الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو المؤتمر التاسع لحزبهم (1-2)

كثير من الحركات السياسية نشأت في فترات تاريخية وناضلت ونمت الا انها اضمحلت وماتت في النهاية دون ان تحقق اهدافها , الا الحزب الشيوعي العراقي ولد لينمو ويتطور لأجل ان يغير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلد  ويحقق طموحات الشعب, هذا هو الهدف من ولادة الحزب الشيوعي العراقي , يناضل من اجل تحقيق المهام الوطنية والديمقراطية وصولاَ للاهداف الاستراتيحية , ولكن قد يرى البعض ان الحزب الشيوعي العراقي ضعف دوره الآن وبات غير قادر على تحقيق اهدافه من خلال ما يلاحظة على تشكيلة الخارطة السياسية للكتل المهيمنة على السلطة السياسية , الواقع العراقي الملموس يؤكد ان المستقبل هو للحزب الشيوعي العراقي ولقوى اليسار والديمقراطية , كما ان الظروف والعوامل الخارجية والداخلية التي كونت هذه الخارطة السياسية بعد انتخابات عام 2010 هي ليس ثابته وهذا ما تؤكده الماركسية ويؤكده العلم وتؤكده التجارب الحيه للشعوب لان الحراك الاجتماعي يمتاز بالحركة والتغيير وليس بالثبات ارتباطاَ بعوامل عدة وبتغير الوعي الاجتماعي ايضاَ .
 
الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1979 الى عام 2003 :
كان يتصدر الصفوف الاولى في النضال ضد الدكتاتورية , وخاض مختلف اشكال النضال وهذا ما ميزة على كافة الفصائل الوطنية والاسلامية في حقبة الصراع ضد الدكتاتورية , فكان الاكثر فاعلية وحضوراَ وتأثيراَ فقد تميز نضال الحزب الشيوعي العراقي آنذاك في :
1- النضال العسكري ضد الدكتاتورية من خلال تشكيلات قوات الانصار الشيوعية , حيث انخرط فيها المئات من الشابات والشباب من اعضاء الحزب , ولاحقاَ انضوى فيها شباب متطوعون من جماهير الحزب وابناء القرى والقصبات والاقضية والنواحي التي نشطت فيها قوات الانصار . حيث ان هذا الشكل النضالي ضد الدكتاتورية  الذي تميز به الحزب الشيوعي العراقي, عدا التحالف الكوردستاني لم تخوض غماره الكتل الاخرى التي هيمنت على عرش العراق الآن بعد سقوط الدكتاتورية في عام 2003 .
2- النضال السري في العمق العراقي في بغداد ومدن وارياف العراق ,امتاز بها الحزب الشيوعي العراقي , حيث ربط بين الكفاح المسلح والنضال السري لاجل اعادة بناء التنظيم وتهيئة مستلزمات النهوض الجماهيري وتعريق الكفاح المسلح .
3- التضامن الاممي مع الشعب العراقي , حيث تميز الحزب الشيوعي العراقي من بين جميع الاحزاب العراقية آنذاك , بتعبئة وتحريك الرأي العام العالمي من خلال علاقاته الاممية للتضامن مع الشعب العراقي على الصعيد السياسي والاعلامي .
4- خلال فترة النضال ضد الدكتاتورية عقد الحزب الشيوعي العراقي اربعة مؤتمرات على ارض الوطن وهي المؤتمر الرابع والخامس والسادس والسابع , جدد فيها فكرة وتنظيمة وخطة السياسي كما جدد قيادته وعقد ايضاَ الكونفرنس الرابع والخامس .
5- على الصعيد التنظيمي , تعرض الحزب الشيوعي الى هجمات بوليسية شرسة ومتتالية من قبل الدكتاتورية , زجه خلالها بخيرة كوادره واعضائة في السجون والمئات منهم تعرض للتصفيات الجسدية , وخلال فترة الكفاح المسلح استشهد المئات من كادراته وكوادرة واعضائة , وبهذا فان الحزب الشيوعي العراقي مع شعبنا قدم تضحيات جسام في فترة النضال ضد الدكتاتورية .
6- طيلة سنوات النضال ضد الدكتاتورية كان القسم الاكبر من قيادة الحزب الشيوعي العراقي متواجدة في ارض الوطن .
 
الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 2003 الى عام 2011 :
1- بعد سقوط الدكتاتورية توجهت قيادة الحزب الشيوعي من كوردستان العراق وتواجدت في بغداد , ووصلت قيادات وكوادر من سورية وبلدان اخرى . رغم انه الى الآن لن يتمكن الكثير من اعضائة وكوادرة المجربة المتواجدة في الخارج من العودة الى الوطن لاسباب عدة منها الجانب الامني .
2- كانت المهمة الاولى هي اعادة بناء تنظيمات الحزب الشيوعي في بغداد والمحافظات , والوقوف مع الشعب في محنته وفي تلبية حاجاته والمشاركة في بناء الوطن بعد خراب الدكتاتورية , والمساهمة في اقامة العراق الديمقراطي وتهيئة مستلزمات انهاء الاحتلال بالطرق السلمية .
3- رغم ان الحزب الشيوعي نجح في مهمة اعادة بناء تنظيماته , الا انه قدم خلال الفترة اكثر من 120 شهيد من كوادرة حيث تعرضوا لعمليات إغتيالات من قبل القوى الارهابية والقوى المعادية للديمقراطية .
4- بعودة الحزب الشيوعي للنضال العلني , كان له دور كبير في تشكيل النقابات والاتحادات العمالية واعيد تشكيل الاتحاد العام لنقابات العمال , كما تشكلت الاتحادات الطلابية في المحافظات واعيد تاسيس الاتحاد العام لطلبة العراق وكذا اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي , وتأسس الاتحاد العام لرابطة المرأة العراقية وفروعها في مدن العراق , وتاسس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية  من خلال الانتخابات ونشط الشيوعيون في الكثير من النقابات ومنظمات المجتمع المدني.
5- وقام بفعاليات متميزة ولكن بحكم الانفلات الامني لن يتمكن الحزب الشيوعي من خوض النضالات الجماهيرية ,إلا انه لن يتوقف لحظة واحدة في الدفاع عن مطاليب الشعب وكادحية , وتوفير المواد الغذائية واستمرار البطاقة التموينية وتحسينها وتوفير الخدمات وفرص العمل والسكن والامن والاستقرار
6- للحزب الشيوعي العراقي دور وتأثير في الحياة السياسية والاجتماعية, رغم انه لم يصل بعد الى مرحلة المد الجماهيري , وهذا يعود لجملة من الاسباب الموضوعية والذاتية .
 
المعوقات والصعوبات التي واجهت الحزب الشيوعي خلال الفترة :
1- رغم ان الحزب الشيوعي العراقي هو الآن من افضل الاحزاب تنظيماَ على الساحة العراقية , بما فيها المهيمنة على السلطة السياسية , وان كان التنظيم يعتبر عنصر قوة , بلا شك فالحزب الشيوعي العراقي يمتلكها , لكنه يعاني من عدم امتلاك عناصر القوة الاخرى المؤثرة والفاعلة والتي لا بديل عنها وهي على سبيل المثال ( الاعلام الجماهيري- القناة التلفزيونية والمال) .
2- اعاد الحزب الشيوعي العراقي استكمال بناء تنظيماته بدءَ من اعضاء قدماء بعضهم كان مقطوع فكرياَ وسياسياَ عن التنظيم طيلة فترة الدكتاتورية , وهذا له أثر على ضعف تطور التنظيم في السنتين الاولى من اعادة البناء ,الا انه حصلت الانتماءات الجديدة من العناصر الشابة من بنات وابناء الشعب العراقي , فأعطت لهذه التنظيمات الحيوية والنشاط والحضور والتأثير, ومع هذا الحضور الفاعل يحتاج الى الكثير من الجهد والعطاء والمثابرة على كافة الصعد .
3- طريقة سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب واحتلال العراق , كان لها أثر سلبي في اضعاف دور الحزب الشيوعي وقوى التيار الديمقراطي وخلق صعوبات امام تطور العملية السياسية .
4- التدخلات الاقليمية في دعم قوى لم يكن لها دور في فترة النضال ضد الدكتاتورية , قيادات بعض هذه القوى كانت في فترة راحة واستجمام في عواصم اوربية وعربية واقليمية , عادت بدعم اقليمي وعربي ووضع تحت تصرفها الاعلام وخزائن من الاموال مع الدعم اللوجستي , وتم تمكينهم من الوصول الى السلطة ووظفوها لبناء قوتهم وفرض حضورهم  , وبعضهم كون ميليشيات مسلحة لبسط الهيمنة والنفوذ .
5- تنامي قوى التطرف والارهاب خلال السنوات الاولى من سقوط الدكتاتورية , مع وجود الصراعات الطائفية والمحاصصة , وضعف الاجهزة الامنية في مواجهة قوى التطرف والارهاب , سبب ذلك في خلق حالة من الاحباط واليأس لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا واتخذت الغالبية موقفاَ متفرجاَ بسبب هذه الاوضاع التي كانت سائدة آنذاك , وظفت هذه الاوضاع الغير طبيعية التي مر بها الشعب العراقي باتجاه خدمة المصالح الذاتية الطائفية والقومية .
5- خلال فترة الانتخابات البرلمانية الاولى والثانية , تشكلت التحالفات الطائفية والقومية , ونشأت بيئة سياسية غير سليمة في ظل هذا الاحتقان الطائفي والقومي , وتعمقت ازمات البلد وتم تأجيج النعرات والاحتقانات الطائفية والقومية , نتج عنها هيمنة قوى الاسلام السياسي والقوى القومية على الخريطة السياسية والمشهد العراقي .
6- رغم ان الحزب الشيوعي العراقي تاريخياَ تبنى الحقوق القومية لمكونات شعبنا العراقي ,فكان ولا يزال مدافع صلب عنها من اجل نيل حقوقها , ومناصراَ ومسانداَ لنضال الشعب الكوردي , وقدم التضحيات الجسام ودعم حقه في تقرير مصيرة واتحادة الاختياري وهو اول حزب عراقي رفع شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الى كوردستان وفي عام 1992 كان من اوائل الاحزاب التي تبنت شعار الديمقراطية للعراق و الفيدرالية الى كوردستان , الا انه مع الاسف ان النهج القومي المتطرف للتحالف الكوردستاني وتخلية عن بناء الديمقراطية الحقة في العراق واستسلامه لنهج المحاصصة الطائفية والقومية , اسهم هذا النهج ليس فقط في اضعاف الحزب الشيوعي العراقي وانما في اضعاف كل قوى التيار الديمقراطي , ووضع أسفين امام تطور الديمقراطية في العراق.
14-1-2011

( يتبع)

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *