إطـلـبـوا أولاً كاهـنَ الله ! وهـذا الـمـطـران و ذلك الـﭙطـرَك يُـعـطى لـكـم -الحـلقة الـرابعة ــ الأخـيرة

 

 

لم يـبقَ لإنعـقاد سنهادُس مطارنـتـنا الكـلـدانيّـين سوى بضعة أيام والـذي نأمل منهم أثـناء جـلساتهم فـتح وحـسم ملـفات عـديـدة نائمة ومعـظمها ساخـنة ظـلـَّـتْ تـنـتـظـر شروق الشمس لينهـض سادتـنا الأفاضل بعـد سنين ويرفـعـوا إبهامهم اليمنى إشارة إلى الموافـقة عـلى لقاء بعـضهم مع الـبعـض الآخـر ولكـن بشروطهم . وأوّل هـذه الملفات هـو إنـتـقاء ﭙاطـريرك من بـينهم لـيحـتل منـصب ﭙاطـريرك بابل عـلى الـكـلـدان ليس ممثلاً عـنهم وعـن الرعـية كأشخاص فـقـط بل قائـداً لمركـب كـنيستـنا المشرقـية ( الكـنيسة الكاثـولـيكـية للـكـلـدان ) أينما تحـيا بتأريخها وتراثها وليتورجـيتها مع إلتـزامها الإيماني وإنفـتاحها العـصري بالإضافة إلى إرتباطها الأبـدي بكـنيسة مار ﭙـطـرس الـذي إسـتـلم أمراً من الربّ لـيرعى خـرافه ويجـمع إخـوته ــ ولم يقـل كـل واحـد يأخـذ له ﭽـَم نـفـر ويروح لـوحـده يسـوّيلـه كـنيسة ــ وهـذه مسؤولية كـبـيرة في ظروف متـوتـرة ومتشنجة كالـتي نشهـدها الـيوم وكـنيستـنا في بحـر تـتـقاذفها أمواج متلاطـمة وعـواصف هائجة متـزاحـمة متـذكـِّـرين قـول الرب يسوع وهـو يكـرّر قـول الـنبي ميخا ( أعـداء الإنسان أهـل بـيته ) لـذلك قال آباؤنا : ( قـيسا إنْ لا هـويا إيـذيه ح مِنـّـيه ح لا كـيثِ لِـتـْـوارا = الخـشب ! ما لم يكـن مقـبض ـ الـفأس ـ منه لا يمكـن كـسره ) .

وظـُـلمُ ذوي القـربى أشـدُّ مَـضاضةً        عـلى الـنفـس من وقعِ الحُـسامِ المهَـنَّـدِ

نعـم ، ليس عـنـدنا رجـل مثالي كامل الـصفات لـذا قال الرب لـنا ( كـونـوا كاملين كـما أنَّ أباكـم السماوي هـو كامل ) ولكـن الـقائـد يغـدو محـنـكاً بفـضل حُـبه لكـل القـوميات الـبشرية أولاً ، ثم بحـكـمته الـفـطـرية وقابليته الـفـكـرية وهـمّـته الشبابـية وتجاربه الشخـصية وما تـفـرضه عـليه مفاجآت الحـياة من معالجات آنية ، مع الإستـفادة من تجارب غـيره الـيومية وبمجـموعها تـصبح عـنده خـبرات مخـزونة في ثـناياه الـذاتية تكـون بمثابة سلاح روحي بـيَـدهِ يقارع به قـوى الشر الـتي تـتربَّـص بكـنيستـنا الـكاثـولـيكـية . ومن جانب آخـر ، الفـرق بـين أعـمار أصحاب السيادة مطارنـتـنا من شاب متحـمّس إلى كهـل متمرّس يمتـد إلى 30 عاماً ، وتـتـفاوت الخـبرة الأسقـفـية بـينهم إلى 26 سـنة مع تباين في الخـدمة الأولية الكـهـنوتية ، أما تـدرّجات الـتحـصيل الأكاديمي فإنها تـتراوح بـين الـدراسة الـنظامية في المعـهـد الـكـهنـوتي في العـراق صعـوداً إلى شهادة دكـتـوراه ـ أو أكـثر ـ في جامعات أورﭙـية وأميركـية ، نرى بعـضهم يعِـظ بـهـدوء وذوق يملأ فـراغاتـنا الـفـكـرية وآخـر يتـكـلم باللغة الإقـتـصادية قال الدينار وحـكى الـدولار وليس عـنـده ما يضيف إلى معـلوماتـنا الأولية ، كـما نلاحـظ بـينهم مَن يملك صوتاً رخـيماً يصلح للمقامات الكـنسية وآخـر غـيره لم يهـبْـه الله هـذه الموهـبة ولا الأذن الموسيقـية ، ومنهم مَن يـبحـث في إخـتـصاصه ويتابع الأخـبار العالمية والأحـداث اليومية والـمستجـدّات الكـنسية وأخـر لا يواكـب العـصر وكأنه ليس في هـذه الـدنيا ولا يعـرف شـنو القـضية ! الـبعـض منهم يتبنى أفـكاراً ثـيولـوجـية كلاسيكـية أما الـبعـض الآخـر فـقـد تـثـقـف بلاهـوتيات عـصرية تصلح لأجـيالـنا الحالية ، ولـنـتـرك الإخـتلافات الأخـرى الفـردية ، وعـليه ليس بإمكانـنا أن نشير بالإسم إلى أيٍّ منهم لـيكـون أقـدر من الآخـر رغـم الـتـفاوت الواضح عـندهم في مقايـيس كـثيرة أفـقـية وعـمودية ، وقـد يكـون بإمكانـنا أن نلاحـظ عـن بُـعـد أن طـول مدة الرسامة الأسقـفـية للمطران تـُـزيـد من خـبراته الحـياتية والمهـنية والـقـيادية ويصبح خـميرة كـنسية ولكـنه من جانب آخـر نراه ضمن الـفـئات العـمْرية القـريـبة من سن الـتـقاعـدية والمقـررة 75 سـنة بل قـد يكـون من بـينهم مَن تجاوزها فـيحـتاج إلى راحة جـسدية وفـكـرية بعـد الخـدمات الـقـيِّـمة التي أدّاها أطال الله في أعـمارهم إلى العـشرين بعـد الـمئـوية .

إن كـل مطران يَعـرف جـسامة الـواجـبات المنوطة بمنـصب الـﭙـطـركـية وخاصة في الـظـروف الحالية ويعـرف مدى تحـمُّـله ومقـياس شجاعـته ومقـدار طاقـته الحـقـيقـية ، وبعـملية بسيطة حسابـية من ضرب القـسمة في الطـرح وجـمعـها سوية سيخـرج حـتماً ـ بـينه وبـين نـفـسه ـ بنـتيجة شخـصية يقـرر عـنـدها إنْ كان أهلاً لـترشيح إسمه لهـذه المسؤولية وهـو عالِـمٌ بأنَّ الـﭙـطـركـية ليست كـشـخة ولا تباهي ولا تحـدّي ولا جـغـرافـية ولن تكـون عـشائـرية ولا لأهـداف غـير كـنسية ، ولا غَـيرة من الآخـر ويا ريت تكـون من منـطـلق ( غـيرة بـيتـك أكـلـتـني ) كـما كانـت عـنـد الشهـيد المطـران ﭙـولس فـرج رحـو قـلبـية صميمية .

نعـم ، نحـن من حـرارة إيمانـنا نـقـول أن نـتيجة العـملية الإنـتخابـية هي إيحاء وإخـتيار من الروح الـقـدس ولكـنـنا ومعـنا كـل أبناء الـرعـية عـلى عِـلم بماضي إنـتخابات الـﭙـطـركـية وحـين نـقـرأ تأريخ الـﭙاﭙـوية ونبحـث فـيه ونـناقـشه بـواقـعـية ! نرى أن الروح الـقـدس (( إذا سُـمِح له بالحـضور ! )) فإنه يحـضر بـينهم بصفة مراقـب عـن كـثب جالساً في الصفـوف الخـلفـية دون أن يحـق له الـنـقاش ولا الـتـصويت ولا تـتـوفـر له فـرصة الـتـدخـل في هـذه العـملية ، وفي الـوقـت الـذي يعـرف الـبعـض أنَّ قـول الحـق عـلى الـذات شجاعة ولكـنه لا يستـسيغه بل يريـدنا مغـمَّـضي العـينين مقـفـلي الأفـواه وكأنـنا في عـصر الجاهـلية ، ولهـذا السبب نـقِـرُّ بأن بعـض الحـق مُـرٌ … حـين نـنادي به بـصراحة عـلـنية .  

إن الملـف الساخـن الـثاني هـو إضبارة المطـران مار باوي سورو المحـترم المركـونة عـلى الـرفـوف منـذ سنوات سبع والـذي ليس هـناك أيَّ مـبرّر تأريخي أو لاهـوتي أو مهـني أو شخـصي أو راعـوي أو رسـولي أو قـولـوا ما تشاؤونه من حجج زﮔـزاﮔـية ، أقـول ليس هـناك أي سبب منـطـقي مـقـنِع يمنع مطارنـتـنا الـكـرماء من قـراءة أوراق ملـفه بروح مسيحـية ، بعـد أن وصلوا إلى أمنياتهم بل إنـتـصاراتهم عـلى أهـل بـيتهم ( 1 ) فـها هـو غـبـطة الـﭙاطـريرك إستـقال قـبل إنعـقاد السنهادس ـ إذن لـم يعُـد مخـولاً لـتوجـيه الـدعـوة لمار باوي لحـضور السنهادس (2) طيب ، وها هي رغـبتهم الثانية تـتحـقـق في إنعـقاد الجـلسة الإفـتـتاحـية ـ عـلى الأقـل ـ لسنهادسهم بغـياب المطران باوي ، سـواء كان من أجـل حجـب صوته الإنـتخابي أو من أجـل الـتحـدّي ! هاذي هَم قـبلـناها منهم شيريـدون بعـد (3) أليسـوا بحاجة ؟؟ بلى إنَّ الحاجة ملحة إلى مطـران بل مطارنة نـظـراً إلى الـشواغـر العـديـدة في هـيكـل كـنيستـنا الكـلـدانية . وأخـيراً إنْ كانت عـنـدهم حجة رابعة (4) فـلـيأتـوا بها لـنـفـكــِّـكـها لهم ونحـلها أمام الـناس ، فـلماذا كـل الأمور بخـفـية وسريّة ، ومَن لا يخاف لا يـلـتـفـتُ يميناً ويساراً ولا تـزداد عـنـده الإفـرازات الأدرينالـينية ؟ أما إذا ليس عـندهم حَـول ولا قـوة إلاّ الـتـلويح بالـراية البـيضاء إرضاءاً لغـيرهم خارج دائـرتهم ! فالـرب نـورُنا وخلاصنا فـمِمَّن نخاف ؟  

هـناك ملـف ثالـث لا بـد من فـتحه وهـو تعـيـين مطارنة للأبرشـيات الشاغـرة وهـذه ليست خالية من الـمتاعـب وفـيها مداخلات عـويصة بالإضافة إلى ملـفات أخـرى تـتـضمن قـضايا عامة متراكـمة بسبب عـرقـلة إنعـقاد سنهادس مطارنـتـنا الكـلـدان لسنين خـلتً لسنا بحاجة إلى ذكـرها الآن .

وأخـيراً نـؤكـد بأنه واجـب عـلينا ـ وهـكـذا نعـمل ـ أن نـقـدم كـل الإحـتـرامات لمطارنـتـنا الأجلاء وبـدون إستـثـناء وطـرُق الـتعـبـير عـن الـولاء لهم تـنـوّعـتْ ، ومعـها الحـرية تـوفـرتْ والـعـقـول تـطـوّرت وساحات الإنـترنيت تـوسعـتْ ، فـهـل آلـية الـتـفـكـير عـنـد السادة تغـيَّـرتْ ؟ نأمل منهم ونحـن معـهم الصبر والصلاة إلى الرب أن يـزيـد الجـميع حـكـمة ودراية لخـدمة البشر ، والأهـم محـبة وإيماناً لمجـد الرب يسوع المسيح مدى الـدهـر .

 بقـلم : مايكـل سـيـﭙـي / سـدني ــ  21 /1/2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *