أفاع وتماسيح وكائنات هجينة وممسوخة تغزو العراق!


 بغداد/ عدنان أبو زيد

اصطاد الأهالي في مدينة بابل (100 كم جنوبي بغداد) عدداً من أفاعي “مامبا” السامّة، بعدما كان يعتقد أن هذه الأفاعي تتواجد في البصرة ومدن الجنوب فقط، ليترافق ذلك مع إطلاق شائعات تفيد بان هذه الأفعى الإفريقية الخطيرة، إضافة إلى حيوانات غريبة أخرى مثل التماسيح و بيوض الجراثيم

وكائنات بحرية أُدخلت إلى البلاد بشكل متعمد من قبل جهات خارجية لاسيما وأنها لا تنتمي إلى البيئة العراقية. وتبدأ المشاهدات الغريبة المرتبطة بظاهرة الوهم بحكاية صغيرة ثم تصبح أسطورة، ذلك أن اغلب الناس لا يمتلكون دليلاً على مشاهداتها، إضافة إلى أن أوصاف الكائنات الغريبة تختلف من شخص إلى آخر. لكن هذا لا ينفي وجود تلك الكائنات الغريبة، فالأفاعي السامة والحيوانات المفترسة تتواتر أخبارها على ألسنة الرواة منذ أقدم الأزمان، وهي تنحسر حيناً وتزداد حيناً آخر، بحسب الظروف الاجتماعية الاقتصادية والسياسية للبلد.
و حول أفعى “سيد دخيل” التي انتشر خبرها في قرى مدينة العمارة وذي قار جنوبي العراق وأسفرت لدغتها عن مقتل 35 شخصاً هذا العام، يقول الباحث في علوم الحياة في جامعة بابل أحمد عبيد: إن هذه الأفعى موجودة في العراق والدول المجاورة منذ أقدم الأزمان.
ويتابع: تعد هذه الأفعى ثاني أطول الأفاعي السامّة ويبلغ طولها في بعض الأحيان قرابة الخمسة أمتار، وتتميز بسمية عالية جدا.
وبحسب تقرير لجامعة البصرة، فان مجموعات كبيرة منها عثر عليها في مناطق سيد دخيل و الحصونة والإصلاح و الغرّاف. وهي مدن صغيرة جنوبي العراق.
ويرجع عبيد الظهور الملحوظ لهذه الأفاعي إلى الجفاف، فهذه الأفعى تفضل المناطق الرطبة، على الرغم من أنها تستطيع العيش في الصحراء أيضا، لكن زحف الجفاف على الكثير من مناطق العراق أخرج الأفاعي من مكامنها لتقترب أكثر من المناطق المأهولة بالسكان، حيث سُجّلت هجمات لها في عدد من المدن.
غياب التفسير العلمي
وفي حزيران العام الحالي 2011، نشرت وسائل الإعلام خبر هجمات حيوانات مفترسة غريبة لقرى بني عارض القريبة من مقام سيد إبراهيم التابعة لقضاء الرميثة جنوبي العراق، ما أدى إلى إصابة عدد من أبناء القرية بجروح بليغة ونفوق عدد من الحيوانات بحسب مدير شرطة الرميثة العقيد سعران عبيد العجيلي.
وبحسب العجيلي فان بعض المواطنين مزقت أجسادهم بشكل مروع، كما تمكنت الشرطة من قتل إحدى تلك الحيوانات في سطح احدى الدور السكنية.
ويعترف العجيلي بأنه يصعب قتل تلك الحيوانات لوحشيتها وعدوانيتها وشراستها ومباغتتها، إذ أنها لا تهاب أي سلاح وتتمتع بمخالب قوية وسرعة شديدة.
إن جهل ماهية تلك الحيوانات، يعكس العجز وغياب الأسلوب العلمي في معالجة وتفسير ما يحدث بسبب غياب دور أصحاب الاختصاص لفهم حقيقة ما يحدث، فليس من المقول أن ينتشر خبر هجمات متكررة لحيوانات متوحشة من دون أن يحتوي خبرا واحدا على الأقل حول رأي أصحاب الاختصاص في ذلك بغية التعرف على اسم تلك الحيوانات وفصيلتها.
يقول المدرس سعيد البياتي معلقاً: ليس من المعقول أن تتواجد تلك الحيوانات في العراق فقط من دون أن تكون لها هوية واسم، لكن الجهل وقلة الوعي وغياب أسلوب المعالجة الصحيحة للظواهر، يدعها تختلط بالأوهام والأساطير.
ويصف المواطنون الحيوان بأنه متوسط الحجم يمتاز بمخالب طويلة وحادة وله رائحة كريهة جدا، ويطلق عليه البعض اسم “السيب”، فيما يرى آخرون انه “كرطة” أي قط بري، بينما يعتقد البعض انه ” نيص” بحسب التسمية المحلية، ويهاجم الحيوان البشر والأبقار والأغنام، إضافة إلى الحمير.
مشاهدة ميدانية
يروي حسين الرميثي مشاهداته كالآتي: رأيت الحيوان الوحش بأم عيني بعد مقتله على يد المواطنين، لكن أحدا لم يستطع التعرف على فصيلته.
ويتابع:وحتى المستوصف البيطري لم يتعرف على جنسه ونوعه، ما دعا إلى إرساله إلى العاصمة بغداد لتحديد نوعه.
ويقول الباحث في التاريخ والفولكور عباس حسين: إن حكايات الحيوانات والوحوش التي تهاجم المدن والقرى في كل مرة، تبتعد كثيرا عن الحقيقة، فضلا عن أنها تعج بالبناء الدرامي الشعبي، الحافل بالأساطير كحالة يتعايش معها في كل مكان، تماما مثلما حدث مع (السعلوة) و (الطنطل) عبر عشرات السنين.

القسوة والعنف بدلاً من الرعاية والتحليل
أثار العثور على تماسيح في الديوانية الرعب بين كثيرين، وانبرت وسائل إعلام لنقل الحدث الذي بدا نوعا من النكتة من أول وهلة، ذلك أن هذه المنطقة تخلو من وجود التماسيح نهائيا بل أن العراق بأكمله يخلو منها.
وبالفعل فان الشرطة تعاملت مع التماسيح وكأنها وحوش كاسرة يتوجب القضاء عليها بأسرع وقت ممكن، بدلا من الإمساك بها ورعايتها ودراستها، بل والسعي إلى تربيتها والإكثار من أعدادها في تلك المنطقة.
وتمساح الديوانية الذي عثر عليه، يقارب طوله المتر، وعثر عليه في احد تفرعات نهر الفرات التي تمر بالمدينة.
ورميت صغار تماسيح في مستنقعات هور أصلين، لكنها اختفت بعد أيام قليلة بعد أن هاجمتها الطيور الجارحة.
لكن كل الكلام الذي يدور، يصبح من دون معنى، حين تبين أن هذه التماسيح هربت من إحدى المحميات القريبة من النهر.
مؤامرة.. أيضا
وحتى في هذا المجال، فان بعض العراقيين يتحدث عن مؤامرة أميركية لإشباع العراق بالكائنات الغريبة والمفترسة، وهذه الفكرة هي من بنات أفكار المؤمنين بنظريات المؤامرة، بل أن مدير بيئة الديوانية يؤكد عدم معرفته مصدر هذه الحيوانات البرمائية المفترسة، في إشارة إلى الفعل التآمري، حين يقول إن الأمر بدا كما لو انه (فعل فاعل).
ويؤدي نقص الوعي في التعامل مع الظواهر الطبيعية في العراق والجهل المطبق، إلى استنفار الإمكانات البوليسية والقوة المسلحة بدلا من استنفار المختبرات والعلماء لدراسة الظاهرة.
وهذا يفسر لنا كيف أن الطريقة البوليسية وحلول القوة هي المسيطرة على أفكارنا حتى وان كان عدونا حيوانات متوحشة يستطيع الإنسان بعقله السيطرة عليها بسهولة ويسر.
وفي ناحية الحمزة الغربي”المدحتية” جنوبي بابل قتل المواطنون في العام الماضي تمساحا صغيرا، إضافة إلى نوعين من السلاحف النادرة التي يطلق عليها أهالي المنطقة اسم “الرفش” ، والغريب في الموضوع أن لا احد انبرى لهؤلاء دفاعا عن البيئة بل أن الناس اثنوا ثناءً مفرطا على هذا العمل الكبير.

“كرطة” .. مخلوق ما زال مجهولاً
وفي الطريق الزراعي الذي يربط مدينة الحلة بقرى صغيرة تمتد بمحاذاة شط الحلة باتجاه الجنوب الشرقي، يتداول الناس خبر
حيوان ضار يفتك بالناس لاسيما في الليل، يطلق عليه الناس اسم “كرطة” أو ” كراطة”.
وعلى الرغم من أن هذا الاسم معروف لكثيرين منذ نحو أربعة عقود، لكنه انحسر، وكاد ينسى، حتى أتت الحوادث الجديدة لتعيد إحياءه على لسان الناس.
ويصف الشيخ حسين الساجت “الكرطة” بأنها حيوان من فصيلة الكلاب الضارية، تتواجد في الأحراش والبساتين المهجورة، ولها قدرة كبيرة على مهاجمة البشر لاسيما إذا كان وحيدا.
ويتابع الشيخ حسن: منذ أقدم الأزمان والناس تتحدث عن ضحايا كثيرين لـ”الكرطة”. لكن كل القصص التي تحاك حول هذا الحيوان تبقى مجرد كلام لأنه يخلو من الدلائل المادية والقرائن التي تثبت صحة القول.
كائن متوحش يشبه الإنسان
وأدى ظهور كائن متوحش يشبه الإنسان في إحدى قرى ميسان جنوبي العراق إلى إطلاق الشائعات والأقاويل حول ماهية الظاهرة. ويفيد كريم العزي من قرية الطبر جنوبي مدينة العمارة بانه رأى كائنا متوحشا في المناطق المجاورة لقريتهم، كما رأى عدد من أهالي القرية هذا الكائن الغريب.
ويروي العزي مشاهدته لشاب تظهر على صدره ووجهه آثار مخالب كائن متوحش.
كما نقلت وسائل الإعلام خبر تعرض امرأة من أهالي القرية إلى نزف جراء جروح حادة في منطقة الرقبة والصدر، نتيجة هجوم من حيوان رمادي اللون يشبه الإنسان.
وتدور في قرية الطبر وضواحيها في محافظة ميسان حكايات بعضها يقترب من الأساطير حول اعتداءات وهجمات متكررة لكائنات غريبة وحيوانات مفترسة متوحشة تهاجم البيوت ليلاً.

استجابة غير طبيعيّة للشعور بالخوف
ويقول الطبيب النفسي عصام علوان: إن اغلب الشائعات حول انتشار الوحوش والحيوانات في العراق يمثل استجابة غير معقولة وغير طبيعية، وأحيانا مَرَضية تجاه الخوف والقلق في المجتمع.
وفي الوقت الذي تختلط فيه المشاهدات الميدانية الحقيقية بالأساطير والأوهام، يصح من الضروري دراسة الوقائع بعد توثيقها وإماطة اللثام عن أسبابها عبر بحوث ودراسات تقوم بها جامعات وخبراء متخصصون، لتأكيد حقيقة وقوعها من عدمه.
ولا يستبعد الباحث في جامعة بابل احمد عبيد أن تكون تلك المشاهدات حقيقية لاسيما وأنها تروي قصص كائنات تتمتع بأوصاف طبيعية ليست خارجة عن المألوف في تلك المناطق، مثل مشاهدات لقطط وكلاب مفترسة أو أفاع ضخمة، لكنه يرى أن تكرار المشاهد يعني وجود أعداد هائلة من تلك الحيوانات، ففي قرية النخيل في بابل لدغ ثعبان صبيا لدغة غير قاتلة، ليتناقل الناس في ما بعد خبر وجود أفاع كبيرة في تلك المناطق أدخلت من قبل جهات أجنبية، بل أن بعضهم صدق حكايته المزيفة في ما بعد حين بدا يسمع من الآخرين أن الحكاية نفسها قد تطورت إلى الحد الذي رأى فيه البعض طائرات أميركية غريبة تلقى بيوضا في البساتين، تتفتق في ما بعد عن جراثيم وكائنات غريبة.
وحوش في مقبرة السلام
وفي مدينة النجف وسط العراق تسلل وحشان غريبان من مقبرة السلام إلى منازل مجاورة، وبعد أن عبثا بمحتويات البيت وحاولا الفتك بأهالي المنزل فرا بسرعة إلى داخل المقبرة.
ويقول أبو حسن الياسري من أهالي المدينة إن ذلك يحدث بين الفينة والأخرى من دون أن يضع أحد تفسيرا لذلك.
وبحسب الياسري فانه في عام 2006 خلع حيوان غريب باب الغرفة المتين وأحدث ضجيجا هائلا خرج على أثره الأهالي لكنه فرّ إلى داخل المقبرة.
وعثر فلاحون عراقيون على حيوانات غريبة وتمكنوا من أسر أحدها حيث يشير مواطنون إلى أنها لا تنتمي إلى أية فصيلة حيوانية معروفة.‏
لكن الباحث الاجتماعي حسين العتابي يرى استحالة ذلك، فلا بد أن تكون هذه الحيوانات تعيش في المنطقة من أقدم الأزمان، وألا فكيف يفسر البعض وجودها “المفاجئ” هناك.
وتنطبق مواصفات “وحش البصرة” على المواصفات ذاتها التي ينسبها البعض لوحش كاسر يعيش بين غابات النخيل في مدينة بابل جنوبي بغداد، فالحيوان يمتلك أنيابا طويلة حادة وفي كل إصبع يبرز مخلبان متوازيان طويلان بالإضافة إلى ملامح إنسانية.
تحولات جينيّة
ولا يتورع البعض عن ربط وجود هذه الحيوانات باستعمال اليورانيوم المنضب في حرب العراق.
وفي هذا يقول المدرس كريم فرحان: انه يؤمن بان الكثير من المخلوقات الغريبة في العراق نتجت عن تحولات جينية بسبب الإشعاعات القاتلة، حيث نتج عن ذلك ظهور أجناس متحولة غريبة وطفرات غريبة في الحيوانات التي تعرضت للقصف بقذائف اليورانيوم المنضب، بحيث تكتسب الحيوانات صفات جينية جديدة لحيوانات أخرى لينتج عن ذلك حيوان هجين غريب الشكل والهوية والملامح.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *