أكـيـتـو الأول مِـن نـيـسـان رأس الـسـنـة الكـلـدانـيـة الـبـابـلـيـة

إنَّها فـرصة قـومية كلدانية خـالـصة لا مُـنازع لـها، أنـتـهِزُها بفائـق الإبتهاج والإعـِـزاز، لأتَقـدَّم مِن بني قـومي الكلدان في العـراق وفي كُلِّ أماكِن وجـودهم في مَهاجـر العالم جـديـدِها وقـديـمِـها بأزكى التـهاني وأجمل الأماني بمناسبة الأول مِن نيسان 7319 كلدانية 2019م مُتمنِّياً لهم ولكافة إخوتِهم المُواطنين العراقيين الأمان والإستقـرار واستِتباب الوئام والعيش المُشترك بين جميع مُكـوِّناتِه القومية والدينية والمذهبية، كما يَسُـرُّني أن أُتحِفَ الـقـراء الـكِـرام بتفاصيل الإحتِفالات التي كان يُقيمُها البابليون الكلدان بمُناسبة حلول الأول مِن نيسان رأس سنـتِـهم الجـديدة ( أكـــيـــتــــو )
كان الكلدانيون الأوائل سكانُ وسط وجنوب العراق القديم قد تبنّوا الإحتفال بعيدهم الـقـومي (أكـيـتـو) في الأول مِن شهر نيسان مِن كُلِّ عام، وكان اهتمامُهم به يجري بنمطٍ مُمَـيَّـز في مُـدُن كيش، اور و اوروك في الـفـتـرة التي سبـقـت تَرحيبَهـم بهجرة السومريين والقـدوم الى موطِن الكلدان في الجنوب بسبب الضغط الذي تَعَـرَّضوا له مِن قِبَـل الغـزاة الشوباريين القادمين مِن الجبال الذين دخلوا الى موطنِهم عَـنـوةً. وبعد استقـرار السومريين في الجنوب أُضيفَ احتفال ثان يُقامُ في مـوسم الخـريف يدعوه السومريون (زاكـمـوك) فاتَّـفـق الكلدان الرافديون الأوائل والمُهاجرون السومريون القادمون إليهم أن يعتمدوا الإحتفال بالمناسبتين في الخريف بـ(زاكـموك) وفي الربيع بـ (أكـيـتـو) واستمَرَّ ذلك حتى زوال عهد السمريين ( 2112 – 2004 ق.م) وكانوا يقومون بتأدية الطقوس الإحتفالية بكلتا المناسبتين على حَـدٍّ سواء مِن المهابة والأهمية، وكان يُعطى لمدينة اور دورٌ رئيسيٌّ في تلك الإحتفالات، وبخاصةٍ في عهد سلالة اور الثالثة وإلـهِـها (نَـنـار). كانت احتفالات (زاكموك) تنصَبُّ على شجرة النخلة حيث يُنظَرُ إليها بأنَّها أقدس الأشجار كما كان ينظر إليها الكلدان وتُمارس فيه تَجَـدُّد الحـيـاة والخَـصب.
في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، إنَّ إحدى السلالات العمورية التي تعود بجذورها الى الكلدان الأوائل تمكَّـنَت مِن تأسيس سُلالةٍ حاكمة في بابل أطلقت على نفسها (السلالة البابلية الأولى) وفي عهدها قامت بتطوير الإحتفالات بـرأس السنة الرافدية البابلية (ريش شاتيم) في الأول مِن نيسان (الأكيتو) نظراً لقيامها بتجديد نظام حياة مُواطني بلاد ما بين النهرين دينياً واجتماعياً واقتصادياً، ومنذ ذلك بَـدأت بابل باحتكار الأولوية لذاتِها في الإحتفال بعيد رأس السنة البابلية الكلدانية (اكــيـتــو) وكان الإله (مردوخ) مِحور الإحتفالات في المدينة الآولى (بـابـل) وفي بقية المدُن الأخرى.
ولكن بعد قيام الملك الآشوري الطاغي سنحاريب في عام 689 ق.م بالهجوم على بابل وتـدميرها، امـتـنعَ البابليون الكلدان عن القيام بتلك الإحتفالات الرائعة، وبدأ سنحاريب بسرقة عيد اكيتو وإجراء الإحتفال به في نينوى العاصمة الآشورية مُستبعِداً الإله مَردوخ عن محور الإحتفالات معطياً دورَه للإله الأجنبي (آشور) إله الشوباريين. وبسبب قيامِ سنحاريب بهذا العمَل الشنيع ضِدَّ بابل وإلهِـها مردوخ، لم يلبث أن ثار عليه أهل بيتِه، وتَـمَّ اغتيالُه على ايدي إثنين مِن أولاده.
تَمَكَّـنَ مِن الإستيلاء على العرش بعد اغتيال سنحاريب إبنُه ( أسرحَدون )، فقام بتعمير ما خَـرَّبَه والدُه، حيث أعاد لبابل عُمرانها بالكامل وللإله مردوخ مكانتَه ككبير آلهة بلاد ما بين النهرين الوطنية والمحور الذي حوله تجري المراسيم الإحتفالية، وعادت انظار كافة السكان ثانيةً تَـتطلَّعُ نحو بابل العاصمة الئيسية والرسمية للبلاد في الأول مِن نيسان مِن كُلِّ عام، لتستمتع كالسابق بتلك الإحتفالات المهيبة التي ترعاها الـدولة وسط حشود بشرية هائلة العدد قادمة مِن كافة مناطق البلاد الرافدية.
الشماس د. كوركيس مردو Gorgees Mardo
28 / 3/ 2019

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *