الثقافة الكلدانية رافد أساسي لمكونات العراق

من منطلق المناقشة الموضوعية وصولاً للمشتركات الفاعلة على الارض ، لابد ايلاء الاهتمام المتواصل والدائم باحترام دفع الأمور للأمام خدمة لشعبنا وبناء وطننا ، وفق رؤيتنا ونظرتنا الخاصة تقييماً للحقائق المشخصة على الأرض ، وما يعتريها من الإشكاليات والسلبيات والأخفاقات في الجانب الثقافي والأدبي والفكري والسياسي والأجتماعي والاقتصادي والخدماتي وطنياً ، وعلينا ألاستفادة القصوى بالإرث الثقافي الكلداني كونه رصيد لا ينضب ، وفق حسابات كثيرة ومتشعبة ومنها البعد التاريخي والحضاري القائم على الأسس والمعايير العلمية والفنية بموجب الاكتشافات والتقنيات المتجددة ، وهذا يعتبر عاملا مؤثراً وأساسياً في التاريخ الجمعي للعراقيين ، وينعكس طبيعياً على التفكير وأشكال التواصل وسلاسته الإيجابية.. وهذا يشكل خصوصية البشرية العراقية التي تمتاز بها وفق العلاقات المتشعبة عرقياً ودينياً وحتى مذهبياً رغم تحفظنا على الأخيرة كوننا عراقيين نتطلع لغد أفضل وأسلم وأحسن وأفضل ، كما ونحن نمثل محوراً وثقلاً أساسيا في منطقة الشرق الاوسط ، كوننا نمتلك بصمتنا الواضحة والجلية التي تشخصنا عن المكونات العراقية الأخرى ، ولابد من ثقافة العلم الحديث المتجدد والمتطور.

نحن الكلدان مع ثقافة الحوار والانفتاح على المجتمعات الانسانية وتجارب الثقافات المختلفة وقبول الآخر ، ومع الرأي والرأي الآخر ، نؤمن بالتعددية السياسية والفكرية ، وباختلاف وجهات النظر المختلفة دون تحولها الى خلاف صعب وعسير ، وهذه القيم ثابتة ومتجذرة تاريخياً ، وليست حدث عابر ولا شعارات جوفاء لا معنى لها يتم الترويج لها.

إن الثقافة الكلدانية لها مقومات وأسس عراقية لوحدة الثقافة والفكر وسموهما الشعب العراقي ، ويكاد التاريخ الرافدي القديم بها يفتح صفحاته ، دون فرض نموذج ثقافي معين على الأنماط الثقافية الأخرى المتعددة والمتعايشة ، فالتعدد الثقافي في العراق واقعة أساسية لا يجوز القفز عليها أو التقليل من شأنها ، بل العكس هو الصحيح ، لا بد من توظيفها بوعي في أغناء وإخصاب الثقافة العراقية وتطويرها وتوسيع مجالها الحيوي.

ومن منظور الإيمان بتعددية المكونات الثقافية العراقية ، كمبدأ تم ترسيخه على امتداد تاريخ بلاد الرافدين ( العراق) ، لأن الثقافة الكلدانية لم تكن في يوم من الايام معزولة ولا منعزلة عن الثقافات الانسانية الأخرى ، بل متفاعلة معها ومتكاملة لها من الوجهة العملية ، فقد عايشت مع ثقافات الشعوب التي انفتحت عليها واستفادت منها من دون عقدة نقص أو تفوق أغنتها ايجابياً ، ولذا نجد ثقافات المكونات غالبيتها انفتحت على الثقافة الكلدانية ، على امتداد القرون وما زالت تحافظ على تماسكها و قوتها.

التصور القائم على أساس الإيمان بالتعددية والاختلاف ، هو المشجع والمستحضر والمطلوب للعمل وفقه ومعه وله لبناء ثقافة العصر الحديث يفترض تجدده وتجذره في وطننا ، لذا لابد من أنصاف القضية الكلدانية والتعامل معها بدراية وموضوعية ، بعيداً عن الاستثناء والتغييب والتهميش ، كون المكون الكلداني له سجل مشهود في الحركة الوطنية العراقية لأنه قدم شهداء للوطن والشعب ، فلابد من مواجه الافكار الشمولية والاقصائية وأبعادها وأقلعها ، وتحويل الأيدلوجيات الى الاستراتيجيات والسلوكيات والممارسات الفاعلة مع الثقافة الكلدانية كونها إرث وطني يشترك فيه جميع العراقيين.

إن الوطنيين الكلدان حينما يستحضرون الإرث الثقافي الكلداني ، فهم يربطونه مباشرة برموز ونماذج وطنية معطاءة خالدة تتوهج احرف اسمائهم على صفحات التاريخ ، لما قدموه من عطاءات عائمة جسدت التلاحم الوطني لأسماء تركت بصماتها الخاصة على الثقافة الوطنية وساهمت في تطور وتقدم المفهوم الثقافي الإنساني العراقي ، وفق منظور حضاري يجمع العربي – الكردي – الكلداني – التركماني..الخ ، بعيداً عن التناحر القومي والعرقي ، وتبني التراث الفكري و الإرث النضالي الوطني المشخص ايجابياً وبالملموس بنفحة عرقية مخلصة وخالصة ، بثقافة الوطن والمواطنة التي جسدوها بنضالهم وتفانيهم الثقافي والأدبي بتكامل وتكافأ مع الإرث الحضاري الكلداني ، فجميع المكونات العراقية كانت وستبقى مع الشراكة الوطنية في حب الوطن والمواطنة العراقية باختلاف مكوناتها الفسيفسائية الجميلة ، كالزهور المتنوعة والمختلفة الألوان في مزهرية جميلة هو العراق الواحد الموحد ، مع الاحتفاظ لكل مكون قومي بخصوصيته.

لنعمل جميعاً في خدمة القضية الوطنية على أفضل صورة ممكنة ، وفق آلية علمية مؤسساتية فاعلة لدولة قائمة من أجل الشعب العراقي بكافة مكوناته.

وديع زورا

wadizora@yahoo.com

2013-08- 04

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *