الكلدان والتعداد السكاني المقبل

من المزمع أن يجرى التعداد السكاني المقبل في شهر تشرين الأول من العام الحالي كما كان مقررا ، وهو

 إجراء في غاية الأهمية حيث على ضوئه يتم التخطيط في البلد لشتى المجالات كما ومن خلاله سيعرف العدد

الحقيقي لسكان العراق والعراقيين في الخارج أيضا ، وسكان كل محافظة من المحافظات العراقية هذا إضافة

 الى عدد المقيمين في العراق من غير العراقيين وجنسياتهم ، وسيعرف تعداد كل قومية عراقية وكل طائفة ،

 وبضمنها قوميتنا الكلدانية ، وعلى ضوء البيانات التي يخرج بها التعداد سيتوقف العمل بالبطاقة التموينية

والإعتماد عليها في تقدير تعداد العراقيين والتي هي بعيدة عن الدقة ، ويمكن بعدئذ تحديد حقوق كل قومية

وإقليم ومحافظة وحصصها في المجالس المحلية والمركزية التشريعية منها والتنفيذية . عليه ولأهمية الأمر

 نطلب من جميع أبناء أمتنا الكلدانية على إختلاف إنتماءاتهم الدينية والطائفية والسياسية وميولهم أن

يقوموا بدرج تسميتهم القومية في حقل القوميات سواء كانت التسميات القومية مدروجة في إستمارة

الإحصاء بشكل واضح أوكان الحقل الخاص بالتسميات القومية مربعا أو مستطيلا فارغا . وإذا كانت قد

 فرضت علينا في العقود الماضية القومية العربية بطريقة قسرية فإن ذلك العهد قد ولى دون رجعة فتواجدنا

في بلاد مابين النهرين عريق وقديم قدم بلاد الرافدين وقبل دخول العرب الى العراق من خلال الفتوحات

العربية الإسلامية ، وإن قيام بعض الكتاب والمؤرخين العرب بتنسيب مسيحيي العراق ودول الشرق الأوسط

 الى العرب قوميا جاء من باب التعريب ليس إلا، والمسيحون الذين يدعون في العراق بكونهم من أصول

عربية مع شديد الأسف إدعاؤهم هذا باطل لا أساس له لأنهم وبسبب الإضطهادات والتمييز والممارسات

 القسرية التي مورست بحقهم خلال عقود طويلة من الزمن أجبرتهم على ترك لغتهم وتبني اللغة العربية

 وإطلاق أسماء عربية على أبنائهم ومن ثم الإدعاء بكونهم من هذه القبيلة العربية أو العشيرة أوتلك للتقرب

من العرب تخلصا من الظلم والممارسات اللاإنسانية ، وهنا أود أن أؤكد بأن القبائل العربية المسيحية التي

أخرجت من نجران أو من شبه الجزيرة أسلمت جميعها بمرور الزمن وفق المصادر الإسلامية نفسها . لذا

ولأهمية الموضوع مطلوب من كل كلداني مخلص وشريف يعتز بأصله وهويته القومية أن يثبت تسميته

 القومية الكلدانية في حقل القوميات في إستمارة الإحصاء ومن لو يقم بذلك لأي سبب كان وبأي دافع

ستنعكس نتيجة فعله هذا سلبا على الكلدان ووجودهم سواء كان داخل الوطن أو خارجه وسندفع الثمن غاليا

، فعلينا ألا نفرط بقوميتنا وبهويتنا الكلدانية قطعا وأن نتعظ ممن دفعوا مئات الألوف من الضحايا من أجل

 حماية قوميتهم ومنهم على سبيل المثال الكورد وأقوام أخرى غيرهم ، ويجب ألا ننخدع بأقاويل غيرنا

وبإدعاءاتهم الباطلة من خلال محاولاتهم لفرض تسميات غير أصيلة ومبتكرة علينا والتي لا صحة ولا

أساس لها سواء كانت مزدوجة كتسمية ( كلدوآشور ) أو مركبة كالتسمية الفسيفسائية المبتدعة (كلداني

سرياني آشوري او الكلدان السريان الآشوريين ) . فهذه التسميات تعتبر بدعا دخيلة على العلم والمنطق

والتاريخ وتحريف وتزييف للحقائق التاريخية والهدف منها طمس التسمية الكلدانية وتنفيذ أجندة خاصة

تخدم مصالح مبتكريها أو مصالح من يقف خلفهم . وليس كما يدعي البعض من أجل توحيد صفوف

المسيحيين ، فتوحيد الصفوف كما ذكرنا أكثر من مرة لايتم من خلال لصق التسميات ببعضها وإنما من خلال

 العقلية النيرة وتقبل الآخر والإستعداد لهذا التوحيد بعيدا عن محاولات إحتواء الآخرين ، ولا يوجد إنسان

عاقل أو مثقف في مجالي التاريخ والإجتماع يقبل بتسميات لا منطقية كهذه لعد م وجود قومية على مر

 التاريخ تحمل إسما مركبا متكونا من عدة تسميات لكل منها مدلولها وتاريخ إنبثاقها وخصوصيتها ، اما إذا

كانت هناك روابط تربطنا ببعضنا فهذا أمر طبيعي لأننا أبناء قومية واحدة حقا ذات تسمية واحدة مجردة غير

 مركبة حملت على مر التاريخ ومنذ أكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد وحتى اليوم دون إنقطاع ، بعد

إنتشار المسيحية أخذ المسيحيون يستخدمون التسميات الدينية المتباينة لإعتقاد أجدادنا المتنصرين بأن

التسمية القومية لها مفهوم وثني من ناحية ومن ناحية أخرى أرادوا أن تكون الروابط الدينية بين

المسيحيين أقوى من الروابط الجذرية العرقية التي قد تسبب لاحقا إنشقاقات في صفوف المسيحية لأن

الداخلين الى المسيحية كانوا من أعراق عديدة . وعلى من يريد التعمق لمعرفة جذور كل تسمية من

التسميات الثلاث وكيفية ظهورها ومصدرها وأيتها حقا تدل على جنس من البشر وأيتها إستمرت دون

 إنقطاع حتى اليوم وأيتها إندثرت لعشرات القرون وأوتي بها للوجود ثانية بفعل فاعل ولغايات خاصة

 مرتبطة بمصالح دولية فهناك العديد من المصادر يمكن الإطلاع عليها . للأسف الشديد هناك الكثير من

الكلدان إنخدعوا ببعض الآراء المطروحة التي لا صحة لها والتي تسببت في زعزعة إيمانهم بقوميتهم

الكلدانية سيما الذين لا دراية كافية لهم بتاريخ أمتهم وأخذ البعض منهم يصدق ما أشيع من اباطيل بكون

 الكلدان تسمية مذهبية من مذاهب المسيحية . وهنا اود أن أسأل هؤلاء الإخوة : هل سمعوا يوما بمذهب في

المسيحية يدعى بالمذهب الكلداني ؟ أليس هناك العديد من أبناء القوميات والطوائف الأخرى يقرون

بكلدانيتهم ، أليس هناك أبناء وأتباع أديان أخرى يثبت التاريخ بكونهم من أصول كلدانية ؟ الم يكن

التسمية التي أتى بها وفد كنيسة كنتربري كلدانا لغاية العقد الأول من القرن الماضي ؟ اليس هناك العشرات

من العرب في بعض المحافظات العراقية اليوم يقرون بكلدانيتهم ؟.

أما التداخل الذي حصل بين الكلدانية والكاثوليكية فجاء بفعل رجالات الكنيسة الكاثوليكية وكانت البداية عام

1444 م عندما كلف البابا أوجيانوس أو أوجينوس الرابع المطران أندراوس مطران رودس بإقناع المطران

طيمثاوس مطران قبرص وترشيش وأطرافها على النساطرة الكلدان لترك مذهبه النسطوري والإنضواء تحت

 مظللة الكاثوليكية فأفلح في مسعاه وأقنع المطران طيمثاوس في كتابة صورة إيمانه المستقيم الى البابا

 أوجينوس الرابع والمجمع اللاتراني الذي عقد عام 1445 وحضره مار طيمثاوس نفسه ، وكان المطران

طيمثاوس قد درج تسميته القومية ( الكلدان ) كلقب له ولشعبه ولما قرأ البابا رسالة المطران طيمثاوس في

المجمع أمر بألا يدعى من تلك الساعة هؤلاء المتكثلكين الجدد بالنساطرة بل يدعون كلدانا مستندا في ذلك

على اللقب أو التسمية التي كان طيمثاوس قد نسب نفسه اليها كما ذكرنا أعلاه ولم يكن البابا مخترعا

للتسميات لكي يخترع التسمية الكلدانية لابل ربما لم يكن قد سمع أصلا بالتسمية الكلدانية اللهم إلا من خلال

 إطلاعه على العهد القديم والذي يحتوي على عشرات التسميات العرقية . ويقول بطرس نصري في كتابه

ذخيرة الأذهان بجزئيه ( الجزء الأول ص /30 والجزء الثاني ص/ 97 ـ 98 وص /347 ـ 348 ) بأن

التسمية الكلدانية أطلقت على هؤلاء المتكثلكين نسبة الى أجدادهم ولم تأت بمحض صدفة وإستمرت التسمية

فحملها أتباع البطريرك يوحنا سولاقا الذي أسيم بطريركا على الكلدان إثر الخلافات التي نشبت بين رجال

الكنيسة بعد تبني البطريرك مارشمعون في دير الربان هرمز نظام الوراثة في كرسي البطريركية وحصرها

 في عائلته وهذا لم يكن مألوفا في الكنيسة المشرقية سابقا . ومن هنا حدث التداخل غير المقصود بين

الكاثوليكية والكلدانية لكن وللأسف الشديد بعد هذه الفترة الطويلة بدأوا يخلطون بين التسميتين ولحقتهما

عبارة ( الطائفة ) التي استخدمت من قبل الحكومة العثمانية بعد ترجمتها عن الكلمة العثمانية ( ملت أو

ملله) رغم عدم صحة إطلاقها أي (الطائفة ) على الكلدان ورغم تحذيرنا لرجال الكنيسة من مخاطر

إستخدامها إلا أنهم ما زالوا يستخدمونها وعندما نعاتبهـم على ذلـك يقـول البعـض منهـم بأنهـم تعـودوا على

 هـذه اللفظة دون قصد .ومن أجل تزوير الحقائق وتحريف التاريخ بهدف تثبيت أركان التسمية التي فرضها

وفد كنيسة كنتربري الأنكليكانية البريطانية خلال السنوات من 1886 فلاحقا على النساطرة الكلدان في

منطقة هكاري وشملت لاحقا كل من كان نسطوريا نراهم يروجون هذه الدعايات ويبثون الأباطيل مدعين بأن

 الكلدانية هي تسمية مذهبية بعد أن كانوا هم أنفسهم يحملونها ثم تركوها إنصياعا لمطاليب وفد رئيس

أساقفة كنتربري والمخابرات البريطانية في تلك الفترة أي قبل الحرب العالمية الأولى حيث خدع هؤلاء

الماكرون أبناء أمتنا في هكاري بوعود كاذبة وعدوهم بها والتي كانت تنص على إنشاء دولة مستقلة لهم

لإنقاذهم من هيمنة الشعوب المسلمة المحيطة بهم ومن ظلمها كما قالوا وتحت التسمية الجديدة

التسمية الكلدانية قائلين لهم بأن المسيحيين الذين في سهول العراق وحتى العمادية يحملون التسمية

الكلدانية وهم يختلفون عنكم في المذهب لا بل يكرهونكم الى درجة العداء فكيف تحملون التسمية ذاتها التي

يحملونها ؟ ولم يكن هدف هؤلاء الغرباء تشكيل دولة لهؤلاء البسطاء بل كانت عملية خدع من أجل

إستمالتهم الى جانبهم من ناحية ومن ناحية ثانية لأبعادهم عن الدومنيكان الذين كانت لهم إرسالية هناك

وفي أورميه لفترة من الزمن ومن خلال إبعادهم عن هؤلاء يبعدونهم عن التكثلك ووبالمحصلة عن فرنسا

بالذات التي كانت تعتبر نفسها حامية كاثوليك الشرق الأوسط وأخيرا من اجل خدمة المصالح البريطانية

،وفعلا تم للبريطانيين ما أرادوا وتم إستغلالهم أسوأ إستغلال من حيث لا يدرون ،وكانت النتائج وخيمة لا بل

وبالا عليهم حيث فقدوا نصف تعدادهم البشري وأملاكهم وموطنهم وجيء بهم الى العراق وأسكنوا في البداية

 في مخيم في بعقوبة ثم وزعوا على مخيمات أخرى في الحبانية وشرق جبل مقلوب قبل الإتفاق مع الحكومة

 العراقية على توزيعهم على القري في أطراف دهوك . عليه نرجع لنقول بأن التسمية الكلدانية تسمية قديمة

وعريقة عراقة بلاد الرافدين ووردت في العديد من المصادر التاريخية منذ أكثر من خمسة آلاف سنة قبل

الميلاد وما زالت سيرتها وذكرها مستمران حتى اليوم دون إنقطاع ولو لقرن واحد من الزمن . وهناك حقيقة

أخرى تجدر بالإشارة وتفند إدعاءات هؤلاء بكون التسمية الكلدانية من إختراع البابا أوجينوس الرابع عام

1445 م وهي صلاة الشهداء التي ألفها المطران ماروثا الميافرقيني والموجودة في كتاب الحوذرا أو

الحوضرا للصلوات الطقسية لكلتا الكنيستين الكاثوليكية الكلدانية والنسطورية التي أطلق عليها في أواسط

العقد السابع من القرن الماضي إسم (الكنيسة المشرقية الآشورية ) ، لقد ألف ماروثا الميافرقيني صلاته هذه

في اواخر القرن الرابع الميلادي وهي تخص شهداء الإضطهاد الأربعيني (339 ــــ 379 ) م الذي شنه الملك

 الفارسي شابور الثاني على المسيحيين في البلدان الخاضعة لسيطرته وفي مقدمتها بلاد مابين النهرين

وهذه الصلاة هي من بين مجموعة صلوات الشهداء التي تتلى في أماسي الجمـع وتبـدأ هـذه الصلاة التي هي

باللغـة الكلدانيـة بعبـارة ( تهر كلدايي كذ قيمين ……. ) أي ( تعجب الكلدان وقاموا ….. ) . وهنا لم يذكر

 مار ماروثا أية تسمية أخرى غير الكلدانية وهو من مدينة ميافارقين التركية حاليا ! الا يعني هذا عدم

إستخدام أو وجود أية تسمية تدل على قومية المسيحيين حينذاك في بلاد ما بين النهرين غير الكلدانية ؟؟ .

الحقيقة لم أكن أود الخروج عن موضوع الإحصاء أوالتعداد السكاني لكنني قمت بذلك إضطرارا لأيضاح

بعض الحقائق التي تغيب عن بال الكثيرين من أبناء أمتنا أو يتجاهلها البعض رغم علمهم بها عن قصد . لذا

أكرر مرة أخرى ومن باب الحرص على وجودنا القومي وهويتنا الكلدانية أطلب من جميع أبناء أمتنا الكلدانية

بكافة طوائفهم التمسك بتسميتهم القومية ( الكلدانية ) ودرجها في حقل القوميات في إستمارة التعداد

السكاني وعدم الإنخداع بأقاويل الآخرين والإنجراف خلف أهوائهم وتبني تسميات لا أساس لها تاريخيا

والتي أبتدعت حديثا لخدمة أجندة غريبة ولتحقيق أهداف أنداد الكلدان ، ومن ثم أدعوهم الى عدم الخوف من

الآخرين والإستماع الى أقوالهم وتوجيهاتهم بدرج هذه التسميات الغريبة المحرفة للحقائق وإلا تقطع

المساعدات التي لا تكاد تذكرعن كل من لا ينفذ توجيهاتهم ، إذ لا يوجد ضمن صفوف أية قومية أناس

 يبيعون تسميتهم القومية ويتنازلون عن أصولهم وينكرونها لقاء مبلغ تافه او توجيه من الغرباء الذين لا

 ينكرون قومياتهم وأصولهم ولو قطعت رؤوسهم . إذ من نكر أصله لا أصل له . سيما وأن قوميتنا الكلدانية

 هي من القوميات التي خلدها التاريخ من خلال حضارتها وإنجازاتها العلمية ومن خلال فضلها الذي لا ينكر

 على البشرية ، فعلماء الكلدان هم مؤسسو علم الفلك وأصحابه وهم أول من رصد حركة الكواكب والنجـوم

وإختـرعـوا العدسـات والمكبـرات وصنعـوا جهـاز رصد النجـوم والـذي سمـوه حينـذاك بجهـــاز

( إسطرالوبا )وهم من وضع الرياضيات سيما الهندسة وهم من أوجدوا التقسيمات الزمنية حيث قسموا

الزمن الى سنوات والسنوات الى فصول ثم أشهر فاسابيع وأيام وقسموا الأيام الى ساعات ودقائق فثواني

بدقة متناهية لا تقل عن دقة زمننا الحالي . وهم أول من إخترع البطارية والساعة الرملية والشمسية وكذلك

 أول من رسم أول خارطة للعالم القديم ومن يريد الوقوف على هذه الحقائق عليه مراجعة كتاب علوم

الكلدانيين لمؤلفته الفرنسية ( ماركريت روتن ) والذي ترجمه الى العربية الدكتـور المرحـوم الأب يوسف

حبي تحـت عنـوان ( علوم البابليين ) . فترى قومية كهذه أليست جديرة بالإحترام والفخر والإعتزاز بدلا من

 إنكارها من قبل البعض من ضعفاء النفوس من أبنائها ومن قبل من لا دراية لهم بتاريخها ولا عتب لنا على

الغرباء ، عليه أود أن أؤكد على جميع أبناء أمتنا بأن الأمر أي درج التسمية الكلدانية قي حقل القوميات في

غاية الأهمية وهو مصيري بالنسبة لنا فمن خالف ذلك سيرتكب خطأ جسيما بحق قوميته الكلدانية يصل الى

درجة الخيانة .

 

أبلحـــد أفـــــرام ساوا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *