الحرية والقومية حديث على هامش المؤتمر القومي الكلداني العام

 

خاهه عَمّا كَلذايا

حديثنا اليوم عن الحرية سواء كانت فردية أو قومية أو إجتماعية، وما هو مفهومها وما علاقتها بعقد مؤتمرنا القومي الكلداني على أرض الوطن أم في بلاد الغربة ولماذا،

في البداية أهنئ جميع أبناء أمتنا الكلدانية المجيدة بمناسبة يوم العَلَم الكلداني الذي يصادف يوم الجمعة 17/5 والذي جاء متزامناً مع إنعقاد مؤتمرنا هذا في مشيگن .

يختلف مفهوم الحرية من شخص إلى آخر، فمنهم من يعتقد بأن حرية الفكر هي الحرية الحقيقية ، حيث أن الحرية هي التي تنمح الإنسانية للفرد، ومن خلال هذه الصفة يشعر الإنسان بوجوده وقيمته، فالحرية هي نزعة إنسانية كما يجب أن تكون متاحة لجميع الناس، وفي مفهومي أن الحرية هي الإعتراف بالآخر وإحترام آرائه وحقوقه ومشاعره وعدم التجاوز عليها، الحرية هي الثقة بالآخر مهما كان، وعدم إستغلاله ، وهي تؤخذ ولا تُمنح، فالدولة والمجتمع لا يمنحانك كامل حقوقك ما لم تطالبهما بحقوقك، وهل يكفيني أن أكون طليقاً لأقول بأنني حصلت على حريتي ؟ أو ما دمتُ لستُ عبداً فأنا حُراً!!! هل يكفي ذلك للدلالة على تمتعي بكامل حريتي ولو أنه جزء أو نوع من أنواع الحرية، هناك قول لأحدهم ( الحرية تؤخذ من الأسياد والسلطة تؤخذ من الضعفاء )

الحرية هي ذلك التعبير الواقعي عن شخصية الإنسان، وهي بهذا المعنى تعني إلتزاماً أدبياً وأخلاقياً بين طرفين ( الدولة والمواطن، أو السلطة مهما كانت – قبلية عشائرية –أم سلطة دولة )

ما علاقة الحرية بالقومية

نحن الكلدان نعيش في العراق ونحن جزء من عدة تكوينات، فنحن جزء من العراق العظيم، كما نحن جزء من شعبه، ونحن الجزء الأكبر من مسيحييه، نحمل صفة المواطنة كما يحملها جميع العراقيين ، إذن لنا فيه حقوق وله علينا واجبات، وبهتين لا يمكن مطلقاً أن نختلف عن بقية النسيج العراقي ومكونات مجتمعه، فلي الحق في الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية كما لي الحق في التقديم للكليات العسكرية والعمل في أخطر الدوائر وغيرها، ولا يمنعني مانع إنتمائي الديني أو نسبي العشائري أو هويتي القومية أو ما شابه ذلك، هكذا هي الحرية تتجلى بأبهى معانيها، فلا يجوز تفضيل مواطن ( عراقي عربي مسلم سنّي سياسي مناطقي ( تكريتي ، عاني ، راوي ، سامرائي) عشائري ( جبوري، عبيدي، جميلي، …الخ ) على مواطن آخر عراقي كلداني مسيحي كاثوليكي سياسي ألقوشي من آل …. لكونه يحمل هذه الصفات. يجب أن تكون هناك مساواة ويكون هناك عدل وإحترام حقوق، اليست هذه هي المعاني الحقيقية للحرية؟ فإن أختل ميزان العدالة في واحدة من هذه الصفات، حجبت الحرية عن هذه الشريحة من المواطنين، بينما تضاعفت نسبتها عند الطرف الثاني على حساب حجبها من الطرف الأول، وبهذا يبدأ الإستغلال وتتجلى الصورة الحقيقية للعبودية تحت التسميات الجديدة. وبهذا تنقلب إلى إعتداء وسلب لحقوق الآخرين .

قلنا بأن حرية الإنسان هي جزء من إنسانيته، لا بل هي الأساس والمرتكز، وفي هذا السياق السؤال يطرح نفسه، هل يمكنني أن أكون شخصاً سوياً نافعاً في المجتمع في ظل حجب حرياتي كلها ؟ مطلقاً لا يمكن لأي فرد أن يكون كذلك، لا يمكن للفرد أن يكون شخصاً نافعاً في المجتمع إذا كانت حريته مقيدة، والفرد لا يمكنه أن يشعر بأنه عضو فعال في أي مجتمع ، ما لم تكن له حرية التصرف في ذلك الوسط الإجتماعي الذي يعيش فيه وينتسب إليه،

لماذا نعقد مؤتمراتنا خارج بلداننا

هذا السؤال كثيراً ما يسأله من هُم في داخل الوطن، لا بل يعطون أهمية قصوى تصل إلى حدود الشرعية وغير الشرعية في إقامة وعقد المؤتمرات، ولكنني أقول إن كانت هناك حريات للأفراد أو الجماعات حتى ولو في حدودها الدنيا لتم عقد جميع المؤتمرات في بلداننا، نحن نتساءل لماذا التخوف من عقد المؤتمر داخل البلاد ؟ هل الثقة معدومة؟ هل الأمن غير متوفر ؟ هل الحرية مقيدة أم وضعت لها شرط وضوابط وخطوط حمراء كيف أستولت على مساحات شاسعة من حقوق الحرية ، لماذا يعقد المعارضون لسلطات بلادهم مؤتمراتهم خارج بلدانهم ؟ برأيي أن النقطة الأساسية في ذلك هو إنعدام الحرية،( وهي النقطة الأساسية ) ومنها أيضاً إنعدام الثقة بين المواطن والدولة أو النظام.

الحرية كما أسلفنا هي الثقة المتبادلة بين أثنين، مواطن ومجتمع، مواطن ودولة، والخ، أما الإخلال في هذا الميزان أو الإخفاق في التوازن معناه بأن النظام قد تحول أو يحاول تطبيق صيغ الديكتاتورية والتسلط وعودة العبودية بشكلها القبيح تحت مسميات جديدة ، لماذا تعقد الأحزاب الممثلة للسلطة مؤتمراتها بكامل حريتها وأمام أعضائها عشرات المايروفونات وعشرات القنوات الفضائية تلتقط أخبارها وتبثها، بينما يتم ملاحقة أو التكتم على حرية قومية أو مجموعة عرقية معينة تطالب بحقوقها وحريتها ؟هل هذه هي الحرية التي نعرفها أو نريد تطبيقها ؟ وإن كان عكس ذلك فلماذا هذا التغييب ؟ وهل في ظل مثل هذه الظروف يمكننا عقد مؤتمرنا داخل بلدنا ؟

الحرية تؤخذ ولا تُمنح، ولا نقصد بذلك أن نؤسس تنظيماً عسكرياً أو سياسياً معارضاً لنظام الحكم، تحمل السلاح وتقتل وتنهب أموال المواطنين وأملاكهم وتقوم بأعمال تخريبية ضد الشعب والدولة، هذه ليست معارضة بقدر ما هي أيادٍ خبيثة تحاول تدمير ما بناه غيرها، نحن نقصد أنه نبقى ونستمر بالمطالبة بحقوقنا إلى أن يتم الإستجابة لمطاليبنا، وما ضاع حقٌ وراءه مطالب .

خلاصة القول أننا لا نستطيع أن نقدم لبلدنا وأمتنا ما بوسعنا تقديمه من إبداع وإبتكار وتنمية، ما لم نكن متمتعين بحريتنا، أليست الحرية هي الأساس لكل النضالات ؟ أليست الحرية إذا ما تمتع بها المجتمع أو الأمة أو الشعب هي أساس كل تقدم وإزدهار، وبهذا تعتبر الأرض الصلبة لبناء التنمية الشاملة والتي تخدم بها أبناء تلك الأمة.

إذا كانت الحرية مفقودة معنى ذلك أن الأمن مفقود، وكذلك الدولة والمجتمع سوف يعيش في حالة من الفوضى، نحن لسنا آلات تحركنا أجهزة الريموت كونترول ( السيطرة عن بُعُد ) ونحن لسنا مجتمع يعيش في القرون الأولى ، نحن لا نؤمن بمن قال ( الشعوب على دين ملوكها ) عندما كانت الحرية مغيّبة تماماً، نحن نعيش عصر التقدم والمعلوماتية، عصر التكنولوجيا والكومبيوتر، لذا نرى أن أكثر دول العالم تقدماً هي التي فتحت أبواب الحرية على مصراعيها، ووضعت دساتيرها على أساس منح الحريات بكل أنواعها، من حرية شخصية ودينية وحرية الرأي وحرية الكلام وحرية الصحافة وحرية التنقل وحرية السكن وحرية التعبير وحرية الإنتماء وغيرها الكثير، لقد أنشأت مؤسسات دستورية ومحاكم تحمي هذه الحقوق وهذه الحريات,

الحرية الحقيقية هي تلك الحرية التي يتم ممارستها في مجتمع آمن ومستقر، فهل مجتمعنا آمن ومستقر ؟ ومتى ما رأيناه كذلك حينها سنعقد مؤتمراتنا فيه حتماً.

وإلى أن يتم ذلك سنبقى نعيش ذلك الحلم الجميل ونحن بالإنتظار

نزار ملاخا

15/5/ 2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *