اغلبية سياسية .. شرها براسنا وخيرها للغريب ..

الديمقراطية هي وسيلة وممارسة تُمَكِن الشعب من حكم نفسه، وتستند على اساسين مُهمَيّن لممارستِها: الاساس الاول هو الحرية والثاني المساواة، بغض النظر عن ما يحدد المسار الديمقراطي من ((الية الانتخابات والمؤسسات العسكرية وحرية التعبير عن الراي وغيرها من الممارسات التي تحدد المسار الديمقراطي الاني منفردا)) وأي نظام حكم يفتقر الى الحرية والمساواة لا يمكن تسميته بالديمقراطي، والديمقراطية كمصطلح وممارسة بعيدة كل البعد عن ما تنتهجه الاغلبية اثناء اتخاذها قرارات تخدم “تلك الاغلبية وجماهيرها” دون الرجوع الى الاقليات السياسية في مجلس النواب والتي تمثل الاقليات الاجتماعية او الجماهيرية ( قومية كانت او دينية او مذهبية او مناطقية)” .

فالاغلبية السياسية في مجتمع مثل المجتمع العراقي لا يجب ان تكون بلغة الارقام او بعدد اشخاص الكتلة والمصوتين على قرار معين ، ربما يخدم ذلك القرار اغلبية شعبية ويضر بمكونات اقلية من الاقليات ، فالعراق بلد تتعايش فيه اطياف ومكونات واقليات ومذاهب واديان ، وهذا ما يؤكد فشل الديمقراطية في ظل ما نسميه اغلبية سياسية حسب “مفهومها اللغوي” ، فمفهوم الاغلبية السياسية المنشودة في بلد مثل العراق يجب ان تكون على اساس مصلحة البلد بحدوده الادارية كاملة دون اقصاء او تهميش أي مكون او طائفة او مذهب مهما كان الاختلاف جذريا وعميقا . ففي بلد مثل العراق وان فازت اغلبية سياسية من خلال ائتلاف كتل سياسية بأصوات وشغلت اكثر مقاعد البرلمان، فعلى هذه الاغلبية ان يكون حكمها محدد بضوابط وقوانين تعطي حق جميع مكونات الشعب دون النظر الى الاختلافات الدينية والمذهبية والقومية والاثنية والمناطقية ، فمجرّد ان نكون اكثرية في مجلس النواب فهذا لا يعطينا الحق في التجاوز على حريات وحقوق الكتل والمكونات الاخرى، كي لايتغير نظام البلد من ديمقراطي الى دكتاتورية اغلبية ، مثلما يحصل الان مع مطالب كتلة دولة القانون ومعها بعض الكتل في الائتلاف الوطني بأعتماد اغلبية سياسية في مجلس النواب واليات اقرار الموازنة العامة لهذه السنة .

لذلك على الاغلبية السياسية العمل على اساس الانسجام كفريق واحد مع الاقليات السياسية بأسلوب الشراكة بحيث لا يشعر طرف من الاطراف بالتهميش، فالأغلبية تعني ارضاء اغلب الناخبين وليس اغتصاب حقوق الاقلية وتهميشها، ولو ان الاغلبية بالمفهوم العراقي تحت ظل الحكومة الاتحادية الحالية هي ارضاء نخبة من السياسين الساعين للحصول على المناصب كونهم اما يتبعون مذهب رئيس الوزراء، او لمصالح شخصية وفئوية ضيقة، وبالمقابل اعادة انتخاب رئيس الوزراء الحالي مطبقين المثل المصلاوي ( انت اوص واني اوص واشمايصير نقسموا بالنص )

فالعراق بحاجة الى اغلبية سياسية لأيجاد الحلول للازمات المفتعلة وتنشيط العمل الحكومي وتقديم الخدمات واعطاء الحقوق الكاملة للعراقيين بمختلف مشاربهم . لا اغلبية للالتفاف على مكتسبات الديمقراطية ، وهضم حقوق شرائح كبيرة من الشعب .

في الختام لا يمكن حصر فكرة الديمقراطية بنتائج الانتخابات، واعتبار هذه النتائج وثيقة موقعة من قبل الجماهير الناخبة تعطي الاغلبية الحق في التصرف كما تشاء في مقدرات البلد، لذلك نقول ان حكومة الشراكة الوطنية “الاغلبية مع الاقلية” كانت وما تزال الحل الوحيد للجميع، واننا في اجواء تشير الى ضرورة الاستمرار بها ، فربما تكون حكومة الشراكة الوطنية صيغة استثنائية في الممارسة الديمقراطية، ننتهجها لحفظ كيان الدولة ، والمحافظة على شكل النظام، وتجاوز الازمات التي تمزق الوحدة الوطنية، لتضمن للجميع مصالحها الحقيقية ضمن اطار المواطنة ومصلحة البلد الحقيقية وتعمل على اساسها الكتل السياسية لغرض خدمة ناخبيها وتمنع تفرد جهة على اخرى وتقف بوجه العودة الى الاستبداد والدكتاتورية.

(اغلبيتنا السياسية اليوم شرها براسنا وخيرها للغريب )

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *