الحلول الترقيعية في الدولة العراقية / بقلم هاشم الفارس

جميع السياسيون العراقيون الذين (يتبوؤن) مراكز القرار في الدولة العراقية ينتابهم هاجس (الفترة المؤقتة) .. وهذه الفترة المؤقتة كأنها أبرة في مقاعدهم الوثيرة تنغز مؤخراتهم الثقيلة ، فيقوموا بقياس جميع الامور حسب هذه الفترة المؤقتة لبقاءهم ، وهنا يبدأ التناقض في التعامل مع الامور . أن كانت الامور تخص المكاسب والمصالح والامتيازات وتأمين المستقبل له وللعائلة والحاشية فأن المسألة تأخذ منحى (الاستيلاء) على كل ماتقع عليه اليد ويكون متاحاً في الطريق وبشتى الطرق والوسائل والحيل .. لأن الفترة (مؤقتة ) والوقت ضيق والفرصة أذا ذهبت قد لاتعود أبداً .فالمقعد (مؤقت) والمنصب (مؤقت) والتحالف مع أشباهه (مؤقت) ..وأن كانت الامور تخص المشاريع الاستراتيجية للبلد والخطة بعيدة المدى للقيام بنهضة شاملة في قطاع معين من قطاعات الدولة فأنهم يقيسوا الامور بنفس المنظار(المؤقت) . ويقوموا بتقديم حلول ترقيعية يغلفها بـ (هالة) أعلامية وبهرجة تستنزف المليارات من الخزينة العامة من أجل ذر الرماد في العيون ..ليتضح الامر فيما بعد أنه (سراب يحسبه الظمآن ماءاً ) ..وهذا المقياس يكاد ينطبق بجميع مقاساته وتفصيلاته على جميع المؤسسات الحكومية والوزارات والهيئات الرئاسية من برلمان وحكومة ورئاسة جمهورية .. فالكل يلجأ الى الحلول المؤقتة بحسب فترة بقاءه (المؤقتة) ..

ولو تعمقنا قليلاً في أداء المؤسسات الحكومية لانجد أية خطة أستراتيجية بعيدة المدى تهدف الى أنتشال الواقع المعاش الى واقع افضل منه ولو بعد سنين طويلة ،لكن شريطة القضاء نهائياً على معضلة الواقع الحالي واستبداله بواقع نطمح اليه منذ وعينا على واقعنا البائس .. فوزارة الكهرباء بوزراءها (المطلوبين للعدالة ) لم يلجئوا الى وضع خطة مستقبلية تقضى على مشكلة سوء الكهرباء وعلى مدى عقود من الزمن ولجأوا الى حلول ترقيعية ..أسوأها (أستيراد الكهرباء من دول الجوار) .. ووزارة الزراعة بوزراءها (الجهلة) لم يستثمروا خيرات هذا البلد من تربة خصبة ومياه عذبة وفيرة بأن يضعوا خطة تجعل الناتج الزراعي العراقي يغزو بلدان العالم .. ولجأوا حسب (هاجس ) الفترة المؤقتة الى أستيراد الخيار والطماطة والحنطة من دول الجوار ومن بلاد ماوراء البحار للحيلولة دون حدوث كارثة غذائية في البلد ..وقس على ذلك جميع الوزارات بلا أستثناء .. والهيئات شبه المستقلة منها وغير المستقلة تماماً ..ومجلس القضاء والمحكمة الاتحادية والقوات المسلحة التي تلجأ الى زج ابناءنا في القوات المسلحة في مواجهة الارهاب الدموي دون أية اجراءات استباقية او استخبارية قائمة على البحث والتحليل والتدريب ورفع الكفاءة ..ويكون الحل (مؤقتاً ) بضح المزيد من قوات الجيش والشرطة الاتحادية في شوارع المدن في مواجهة (عدو) خفي تفنن في أساليب الهجوم والانتحار وهو يمسك الآن بزمام المبادرة في ساحة المواجهة نتيجة الحلول الترقيعية ..والمؤقتة ..

ولنعرج على ملف المصالحة الوطنية .. فالذين يمسكون بهذا الملف يدركون أن فترتهم (مؤقتة) وان أجراءاتهم في المصالحة تتسم بالحلول المؤقتة .. وهي جمع أكبر عدد من (الفرقاء) السياسيين في المواقف ..(الاصدقاء) السياسيين في المغانم …حول مائدة مستديرة وتنطلق الحناجر وهي تصدح بحب العراق وشعبه ,وتغليب الروح الوطنية على سواها من العصبيات القبلية والمذهبية والقومية والفئوية ..ويدعون فيه الى (ميثاق شرف) يكون ملزماً لجميع الحاضرين طيلة فترة ..(الاجتماع) ..ويكونون في (حلٍ) منه بعد أنقضاء ألاجتماع لكن بفترة لاتقل 24 ساعة ..وتناسوا الشارع العراقي الذي يلتهب من جراء تصريحاتهم النارية ,,وتناسوا بأن الحلول ليس بميثاق الشرف بل بزرع نبتة المحبة والتسامح وقلع (أدغال) التعصب والطائفية من عقول الشباب وأن باب المصالحة مفتوح للجميع بما فيهم (المعارضين) ..فمن المعيب أن تكون مصالحة بين جهات سياسية متشاركة في العملية السياسية للبلد ..ويترك الشعب ضحية للجهات المعارضة والتي لاتعترف بالعملية السياسية ..

بلد يعيش حالة (مؤقتة) .. الحكومة عاجزة ، والبرلمان معطل والحكومات المحلية ..حكومات تصريف (أموال) ..او (أعمال) لست أدري اي منها الصواب ؟؟ ولو كان رئيس جمهوريتنا (المهيب) على قيد الحياة .. من المؤكد أنه لن يرضى لحال العراق بأن يعيش حالة (مؤقتة) وسيبادر الى وضع حلول (مؤقتة) تنتشل العراق من واقعه الاليم الى واقع جميل (مؤقت)..

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *