العراق ينزف دماً من شرايينه منذ سنين، وجرح الأمس أخطر بكثير …

 


كانت بغداد الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي تزهو بحلتها الجميلة وشوارعها الشهيرة وأسواقها العامرة وأحيائها التراثية، وتطور مجتمعها وعراقة تقاليدها وأصالةعاداتها، ومتانة أواصر المحبة والإحترام بين عوائلها، وعبقرية علمائها وخبرة أطباءها ومهندسيها وأساتذتها، وكثرة خريجي جامعاتها وعلو سمعة دراساتها، ونبوغ شعراءها ومثقفيها ونحاتيها، وبروز رياضييها وصحفييها وفنانيها ومطربيها وممثليها، ومتعة محطة تلفزيونها الرائدة وإذاعتها وحتى خبرة حرفييها و……،
ويقال بأن حاكم الإمارات العربية المتحدة الشيخ الشهم المخلص لشعبه زايد بن سلطان ال نهيان رحمه الله ، أدرك هذه الحقائق في بداية تطور بلده. وقيل في أيامه حينما كان يضع حجر الأساس لمؤسسة أو ربما إفتتاح مشروع في الإمارات، ألقى كلمة قال فيها : ” بإذن الله سأجعل من الإمارات بغداد ثانية ” ، علماً بأن العراق كان في الستينات يقدم معونات إقتصادية وإجتماعية ومالية للإمارات العربية المتحدة في زمن الرئيس السايق عبد الرحمن عارف، وشيد أول جامعة في الإمارات عام 1977.

 فلنقارن اليوم ما جرى من تغييرات في البلدين منذ ذلك الحين ! يا لسخرية الزمان  وحصاد ما جنته أطماع وغطرسة الإنسان .

 أين أنت يا بغداد بين الأمس واليوم ؟ وكيف أمسى حالك يا عراق وأنت تئن من شدة ألامك وتنزف منذ عقود دماً من عروقك بسبب بصمات الأحداث المؤلمة على وجهك، وغرور وإستبداد وأطماع من تربع من الحكام على عرشك، وجحود بعض أبنائك الذين شربوا من مياهك وأكلوا زادك ومشوا على أرصفتك، وخيانة من وضعت بين أيديهم مصيرك ومنحتهم ثقتك….. ؟ فطعنوك بخنجر مسموم في ظهرك، وحينما سقطتِ ثملوا فرحاً ورقصوا طرباً على جراحك .

ومن كنت بنظرهم كأسد غاضب حين تزأر من عرينك، أخذوا يستغلون مرضك ويسخرون من مشهد معاناتك وأنت من ضحيت من أجلهم بأعزائك.

وبعض أبنائك اليوم يتقاسمون ميراثك ويهرِبون أموالك ويبذِرون خيراتك ويسرقون جهود عمرك ويمرغون في التراب سمعتك وكرامتك، فليكن الله في عونك ولنعلن الحداد إلى أن تستر عافيتك.

صباح دمّان
2014/6/12

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *