الأنسان أثمن ما في الكون

في مجمل البلدان قاطبة للعالم أجمع ، الأعتزاز بالوجود العائلي والقومي والوطني ، وهذه من الخصوصيات المطلوبة في الزمن السوي في عالم تسوده الحرية الفردية والعامة ، وفق المواثيق والأعراف الدولية خصوصاً عندما تنشأ المجتمعات على مبدأ التعائش السلمي ، في وطن العدالة الأجتماعية والحياة المدنية ومؤسسات فاعلة ودولة قانون وفق أسس ودستور مستفتى عليه ديمقراطياً ومقر برلمانياً ، وحكومة منتخبة من الشعب بشفافية ونزاهة وحقوق وحريات مصانة ، بعيداً عن أساليب المكر والحيل والسرقة لأصوات الناخبين وتبديل صناديق الأقتراع والتزوير العلني والمخفي بأساليب وطرق جهنمية  ، منها تبديل الصناديق وتغيير الأقراص لنتائج الأنتخابات بما فيها ممارسة الأساليب التقنية الحديثة في فرز الأصوات ، ناهيك عن أستغلال الدين وتسيسه الواضح وجهل الناخب وأميته في صيانة صوته وأستغلاله من قبل المراقبين بضعف أدائه ، بالأضافة الى أساليب متنوعة في أبتزاز صوته بطرق عديدة حتى بأرتشائه لكسب صوته الوطني الثمين أحتراماً وتقديساً للفوضى الخلاقة في بلد متخلف ، لتتكرر مآسي الشعب المظلوم من قبل فئة فاسدة متسلطة عديمة الضمير ، وفاقدة للوطنية لبناء بلدها وديمومة شعبها نحو غد أفضل.

أزاء الأوضاع المزرية المرادفة للأنسان في وطنه عبر تاريخة العمري الفاقد للراحة والأمان والأمن والأستقرار ، لعقود من الزمن الغابر بفقدان حرية النطق والكلمة والفكر بعيداً عن الرأي الخاص لممارسة حرية التنفس ، بفرض القيود الفكرية بأطواق حديدية جعل البلد سجن كبير وواسع للأنسان دون أن يسمع ويتعلم وينطق ويرى ، أضافة للحروب المتواصلة داخلية وخارجية لأسباب تافهة وغير مسؤولة ، أنها حالات غريبة عجيبة لا يمكن للعقل البشري تصورها ، عائمة ممارسة بالضد من روح العصر الأنساني المبدع في تفكيره وحياته المتطورة الخلاقة المتقدمة في أتجاه خير البلد ورقي الشعب ، ليختار هذا الأنسان السوي مهاجراً كالطير المتنقل لمهاجر الماء والكلل أينما تواجد على الأرض ، دون مبالاة للترابط العائلي والقومي والوطني حباً بأنسانيته في الحياة المثلى النسبية ، وبهذا ضعف الأنتماء العائلي وتقلص الفكر القومي وتطلعاته وغابت الوطنية في نموه وتعشعشه عبر الزمن المرادف لهذا الأنسان خياراً حياتياً منصفاً بعيداً عن الموت.

وهنا يصطدم بحالة رثاء حياتي أخرى هجرته وتقلباته الفكرية وتأصله العائلي والقومي والوطني السابق أولاً ، والأستغلال القائم لقوته من خلال بيع قوة عمله الرخيصة لصاحب العمل بحكم العرض والطلب القائم بفعل الهجر المستمر المتوصل ، لتزيد معاناته لصعوبة اتقانه اللغة الجديدة في البلد المغترب بالأضافة الى العرض المتزائد لقوة العمل بالآلاف ثانيا ، كما والظروف الغريبة التي ترادف المهاجر الجديد من حالات التسيب والا مبالاة والحرية المفرطة بما فيها المخدرات وأفيون القمار والخ من التلوث السلبي الذي يتفاجأ به المهاجر ثالثاً ، وهذا ما يحدث في بلدان الشرق الأوسط المتعددة حال وصولها لبلدان المهجر الديمقراطي المدني التقدمي ، المهتم بحرية الأنسان الفردية والعامة وضامن حقوقها الأجتماعية والتعليمية والصحية ، وهي حالة متقدمة مقارنة ببلدان الشرق الأوسط الذي لا يعير للأنسان أهميته ووجوده وحياته ليبقى أرخص ثمن بين جميع الموجودات في تلك البلدان ، وبحق وحقيقة أنها كارثة أنسانية متواجدة في واقعها الأليم الدامي والدامع لعيون الثكالى من الأمهات اللواتى أنجبن ورعين وكبرن ، بالأضافة الى تشرد الطفولة وضياع مستقبها وانتهاك حقوقها وعنس المرأة وأرملتهن بالملايين ، والنتيجة هي القتل والسبي وأنتهاك الحرمات بأسم الدين والله أكبر ، يذبح الأنسان بدم بارد من دون أن ترتجف مشاعره ووجوده الأنساني.

 اليس هناك فرق شاسع بين رخص الأنسان المستمر في بلدان دماره المتواصل بحكم الدين وشرعه وفتاويه بأجتهاد قادته ؟؟!!، وبين غلاء الأنسان وقيمته المتطورة وحضارته المقيّمة وتعلمه وضمان حياته وصحته المعهودة فيما يسمونها ببلدان الكفر والألحاد واللادين ، من خلال مدنيتها وديمقراطيتها وعلمانيتها وقوانينها وحكم مؤسساتها وعدالة أنسانيتها وتعائشها السلمي وضمان حقوقها الكاملة ،  بالرغم من تنوعها البشري عائلياً وقومياً ووطنياً ، لأن الجميع خاضعين لحكم القانون ينفذون واجباتهم على أفضل وجه ممكن ، دون تفرقة بين أنسان وأخيه الأنسان من حيث اللون والجنس والشكل والمظهر والأنحدار والخلفية الوطنية والقومية والدينية.

وسكان بلدان الكفر الأصلاء حسب مسميات الأسلام السياسي ، لهم حقوق مضافة وتمييز واضح كونهم سكان البلد الأصليين مقارنة بالمهاجرين لبلدهم  من مختلف أقطار العالم ، مثال ذلك الهنود الحمر في أمريكا وسكان أوبرجين في أستراليا ، بعكس ما حدث ويحدث لسكان الشرق الأوسط من الأقباط في مصر والكلدان والآثوريين والسريان والصابئة والأزيديين في العراق وسوريا ، في أنتهاك حقوقهم الأنسانية والمالية والأقتصادية والأجتماعية وقتلهم وتدميرهم  وسبهم وبيعهم بسوق النخاسة والخسة والأعتداء عليه ، كما والأستيلاء على دورهم وأموالهم وممتلكاتهم  وتهجيرهم وهجرهم بمختلف الطرق والوسائل البخسة ، حتى بات وجودهم في  بلدانهم الأصيلة مشكوك فيه بالقريب العاجل كونه مجرد وقت لا أكثر.   

حكمتنا:لا يمكن للأنسان المضطهد لأخيه الأنسان ، أن يكون حراً تقياً منصفاً ونظيفاً ، مهما كان وجوده وديمومة حياته وتشبثه الديني المفتري.

منصور عجمايا

آذار \ 2016    

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *