العقل النسطوري لا زال تائها

 

 

على هامش ما كتبه جورج شليمون بعنوان”الآشوريين والسياسة” في موقع عنكاوا بتاريخ 14 تموز 2014 ، ولما كان العنوان خاطئاً نحوياً فبالتأكيد يكون فحواه تافهاً معنىً ومغزىً ولغةً إنَّ هذا الأخ النسطوري المَخمور بالنصائح والمتباكي على تسمية شعب دولة منقرضة بأمة وهو ليس “أمة” أبداًن بل مجموعة من الأقوام غُلِبوا عل أمرهم، وأبيدوا بالكامل منذ أكثر من ستة قرون قبل الميلاد! يظهر أن هذا الكاتب النسطوري جديدٌ على الكتابة حسب تصنيف موقع عنكاوا وقد حفظ إن لم يكن قد سرق بعض العبارات من هنا وهناك ليكوِّن منها مقالاً فجّاً هدفه إضفاء هالةٍ على شراذم كلدانية نسطورية بجعلهم “أمة آشورية”. كانت هذه الشراذم قد انعزلت بعد منتصف القرن السادس عشر وانزوت في جبال تركيا وايران”منطقتي هيكاري واورميا وغيرهما” تعيش حياةً بدائية تخلُّفية لغاية الربع الأخير من القرن التاسع عشر، عندما عثرت عليهم البعثة التبشيرية الأنكليكانية بإرشادٍ من المخابرات الإنكليزية، فعاثت فيهم فساداً حيث غيَّرت هويتهم القومية المعروفين بها (كلدان نساطرة) لمدة ثلاثة قرون أي منذ انعزالهم وأجبرتهم لإنتحال تسمية شعب منقرض يُعرَف بـ”الآشوريين” عاش في بلاد ما بين النهرين زمناً، مُغرية إياهم بوعود كاذبة أثبت الزمن بطلان صحتها ولكنَّهم ظلّوا متشبِّثين بتلك الخُدعة الإسطورية الإنكليزية حتى اليوم.

عن أيَّةِ امةٍ تتحدَّث يا رجل؟ وهل تُسمّي تلك الأجناس ذات الأعراق المختلفة المقهورة المصهورة عنوة في بودقة الدولة الآشورية الغابرة المنقرضة أمَّة؟ يا لقصر نظرتكم التاريخية المبنية على الإسطورة التي أحكم سبكَها الإنكليز وفرضوها على أسلافكم الكلدان النساطرة الموغلين في الجهل والتخلُّف حتى النخاع، فصرتم أنتم أحفادُهم على شاكلتهم أسرى لهذه الأكذوبة المفضوحة آخذاً منكم التزمُّتُ بها الى آخر مداه! أسلافكم الجهلاء كانوا السبب فيما أصاب المسيحيين في تركيا وايران والعراق من كوارث وويلاتٍ عديدة، لأنهم ارتضوا بالعمالة للأجانب الروس ثمَّ الإنكليز فاعتبرهم الأتراك والإيرانيون خونة أوطانهم فطردوهم، مِمّا اضطرَّ الإنكليز خادعوهم لجلبهم الى العراق إبّان انتدابهم عليه، والأمَرُّ في ذلك كُلِّه بأنكم أنتم أحفادُهم لم تأخذوا العِبرة من أخطاء أسلافكم لتُصلحوا مسيرتكم الى الأفضل بنبذكم الأسطورة الويكرامية اللعينة والعودة الى اصولكم الكلدانية، وإنما على العكس من ذلك تماديتم في التشدُّق بها واعتبار زيفها حقيقة!!

 

مَن كان وراء التشرذم والتقوقع والسعي الأناني في الإستحواذ على المال والجاه باستخدام كُل الوسائل اللامشروعة نكايةً بالكلدان والسريان؟ أليس أنتم الكلدان النساطرة الإنقلابيون”دُعاة الآشورية المُزيَّفة” الأغراب المطرودون من دياركم في تركيا وايران الوافدون الى العراق تحت حماية الإستعماريين الإنكليز! مَن أنتم حتى يستجيب الكلدان والسريان لندائكم الخبيث، إذا كنتم من سلالة الثور فإنَّ الكلدان والسريان براء من هذه السلالة بالمطلق، يا له من تشبيه سفيه وأحمق.

يا معشر دعاة الآشورية المُزيَّفة، كلما تماديتم في موقفكم بالتشبُّث بأمتكم الآشورية المزورة السمجة، كلّما ازدراكم الكلدانُ والسريان، ورأوا فيكم شعباً جاهلاً يُهرول نحو السراب يعيش في الماضي السحيق بعيداً عن الحقيقة التاريخية الناصعة، بأنَّ آشوريي التاريخ القدماء قد تعرَّضوا للفناء دون خَلف أو أبناء، وما أنتم سوى شراذم مشتَّتة منتحلة لإسمهم بغباء ما بعده غباء! وبهذا جعلتم من أنفسكم أعداءً لدودين للكلدان والسريان، انظروا الى موقف زعيمكم العنصري الأول يونادم كنا الذي يتبجَّح بتمثيل المسيحيين في البرلمان العراقي وقارنوه بموقف ممثلي اليزيديين الذين استماتوا في الدفاع عن شعبهم، بينما هو لم يُحرِّك ساكناً تجاه محنة المسيحيين بل بقي متفرجاً على بلواهم ومتلذذاً بمعاناتهم! ولا يختلف موقف كُلِّ جماعة دُعاة الآشورية المُزيفة عن موقف يونادم كنا، فلو سنحت الفرصة لهم وتوفَّرت لديهم قوة شبيهة بقوة داعش القتالية لأقدموا ودون تردُّد للقضاء على الكلدان والسريان قبل أيِّ قوم آخر انتصاراً لتزمُّتهم بالفرضية الآشورية المبنية على الباطل! أوَليس كُلَّ ما هو مبنيٌّ على الباطل يُعَدُّ باطلاً!.

الدكتور كوركيس مردو

في 19/8/2014

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *