أنا شارلي ..

 

لدى الجميع وطن واحد، ولكن، أنا لدي وطنان ..لدى الجميع قلب واحد و قلبي مجزأ الى نصفين ….وطناي يتألمان لكن العدو واحد ،يحاول ان يمزق فيهما الوحدة والتضامن ..عدو يحاول ان يقتل حرية التعبير والرأي فيهما..في زمن اصبح فيه القلم هو السلاح والكلمة اقوى من اي صاروخ ..

ولكن ..عجيب امرنا في هذه الايام، أصبحنا لانحس بالامان..الامان الذي كنا نشعربه في بيوتنا الدافئة وأمكنة عملنا المحببة الى قلوبنا وشوارعنا التي مازالت حتى اليوم مزدانة بزينة اعياد الميلاد..استيقظنا على حلم بل على كابوس مزعج في وقت لم تنته فيه اعياد  رأس السنة ولا غادرتنا نشوة إستقبال عام جديد مليء بالأمل والتفاؤل..وددنا ألا نصدق ما يحدث ، ولكن أذهلنا وقع الفاجعة المرة كالعلقم..

عم السكون الرهيب الارجاء، صمت متعب ومنهك..اصوات صافرات الاسعاف وسيارات الشرطة تؤذي الاسماع، والكل يتوجس وقع حدث ما.. بين حين وآخر نسمع ان هنالك رهينة..طلقات نارية..جثث هنا وجثث هناك لاشخاص أبرياء ..برجنا الباريسي اعلن الحداد واكتسى بالسواد..رحلت عنه بهجته وأضواؤه اللامعة التي ما كانت تدل الا على عصر ذهبي ..اصبح الخوف والهلع سيدي الموقف رجال الشرطة في كل منعطف وشارع ..التفتيش والمراقبة  في كل مكان..

وطني الاول لم ينته فيه حتى الآن القتل والعنف والارهاب..ايزيديات مختطفات باسم الله..مسيحيون مشردون هنا وهناك..مسلمون لاجئين او لايعرفون الى من يلتجؤون..طال الارهاب الجميع دون تفرقة باسم الله…بيشمركه تعود جثامينهم الى امهاتهم وزوجاتهم واطفالهم قتلوا باسم الله.. رفات تحت الارض في مقابر جماعية تنتظر من يعثر عليها..شعب متعب ..محطم..يحاول ان يجد مخرجا  من ازمته بالصلاة والدعاء إلى الله..

وطني الثاني..وطن الحرية وحقوق الانسان..تقتل فيه الكلمة باسم الله..رسوم واوراق ملطخة بالدماء..صحافيون طالتهم الايادي السوداء ..اخترقت الرصاصات اجسادا تؤمن بالحرية والديمقراطية وحرية التعبير..رهائن مختطفون هنا وهناك في باريس وضواحيها..هذا مسيحي..هذا يهودي..هذا مسلم..وطني الثاني هو وطن جريح ..وارهاب يريد ان يزرع الحقد في نفوس الناس كي ينزع حس التضامن والعيش السلمي ما بين جميع الاقوام والاديان..ارهاب يود ان يوقع الناس جميعا في حبائله ..

الارهاب لادين له ولا احساس..الارهاب لايرحم طفلا ولاعجوزا..الله محبة لم يخلق البشرللمآسي..”الرعب..      الكره..البغض..الحقد..القتل.. سفك الدماء..العنف”..هذه مصطلحات الارهابين يؤمنون بها عن جهل وإصرار..

وطنان احاول التشبث بهما بقوة وبكل ما لدي من قدرة وطاقة بناءة..اقدم لهما كل تضامني .. كلماتي ..محبتي..لأنني وبكل بساطة ثمرة كليهما.. فأنا ايزيدية..انا مسيحية..انا مسلمة.. انا قلم لاينكسر…انا كلمة حرة..انا بيشمركه ..انا شهيدة..انا شارلي…

د. تارا إبراهيم – باريس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *