البطريرك ساكو ومعاونوه في ندوة مفتوحة مع المؤمنين: ازمات الوطن عديدة وتحديات الهجرة كثيرة

البطريرك ساكو ومعاونوه في ندوة مفتوحة مع المؤمنين: ازمات الوطن عديدة وتحديات الهجرة كثيرة

إعلام البطريركية: أقام غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو مساء اليوم، الأربعاء 26 شباط 2014، ندوة مفتوحة مع مؤمني بغداد في كنيسة مار يوسف في الخربندة، يرافقه السادة الأساقفة المعاونون وذلك حول موضوع “أزمات الوطن عديدة وتحديات الهجرة كثيرة”.

واستهل البطريرك ساكو حديثه بالكلام عن الصورة المأخوذة عن المسيحيين اليوم: “المسيحيون في الشرق يختلفون عمومًا عن اخوتهم المسلمين بدينهم الذي حافظوا عليه بتضحيات جمّةّ، ومن المؤسف ان الانظمة الاسلامية اعتبرتهم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في وطنهم الام. وبسبب الحروب الصليبية تم الخلط بينهم وبين والغرب, وقد رسخ هذا الانطباع الاستعمار على مختلف اشكاله فصورهم موالين للغرب؟ وهذا أثر بشكل كبير في عيشهم المشترك مع المسلمين”.

ولخص غبطته أسباب الهجرة في التالية: “فقدان الامن، والعدالة والمساواة حتى في القوانين، الجانب الاقتصادي، لمّ شمل العائلة وهو حاليا الاهم، وجود مافيّات تشجع الهجرة بتقديم إغراءات، وتسهلها لأجندة معينة ومصالح”.

وشرح غبطته أيضًا مخاطر وتحديات الهجرة: “ترك البلد يعني القطيعة مع التاريخ، وحضارة البلد – الأم، وثقافته ومجتمعه، بالاضافة إلى صعوبة التأقلم مع العقلية الغربية من ناحية اللغة، التقاليد، الاخلاق، المجتمع، العائلة، الثقافة، التربية. باختصار: الهجرة استئصال من الجذور وشكل من اشكال الموت”.

وعن أهمية تجذرنا في العراق، قال غبطته: “ولدنا في العراق- بلاد الرافدين، ولم نولد في امريكا أو كندا أو استراليا او اوروبا… في العراق جذورنا وينابيعنا وتراثنا وجغرافية مدننا وقرانا وقبور اجدادنا وابائنا، باختصار تاريخنا الذي يمتد الى اكثر من 2000 سنة. فان تركناه انقطعنا عن أصولنا وتاريخنا، وكأن لا اصل لنا”.

ويرى البطريرك ساكو هويتنا في هذا البلد في كوننا مؤمنين ومواطنين: “مؤمنون بان وجودنا ليس جزافا – قدراً أو من باب الصدفة، بل نحن هنا بتصميم الهي ولنا دعوة – رسالة: مسؤولية حمل بشارة يسوع المسيح الى من نعيش معهم. اباؤنا فهموا هذا وتحملوا وعانوا واستشهدوا. اذا غادرنا، يا ترى من سيشهد للمسيح في هذا البلد؟ أما ستتحول كنائسنا الى متاحف وحجارة ميتة؟ هذا اذا ما دمرت بالكامل، أليس بيع الاراضي والبيوت بيع التاريخ؟”، “نحن مواطنون مسيحيون جزء لا يتجزأ من المجتمع العراقي. نحن عراقيون مع العراقيين، وبالتالي نشترك معهم بالمخاوف والآمال ومدعوون الى الاسهام في تغيير الاوضاع نحو الاحسن”.

أما عن النظرة المستقبلية فقال غبطته: “المستقبل مرهون بمدى التزامنا وتأثيرنا. مستقبلنا هنا وليس في بلدان الانتشار. حضورنا لا يخضع للعدد، بل ينبع من النوعية والفاعلية. صحيح ان اوضاعنا صعبة، لكن صعوبتها على الجميع، لكن لنا الايمان والرجاء بانها لن تستمر الى الابد”. وأضاف: “مؤمنون لا يجوز ان نعيش في الخوف والانكفاء، بل علينا ان نتحد ونلعب دورنا المسيحي – الايماني والوطني. مواطنون: بقاؤنا في الوطن وتلبية نداءاته مسؤولية ضميرية”.

وتساءل غبطته أخيرًا: “أليست الهجرة خيانة للوطن وهروب من المسؤولية؟ لأن قرار الهجرة فيه الكثير من الانانية وانعدام الرؤية. واذا غادرت النخبة (المفكرون- المبدعون) فالبلد بأيدي من يترك؟ نحن نعد نخبة: هجرتنا كارثة حقيقية لنا وللأخرين، تضعفنا وتضعف الوطن . لابدّ من التمسك به”.

وأضاف غبطته: “السعادة المزعومة في الهجرة سراب، ماذا سيبقى من الجيل الثالث والرابع من الاحفاد؟ شقاء الغربة وعناء العمل ومخاطر الضياع قد تضيع كل شيء. لا تفكروا انكم ستجدون العمل والمال والرفاه بسهولة… اصحاب الشهادات يعملون خارج اختصاصهم”.

وطرح البطريرك ساكو بعض الحلول العملية: “التوعية والتثقيف، توظيف اموال الكنيسة للحفاظ على المسيحيين خلق مساكن وخلق مشاريع لإيجاد فرص عمل. توحيد التنظيمات السياسية، تنشئة كادر سياسي واع ومتمرس (على غرار فكرة الرابطة الكلدانية)! تكوين فريق متخصص لمتابعة معاملات المسيحيين والدفاع عن حقوقهم وعن الحالات الطارئة الخارج: دعم معنوي ومالي لاستثمار في المناطق المسيحية”.

وأكّد غبطته دور الكنيسة الذي يقوم على “التثقيف والتوعية حتى الناس تأخذ قرارها بوعي ومسؤولية”.

بعدها قدم السادة الأساقفة مداخلاتهم، فأكّد المطران جاك اسحق أهمية الانتماء إلى أرض الوطن، وأن هناك أخوة مسلمين يشعرون بانتمائنا أكثر منّا أحيانًا. ودعا المطران شليمون وردوني إلى عدم الانجرار وراء الأقاويل غير المسؤولة التي تشجع على الهجرة وتوهم الناس بوجود جنة في الخارج. أمّا المطران سعد سيروب فرأى أن الوجود المسيحي في العراق بات مسألة دعوة ورسالة وقضية، من دونها يصعب على المسيحي أن يجد أسبابًا للبقاء في البلاد.

بعد مداخلات الأساقفة طرح المؤمنون أسئلتهم وقدموا مداخلاتهم حول هذا الموضوع، وفضّل غبطته أن يختتم اللقاء بإنشاد بيت من النشيد الوطني وبيت من ترتيلة في ظلِ حمايتكِ للعذراء مريم.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *