احداث الموصل في عام 1959 يرويها شاهد عيان ( ردا على مزوري التاريخ المأجورين) الجزء الثاني

من مذكرات المرحوم فخري بطرس

على ضوء ما أشرت إليه في الجزء الاول فأن ملامح التآمر والتحرك العسكري ضد الجمهورية باتت واضحة مع تصاعد الحملات الاعلامية للدوائر الغربية والنشاطات العلنية للقوى المعادية للجمهورية منها تصعيد الاستفزازات والتوتر في المدينة لتكون منطلقاَ لهم للسيطرة عليها ليسهل تنفيذ مخططهم وهذا كان بالتعاون والتنسيق مع ضباط كبار في الاجهزة العسكرية والامنية , وكنا في مدينة الموصل نتلمس ونتعايش مع هذه التحركات بشكل يومي وقيادة الحزب الشيوعي تتايع هذه التطورات , ولكن المشكلة كان بعض الضباط المحيطين بالزعيم عبد الكريم قاسم يحجبون كثير من المعلومات عن عبد الكريم قاسم مما فسح المجال للمتآمرين للتنسيق والتهيئ لتحركم بحرية .

منظمة الحزب الشيوعي العراقي وأبناء الموصل تحملا العبئ الاكبر لهذه النشاطات المعادية للجمهورية :

1- كانت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الموصل حيث كنت عضواَ فيها تراقب الوضع عن كثب وبدأت في إجتماعات مستمره تدرس تطورات الاوضاع , المتآمرون وعن طريق الجماعات المسلحة في المدينة أشاعوا أجواء الخوف واليأس بين أوساط أبناء المدينة . في أحد إجتماعات اللجنة المحلية وكان ذلك في أوائل شباط من عام 1959 . إتخذنا مجموعة من التدابير التي تهدف لتهدئة الامور والحفاظ على الامن والاستقرار في المدينة وعدم الانجرار للاستفزازات وتجنب المدينة صراعات هي في غنى عنها , ومن منطلق الحرص على أمن المدينة وسلامة المواطنيين وتجنب حالات الفوضى التي بدأت تعم أرجاء المدينة ولأيقاف هذه التداعيات التي تخطط القوى المعادية للجمهورية . بدأنا بأجراءات عملية لتنفيذ هذه الوجهه .علماَ أن قيادة الحزب الشيوعي كانت مع في هذه الوجهه وترسل لنا التوجيهات تطالبنا بعدم الانجرار وراء الاستفزازات ومن هذه الاجراءات التي إتخذناها هي إرسال وفد للقاء بالعقيد عبد الوهاب الشواف مكون الوفد من الرفيقين ( عبد الرحمن القصاب وعدنان حمدي جلميران) وبعد عدة لقاءات معه لم يفلح الوفد من ثنيه عن الدور الذي يقوم به في دعم عناصر مسلحة تهيئ للقيام بأحداث دموية في المدينة , فلم نتقدم خطوة واحده في الجهود التي بذلت مع الشواف لتجنب البلد والمدينة مخاطر كنا ندرك تبعاتها المدمرة . وقمنا بأتصالات مع بعض رجال الدين ووجهاء المدينة لحثهم بلعب دورهم في التحرك والتوعية وتثقيف العناصر المغرر بها و ولكن هذه الجهود لم تنجح أيضاَ رغم تحرك البعض منهم وكانت خطوات تحرك القوى المعادية للجمهورية سريعة جداَ والتي إتخذت من الموصل قاعدة لنشاطاتها لاشاعة الفوضى في المدينة والانقضاض على الجمهورية الفتية.
2- وبعد أن فرض المتآمرون أجواء غير طبيعية في المدينة كمقدمة لاستباحتها وتنفيذ مخططهم الاجرامي , قررنا في أحد إجتماعات اللجنة المحلية وكان ذلك في منتصف شباط 1959 القيام بمظاهره جماهيرية كبرى لرفع معنويات الناس ولاعادة التوازن في المدينة لصالح الامن والاستقرار والحفاظ على سلامة الناس , لقد هيئنا للمظاهرة بشكل جيد وفي يوم إنطلاق المسيرة الجماهيرية حيث تجمع ما يقارب أكثر من 60 ألف مواطن في مكان إنطلاق المسيرة في ( شارع نينوى بالقرب من كنيسة الباترية وتسمى هذه المنطقة باللغة الشعبية بمنطقة الساعة لان الكنيسة في الجزء العلوي من برجها توجد فيه ساعة تشبه ساعة بيكَبن) وتحول هذا التجمع الكبير إلى قوة جبارة قادرة سلمياَ على تغيير موازين القوى لصالح أبناء مدينة الموصل ولصالح الجمهورية , فدب في صفوف المتآمرون والمآجورون من القتلة والشقاوات الخوف والرعب , وبشكل سريع وصل خبر المسيرة الجماهيرية الكبرى إلى العقيد عبد الوهاب الشواف , يبدوا أن الشواف قد أدرك نتائج هذا التحرك الجماهيري الكبير الذي سيكون ليس في صالحه , وبالتالي سيكون للمسيرة تأثير في عزل حركته التي يخطط للقيام بها , فعلى الفور أجرى عبد الوهاب الشواف إتصال تلفوني مع الرفيق عبد الرحمن القصاب ( كان بالقرب من تجمع المسيرة مفرزة شرطة ولديها جهاز إرسال فأبلغوا الرفيق المرحوم عبد الرحمن القصاب أن العقيد عبد الوهاب الشواف على الخط ويريد الحديث معك) وكان يرجوه في التلفون وبحديث ودي وكلمات ناعمة بتأجيل المظاهره وتعهد لرفيقنا سوف يوقف كل الاستفزازات التي تقوم بها المجاميع المسلحة ضدنا وضد جماهير المدينة , وكان لاسلوب عبد الوهاب الشواف ومرونته والوعود التي قطعها على نفسه لها دور في إقناع رفيقنا بتأجيل المسيره وتبين أن هدف الشواف من ترجيه لتأجيل المسيرة هو لكسب الوقت والمناورة والخديعة .
3- ونحن واقفون في مقدمة الحشود الجماهيرية أعلمنا الرفيق عبد الرحمن القصاب بنتيجة إتصال الشواف به وكان رأي رفيقنا مع تأجيل المسيرة , تباحثنا على الفور وبعد أخذ ورد كانت الكفة تميل لتأجيل المسيرة , وذلك تعويلاَ على تطمينات وتعهدات الشواف لوقف الاعتداءات والاستفزازات , فأتخذ القرارالمتسرع بتأجيل المسيرة وكلف الرفيق ( عباس هبالة ) لمخاطبة الكتل البشرية الكبيرة بالتفرق ومن خلال المايكرفون بعد أن صعد إلى مكان مرتفع وخاطب الجماهير بالتفرق بأسم ( جبهة الاتحاد الوطني) فلم يستجب لطلبه ولم يتفرق أي واحد من هؤلاء الجماهير رغم تكرار ندائه عدة مرات , فهو ونحن بقينا حائرين , وجرى الاتفاق بأن يخاطب الجماهير بالتفرق ( بأسم الحزب الشيوعي العراقي) وسرعان ما دعاهم للتفرق بأسم الحزب فتفرقت على الفور تلك الجموع الجماهيرية الكبيرة وبدأت أمواج منهم شابات وشباب ورجال ونساء وأطفال وشيوخ ومن مختلف القوميات والاديان يتحركون في جميع الاتجاهات وتفرقوا جميعاَ على شكل مظاهرات .
4- تبين لاحقاَ أن قرار تفريق المظاهره كان خطأ حيث في هذا القرار قد تم تمرير لعبة ومناورة عبد الوهاب الشواف في تأجيل المسيرة , حيث إتضح لاحقاَ أن عبد الوهاب الشواف لم يلتزم بالوعد الذي قطعه لرفيقنا المرحوم عبد الرحمن القصاب حيث الوضع في المدينة أصبح أكثر سوءَ وزاد نشاط المتآمرون وإزدادت إستفزازات القوى الرجعية والمأجورة من الشقاوات وأصحاب الجرائم وبدأت تطلق تهديداتها وترعب الرفاق والاصدقاء والناس .

مهرجان أنصار السلام :
الحكومة في بغداد والقوى الديمقراطية والحزب الشيوعي كانا يراقبان تطورات الاحداث في مدينة الموصل لا سيما وإنه توفرت لديهم معطيات بخطورة الاوضاع في المدينة و بأن التنسيق بين القوى المعادية للجمهورية وصل إلى مراحله الاخيرة بدعم إقليمي وعربي من خلال مصر ومن دول غربية بريطانيا وأميركا , وأرادوا إستنهاض الجماهير للدفاع عن الجمهورية .
فأتخذ قرار في بغداد بأقامة مهرجان لانصار السلام في مدينة الموصل , ومن إسم المهرجان هو من أجل إشاعة أجواء السلام والمحبه والتآخي بين الفئات الاجتماعية وبين الاديان والقوميات ومن أجل الالفة والمحبه والتضامن فيما بين أبناء الشعب الواحد , وكان مقرر له أن يبدأ في يوم 6-3-1959 .
دعمت الحكومة في بغداد فكرة إقامة مهرجان لانصار السلام وهيأت وسائط نقل مجانية ( القطارات) وبدأت تلك القطارات تصل إلى مدينة الموصل وعلى متنها الجماهير تترى على مدينة الحدباء ومن جميع أنحاء العراق , وهي تغني وتنشد للسلام والمحبة وللتآخي وللديمقراطية وللجمهورية الفتية .

مالذي حصل خلال هذه الفترة :
1-علم العسكريون المتآمرون على الجمهورية في مدينة الموصل ومعهم ضباط في الاجهزة الامنية و حثالات المجتمع وأصحاب السوابق الاجرامية وكنا نسميهم ( بالشقاوات ) وكبار الاقطاعيين والبعثيين علموا بمهرجان أنصار السلام , فبدأوا بتهيئة كل الوسائل من أجل إفشال مهرجان السلام , الخطوة الاولى التي باشروا بها هو تشكيل مجاميع للتحرك على أصحاب المحلات وإستخدموا كل وسائل التهديد والترهيب والاقناع والترغيب وبدفع أموال وتمكنوا من إجبار أصحاب المحلات من غلق محلاتهم وبشكل خاص المطاعم والمخابز لخلق أزمة بوجه جماهير السلام والمحبة القادمة من بغداد ولتهيئة أجواء غير طبيعية لأفشال المهرجان.
2- اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المدينة درست الموضوع , و من أجل إنجاح مؤتمر أنصار السلام إتخذ قرار بالتوجه لجماهير المدينة لتهيأة الغذاء لضيوفها رسل السلام والمحبة , فلبت ندائنا عوائل من مدينة الحدباء يقدر عددها بالمئات تطوعت لتوفير الغذاء والخبز للضيوف ووزع على الجماهير القادمة إلى المدينة من بغداد ويقدر عددها بعدة آلاف والتي تواجدت على رصيف محطة القطار هذا العمل إستفز المتآمرون وإعتبروه تحدياَ لاضرابهم الذي نفذوة بقوة السلاح والتهديد والاغراء , بينما جماهير المدينة ووجهائها وبعض من رجالات الدين أيدوا مبادرتنا وباركوها وثمنوا عالياَ تطوع تلك العوائل لتوفير الغذاء لضيوف المدينة.
3- بدأ مهرجان السلام في ملعب الادارة المحلية في يوم 6-3-1959 , حضر المهرجان عدد من رجال الدين مسلمون ومسيحييون وآزيديون وشبك وشخصيات سياسية وطنية وإجتماعية ومثقفون وجماهير غفيرة من مدينة الموصل إضافة للجماهير الكبيرة القادمة من بغداد ومدن العراق الاخرى , ولم يحصل مثل هذا الحدث الجماهيري من قبل , حيث كل هذه الآلاف من الحشود الجماهيرية كانت تهتف للسلام والمحبه والتآخي بين الاديان والقوميات وبين فئات أبناء الشعب الواحد والمدينة الواحدة إلقيت في المهرجان كلمات الاحزاب السياسية والاتحادات والمنظمات النقابية والمهنية , وإلقيت كلمة لرجل دين مسلم ورجل دين مسيحي نددت هذين الكلمتين بالاعمال الارهابية التي تقوم بها مجاميع الاشقياء والخارجين عن القانون المدعومين من القوى المتآمرة على الجمهورية ,وإلقيت قصائد شعرية وكانت كل الكلمات والقصائد تدعوا للسلام والمحبة والتآخي وتتحدث عن مكاسب ثورة تموز الوطنية المجيدة وكانت أجواء المهرجان هادئه وكان بحق مهرجاناَ ناجحاَ ومهماَ للمدينة .
4- بعد أن إنتهاء المهرجان بنجاح بدأت الجماهير تتفرق بعضها من أهل المدينة متوجهاَ إلى بيوتهم والبعض الآخر من خارج المدينة متوجهاَ إلى أماكن وسائط النقل , إتضح أن الخطوة الثانية للمتآمرين هو الاعتداء على الشخصيات و الجماهيرالمشاركة في المهرجان فنصبوا مفارز و زمر مسلحة في الشوارع وفي تقاطع الطرق .
5- ففي منطقة ( باب البيض) منطقة الاغوات وجلهم من الاقطاعيين والملاكين الكبار المتضررين من قانون الاصلاح الزراعي , حيث مرت من هذه المنطقة الجماهير كانت مجاميع تحمل أدوات جارحة وحجارة تقف في الشوارع وتقاطع الطرق بدأت ترمي الجماهير في الحجارة مع الشتائم ومجاميع أخرى على السطوح تحمل أسلحة بدأت بأطلاق الرصاص , فهاجمتها مجاميع الجماهير على الفور وهربت كلا المجموعتين التي ترمي النيران من السطوح والتي ترمي الحجارة من الشوارع وأماكن تقاطع الطرق .
6- في منطقة( البدن) الملاصقة للمنطقة الاولى التي مر ت منها الجماهير كانت هناك أيضاَمجاميع ترمي الحجارة على الناس وتحمل بعضها أسلحة جارحة مع إطلاق الشتائم ومجاميع أخرى على السطوح بدأت بأطلاق النار من أسلحتها , فهاجمتها الجماهير وهربت كلا المجموعتين وواصلت المجاميع من الجماهير سيرها إلى بيوتها وإلى أماكن وسائط النقل .
7- مع التأكيد هنا أن هذه الاعمال من إعتداءات على الجماهير من قبل هذه المجاميع كانت بعلم وحماية القادة العسكريين والامنين في المدينة , لغرض تأجيج الفوضى والصراعات وعدم الاستقرار ليسهل تنفيذ مخططهم .
8- وصلت الجماهير القادمة من بغداد إلى محطة القطار وكان عدد من الجماهير إصيب بجروح نتيجة الاعتداء الذي وقع عليهم وكانت في الغالب جروح بسيطة (وتم إرسال بعضهم إلى المستشفى للعلاج) بدأت القطارات بالتحرك بأتجاه بغداد , وكادت أن تحدث كارثة إنسانية كبيرة وذلك لوجود خطة لتفجير القطارات . حيث كشف عمال السكك الحديد عبوات ناسفة مزروعة داخل منطقة الخط الحديدي في المنطقة الواقعة بين حمام العليل والشرقاط , هذه العربات كانت مكتضة بجماهيرالسلام وكان معهم مناضليين قادة وشخصيات سياسية عراقية منهم الرفيق الشهيد ( حمزة سلمان ) عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي , ولولا عمال السكك الحديد لوقعت كارثة بشرية ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب العراقي , وهذا هوبحق كان عمل إرهابي منظم ضد الجماهير بتخطيط وتنفيذ من قبل أعداء الجمهورية وأعداء السلام والتآخي والحرية والديمقراطية .
هنا أطرح سؤال من الجهة التي تثير الفوضى والشغب وتخرق القانون أنصار السلام وجماهير المدينة أم القوى المتآمرة والمأجور,؟
تطورات الاوضاع في المدينة بعد مهرجان أنصار السلام :
1- صباح يوم 7-3-1959 بالضبط في اليوم الذي تلى مهرجان السلام , نزلت إلى شوارع المدينة مجاميع مسلحة وبعضها تحمل أسلحة جارحة ( بيضاء) وجلهم من البعثيين وأصحاب السوابق والرجعيين وبدعم من بعض القادة والضباط في الاجهزة العسكرية والامنية في المدينة وهم يجوبون شوارع المدينة على شكل مظاهرة زارعين الخوف في صفوف أبنائها وكانت حقاَ ساعات كانت صعبه على المواطنيين والقوى الوطنية الديمقراطية في المدينة , والغريب في الامر كانوا يضعون على صدورهم ( رأس قطة سوداء) مأخوذه من علبة السكَار الانكليزية ( كَرافن آي) ويعنون بذلك ( لتأكل هذه القطط حمامات سلامكم) , علماَ كانت صور حمامة السلام مرفوعه على صدور جماهير واسعة من أبناء المدينة خلال فترة المهرجان إعتزازاَ برمزية الحمامة البيضاء التي ترمز للسلام وحركته العالمية .
2-المفارقة التي حصلت حيث مرت المظاهرة المسلحة المنظمة من قبل المتآمرون من خلال ( شارع نينوى) حيث يتواجد هناك العشرات من الكادحين والشغيلة الذين أماكن عملهم في ذلك الشارع وصادف أيضاَ وجود عمال بلدية الموصل يقومون بأصلاحات في الشارع , وفي عفوية ورد رفعل سريع تجمع على الفور الكادحون والشغيلة في الشارع ومعهم عمال البلدية وحملوا أدوات العمل , وإنطلقوا مجموعة موحدة ضد هؤلاء المتضاهرون المسلحون المحسوبون على المتآمرون والذين لايريدون الخير للمدينة , وسرعان ما شاهدوا عمال البلدية وهم حاملين أدوات عملهم وحولهم الكادحين والشغيلة , فقد هربوا على الفور خائفين رغم كثرة أعدادهم وما يحملوه من أسلحة وتفرقوا ولم يواصلوا مسيرتهم .
3- رد فعل تجمع عمال البلدية العفوي ومعهم الكادحين إتخذ طابع ملاحقة لهؤلاء المجاميع المسلحة من الشقاة الذين يزرعون الرعب والخوف في المدينة .
4- وصل الخبر إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي وعلى الفور تم تحريك مجاميع من الرفاق بالتوجه إلى شارع نينوى لغرض السيطرة على الامور ومنع المواجهات بين الطرفين وتهدأة الوضع وعدم الانجرار للاستفزازات, لانه هذا هو مايريده القادة العسكريون المتآمرون في المدينة . وفعلاَ قد سيطر رفاق المنظمة وأصدقاء الحزب على الوضع ووجهت مسيرة العمال العفوية بشكل عقلاني , كانت توجهاتنا وخططنا هي لتهدئة الاموروخلق حالة الاستقرار في المدينة , لكن إرادة القادة العسكريون الذين يهيئون لحركتهم تسير عكس توجهاتنا فكانت تدفع بأتجاه المواجهات والفلتان الامني في المدينة ليكون مبرراَ لسيطرتهم على المدينة وتنفيذ مخططهم ضد الجمهورية الفتية .
5- كانت قيادة الحزب الشيوعي تبذل جهود كبيرة لتهدئة الاوضاع في مدينة الموصل وتدفع بأتجاه فرض سلطة القانون في المدينة من قبل الدولة , وعلى الصعيد التنظيمي ضمن وجهتها هذه حال وصول الشهيد الرفيق حمزة سلمان إلى بغداد أعادته قيادة الحزب فوراَ إلى مدينة الموصل للاشراف على المنظمة الحزبية ليلعب دور في تهدأة الامور وضبط التصرفات وردود الافعال, لاسيما وأن عدد من أعضاء اللجنة المحلية تنقصهم الخبره والتجربة وبعضهم ينجر للاستفزازات بشكل سريع فجاء الشهيد الرفيق حمزة سلمان إلى مدينة الموصل وحل ضيفاَ في بيت أحد الرفاق من عمال السكك الحديد وباشر مهامه .
6- وبنفس الوقت في يوم 7-3-1959 قررت اللجنة المحلية إرسال وفد من قيادة اللجنة المحلية لمقابلة عبد الوهاب الشواف فتكون الوفد من ( الرفيق عبد الرحمن القصاب والرفيق عدنان جلميران) , لمفاتحة الشواف بخطورة الوضع وتم تقديم أدله له بخططه المبيته لتحرك عسكري ضد الجمهورية وإستباحة المدينة وكان هدف الوفد هو إقناع العقيد عبد الوهاب الشواف بأن يتوقف عن هذا النشاط ويتراجع عن غيه وفي نفس الوقت بذل الوفد جهود كبيرة من أجل تحييده وإستذكاره بتأريخه ( لانه كان على ملاك حركة الضباط الاحرار) ولأبعاده عن المتآمرين وعن دعم الجماعات المسلحة . وبدلاَ من أن يتفاعل عبد الوهاب الشواف مع وجهة الوفد المفاوض قام بأعتقال الرفاق أعضاء الوفد وأودعهم في سجن الثكنة الحجرية ( موقع عسكري) .
7-علمنا بأعتقال رفاقنا أعضاء الوفد ودرسنا الموضوع وتبين لنا التالي بشكل لايقبل الشك : أن الشواف في الايام الاخيرة أو ربما الساعات الاخيرة من إستكمال تحركة العسكري هذا أولاَ وثانياَ لقد توفرت لدينا قناعه راسخه إننا نتعامل بثقه ونزاهه وصدقية مع مثيري الفوضى وعدم الاستقرار في المدينة وفي كل العراق , وثالثاَ أن المتآمرون مصرون وماضون في خططهم التدميرية الخطيرة بدفع ودعم إقليمي ومن الدوائر الاستعمارية وبهذا توصلنا إلى إنه لاتوجد جهه في العراق توقفهم عن السير في تنفيذ المخطط المرسوم لهم ورابعاَ أن هؤلاء يخططون لابادتنا .
8-فقررت اللجنة المحلية في نفس يوم إعتقال رفاقنا من تغيير خططها وإتخذت إجراءات الصيانة منها توفير أماكن آمنه لابعاد الخطرعن قيادة المنظمة والناشطون من الكوادر المكشوفة , وعدم الانجرار وراء الاستفزازات , وتعزيز العلاقة مع الجماهير التي تأتمن بوجودنا معها والدفاع عن مصالحها .
9- وعلى العكس من ذلك القوى المتآمرة دفعت بأتجاه الفوضى وعدم الاستقرار تمهيداَ للهجوم على الشيوعيين والديمقراطيين وإستباحة المدينة , التي كان غالبية ساكنيها من مختلف الاديان والقوميات . وشهد يوم 7-3-1959 بعد إعتقال رفاقنا من قبل عبد الوهاب الشواف , تسارع في تصاعد الاحداث ففي المساء زاد عدد المجاميع المسلحة للقوى المتآمرة على الجمهورية في المدينة وكانت هذه المجاميع تستفز الشيوعيين والديمقراطيين وتثير الخوف في صفوف الجماهير وكأنهم يهيئون لمواجهه , وتيقنا أن مؤامرة العقيد عبد الوهاب الشواف على وشك التنفيذ . ( يتبع )
27-6-2010

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *