أمريكا وسياسة الكيل بمكيالين؟! بقلم محمد مندلاوي 

لا يخفى على القراء الكرام، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي سيدة هذا العالم بلا منازع،وآمره الناهي ولا شيء يحدث على هذا الكوكب إلا بموافقتها أو بعلمها. دعني عزيزي المتابع أن أسرد لك بعض ما قامت بها أمريكا في العالم سلباً وإيجاباً. أليست هي التي  أعادت عميلها المجرم شاه إيران المدعو محمد رضا بهلوي إلى دست الحكم في إيران بعد الإطاحة به من قبل رئيس الوزراء (محمد مصدق) عام 1953. أليست هي – أي أمريكا- أطاحت بحكم الزعيم (عبد الكريم قاسم) عام 1963 على أيدي عملائه من رجالات حزب البعث العربي الاشتراكي، واعترف أحد أبرز قياداته وهو علي صالح السعدي نائب رئيس الوزراء عندما قال مقولته الشهيرة:” إننا جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي عام 1963″. وأمريكا ذاتها هي التي أوعزت إلى الجنرال “أوغستو بينوشيه” بالانقلاب على الرئيس المنتخب لشيلي (سلفادور أليندي) عام 1973 وقتله بطريقة مأساوية. وهي التي غزت جمهورية بنما واعتقلت رئيسها (مانويل نورييغا) عام 1990 وأخذته مخفوراً إلى أمريكا وأودع هناك في السجن لعشرين عاماً ومن ثم سلمته إلى السلطات الفرنسية لقضاء حكم غيابي قد صدر ضده من قبل المحاكم الفرنسية. وهي التي أيضاً وضعت جائزة بخمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن رئيس صربيا رادوفان كاراديتش لاعتقاله، وتم لها ذلك عام 2008 ومن ثم مثل كاراديتش أمام المحكمة الدولية في لاهاي وحكم عليه بالسجن لمدة 40 عاماً. وكانت أمريكا التي لم تقبل أن يجدد ثانية لـ(بطرص غالي) كأمين عام لمنظمة الأمم المتحدة بعد التقرير الذي قدمه عن قصف إسرائيل بالخطأ لمركز أمم المتحدة الذي آوى مدنيين في قرية قانا اللبنانية عام 1996. وهي التي أمرت سوريا بإخراج القائد الكوردي (عبد الله أوجالان) من أراضيها، وحذرت دول الأوروبية بعدم السماح له دخول أراضيها وقبوله كلاجئ سياسي على أراضيها، وهي التي ساهمت فيما بعد بخطفه بعملية قرصنة وتسليمه لربيبتها العاهرة تركيا اللوزانية. وهي التي – أمريكا- أوقفت إعلان استقلال فلسطين منذ أمد بعيد، رغم اعتراف عشرات الدول بها. وهي التي لا توافق على إعلان دولة كوردستان التي لا تنقصها شيء سوى الإعلان فقط. وهي التي أعطت الضوء الأخضر للديكتاتور صدام حسين باحتلال دولة الكويت وذلك من خلال سفيرتها في بغداد )أبريل كاثرين غلاسبي). وهي التي أخرجت المجرم صدام حسين من حفرة الخزي والعار وسلمته للأشياع ومن ثم وافقت على إعدامه بالطريقة التي شاهدها الجميع على شاشات التلفزة. وهي التي سمحت للشيعة بحكم الكيان العراقي بعد عام 2003 شريطة أن لا يخرجوا عن طاعتها. وهي التي ترغم غالبية دول الغرب أن تسير خلفها كالأعمى. وهي التي سمحت أو بالأحرى سكتت منذ عقود طويلة عن جرائم جمهورية تركيا الطورانية المجرمة ضد الشعب الكوردي الأعزل،وهي التي وافقت باستمرار احتلالها البغيض لشمال كوردستان، ويرى نزيل البيت الأبيض بأم عينه كيف أن طائرات الفانتوم (Pantom) التركية تزيل القرى الكوردية في كوردستان من الوجود، وتصطاد ساكنيها جملة وفرادى بدم بارد. عزيزي القارئ الكريم، هذه هي أمريكا أم الديمقراطيات في العالم، لكن من أجل تحقيق مصالح اقتصادية لا زالت تذود عن حكومات القرووسطية، أمراء البترول القابعون على ضفاف الخليج (الفارسي) وهي التي تحمي الحكومات كاكيستوقراطية (تعني: أسوأ الحكومات على الأرض). لكن في هذه الأيام الحبلى بالمفاجأة قامت ربيبتها  تركيا الطورانية التي نسيت نفسها من تكون، وتطاولت على سيدتها وولي نعمتها أمريكا حين تجرأت واعتقلت أحد مواطنيها بذريعة واهية لا أساس لها من الصحة من أجل ابتزازها كما تعودت أن تبتز الدول الأوروبية بين حين وآخر، ونسوا أحفاد هولاكو أن مواطني العم سام أصحاب الدم الأزرق لا يقاسون بالمواطنين الكورد الذين لم يبتسم لهم الحظ على مر التاريخ والمغضوب عليهم من الأرض والسماء، لذا وقع الطورانيون الأتراك في مصيدة الخالق العزيز فعليه كلفهم احتجاز مواطن واحد يحمل الجنسية الأمريكية تدهور اقتصاد بلدهم برمته والحبل على الجرار. لكن في المقابل لسان حال الكورد يقول لأمريكا سيدة العالم ومن يسير في ركابها بلغة حضارية، أليس نحن الكورد بشر مثلكم؟ لماذا تركتمونا بين أنياب العرب ومخالب الأتراك والفرس الأوباش! الذين يتفننون بقتلنا وإبادتنا على مدار الساعة ويتفننون بقضم أراضينا والاستيلاء على مدننا وقرانا، ولم نسمع صوت مسئول واحد من صاحب القرار الدولي الأول يقول لهم كفى ظلماً وجوراً ضد الشعب الكوردي الجريح. منذ أن برزت أمريكا كقوة عظمى في العالم وهي ترى وتسمع ما جرى ويجري للشعب الكوردي الجريح، ألم ترى بأم عينها كيف أن (العلماني) اللعين المدعو مصطفى كمال لعق دم الكورد الأبرياء في شمالي كوردستان، ولا زال أبنائه غير الشرعيين أو من على شاكلته سائرون على ذات النهج الدموي ضد هذا الشعب الأعزل. وهكذا كان في إيران الشاه، ذلك الكلب الأمريكي المطيع الذي لم يرحم هو الآخر هذا الشعب الآري الأصيل في شرقي كوردستان. وجاء بعده الحكم الإسلامي الشيعي، وإذا به أكثر دموية من الشاه اللعين في تعامله مع الشعب الكوردي، لا بل لم تكتف حكومة الملالي باضطهادهم واصطيادهم في شرقي كوردستان بل بعثت برجال أجهزتها الأمنية الرهيبة لاغتيال قياداتهم الشرعية ومناضليهم في بعض البلدان الأوروبية، لكن للأسف الشديد أن بعضاً من هذه الأخيرة ساومت على الدماء الكورد التي أسيلت على أراضيها لقاء مكاسب اقتصادية!!. وفي الكيان العراقي المصطنع عانى الكورد الويل والثبور في ظل الحكم القومي العروبي العنصري بدأ من المقبور فيصل الأول وانتهاءاً بالمجرم صدام حسين، وخلال حكم هؤلاء الأراذل هجر الكورد من مدنهم وقراهم إلى المناطق العربية في غربي العراق وجنوبه وذلك من أجل تعريبهم، وبعد استبعادهم من أراضيهم بدأت استعراب مدنهم وقراهم حيث استقدمت السلطات العروبية المجرمة مجاميع كبيرة من الأعراب الأوباش من جنوب وغرب العراق واستوطنتهم في المدن والقرى الكوردية وأغدقت عليهم كل ما يحتاجونه من مال وسلاح وأراضي لقاء بقائهم على أرض الكورد. وبعد عام 2003 استبشر الكورد خيراً لتبوء الشيعة الحكم في العراق وإذا بهم أكثر تعصباً وتعنتاً وإجراماً من سابقيهم بحق الكورد. أما في سوريا، وأعني في غربي كوردستان فحدث ولا حرج، لقد استعربت منذ زمن بعيد كل شيء كوردي على الأرض بدءاً من الأنهر والأراضي والجبال والمزارع ومروراً بالإنسان الخ الخ الخ واليوم هناك ما تسمى بالمعارضة السورية القابعة في فنادق إسطنبول والرياض من الآن يعضون الأصابع للكورد ويعدونهم بالقتل والطرد من أراضيهم في غربي كوردستان أن تجرؤوا وقالوا نحن كوردٌ ولنا حقوق كالآخرين. خلاصة، هذه هي حال الكورد، هذا الشعب الأصيل يا سيدة العالم – أمريكا- في ظل السلطات العربية الفارسية التركية العنصرية المجرمة.هنا يتساءل المواطن الكوردي المسحوق على مر التاريخ من سيد البيت الأبيض، يا ترى  إلا نستحق نحن الشعب الكوردي الجريح ذات الـ40 مليون نسمة أن نحظى بجزء يسير من الاهتمام الذي خصت به القس روبنسون؟.

22 08 2018    

   محمد مندلاوي    

“يا ظالم، ألم يردعك عن الظلم ما حل بالظالمين من قبلك؟”

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *