البيت هو بيتي و أنا كلداني / بقلم : باسم دخوكا

الحقيقة , ليس من السهل أن تتناول موضوع حساس جدا ً,  خصوصا ً ان هنالك الكثيرين ممن سوف يترصدون لكل كلمة و حرف مما تدونه  … قد يجعلك من الأحباب أو يقومونك من الأعداء . و كما يقول المثل العربي ( مما يزيد الطين بلة ) اذا لم تتوافق مع ما يطرحه البعض ممن يعتبرون أنفسهم المتحدثين بإسم الأمة و أتباعهم من الكتاب والمفكرين . عندها سوف تقع في مطب كبير و أبسط ما سوف يقال عنك … إنك متعصب , و لا تؤمن بوحدة شعبنا  و لا تحترم إرادته , قد يصفونك بالخائن أو العميل أيضا ً .
و أما إذا إتفقت على ما يتفقون عليه , حتى و ان كان يخالف المبادىء و القيم التي تؤمن بها … أنت في بر الأمان , و هم في مأمن من الشريرين الذين يعتزون بإرثهم التاريخي والحضاري . 
ما يخصني فهو يخصني … فلا تستطيع هذه الأفكار المتناقضة أن تتغلب على … إنتمائي , فكري , عقيدتي . بالرغم من إنني وبالأمس القريب كنت أعتقد اننا جميعا ً نشترك بذلك كله , إلا إن يوما بعد آخر بدأت أكتشف إن الواقع يثبت لي وعلى ” أقل ما يقال ” … إن اخوتنا يخدعوننا و بلا مبرر .
أن تقول أنا كلداني بات مضرا ً , و إن لم يكن , فعليك أن تتبعها بأشوري  !
و للعلم , اذا ذكرت إنك أشوري … لا تحتاج للمزيد , فهذا يكفي , و بنظرهم … قد أحسنت القول و الفعل .
ما أسوء من أن يحاول البعض أن يستغفلك أو يخدعك أو يستخدمك … أليس الأفضل له و لك أن يطعنك بالسكين… مثلا , بدلا ً من أن يسلك هذه الطرق الملتوية للألتفاف عليك ؟   
الحقيقة التي يجب أن أذكرها تجنبا ً للمزايدات هنا وهناك هي : انني أعتز بالأشورية  , و إنني لم أعتقد سوف يأتي يوم  يدفعني البعض لأكتب عن هكذا موضوع حول الهوية أو الأنتماء , كنت أعتقد دوما و كما عشت بين إخواني ألأشوريين في كركوك الغالية … إننا لا نحتاج لنتنافس فيما بيننا , لا نحتاج لنزايد على بعضنا و لا نحتاج لنقول للأخر ( أنت أشوري ) و لست كلداني .
أما اليوم بات يتجرأ الكثيرين أن يقولوا … انه ليس هنالك كلدان أساسا ً.
غريب هذا الطرح … فالبيت هو بيتي و أنا كلداني و أبي يعتز بكونه كلداني و جدي أيضا ً فخر بإنتمائه … والكتاب الذي أؤمن به يذكر قومي أكثر من مرة و مرة ..
قرانا التي تنتشر على أرض أجدادنا  , حافظت على هويتها الكلدانية و وجودها بالرغم من القتل والتنكيل و الأبادة , ولا  تزال تحمل إسم قرى كلدانية  و تفتخر به . و كما أعتز أيضا ً بكل القرى الأخرى التي تفتخر بأشوريتها , فلماذا تختلفون معي ؟
ولماذا تبحثون في دهاليز التاريخ و تنتقون ما يناسبكم وما يضر بنا ؟ و تمجدون كل من كتب و دون مما يلائمكم و تلعنون ممن كتب ما ينصفنا ؟ و هل هنالك مصدر أوثق تاريخيا ً من الكتاب المقدس ؟ و أنتم يا من أمنتم بالكتاب , هل تشكون به أيضا ً ؟
نعم أنا كلداني … ومن بيت كلداني  و من يأتي من نسبي فهو كلداني …
ليس غرورا ً , لكنه فخرا ً.
ليس عندا ً , لكنها هويتي .
ليس تكبرا ً , لكنه نسبا ً
نسبا ً لأعظم تاريخ و حضارة و فكر و إبداع .
           
                                                  *        *      *
الكلدان اليوم…
 نحن الكلدان نائمون و نكاد نشبه أهل الكهف بنومنا هذا .
نتقلب بين موازين الحياة و الرياح تعصف بنا و توجهنا كما تشاء . 
منا من لا يبالي …
منا من يعلم و لكنه يسكت …
منا من شغلته الدنيا و لا يهتم …
و منا من سوف يسألونه أبنائه عن من يكونوا ؟ فهل سوف يعرف أن يجيب ؟
منا من يبيع تاريخه و أصله و فصله .
منا من تباع قراه و على مرأى من عيونه .
منا من يبحث عن الحقيقة , و الحقيقة نصب عينيه .
منا من يحتاج لمن يقوده , ومن يقوده يحتاج لبصيرة ليرى كل ما يدور حوله .
منا من يزايد على الأسم فقط , و يجهل إننا ندافع عن وجودنا و تاريخ أجدادنا .  لا نحتاج للمبالغة , فنحن شعب صنع المعجزات فيما مضى .
ولا نحتاج للمراهنة , نحن نؤمن بقدرات شعبنا و كما نؤمن بالواقع  , و نبحث من خلاله عن موقع لنضع عليه قدمنا , ونبدأ المسير , فلا يهم إن كانوا ألأخرين قد سبقونا , و لا يهم إن كانوا قد تفوقوا علينا , و لا يهم ان كنا في أخر المسير , فما نعرفه جيدا ً, إننا قادرون على أن نجد لأنفسنا موقع نبدأ منه بما يرضي  تاريخنا وحاضرنا و مستقبلنا .
                           
                                                               *       *       *               
 
المهزلة تبدأ حينما يكون هنالك صراع فيما بيننا و ليس التنافس على خدمة شعبنا .
أحزاب تخشى على مواقعاها و شخصيات كبيرة باسمائها البراقة , تبحث عن المواقع أو الكراسي الكارتونية هنا وهناك ! شعبنا يحتاج لمن يخدمه , وليس لمن يود أن يحمل إسم ( قائد الأمة ) .
فلماذا لا يكمل بعضنا البعض ؟ اليست طموحاتنا واحدة ؟
وجود الأحزاب ضرورة نحتاج اليها , و الخلافات بين الرؤيا وارد ومقبول , ما هو غير مقبول إن يكون شعبنا الخاسر الأكبر من هذه الخلافات , فهو من يدفع الثمن قبل أن يدفعونه هم . و ما أثقل الثمن الذي سوف يدفعونه هم أيضا ً – ثقة الشعب بهم , فهل يعرفون قيمتها ؟
كما يقول المثل ( لكل حصان كبوة ) نتمنى أن تكون التجربة التي مررنا بها  ( كبوة حصان ) و ليس شهوة قائد لا يهمه سوى نفسه , فيخسر نفسه أولا ً , ومن ثم  يخسر شعبه .
كونوا قادة بمظهر الجنود , فتكونوا فخرا لشعبكم .
كونوا أمناء على أعظم كنز لا يزول , و هو حمل ألأمانة .
و هل هنالك كنز أعظم من أن تحمل على كتفيك قضية شعبك ؟
وهل هنالك أعظم من هذه الأمانة التي تودع بين أيديكم ؟
فأين أنتم منها ؟   

dkhuka @hotmail.com

You may also like...

1 Response

  1. اود ان ابدي اعجابي بمقالك فانت قلت بالضبط ما اود قوله دوما
    شكرا لك

    انجيلا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *