اللغة الكلدانية في كتاب كلدو وآثور ( 1 )

” خاهه عما كلذايا “

تاريخ ” كلدو وآثور” يقع في ثمانثية كتب ألّفه المثلث الرحمات المطران أدي شير رئيس اساقفة سعرد الكلداني الآثوري، وقد طُبع الكتاب في المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين في بيروت سنة 1912، ونحن إذ طالعنا الكتاب حاولنا جاهدين أن نستخلص منه العبر والخبرة حول لغتنا الكلدانية الأصيلة، وهل هي فعلاً كلدانية أم هي سريانية كما يسميها بعض الذين يحتقرون هذه اللغة؟ سنورد بعض الأمثلة على ذلك، من ضمن هذا الكتاب حصراً.

لقد وردت الكلدانية كلغة بشكل واضح وصريح في الكتاب ولعدة مرات وفي مواقع ومواضع مختلفة ومتعددة، كما ان المؤلف قد ميز بين اللغة الكلدانية وغيرها من اللغات، كما ميّز بين الكلدانية كلغة والكاثوليكية كمذهب،

ذَكَر المؤلف في مقدمة الكتاب ص د نصاً ما يلي ” وقد أجاد أجدادنا إذ سمّوا الوطن بلغتهم الكلدانية ماثا يعني الأمة ” . هذا أول إعتراف صريح بأن لغة أجدادنا هي الكلدانية واورد مثلاً على تسمية الوطن، إذن ليست سريانية كما يدّعي البعض، أو كما يحاول أن يغالط الحقيقة ويوهم الناس بأنه مختص بعلم اللغات وأنه لا توجد هناك لغة اسمها الكلدانية، بل هي السريانية، وبالحقيقة لم يفت هذا المؤلف الفذ وهذا المطران الجليل أن يميز بين اللغات فهو على دراية تامة باللغات المستخدمة آنذاك، لذلك شخّص هذه العناصر منذ ذلك الزمن حيث قال ” ونرى الكلدان أنفسهم عوضاً عن أن يجتهدوا بدرس لغة أجدادهم الشريفة وأحكام آدابها فهم يحتقرونها ويستهزئون بالقرويين والجبليين الذين لا يزالون إلى اليوم يتكلمون بها ” تعم يا سيدي المطران فإن المستهزئين بلغتنا الكلدانية هم بعضاً من شمامسة هذا الجيل، هؤلاء هم الذين يحتقرون لغة الأباء والأجداد ولا يفتأون بنشر سمومهم عن اللغة في المواقع الألكترونية وهم ذئاب خاطفة بثياب حملان، وما زالوا مصرّين على ذلك، فلا تمر مناسبة دون ان ينعتوا لغتنا الكلدانية بألسريانية، وشتّان ما بين الإثنان من ناحية الأبجدية واللفظ والقواعد وغير ذلك .

في صفحة ( ز) من المقدمة يوضح المؤلف كيف تُقرأ بعض الحروف فيورد مثلاً على ذلك حيث يقول ” واعلم جيداً أن تُقرأ مثل ݒيه الكلدانية أو الݒاء الفارسية و ك مثل گمل الكلدانية أو الجيم المصرية ” ونحن نقول أليست هذه قواعداً؟ لفظ الحروف الكلدانية ماذا يسميه محتقروا لغتنا ؟ ثم يقول كلاماً أوضح من ذلك ” ثم إني تمييزاً لفصول ومجلدات التأليفات المذكورة قد استعملت في الحواشي فيما يخص عدد الفصول والمجلدات الأرقام الأبجدية الكلدانية ” هل يستطيع أحداً أن يشرح ما الذي عناه المؤلف بالأرقام الأبجدية الكلدانية ؟

في ص 2 من الكتاب الأول / الفصل الأول عن نهر دجلة وتسميته باللغة الكلدانية حيث يقول ” يسميه الكلدان النصارى والعرب دجلة ” السؤال الذي يتبادر إلى ذهني هو بأية لغة يسمي الكلدان النصارى نهر دجلة ؟ هل باللغة السريانية أم باللغة الكلدانية التي هي لغة آبائهم وأجدادهم ؟ كما يتبادر إلى ذهني معلومة أخرى وردت في هذه الجملة وهي ( الكلدان النصارى ) ماذا تدل وماذا تعني ؟ الا تعني بأن هناك كلدان نصارى وكلدان من أديان ومعتقدات أخرى سواء كانت جاهلية أم غير ذلك ؟ فإن كان جميع الكلدان نصارى لماذا يصر على هذا المصطلح أو هذه العبارة لعدة مرّات ؟ وهل يظن أحداً أن المطران لا يعرف ذلك أو فاته ذلك ؟

وفي ص 3 حينما يريد تسمية نهر ديالى حيث يقول ” ويدعى تورنات في الاثار الآثورية وتورمارا في تواريخ الكلدان النساطرة \ ( سير الشهداء فصل ب 508و636 “

وفي ص 4 عن تسمية أكاد قال ” وقد أتى ذكرها في تواريخ الكلدان النصارى ومكتوب أسمها بغداد وكان هناك للكلدان النصارى أسقفية معروفة بأسقفية زابي ” .

وفي ص 5 عن تسمية مدينة آثور يقول ” هي المدعوة اليوم قلعة شركات وقد أتى أسمها في تواريخ الكلدان النصارى شهركرد …….. ومدينة نينوى الشهيرة وكان موقعها على الجانب الأيسر من دجلة بإزاء الموصل وأتى ايضاً اسمها في تواريخ الكلدان النساطرة ” نستنتج مما يرد بأن الكلدان النساطرة كتبوا تاريخهم بلغتهم الكلدانية ، كما يدلنا هذا الكلام على أن آثور هي مدينة ولم تكن في يوم ما تسمية قومية، بل يذكرها بكل وضوح على أنها منطقة فهي مدينة أو موقع جغرافي المهم في ذلك ينفي أن تكون هوية قومية ولا يمكن تشبيهها بالكلدان إطلاقاً.

وعن مدينة نصيبين يقول ” كان فيها للكلدان النساطرة مدرسة شهيرة ” ومدينة سنجار ويدعوها النصارى الكلدان شنگر .

في ص 8 هناك كلاماً واضحاً عن الإختلاف اللغوي نقرأ حيث يقول عن آلهة الكلدان ” يقول تيادوروس بركوني طبعة شير المجلد الأول ص 205 إن إسترتا هي نجمة الصبح ولها أسماء كثيرة بموجب الألسنة المختلفة …. فاليونان دعوها أݒروديطا…. والكلدان بكلتي والآراميون أستيرا ” ونفس السؤال يتكرر هنا باية لغة دعا الكلدان نجمة الصبح بكلتي ؟ ولماذا أختلفت تسميتهم عن الآراميين إن كانت لهم نفس اللغة ؟ وماذا يقصد بالألسنة المختلفة ؟ ألا يعني لغات مختلفة ؟ إذن بموجب هذا الكلام فإن لغة الكلدان تختلف عن لغة الآراميين .

ص 14 يقول ” وكانت صناعة الكتابة شائعة عند الكلدان منذ أقدم الأزمان ويشاهد في آثار نينوى وبابل وغيرهما قَلَم قديم مجهول سمّاه علماء الأفرنج القلم المسماري لشبهه بالمسامير وسمّاه ابن العبري ( تاريخ الدول طبعة بيجان ص 164 ) القلم الحبري أي القلم الخاص بالأحبار أو الكهنة وقد توصل العلماء إلى قراءته على طريقة الحدس والتخمين وذلك بالمقابلة مع اللغات الكلدانية الحالية والعبرانية والعربية “

بأية لغة كان الكلدان يكتبون كتاباتهم ؟ وما دامت صناعة الكتابة شائعة عندهم وهم أصحاب العلوم هل يُعقل أن يكتبوا علومهم بلغة غير لغتهم ؟ وإن كانت لغتهم هي السريانية هل يفوت ذلك على المؤرخين ؟ ولماذا لم يذكروها صراحةً ؟ هل خجلاً ؟ ام قلة علم ؟

في ص 15 يقول ” وهاك جملة قصيرة من الخط المسماري بموجب ما قرأها هؤلاء العلماء كُتبت في زمان حمورابي ملك بابل اي الفي سنة قبل المسيح ونكتبها بالحروف الكلدانية الحالية ” ماذا يعني الحروف الكلدانية الحالية ؟ المطلوب ممن يسمي لغتي بالسريانية أن يعطي دليلاً على ذلك ولا يمكن أن يطلق كلمات طائرة في الهواء متذرعاً بحجة أنه حاصل على شهادة جامعية او غير ذلك، فالأستناد والإحتكام إلى التاريخ هو خير حكم في ذلك ، كل شماس كلداني يجب أن يعرف بأن لغته هي الكلدانية وأن السريانية تختلف عنها كلياً من ناحية الأبجدية ومن ناحية الفظ والتكلم، فلغتنا هي كلدانية كانت وتبقى كلدانية إلى الأبد . وبهذه اللغة أنتقلت آداب الكلدان إلى الشعوب كلها .

نلتقي في الحلقة القادمة بعون الله .

نزار ملاخا

 

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *