كما هي ، يقول المطران أدي شير في مجلده الثاني من كتابه كلدو وآثور قس صفحة 64″ إن الإضطهادات التي اثارها ملوك الفرس والمجوس على الكلدان النصارى حيث بدأوا يقتلون أجدادنا أفواجاً افواجا “وهذا كان في زمن الإضطهاد الأربعيني ومن ثم يقول في ص 66 ” ومات فيه اي في الأضطهاد الأربعيني جم غفير لا يُحصى عدده من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين ، وروى سوزومين المؤرخ اليوناني أن المقتولين في هذا الإضطهاد الأربعيني رجالاً ونساءاً والمعروفة أسماؤهم فقط يبلغون نحو 16000 نفس، وروى مؤرخونا الكلدانيون ( ماري / 18وعمرو / 18 والتاريخ السعردي /95 ) إن المقتولين في الدير الأحمر وبيث گرماي ونينوى ومرگا نحو 000 160 نفس وفي بلاد بابل وحدها نحو 000 30 نفس” , ولنا في موقف وصبر وتضحية مار شمعون برصباعي الجاثليق خير مثال على ذلك، أما اليوم فنحن لسنا في زمن 339 م ولسنا في زمن الإضطهادات ، ولكننا في زمن نستطيع فيه أن نرفع اصواتنا ونحتج على القرارات الجائرة التي تمس بهويتنا القومية ولغتنا وكياننا ووجودنا، فإن كنا في بلدنا لا نستطيع نيل ابسط حقوقنا كيف يمكننا أن نطالب ابناء شعبنا في المهجر بالعودة إلى الوطن ؟ كيف أعود وأنا في بلدان المهجر لي مطلق الحرية أن أسمي لغتي بإسمها الصحيح وأسمّي قوميتي بإسمها الصحيح ويسجلون ذلك في سجلاتهم الرسمية بينما في بلدي مرفوض وممنوع علىَّ أن أنتسب إلى قوميتي أو أن أجاهر بلغتي، لا بل الأدهى والأمر أن يصدر قانوناً يحرم علي الإعتراف بلغتي التي يتكلم بها أكثر من تسعون بالمائة من مسيحيي العراق .

هكذا كانت وهكذا حافظت عليها الكنيسة في أحلك الأزمنة ظلماً وسوادا، وهكذا يجب أن تستمر ولولا تلك التضحيات لما صمدت لغتنا الكلدانية واستمرت، وإلا إذا حاربت الكنيسة لغتنا وهويتنا وتراثنا فلا أعتقد أنه بإمكان الشعب أن يصمد ويحميها، عسى أن تستجيب البطريركية لندائنا هذا وتعمم على الكهنة تصحيح الخطأ الشائع وهذا ليس بصعب على قادة كنيستنا المتنورين والمثقفين والعالمين بالحقائق.

عشتم وعاش العراق وعاشت أمتنا الكلدانية المجيدة

المجد والخلود لشهداء العراق وشهداء الكلدان جميعاً

الحادي والعشرين من شباط من عام 2014-02-21

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *