إدارة جـديـدة لجـمعـية شـيرا الربّان هـرمزد الكـلـدانية / سـدني (1 )

تـهـنـئة حـميمة من قـلوبنا إلى الهـيئة الإدارية الجـديـدة لجـمعـيتـنا التي إستـلمت مهامّها يوم 25 تـموز 2010 ولمدة سنة واحـدة متـمنـّـين لها كـل الخـير والتـوفـيـق في خـدمة جاليتـنا الألقـوشية في سدني ، وكـذلك التأكـيد عـلى وجـودها الإيجابي والفاعـل في الساحة الكـلـدانية والآشورية ـ سـدني ، الله يـبارك في جهودها وكلـنا سَـواعـدُ عـمل في حـقـول نشاطاتها الإجـتـماعـية والثـقافية والفـنية .
قـبل سنين كـتـبتُ تـوثيقاً حـول جـمعـيتـنا الألقـوشية في سـدني مبتـدئاً من بدايات تأسيسها حـتى إجـتـماع 15 حـزيران 2008 في أكـثر من مائة صفـحة عـلى الكـومـﭙـيوتـر ، وبعـدها تـوقـفـْت حـين غادرْت أسـتـراليا لِما يقارب السنـتين ثم رجـعـت . بـدأت مقـدّمتـَـه بالديـباجة التالية :

جـمعـية شـيرا الـربـّان هـرمـزد الـكـلـدانـية للألقـوشيـيّن في أستراليا
  ( ماضـيها و حـاضـرها )

إنّ الـلسـان لـبـيـب ليـس يُـبتـذل     لكـن مثـلي له القـرطاس والقـلم
إحـذر يا بُـنـَي :
من غـيرة الرجــــــــال
من إغـراء النساء والأمـــوال
من تغـيّر المزاج والأحـــــــــــــــــوال
فالناس صـنفان :
 جـريحٌ يلملم جـراحـَه لـضـيوفِـه بالإكـــرام والإجـلال
 وجارح يقـضي عـلى الطـــــموح ، الكـفاءة ، الحُـبّ والآمال
وَ ثِـقْ بمَـن يقـف معـك مقاتلاً في الخـندق الأمامي في ساحة الأهـوال

ألإهـــــــــــــــــــداء

                       إلى كـل شــــــجاع ثابت الرأي بالحـق
                             إلى كـل أبيٍّ يســـــــــلك طـريق الحـق
                                   إلى كـل لســـــــــان يقـول كـلام الحـق
                                         إلى كـل مَن يقـبل عـلى نفـســـه الحـق
                                               تاج الـشــوك عـلى الهامة ثـمن الحـق
                                                     والـجـلجـلة طـريـق الحــــــــــــــــــــق

الغاية الأساسية : 
إنـني أضـع هـذا التوثيق البسيط بين أيـدي الألقـوشيـين أينما تواجـدوا ليطــّـلِعـوا عـلى نشاطاتـنا منْ جانب وعـلى فـشلنا ونجاحاتـنا منْ جانب آخـر فـيأخـذوا عـبرة ويضيفـوا إلى خـبراتهم خـبرة . وكـذلك لأولادنا وأحـفادنا فـيقـرؤوا عـنـّا ويفهـمونـنا ، ويستمـْـتعـوا بقـصـصنا ، فـيغـتـبطوا بحـكمتـنا إنْ كـُـنـّا حُكـماء ويستهزئوا بنا إذا كـنا سُـذجاً بُسطاءَ فـيتبعـوا صـوابنا ويتجـنـّـبوا إخـفاقاتـنا . ولأن الغاية ليستْ التشهـير بـِمَنْ زاغ عـن الطريق السويّة وآدابها ، لذلك سوف لن أذكـرَ أسماءاً فـيه إلاّ إذا اسـتشـرتُ أصـحابَها ، ولا قـصة أوأقـوالاً إلاّ تلك العالقة منها بذهـني والواثـق منها وليس غـيرها . وأعـرف أنّ بعـضاً من الناس ( لا كلـّهم ) يكرهـون الحـق لأنه مُـرٌ ولأنهم معـْـتــَـدون يبـيعـون بكـيل وبـكيل آخـر يشترون ولا ينصفـون ، الخـط المستـقـيمَ يرفـضون لأنّ مسارهـم لا يـوازيه وهُـمْ ينظـرون بإستـعلاء ، ولا يهـمّـنا ذلك طالما في الصيـدلية سموم هي الدواء .
جانب من ذكـريات الـصـبا :
ترجع بي ذكريات فـترة الـصبا إلى نهاية الخـمسينات في ألقـوش بلدتـنا الكـلدانية موطن الآباء والأجـداد حـين كـنـّا نستمتع بالعـطلة الصيفـية ونحن صغار ، أمّا الكبار المتفـرّغـون ومعهم الشيـّاب مِن المحلـّة التحـتانية وخلال أوقات العـصر ، فإنهم كانوا يجـلسون جـلسة ديوان الرفاق أمام دار المرحـوم ( زورا جـبّو لاوو) المُشرفة عـلى بناية ثانوية ألقـوش القـديمة ( أملاك شيشا ) الواقعة عـلى الشارع العام في ألبلدة ، ولم نكُن نتجـرّأ على مشاركـتهم ديوانهم ولا المرور من أمامهم ، فـبذلك نتحاشى  توبيخهم . كان أولئك الشياب يتجاذبون أطراف الحـديث عـما يسمعـونه من الجهات الأربع للمعـمورة وأحـداثها ومعها أخـبارالعـراق بتفاصيلها ، الحـروب وتحـليلاتها والخـبرات الشخـصية وبطولاتها . كما أتذكـّر جـيداً ديوان القـس الراحـل هـرمز صنا فـكـنتُ أرافق  والدي مرات كـثيرة وأنا في مرحلة الدراسة الـمتوسّطة ويحـضره البسطاء والحـكماء من الرجال الكـرماء ، فـكان يبدأ مساءاً الساعة السادسة ثم وفي الساعة الثامنة يستمعـون إلى أخـبار إذاعة لـندن أوالـﭭاتيكان وبعـد دردشة قـصيرة حـولها – نصف ساعة – يحـين موعـد نهاية جـلسة الـديوان ويغادر روّاده المكان ، فكاهـن أيام زمان ( وليس هـذه الأيام ) لم يكـن من هـواة السهـر بل إعـتاد أن ينام رَزناً قـبل أن يبدو عـليه مظهر الـنعـسان . كما تعـَـوّدنا أيضاً ونحـن في مرحـلة الدراسة الإعـدادية أنْ نحـْضر ديوان الأب الـراحل يوحـنان چـولاغ الـذي كان في الغالب مزدحـماً بالشباب فـنتعـلـّم ونتـدرّب عـلى ألحان وأناشيد كـنسيتـنا وقـد ترك بصماته عـلى حـنجـرتـنا يكـتشفـها كل مَن يسْـمَعـنا ، وكـنا نـدخل بنقاشات فـلسفـية ولاهـوتية في فـترة الصراعات الفكرية في ألقـوشِـنا القـرمزية وكـثيراً منها إستـفـدنا . وكم منْ مرّة ومرات صادف وقـت العـشاء ، وعـند الـ ( رابي ) ضيوف المساء ، فـكان يُـؤتى بطبق زاده البسيط والأنيق ويأكل أمامنا بهـناء .

التوثـيق وأهـميّـته :
كم هـو بـِوِدنا ألآن لوأنّ تلك اللقاءات والحـوارات وأحـياناً المجادلات ، وُثــّـقــَـتْ أو سُجـّـلتْ بأية وسيلة حـتى نطـّـلِع عـليها اليوم فـنستمتع بقـراءتها ونستـفـيد منْ نتائجها بأخـطائها وصوابها ونستـكشف أفـكار مَنْ سـبَـقــَـنا ومصـطلحاتها ، نوعـية الـمشاكـل وحِـدّتها ، كـيفـية الفـعـل وَ رَدّ الفـعـل لـدى أصحابها ، فـنتعـرف عـلى نفـسيّة أجـدادنا ورغـباتها وطموحاتها ، ومرونتها مع الآخـرين في تعاملها ، وهـذا هـو الهـدف منْ فـكرتـنا التوثـيقـية وغايتها . فالوثـيقة ( سنـدٌ ، صـك ٌ ، كومـپـيالة ، خـتم ) بها يمكـنـنا إثبات الحَـدَثية ، وتحـقـيق الـوقائع التأريخـية . إنّ أصالة الآثار تـتميّـز بوثائقها الـمُدَونة أو المصـوّرة أو المشَـيّـدة  ومعـها أيضاً تلك الأخـبارالشـفـوية الموروثة . وكم منْ حـضارات بأحـداثها وآثارها ، لم يـعُـد لها وجـود اليوم ولا نعـرف شيئاً عـنها سوى نظريات وأسماء من تخـمين العـلماء واضعـيها ، وذلك لإنعـدام توثيقها أو تـَـلـَـف وثائـقها ، كالإنسان الـقـديم والعـصور الحـجـرية وجـليدها ، ونشوء الحـياة والأرض بما فـيها ، والـذين هـبطـوا من السماء فـوقها . إنّ التوثيق لا يعـني تـدوين الجـوانب الإيجابية فـقـط من حـياة شريحة معـينة من الشعـوب أو أفـرادها ، وإنما يُـقـصَـد به أيضاً كـل أنواع الأنشطة الفـكرية والسـلوكية وبسلـبـياتها ، وإلاّ نكـون منافـقـين من الدرجـة الأولى أو نحـوها . 
وصول الألقـوشـيّـين إلى أستـراليا :
إنّ أول كلداني وطأتْ رجـلاه أرض أستراليا كانت إمرأة إسمها ( وارينة – القـوشية ) وصلتْ عام 1934 برفـقة زوجها الهـندي وكان شـُرطـياً ، تبعـتها بعـد عـدة أشهر أخـتها . وفي سنة 1969 وصـلتْ إمرأة ألقـوشية أخرى برفـقة زوجها الآثوري العـراقي وهي ( باسمة ميخا جاورو – وتعـرف الآن نسبة إلى زوجها بإسم : باسمة سولومون ) ومعـروفة لدينا شخـصياً في سدني ، وعـلمتُ أيضاً أنّ شـبّاناً ألقـوشيـين وصلوا أستراليا منذ مطلع الثمانينات وبمرور الـزمن وفي عام 1982 وصلتْ أول عائلة ، وبعـد ثلاثة أشهـر تبعـَـتها عائلة ثانية ثم صار الألاقـشة يتـقاطرون إلى هـذه القارة الجـميلة حـتى عام 1991 وعـندها أخـذوا يتوافـدون أفـواجاً أفـواجاً وإلى يومنا هـذا .
إحـياء ذكرى الشيرا في أستراليا :
إنّ كـلمة ( شـيرا ) باللهـجة العاميّة هي ( شـَهْـرا ) بالفـصحى . ومعـناها :  مشاركة الفـرد مع أية مجـموعة من الناس في جـلسة سَمَر أوغـيرها… وتقابلها كـلمة ( سَـهـْرة ) باللغة العـربية . إنّ هـذه الكلمة تطـوّر معـناها وصارت تعـني مهرجاناً أو إحـتفالاً، واعـتزازاً بهـذا المهرجان فـلابـدّ للألقـوشيّـين أنْ يُـحـْـيُـوه أينما حلـّـوا، إنهم يحـتفـلون بهذا المهرجان مع الجـميع ( وليس لوحـدهـم فـقـط ) كـتراث عـزيزعـليهم وصار تقـليداً مألوفاً لـديهم في كل مكان . من هـنا بدأتْ الفكرة عـند الألاقـشة المتواجـدين في أستراليا للإحـتفال بهـذا العـيد سنوياً في ساحة واسعة ويعـلنون عـنه قـبل موعـده لإبلاغ أكـبر عـدد ممكن من الناس كي يشاركوا فـيه ويستمتعـوا بوقائعه منْ فـولكـلور وبرامج ترفـيهـية فـكانت الـبداية . كانت ( دَشَـنــْـتا ) بسيطة وعـدد العـوائل الألقـوشية لم يكـنْ يتعـدّى عـدد الأصابع فـيلـتقـون في قاعة إحـدى الكـنائس لقاءاً أخـوياً فـيأكلون ويشربون سوية ويستمتعـون . ومع تـزايـد أعـدادهم أسّسـوا لهـم تـنظيماً إجـتماعـياً خاصّاً وَضَـعـَتْ نواتــَه نخـبة منـْهم في نهاية ثمانينات القـرن المنصرم أطلقـوا عـليه أسم : لـجـنة شـيرا الربـّان هـرمزد ، والتي إسـتــُـبـْـدلَ إسمها بالتصويت مع الـهـيئة الإستشارية في مطلع عـام 2005  وأصبح جـمعـية شيرا الربّان هـرمزد الكـلدانية الأسترالية ( وكان الإتـفاق أن يُـبحـثَ موضوع تسجـيلها لاحـقاً لمعـرفة إيجابـياته وسلبـياته ، عـلى أن يتم البت به عـلى ضوء نـتائج البحـث الذي لم يَـرَ النـور – وسنـتـكلم عـنه لاحـقاً ) . أما مهـمّـتها الأولى فهي الحـفاظ عـلى الترابط بين أبناء ألقـوش الأستراليـين والأستمرار في التواصل مع أبناء القـوش الأم وذلك منْ خلال أنشطة إجـتماعـية مخـتلفة ، ونؤكــّد هـنا أن ليس لها طموحات ربحـية عـلى الإطـلاق وفـقاً للقانون . ونـحـيطكم عِـلماً بأن مقالنا (2) المقـبل سيكون بعـنوان : ( هـكـذا كانـت جـمعـيتـنا ) .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *